أكد الكاتب والمحلل السياسي ياسر مناع أن المخطط الإسرائيلي الذي كشفت عنه صحيفة "هآرتس" العبرية في 9 سبتمبر 2024، والذي يروج لإعادة السيطرة على محور نتساريم الحيوي، يمثل نقطة استراتيجية أساسية في حال تحقيقه.
وأضاف أن السيطرة على المحور ستمكن إسرائيل من تقسيم القطاع عملياً وتوسيع نطاق سيطرتها على شمال غزة، مما يعزز الضغوط على الفلسطينيين ويزيد من مخاطر تهجيرهم قسرياً.
تباين الرأي العام
وأشار مناع إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت في عامي 2023 و2024 كشفت عن تباين ملحوظ في المواقف داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن إعادة الاستيطان في قطاع غزة.
وأظهر استطلاع نُشر في يناير الماضي أن نسبة التأييد لإعادة إقامة المستوطنات في غزة تراوحت بين 25% و40%، لكن استطلاعاً آخر أُجري في فبراير 2024 من قبل المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أظهر أن 22.5% فقط من الإسرائيليين اليهود يدعمون هذا المخطط، وهو انخفاض بنسبة 3% مقارنة بشهر ديسمبر 2023.
ووفقاً لمناع، فإن البيانات أظهرت أن 56% من الإسرائيليين يعارضون إعادة التوطين في غزة، مقابل 33% يؤيدونه، كما أن نحو نصف المشاركين في الاستطلاعات يفضلون تسليم السيطرة على القطاع لقوة دولية أو للسلطة الفلسطينية، بينما يعتقد 25% أنه يجب على إسرائيل الحفاظ على وجود عسكري محدود هناك، فيما يفضل 19% فقط إقامة مستوطنات جديدة.
انقسام في الحكومة
يشير مناع إلى وجود انقسام سياسي واضح داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن المخطط، حيث يلقى دعماً كبيراً من شخصيات يمينية بارزة مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يعتبره "فرصة تاريخية"، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يرى فيه ضرورة لتعزيز الوجود الاستيطاني والحفاظ على الأمن القومي.
في المقابل، يعارض المخطط بشدة زعماء سياسيون مثل يائير لابيد، الذي حذر من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تصعيد عسكري كبير في المنطقة، وبيني غانتس، الذي يرى أنها تهدف لإرضاء المستوطنين على حساب الأمن والاستقرار.
كما أعربت رئيسة حزب العمل السابقة ميراف ميخائيلي عن قلقها إزاء التداعيات الإنسانية للمخطط، مؤكدة أن توسيع المستوطنات سيزيد من عزلة إسرائيل دولياً ويضعف فرص السلام، واصفة مؤيدي المخطط بـ"المتطرفين" وأنهم يمثلون تهديداً وجودياً لدولة إسرائيل.
وقد لقي المخطط معارضة كبيرة من مدير عام حركة "طريقتا" نمرود دوفيك، الذي أكد أنه يهدف إلى خلق "صورة نصر" زائفة عبر طرح غير منطقي لإعادة الاستيطان في غزة، مشدداً على أن النصر الحقيقي يكمن في استعادة الأمن والسلام للأطفال في بئر السبع والمستوطنات المحيطة.
الترويج لمخطط الاستيطان
ولفت مناع إلى دعم واسع من المنظمات الاستيطانية للمخطط، مشيراً إلى أن 15 منظمة استيطانية عقدت اجتماعاً في ديسمبر 2023 بعنوان "الاستعداد العملي للاستيطان في قطاع غزة"، حيث روجوا خلاله إلى أن الحرب الحالية تمثل فرصة تاريخية ينبغي أن تستغلها الحركة الاستيطانية.
وأضاف أنه في يناير الماضي نظمت حركة "نحلا" مؤتمراً بعنوان "معاهدة النصر وتجديد الاستيطان"، بمشاركة 12 وزيراً و15 عضواً من الكنيست، بينهم وزير الثقافة ميكي زوهر ووزيرة شؤون الاستيطان أوريت ستروك ووزير التراث عميحاي إلياهو، الذين وقعوا على "معاهدة النصر" ورفعوا لافتات تطالب بترحيل الفلسطينيين، رغم إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العودة إلى غزة ليست هدفاً واقعياً.
المخطط سيزيد من المقاومة الفلسطينية
وشدد مناع على أنه رغم النجاحات السابقة لحركات الاستيطان، فإن محاولة إعادة استيطان قطاع غزة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها المقاومة الفلسطينية، التي تتخذ شكل حرب عصابات معقدة ومتنوعة وتشكل تهديداً دائماً للمستوطنين.
وأضاف أن أي خطوة نحو إعادة الاستيطان في غزة ستؤدي إلى تصاعد انتقادات المجتمع الدولي، الذي يعتبر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية غير قانوني، مما قد يضع إسرائيل تحت ضغوط دولية متزايدة.
المصدر: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)