زوايا ترصد ظروف النازحين

النكبة المتجددة.. رحيل بلا وداع وحداد مؤجل

أحوال النازحين في الخيام
أحوال النازحين في الخيام

لم يبكِ الغزيّون أحباءهم، فقدوا أعزاء وأقارب ولم يُتح لهم الوقت والظروف لتوديعهم وإلقاء نظرة الوداع عليهم، بعد أن هجروا قسرًا من مدنهم وقراهم ومخيماتهم.

لا وقت للحداد في غزة بعد تراكم النكبات وتزاحم الهموم والمعاناة، فبعد أن خسروا بيوتهم ومصادر رزقهم، وكل شيء جميل كانوا يحلمون به، أجبرتهم ظروف الحرب الإسرائيلية القاسية، على ما لا يطيقونه، فقد الأحبة دون وداع.

الصحفي "شعبان الدحدوح" من سكان مدينة غزة، والنازح قسرًا إلى جنوب قطاع غزة يتحدث بمرارة عن فقدان شقيقه "عامر" الذي رحل شهيدًا في غارة إسرائيلية استهدفته وسط غزة، والذي رفض النزوح برفقة زوجته وأبناءه.

ويقول في حديث مع "زوايا": تلقت عائلتي قبل نحو شهر خبر استشهاد شقيقي برفقة والد زوجته، عبر اتصال هاتفي من زوجته التي أصيبت في الغارة الإسرائيلية، نزل الخبر كالصاعقة علينا، وخاصة أبي وأمي، رحل شقيقي، وترك زوجته وأبناءه وغصة في قلوبنا، لم نتمكن من رؤيته وتشييعه إلى مـأواه الأخير، وعلمنا بعد ذلك أن عددا من أصدقائه شاركوا في تشييعه، وأرسلوا لنا صورا لجثمانه الطاهر.

وبدموع حاول الدحدوح اخفائها عنا عبر الشاب المكلوم عن مدى القهر الذي يعيشه حيث يصف شقيقه الأكبر بتوأم روحه، فعنده بدأت الحرب بفقدانه ورحيله.

بعد انتهاء الحرب

الشاب الثلاثيني "محمد الزعانين" من سكان مدينة بيت حانون يقول خسرت منزلي مع بداية الحرب، وخسرتُ الكثير من أقاربي والأصدقاء، أحتاج عمراً فوق عمري لأنسى واستوعب ما يحصل إذ لا يمكن أن نتخيل ما يحدث اليوم حتى في الكوابيس.

بعد انتهاء الحرب، سيبدأ الحزن الفعلي، نحن في الجنوب لا نعرف ماذا حل في مناطقنا وإذا ما دمرت بيوتنا، بعد انتهاء الحرب، سنتفرغ للجرح، بل ستظهر الجروح بشكل كبير.

ويضيف فقدان الأحبة صعب ولكن الأصعب والأشد مرارًة هو رحيلهم دون وداع، فالوداع وإن كان صعبًا فإنه يطفئ لهيب الفراق، فقدت عددا من أقاربي وأصدقائي، ولن اتخيل العودة إلى مدينتي دون رؤيتهم من جديد.

الخوف من المستقبل

أما المواطنة "أمنة حلس" والقاطنة حاليا في مواصي خانيونس غرب المدينة، عبرت عن مخاوفها من فقدان باقي أفراد عائلتها بعد تجدد التوغل البري الإسرائيلي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بعد أن استشهد والدها، دون أن تتمكن من رؤيته.

وتضيف في حديث مع "زوايا": "رفض والدي النزوح من مدينة غزة، وتعرض بيتنا للقصف، واستشهد أبي داخل البيت، واضطر أخوتي للنزوح من شرق المدينة إلى غربها، والآن ومع تجدد العدوان الإسرائيلي والتوغل البري، ومطالبة جيش الاحتلال للمواطنين بإخلاء المدينة، والتوجه إلى جنوب قطاع غزة، يزداد الخوف على باقي أفراد أسرتي، وأخشى أن اتلقى فاجعة أخرى بفقدانهم، وعدم رؤيتهم من جديد.

وتابعت: رحل والدي، ولم يتمكن أخوتي من فتح بيت عزاء له، كما لم أتمكن أنا وبعض أخوتي النازحين إلى الجنوب من رؤيته، فبعد مرور 9 أشهر على الغياب القسري، والأمل بالعودة إلى منزلنا، فقدنا من هو أعز من المنزل، وفرقت بيننا آلة الحرب الإسرائيلية، واليوم نعيش في حزن متجدد، وقلوبنا لم تعد تتحمل المزيد من المعاناة والفقد.

هذا الواقع المرير يعيشه أيضًا عشرات آلاف الفلسطينيين خارج قطاع غزة، حيث لجأ الكثير منهم إلى فتح بيوت عزاء لأقاربهم، خارج القطاع، بعدما حالت الحرب الإسرائيلية بينهم وبين وداع أحبائهم، لتصبح غزة مدينة الأحزان والأوجاع التي لن تجد لها منافس في باقي دول العالم.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo