أوضاعٌ صحيةٌ كارثيةٌ خلفتها الحربُ الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، حيث عمدَ الاحتلالُ إلى محاصرةِ المستشفيات وإخراجها عن الخدمةِ وتدمير جزءٍ من المعدّات الطبية وسيارات الإسعاف واعتقال عددٍ من الكوادر الطبية وغيرها.
بدءًا من المستشفى الأكبر في قطاع غزة "مجمّع الشفاء الطبي" إلى أن امتدت تقريبًا لكافة مستشفيات قطاع غزة، هذا الأمر أثّر سلبًا بشكلٍ كبيرٍ على الخدماتِ الطبية، وكان ضحيّته الأكبر الجرحى ومرضى الأمراض المزمنة والأطفال وما يتعلّق برعايتهم.
وارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي الى أكثر من 30 ألف شهيدًا و72 ألف إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي، بحسب بيان وزارة الصحة بغزة.
ناقوسُ الخطر يدق
وقال الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، إن المرضى بشكلٍ عام والجرحى بشكل خاصٍ يتعرضون لخطرٍ حالي شديد، ومستقبل أكثر خطورةً، حيث ستتدهور حالتهم الصحّية.
وبسبب ندرة الطواقم الطبية والمختصين في المستشفى فإن الجرحى ولا سيما حالات العمليات المعقدة لم تتلقَ العلاج المناسب خلال فترة الحرب، ما ينذر بمفاقمة وضعهم الصحي وتحويل المستشفيات لمقابر جماعية. بحسب أبو صفية خلال حديثه لـ "زوايا".
وبين أن الوضع خطير وكارثي قائلًا "نحن نعمل بأقل الإمكانيات ولا أحد يسمع شكوانا ويقدّم الدعم لنا، حتى أن الكادر الصحي الذي يعمل في المستشفى لا نستطيع أن نوفر له وجبة طعام له".
"الكوادر الطبية أكثر من 500 كادر طبي يعملون في كمال عدوان، حيث استشهد عدد من الكوادر الطبية واعتقل 70 آخرين خلال محاصرة المستشفى الذي دمر الاحتلال خلالها كل المرافق الحيوية والخدمات من أجل عدم عودة المستشفى للعمل مرة أخرى" بحسب "أبو صفية".
واضطر الأطبّاء لإجراء العمليات الجراحية بأقل الإمكانيات، كما أن أطباء عامين بدلًا من المتخصصين جراحيًا قد أجروا عملياتٍ خارج تخصصهم نتيجة نقص الكادر الطبي، كما يقول أحد الأطباء في المستشفى.
كما أن الأطباء قد اضطروا لبترِ عددٍ من الحالات التي لا تحتاج إلى البتر نتيجة الوضع الصحي الكارثي بفعل الاحتلال، كما يضيفُ الطبيب.
الأطفال.. واقع كارثي ومستقبل أسوأ
الحكيمة إيمان أبو جلهوم، تقولُ لـ "زوايا" إن الاحتلال إن الاحتلالَ انتهجَ سياسة محاصرة المستشفياتِ وتدمير معداتها واعتقال كوادرها الطبية، ما أدى لخروجها عن الخدمة وعجزها عن تقديم العلاج الأولى للجرحى والمرضى والأطفال.
وعن تداعياتِ الحربِ الإسرائيلية على المستشفيات بشأن الأطفال، أكدت "أبو جلهوم" خلال حديثها لـ "زوايا" بأنَ قسم الحضانة ورعاية الأطفال يمرُّ بظروفٍ صعبةٍ وأن بعض الحالات توفّيت إثر ذلك.
وبينت أن حالات الوفيّات زادت معدلاتها بشكلٍ كبير بالنسبة لأطفال قطاع غزة عن الأعوام الماضية، بسبب نقص المناعة وسوء التغذية وحالات الجفاف والالتهابات الرئوية.
وتوقعّت أنْ تزداد حالات الوفيّات وتدهور صحّة الأطفال عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتزداد المضاعفات السّابقة لديهم.
ونوّهت إلى أن جل الحالات التي تصل المستشفى هي من الأطفال، بسبب المجاعة وقلة الأطعمة وتعرضهم للأمراض العديدة ما ينذرُ بحدوث مضاعفات في المستقبل، في ظل عدم وجود مقدرات صحية، حيث تعمل الطواقم الطبية بالحدّ الأدنى.
الأمراض المزمنة.. القادمُ أكثر خطورةً
بدورها، قالت الدكتورة شروق النّجار، إنه منذ بداية الحرب تقلصّت أدوية الأمراض المزمنة، إلى أن وصلت للانقطاع في كثيرٍ من الأحيانِ لدى الآلاف منهم في قطاع غزة.
وأشارت لـ "زوايا" إلى أنّ عدم تلقي حالات الأمراض المزمنة الدواء خلال فترة الحربِ سيكون له تداعيات مميتة ومدمّرة على المواطنين، حيث ستتعرّض حالات "مرضى السكري" على سبيل المثال لا الحصر، لحالات بتر الأطراف بعيد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبشأن مرض الضغط، حذرت "النّجار" من إصابتهم بالأزمات القلبية حال عدم تداركهم الأمر في المستقبل القريب، حيث وصلت العديد من حالات الجلطات الدماغية لمرضى الضغط نتيجة عدم تلقيهم العلاج المناسب.
وأوضحت أنَ العديد من حالات الأمراض المزمنة التي تصل مستشفيات قطاع غزة تدهورت صحتها نتيجة عدم انتظام الدّواء وتلقيهم إياه خلال فترة الحرب.
وفي ظل الوضع الصحّي الكارثي الذي يتفاقمُ سوءًا يومًا بعد يومٍ، ولا سيما في مستشفياتِ قطاع غزة الذي لا يصل إليها الدعم منذ بداية الحرب، فإن الحالات المرضية معرضة لمزيدِ من الانتكاساتِ الصحية قد تؤدي لتصاعد الوفيّات، وفي حالة استمرار الوضع فإنّ القادم أسوأ.