ماذا يجري في خانيونس .. هل اقتربت اسرائيل من السنوار

الدبابات الاسرائيلية امام عبور المواطنين
الدبابات الاسرائيلية امام عبور المواطنين

مع اعلان الاحتلال الدخول في المرحلة الثانية من المعركة البرية، التي انتقلت بزخمها من شمال القطاع الى جنوبه تحديدا مدينة خانيونس، حاولت إسرائيل اكساب المناورة البرية كما اسمتها طابعا خاصا ودراماتيكيا بما روجته من دعاية حول تمركز القوة العسكرية لكتائب القسام في المدينة التي تعتبر المعقل الأهم نظرا لوجود قائد حركة حماس يحيى السنوار وشقيقة محمد القائد الفعلي للكتائب ومحمد الضيف في المدينة والعديد من القيادات النافذة على المستويين السياسي والعسكري، لكن الاحتلال الذى لم يحقق اهدافة في شمال غزة ولا في مجمع الشفاء الطبي حاول في سباق مع الزمن فعل شيء في الجنوب، والخروج بصورة انتصار يطمح ان يكون رأسها يحيي السنوار حيا او ميتا، وظل يروج لهذه السردية لكنه لم يقوى سوى على ممارسة نفس المنطق العسكري وهو الإبادة والتدمير والقصف العشوائي والمركز.
ومع مرور 100 يوم على المواجهة تضاءلت الأهداف والامال باعتراف جنرالات الحرب بان المعركة في خانيونس صعبة وضارية وطويلة لكن ما أصاب جنوب القطاع هو ذاته ما أصاب شمال غزة.

يحيى السنوار ... حياً او ميتاً وأخيرا منفياً 

قد يكون هدف الحصول على رأس السنوار أصعب من فكرة القضاء على حماس، هكذا تشير المعطيات الميدانية، فاسرائيل لم تحقق استخباراتيا او عملياتيا ما يمكن ان يعتد به في هذه المعركة وربما هذا السياق من التصريحات هو من عقد مجريات الحرب امام الاحتلال الذى لازال يتمسك بالامل في اعتقال او اغتيال السنوار لتخفيف ضغط الفشل الذى يلاحق القيادة العسكرية منذ بداية المواجهة.

بعد التهدئة التي استمرت لايام معدودة ساد الاعتقاد إعلاميا نتيجة ما روجته إسرائيل حول المعركة انها قد بدأت للتو بعدما وضعت رأس السنوار على أولوية أهدافها في معركة الجنوب باعتبار هذا الهدف هو الصورة المقبولة للنصر الإسرائيلي حيث نقل "أكسيوس" الأميركي عن مسؤول عسكري إسرائيلي اعتبر ان هدف العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال في مدينة خان يونس هو "القبض على يحيى السنوار حيا أو ميتا" على اعتبار ان أن الهدف "ممكن"، و"سيؤدي إلى إضعاف معنويات كتائب الحركة" 

التركيز الإسرائيلي على خانيونس بدا معنويا اكثر منه عسكريا بعدما استخدمت إسرائيل كلمة السنوار اكثر من اطلاق الرصاص كما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية. التي اعتبرت أن تركيز الهجوم على خانيونس، لأنها مسقط رأس قادة بارزين في حركة حماس، من بينهم يحيى السنوار ومحمد الضيف. واعتقاد إسرائيل أن السنوار يدير عمليات "حماس" مع محمد الضيف ومروان عيسى وكبار القادة، من خانيونس. كما ان الجيش الإسرائيلي يعتقد الآن أن السنوار وقادة "حماس" يحتمون أسفل خانيونس

خبير عسكري وأمني إسرائيلي، إيال عليما، "بلا شك أن تصفية السنوار هدف لهذه المعركة كما هو الأمر بالنسبة لقيادة حماس بشكل عام، ولكن كل هذه الأمور تندرج ضمن سياق المعركة البرية في القطاع". فيما يعتقد الكاتب في صحيفة "هآرتس"، عكيفا إلدار أن "تركيز الجيش الإسرائيلي على هدف السنوار حيا أو ميتا تقف ورائه صورة نصر يحاول نتنياهو رسمها"، وبعد تحقيق ذلك سيتجه رئيس الوزراء الاحتلال إلى "إنهاء الحرب"

يقول الكاتب محمد بكر الاحتلال الإسرائيلي يلهث اليوم وراء تحقيق أي إنجاز على الأرض للبناء عليه وتوظيفه إعلامياً على أنه نصر سياسي وتالياً ايقاف الحرب وانهاء الورطة، وهنا يجد في اغتيال شخصية بعينها من قادة حماس، الإجراء الأسرع والأقل تكلفة، فجاءت المنشورات التي ألقاها على المدنيين لجهة تقديم مكافآت مالية لمن يقدم أية معلومات عن موقع يحيى السنوار وشقيقه محمد أو محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، خير دليل على المسعى الصهيوني خلال المرحلة الحالية.

وكعادة سياسة الاحتلال الذى سرعان ما يتخلى عن أهدافه بعدما تأكد له استحالة تحقيقيها عاد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للحديث عن خيار اخر مطروح حول مصير السنوار غير الموت والاعتقال الا وهو النفي وهو ما أكده خلال اجتماعه مع 30 من عائلات الاسري في قطاع غزة من إمكانية اجلاء ونفي قائد حماس يحيى السنوار قائلا: لهذه الاسر نحن ندرس هذه الامكانية . 

الاقتراب من السنوار 

لكن السؤال الذي ظل يدور هل تعرف إسرائيل مكان اختباء السنوار، ولماذا لم تستهدفه الى الان؟ التفارير الإعلامية العبرية تتحدث عن شيء من هذا القبيل حيث تزعم إن قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، الذي تعتقد إسرائيل أنه العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر ربما بات مكان اختبائه معروفا لدى إسرائيل، لكنها لا تسعى لاستهدافه خشية تعرض "الرهائن" للأذى. والذين يستخدمهم دروعا بشرية".

تفاصيل اكثر اعطتها هيئة البث العبرية "كان" نقلا عن تقديرات امنية إسرائيلية عن مكان تواجد السنوار حيث اكدت انه يتواجد هو وابناء عائلته في نفق بخانيونس بعدما غادر مدينة غزة الى جانب محمد الضيف خلال قافلة إنسانية جنوبا، وان السنوار أحاط نفسه بعدد كبير من الاسرى الإسرائيليين مما يحول دون القضاء عليه .  

من جهته قال نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن جوناثان شانزر، في مقابلة مع صحيفة تايمز أوف إسرائيل: "إن التقارير الواردة من إسرائيل خلال اليومين الماضيين تعكس ما سمعته منذ بضعة أسابيع. على وجه التحديد، لدى الإسرائيليين فكرة جيدة عن المكان الذي يختبئ فيه يحيى السنوار". 

الاقتراب من نهاية السنوار بدت في الخطاب الإعلامي العبري وكانها وشيكة وفق معلومات تبناها أعلى راس الهرم في الكيان حيث تداول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، هذه المعلومات، مؤكدا انه تم تحديد مكانه، وأن قادة حماس، ومن بينهم يحيى السنوار، ما زالوا في مدينة غزة أو في أنفاق تحتها، قبل ان يعود نتنياهو ويعلن أن الجيش حاصر منزل السنوار في خان يونس، وأن الأخير لم يكن هناك.

لماذا خانيونس؟

لم تخطئ التقديرات الإسرائيلية بشأن معركة خانيونس انها ستكون الأصعب على الاطلاق وتصح كذلك المعلومات ان المدينة وقوة القسام اكتسبت حضورها من شخصية زعيم الحركة يحيي السنوار وشقيقه، لكن المعضلة الأكبر ان ما واجه الجيش في شمال القطاع هو ذاته في الجنوب كما انه لم يعثر على اى من أهدافه لا فوق الأرض ولا تحتها وبل عمد الى اختزال الجنوب وحالة الانتقام من السنوار في تدمير المدينة.
  
التركيز الاسرائيلى على مدينة خانيونس ينطوي على أهمية استراتيجية بحسب الخبراء فسيطرة جيش الاحتلال على خان يونس يعني ان المعركة القادمة ستكون أسهل لكنه  يصطدم بمقاومة شديدة في محاور القتال بخان يونس، أمر دفع تل أبيب إلى الاستعانة بألوية جديدة في الميدان. وهذا مؤشر وفق كثيرين، على نية اسرائيل في تحقيق مكاسب عسكرية، قبل نهاية موعد المرحلة الثانية التي حددها الأميركيون من الاجتياح البري.

بدوره يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن أهمية خانيونس بالنسبة لإسرائيل. إن السيطرة على المدينة أمر مهم "لكونها معقل السنوار" كسبب رئيسي، و"إذا أرادت إسرائيل القضاء على حركة حماس، فمهم جدا بالنسبة إليها التركيز على المدينة" وكان عناصر حماس من خانيونس شاركوا بشكل فعال في الهجوم على إسرائيل يوم 7 أكتوبر كما "نُقل الرهائن الإسرائيليون الذين لم تفرج عنهم الحركة إلى المدينة"

الاقرار بصعوبة المعركة جاء على لسان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت ان جيشه يدفع أثمان باهظة جدا منذ بدء الحرب في غزة، واصفا ما يجري على جبهة خانيونس بأنه أشرس قتال منذ أن بدأ غزوه البري للقضاء على حركة حماس، وقال قائد القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال يارون فينكلمان "إننا اليوم في أشرس أيام المعارك منذ بداية العملية البرية"
    
تقول صحيفة لوبينيون إن المعارك مشتدة في جنوب الأراضي الفلسطينية حيث يسعى الجيش للقضاء على القادة العسكريين لحركة حماس، وقد أصبحت بلدة خان يونس، التي حددتها إسرائيل منطقة آمنة للفارين من عمليتها البرية في شمال قطاع غزة، مركزا جديدا للقتال. ويركز الجيش الإسرائيلي الآن معظم جهوده هناك حيث نشر الجيش الإسرائيلي فرقه العسكرية المكونة من مظليين ولواء كوماندوز وفوج مدفعية نخبة، موضحة ان جيش الاحتلال يقوم بملاحقة أبرز قيادات حماس في مدينة خان يونس

في الاطار ذاته جدد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري القول إن المرحلة الثانية من العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة هي أوسع نطاقا وأكثر تدميرا وإفراطا في استخدام الذخائر، مؤكدا أن الوقائع على الأرض تكذّب مزاعم قوات الاحتلال بتطويقها خان يونس جنوبي غزة، وأن قوات الاحتلال تخوض معارك ضارية في مناطق متعددة، في بيت لاهيا في الشجاعية وجباليا وشرق خان يونس وبالتالي هي تفرط بشكل غير معقول في استخدام القوة النارية من أجل تسهيل عمليات تقدمها.

اهداف المرحلة الثانية من العملية العسكرية والتي انطلقت في الجنوب وقالت تل ابيب انها ستكون مغايرة واقل حدة من سابقاتها في الشمال فجرت الخلاف مع الولايات المتحدة بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" التي اكدت إن العملية العسكرية في خان يونس وضعت كيان الاحتلال على مسار تصادمي مع الإدارة الأميركية، التي دعت إسرائيل إلى تقليل الضحايا المدنيين، وتخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع، والتقيد بهدف أكثر محدودية للحرب يتمثل في "الإطاحة بحركة حماس من السلطة في القطاع". 

من جهتها نقلت مجلة الإيكونوميست البريطانية عن مسؤول أمني في دولة الاحتلال قوله، "إن الهجوم الحالي واسع النطاق في مدينة خانيونس هو الأخير في الحرب ضد حماس التى لا تزال تمتلك نصف قوتها وقادرة على نصب كمائن للجيش ولا تزال تحتجز الأسرى، حيث لم يستطع الجيش حتى الآن قتل قادة الحركة أو تدمير بنيتها التحتية". مضيفة "أن الضغوط الأمريكية على حكومة نتنياهو تتصاعد في السر".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo