ماذا فعل الحوثيون في البحر الأحمر

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

الإعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف دولي يضم 20 دولة لحماية حركة التجارة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين في اليمن، تحت عنوان ""حارس الازدهار"، ينقل التوتر في المنطقة الى بعد جديد ينزلق فيها الجميع نحو صراع اقليمي أوسع، على وقع الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة، وهي المواجهة التي يحاول الجميع درء مخاطرها منذ بداية الاحداث، لكنها باتت تاخد منحى تصاعدي، خاصة مع الاتهامات الامريكية لايران بالضلوع في الهجمات التي يقودها الحوثيين ضد السفن التجارية عبر مضيق باب المندب رغم نفي طهران ذلك، والتحذيرات الأخيرة التي أطلقها قائد الحرس الثوري الإيراني وهدد فيها باعلاق المتوسط ومضبق جبل طارق الى جانب ممرات مائية أخري ردا هل تشكيل الولايات المتحدة هذا التحالف.

هجمات الحوثيين .. تهدد التجارة الدولية

الهجمات التي قادها الحوثيين ضد السفن المتجهة الى كيان الاحتلال اثرت بشكل كبير على مجمل حركة التجارة العالمية ودفعت بالعديد من شركات الملاحة والنقل الى تحويل مسارها من البحر المتوسط إلى طريق رأس الرجاء الصالح أقصى جنوب قارة أفريقيا مما يطيل وقت الرحلات لمدة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع، وبالتالي ارتفاع أسعار الشحن والتأمين .

حيث قرت شركات بريتش بتروليوم للنفط والغاز(BP) البريطانية و(OOCL) ومقرها هنوج كونج، وميرسك (Maersk) الهولندية، وهاباك لويد (Habag LIyod) الألمانية و(CMA CGM) الفرنسية، وشركة البحر المتوسط للشحن (MSC) الإيطالية السويسرية تعليق نشاطها عبر البحر الأحمر مرورا بقناة السويس، و تحويل مسار رحلاتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح، كما قررت شركة شحن الحاويات التايوانية "إيفرغرين" التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأصدرت تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

من جانبها، قالت شركة الشحن البحري التايوانية "يانغ مينغ" إنها ستحول مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين في ظل تصاعد الهجمات على السفن.

تاثر تحول طرق التجارة العالمية من البحر المتوسط الى راس الرجاء الصالح رصده العديد من الخبراء حيث قال الخبير الاقتصادي زيد البرزنجي إن هناك ارتفاعا نسبته نحو 10 في المئة في تكلفة الشحن حصل بالفعل في الأيام الأخيرة. وانه في حال استمرار الهجمات الحوثية واستمرت الحرب في غزة وانسحاب شركات نقل أخرى من البحر الأحمر فنحن نتحدث عن ارتفاع من 10 إلى 15 في المئة في غضون شهرين أو ثلاثة شهور. وهو يمثل صدمة كبرى أخرى لسلاسل الإمدادات "فبدلا من دورة شحن تأخذ شهرا ستستمر 3 شهور".

بدوره قال خبير النقل البحري المصري صالح حجازي إن تعطل حركة الملاحة في البحر الأحمر سيؤثر على إمدادات الغاز الطبيعي من الخليج العربي إلى أوروبا وهو التحدي الأكبر مضيفا ان هناك 80 مليون طن غاز تصدرها قطر، ولو أن 50 في المئة من هذه الكمية تذهب للغرب عبر طريق قناة السويس وامتدت الرحلة بدلا من 10 أيام عبر قناة السويس، إلى شهر عبر رأس الرجاء الصالح، ومع قدوم الشتاء، سيكون هناك مصاعب جمة يعانيها المواطن الأوروبي".

ضرب الاقتصاد الاسرائيلي

يشكل البحر الأحمر ممراً استراتيجياً لكيان الاحتلال والذى يرتبط به ميناء "إيلات" الإسرائيلي وهو الميناء الوحيد يطل على هذا البحر واغلاقة امام السفن المتجهة صوب الكيان يعني تكبيد اقتصاد تل ابيب في ظل الحرب مزيدا من الخسائر الفادحة حيث يبلغ حجم التجارة البحرية لـ"إسرائيل" 400 مليار شيكل (109 مليارات دولار) في السنة. فيما بلغ حجم الاستيراد الإسرائيلي عبر البحر نسبته 99%، منها 30% عبر البحر الأحمر.

حجم الخسائر التي يتلقاها الاقتصاد الإسرائيلي تؤكدها المؤشرات والأرقام حيث اعلن الرئيس التنفيذي لميناء إيلات الإسرائيلي، غدعون غولبر، إن نشاط الميناء تراجع 85% منذ تكثيف الحوثيين في اليمن هجماتهم على السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر. مضيفا إنه بإغلاق مضيق باب المندب تم إقفال شريان الشحن الرئيسي لميناء إيلات وبالتالي فقد الميناء 85% من إجمالي نشاطه.

تفارير اسرائيلية قالت ان الضرر الاقتصادي الأساس في كيان الاحتلال سيكون لميناء إيلات وهو الميناء المسؤول عن أقل من 5 في المئة من إجمالي حجم الاستيراد لإسرائيل، لكن له دوراً مهماً في تصدير البوتاس واستيراد السيارات – نحو 50 في المئة من استيراد السيارات لإسرائيل يتم عبره. التهديد الحوثي يؤدي إلى تعطيل شبه تام للنشاط الاقتصادي في الميناء

لكن تعرض سفينة تجارية تابعة لكيان الاحتلال للاستهداف من طائرة مسيرة في بحر العرب قبالة الساحل الغربي للهند شكل تطورا اخر لجهة توسعة معركة البحر والتي لن تفتصر على الاحمر كما يبدو رغم عدم اعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن خبراء عسكريين أكدوا أن الحادث يحمل بصمات الحوثيين وهو الهجوم الذي من شانه انه يعمق من ازمة الاقتصاد الإسرائيلي منذ بدء هذه الهجمات .

يقول الخبير الاقتصادي د. محمد موسى، أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني منذ بداية الأزمة بسبب خروج ميناء عسقلان النفطي الأكبر على البحر المتوسط عن الخدمة، والذي تستورد من خلاله دولة الاحتلال 75% من نفطها.

وبيّن أن تحول واردات النفط إلى ميناء "إيلات" يجعل السفن تضطر للمرور من مضيق باب المندب وقناة السويس، والتي تتعرض لهجمات حوثية هناك.

من جهته يؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، أن: إطالة فترة الحرب ستؤدي إلى خسائر كبيرة في الاقتصاد الإسرائيليوان وتعد واحدة من التأثيرات المرتبطة بقيام شركات شحن عالمية بوقف الملاحة في البحر الأحمر، والتي غالبًا ما تذهب إلى إسرائيل، لأنها تصل إلى ميناء حيفا قادمة من أوروبا ومنه عبر البحر الأحمر إلى الهند أو شرق آسيا أو القادمة من شرق آسيا إلى ميناء إيلات، ما يؤدي إلى رفع التكاليف التأمينية على الشحنات الإسرائيلية.

وكانت إسرائيل سجلت عجزًا في ميزانيتها قدره نحو 17 مليار شيكل (4.5 مليار دولار تقريبا) في شهر نوفمبر المنصرم؛ وفق ما أعلنته وزارة المالية الإسرائيلية. فيما توقّع محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، أن تصل الخسائر الاقتصادية إلى ما نسبته 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهو ما يعادل 52 مليار دولار.

الى ذلك أقر رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة هودا ليفين ، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن بزيادة في أسعار شحن البضائع التي تأتي إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي من الصين أو العكس بعد الحرب، وفقاً لما أوردته صحيفة Globes الإسرائيلية، الإثنين 27 نوفمبر 2023.

يضيف تقرير صادر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن التهديد الحوثي والأكثر أهمية هو تهديد الملاحة البحرية في باب المندب والذى يلحق الضرر بالسفن المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل، بما في ذلك السفن المملوكة كليًا أو جزئيًا لإسرائيل أو تلك التي تشق طريقها بين إسرائيل وآسيا، ويقول: "حتى الآن، ألحقت أنشطة الحوثيين أضرارًا فعلية بالسفن التي لا علاقة لها بإسرائيل أو بالملكية الإسرائيلية/اليهودية

التحالف البحري ... حارس الازدهار

يعتبر مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي والذي تمر فيه 20 ألف سفينة تقريبا كل عام، منطقة جيوسياسية وتجارية رئيسية. تمرّ عبره حوالي 40 بالمئة من التجارة الدولية وفق أرقام رسمية وهو ما يفسر الاهتمام الدولي والامريكي على وجه الخصوص بهذا الممر البحري السريع والذى دفعها الى تشكيل هذا التحالف البحري.

وكان أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، وذلك في أعقاب الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي في المنطقة.

وأضاف أوستن خلال زيارته إلى البحرين، مقر الأسطول الأميركي الخامس، إن هذه القوة البحرية ستتشكل من بريطانيا، وفرنسا، وكندا، وإيطاليا، والبحرين، وهولندا، والنرويج، وسيشل، وإسبانيا".

وخلال زيارته إلى إسرائيل، قال أوستن إن الهجمات التي يشنها الحوثيون "متهورة وخطرة، وتنتهك القانون الدولي"، مشيراً إلى أن الأمر لا يتعلق بمشكلة تواجهها الولايات المتحدة فقط، بل بأزمة تتطلب "استجابة دولية".

تحالف الراغبين كما أطلق عليه الجنرال الأمريكي باتريك رايدر ضم حتى الان أكثر من 20 دولة مشاركة، موضحا أن اليونان وأستراليا أعلنتا الانضمام. وأضاف "سنسمح بمشاركة دول أخرى، الأمر متروك لها للحديث عن انضمامها". مضيفا إن كل دولة ستساهم بما تستطيع واصفا العملية بأنها "تحالف الراغبين".

ترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أن عملية "حارس الازدهار" تختص بالاستجابة لنداءات الاستغاثة من قبل الناقلات المستهدفة، ويمكن أن تلعب دورا في إسقاط الطائرات بدون طيار والمقذوفات الأخرى، ولكن حتى الآن "غرضها دفاعي تماما وليس القضاء على التهديد في مهده كإجراء استباقي". وبيّنت تسوكرمان أن القوات الأميركية "لم تتمكن من منع وقوع هجمات جديدة، إذ يواصل الحوثيون شن الهجمات بشكل شبه يومي".

لكن تقارير اخرى اوضحت ان الحشد الذي تقوم به الولاديات المتحدة لهذا التحالف البحري متعدد الجنسيات لحماية حركة العبور التجارية في البحر الأحمر من هجمات تشنها جماعة الحوثي من اليمن. لم يلق استجابة سريعة حيث لم تؤكد بعض الدول مشاركتها، وقالت بلدان أخرى إن جهودها للمساعدة في حماية عمليات الشحن التجارية في البحر الأحمر ستأتي في إطار اتفاقات بحرية قائمة بدلا من عملية جديدة تقودها واشنطن.

وعن الموقف السعودي يقول الكاتب عبد الرحمن الراشد المقرب من دوائر الحكم في المملكة: "لا بدَّ أنَّ الأميركيين يدركون اليومَ حجمَ الخطأ الكبير الذي ارتكبوه عندمَا عرقلوا عملياتِ التحالفِ السعودي العسكري ضد الحوثي، آنذاك.

ويضيف: "ومع أنَّ للسعودية أطولَ ساحلٍ على البحر الأحمر ويهمُّها حفظُ أمنِه والملاحة فيه، إلا أنَّها، أيضاً، ليس لها مصلحة في فتح جبهةِ الحربِ مع الحوثي ولا نقض التفاهماتِ الجديدة، الأمرُ الذي يضعُ عبئاً كبيراً على كاهلِ واشنطن للقيام بالمَهمَّةِ التي عرقلتها سابقاً.

ويتابع الراشد: " من وراء التصعيدِ البحري، تعتقد إيران أنَّها ستعزّز موقفَها التفاوضي، مستفيدةً من موسم الانتخاباتِ الأميركية، الذي غالباً سيمتنعُ فيه الرئيس بايدن عن الدخولِ في مواجهاتٍ عسكرية. وهذا قد يؤدِّي إلى توسيعِ دوائرِ الصراع إقليمياً خلالَ الأشهر المقبلة".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo