دور الاونروا في حرب غزة

اتهامات بالعجز الإنساني والتواطئ السياسي

النازحين في مدارس الأونروا بغزة
النازحين في مدارس الأونروا بغزة

التاريخ لماذا لم تكن لدى العالم الشجاعة لوقف هذا الجحيم على الأرض هذا ما قالة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني في وصف الحرب الجارية على غزة، لكن المؤسسة الأممية التي بدت عاجزة منذ السابع من أكتوبر تكلمت واطلقت المناشدات اكثر مما قدمت من مساعدات للفلسطينين الى حد اثار الشكوك، فيما ذهب اخرون الى اتهامها بالتواطئ وخضوعها للضغوط الدولية والإسرائيلية من حيث عرقلة وصول المساعدات الى القطاع او تعقيد عمليات واليات التوزيع واقتصار عملها على الجنوب بعد الانسحاب من الشمال مما اثار مخاوف ان تكون هذه الالية على صلة بالتهجير من خلال اقتصار عمليات التوزيع على مناطق محددة.

من العجز الى التصفية

الاعتراف بالعجز من قبل الاونروا على تقديم المساعدات للاجئين او النازحين الذين لجئوا الى مراكزها طلبا للحماية جاء على هيئة تحذيرات ومناشدات اطلقتها المنظمة الدولية الى حد نعي هذا الدور على لسان مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة توماس وايت عندما قال "لا أريد أن أصل إلى اليوم الذي لن يرفع فيه علم الأمم المتحدة في غزة". فيما قال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، خلال سنوات عملي الـ35 في سياقات طارئة معقّدة، لم أعتقد يوما أنني سأكتب هذه الرسالة، متنبّئا موت فريقي وانهيار التكليف المفترض أن أحترمه".

رسالة المفوض العام للاونروا التي وجهها الى رئيس الجميعة العامة للأمم المتحدة كانت دليلا اخر يتجاوز مسائلة العجز الى خطر تصفية هذا الدور بسبب عدم قدرة الوكالة على تنفيذ ولايتها التي أصبحت على المحك في ظل التدفق المنخفض وغير المنتظم للغذاء والإمدادات الإنسانية الأخرى مقارنة بالاحتياجات الهائلة للنازحين في الملاجئ المكتظة وخارجها، فإن قدرة الأونروا على مساعدة وحماية الناس تتضاءل بسرعة.

ومع دخول الحرب شهرها الثالث تعمقت الازمة على نحو كارثي باتت معه المنظمة غير قادرة على أداء مهامها بسبب محدودية المساعدات حيث كشف المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، أن شمال قطاع غزة أصبح "مدينة أشباح"، محذراً من أن السكان يقتربون من "مجاعة" إذا استمرت الأوضاع بهذا التدهور مع شح المساعدات

لم يتوقف عجز الوكالة عند حدود تقديم المساعدات بل وصل الى درجة عدم مقدرتها على حماية طواقمها ومنشأتها التي تعرضت للتدمير الممنهج من قبل الاحتلال حيث اعلنت الوكالة عن مقتل أكثر من 100 من موظفيها في قطاع غزة

لكن الوكالة التي لم تستطع تقديم المساعدات لمناطق الشمال لم تنجح في الجنوب حيث اعلنت (الأونروا) في غزة، أن النظام المدني ينهار في القطاع، والمجتمع على حافة الانهيار الشامل.

مضيفة أن مركز توزيع رفح التابع للوكالة يؤكد أن الناس في حاجة ماسة للحصول على كيس من (الدقيق)، متابعا: "نسمع غارات جوية قادمة، يعيش المزيد من النازحين في الشوارع، والجوع والمرض يطاردان الجميع".

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكدت إن ما يقرب من 1.2 مليون نازح في غزة يقيمون داخل 156 منشأة تابعة لها داخل القطاع. معلنة في بيان صحفي أن هناك عددا هائلا من النازحين، بمعدل 10 آلاف شخص في المتوسط لكل ملجأ.

اتهامات للاونروا بالرضوخ والتواطئ

على غرار كل المواجهات السابقة لم يكن دور واستجابة الاونروا بهذا الضعف الذى دفع الكثير صوب الاعتقاد انه جزء من مؤامرة اكبر وليس مجرد عجز حيث اتهم مكتب الإعلام الحكومي في غزة (الأونروا) بأنها تمارس دورًا غامضًا في إذلال الناس وإهانتهم بتوقفها عن مساعدتهم في صرف أكياس الدقيق في بعض الأماكن، أو انتهاج سياسية بطيئة جدًا في صرف توزيع الدقيق في بعض الأماكن الأخرى”.

وأضاف المكتب "من خلال متابعتنا الميدانية تبين لنا أن هناك تباطؤًا متعمدًا من قبل الأونروا في توزيع الدقيق، وكأنها لا تريد لهذه الأزمة أن تنتهي".

من جهته قال المتحدث الإعلامي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وائل أبو محسن، لنه "لا تزال عشرات الشاحنات موجودة داخل الساحة القطرية في معبر رفح البري، بعدما انسحبت طواقم "أونروا" بذريعة أن الوقت تأخر، وأن عدد شاحناتها المتوافرة لا يكفي لتنفيذ مهمات النقل إلى داخل غزة. وهكذا يبدو جلياً أن أونروا تستخدم حججاً واهية لعرقلة إدخال مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، وتعرقل الترتيبات اللوجستية الخاصة بإنجاز هذا الأمر".

وكان رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سلامة معروف انتقد وكالة أونروا التي تنصلت من واجبها تجاه السكان، عندما انسحبت طوعا من الشمال استجابة الاحتلال وتركت مئات آلاف النازحين -الذين لجؤوا إلى مراكز إيواء رعايتها- يواجهون الموت.

وكان آلاف من سكان غزة اقتحموا مخازن الأمم المتحدة للحصول على طحين ومواد أخرى. مما دفع (أونروا) الى التحذير من ما اسمته انتشار الفوضى في قطاع غزة بعد نهب مستودعات ومراكز لتوزيع المساعدات الغذائية تابعة لها في المناطق الوسطى والجنوبية من قطاع غزة.

تاريخ الاونروا يعيد نفسه

مخاوف اللاجئين من دور مشكوك فيه تلعبه الاونروا على صعيد تصفية حقوقوهم ليس جديدا وهو يسبق تاريخ الحرب من خلال النضالات التي تخوضها المؤسسات التي تنشط في الدفاع عن حقوق اللاجئين ضد سياسات تقليص الخدمات التي انتهجتها المؤسسة ناهيك عن الازمات المالية المتلاحقة في اطار الضغوط السياسية التي مارستها إرادة الرئيس الأمريكي السابق ترامب

لكن حقيقة الامر هذا الدور من الاستجابة للضغوط من قبل الاونروا يعود تاريخها لعام 1951 بحسب وثائق كشفت ان المدير الثاني للوكالة جون ب. بلاندفورد كان متورطا في مخططات التهجير والتي حملت عنوان "برنامج الأونروا الجديد" حيث كان مخطط الأمم المتحدة لإعادة توطين عشرات الآلاف من الفلسطينيين من غزة إلى سيناء يهدف إلى إلغاء حق الفلسطينيين في العودة. حيث حركت الأونروا لإعادة توطين مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية لدعم التنمية الزراعية واسعة النطاق,

في هذه الحرب عادت المخاوف لتقفز من جديد حيث دعت 23 منظمة حقوقية وانسانية فلسطينية المجتمع الدولي لضمان دخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية والإغاثية، بما في ذلك الغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا للسكان المدنيين في غزة وتسليمها دون عوائق، والتأكد من أن تسليم المساعدات الإنسانية والإغاثية لن يكون مشروطا أو مقتصرا على مناطق جنوب غزة، ويجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق، بما في ذلك المناطق الشمالية، وأن توزع بشكل عادل على جميع السكان والمستشفيات والمرافق المدنية الأخرى.

مدير مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس منير نسيبة "أننا نخشى أن تصبح المساعدات الإنسانية وسيلة إضافية لتهجير الفلسطينيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، ففي حال احتاج الفلسطيني في المحافظات الشمالية للحصول على قارورة مياه فإنه سيضطر التوجه إلى جنوب غزة وهناك خشية من عدم القدرة على العودة شمالا وهنا تكمن الخطورة".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo