غياب دور السلطة

الفلتان يضرب "الخليل".. و سيناريو الداخل المحتل يتكرر

الفلتان الأمني في الخليل
الفلتان الأمني في الخليل

يعلو صوت الرصاص والفلتان الأمني في مدينة خليل الرحمن، التي تعد من أكبر مدن الضفة من حيث المساحة وعدد السكان، فوق صوت الوحدة الوطنية والمقاومة، واقعٌ أراد منه خلاله الاحتلال الإسرائيلي أن يكون أهالي الخليل الخاسر الوحيد فيه، لصرف أنظارهم عن المعركة الحقيقية في مقارعة الاحتلال، ومستوطنيه.

ومع تصاعد الفلتان الأمني وفوضى السلاح في المدينة، يجمع الفلسطينيون أن الاحتلال الإسرائيلي هو المتسبب الرئيس فيما يحدث، بالإضافة إلى وجود عوامل أخرى أبرزها ضعف السلطة الفلسطينية، ووجود أيدي خفية تعيث خرابًا في المدينة.

اختراق المجتمع الفلسطيني

ويؤكد "نهاد أبو غوش" مدير مركز المسار للدراسات والخبير في الشأن الإسرائيلي إن مدينة الخليل تعيش ظروفًا استثنائية بحكم تقسيم البلدة القديمة، والاستيطان ومخططات التهويد التي تحيط بها من كل جانب.

وأوضح "أبو غوش" خلال حديثه لـ"زوايا" أن أزمة ضعف السلطة وأدائها السلبي انعكس بأبشع صوره على المدينة، وأفسح المجال للاقتتال العشائري، ولحالات الاختراق الإسرائيلي للمجتمع الفلسطيني، وهو ما ترجم عمليًا بلقاءات جماعية من بعض المخاتير والوجهاء لعدد من رموز الاستيطان، والإدارة المدنية.

اقرأ/ي أيضاً: تباين حول تراجع حدة تصريحات المقاومة من أحداث القدس

واتهم مدير مركز المسار السلطة بتركيز جهودها على ملاحقة مجموعات المقاومة في شمال الضفة، مقابل التساهل إزاء مظاهر أخذ القانون باليد، والسلاح العشائري وحالات الاختراق الاستيطاني لبنية المجتمع الفلسطيني في الخليل.

وأضاف أن ما نشهده اليوم من اعتداء على أعضاء مجلس بلدي وتشاحن واقتتال، يُعتبر نتاج سنوات من التغول الإسرائيلي في المجتمع الفلسطيني في الخليل، وضعف السلطة وتركيزها على البعد الأمني بمعناه السياسي، وليس المرتبط بأمن المجتمع.

وأشار "أبو غوش" إلى أن السلطة تظهر كل أشكال الشدة والبطش اتجاه المعارضة السياسية، وعلى العكس تمامًا، إذا ما تعلق الأمر بالفلتان الأمني ذو الطابع العشائري والاجتماعي.

وشدد على أن هناك خطرًا حقيقيًا يتهدد هوية المجتمع الفلسطيني في الخليل، وأن العلاج والحل يكون عبر بلورة حصانة اجتماعية من خلال تحرك مؤسسات المجتمع المدني، والقوى السياسية، والشخصيات الدينية، والاتحادات الشعبية والطلابية، والقيادات الوازنة، للضغط على السلطة لممارسة دورها في حماية السلم الأهلي في المدينة.

عدوى المقاومة

من جهته رأى "نزار نزال" المحلل السياسي أن "إسرائيل" نجحت حتى الآن في عدم انتقال عدوى المقاومة من مدن شمال ووسط الضفة إلى مدينة الخليل، عبر صناعة فتنة داخلية، وحرف الأنظار عن المقاومة.

اقرأ أيضاً: الخليل المشتعلة بنيران النزاعات العشائرية..ما أصل الأزمة؟

وقال إن الاحتلال يدرك مدى خطورة مدينة الخليل، ويسعى جاهدًا لعدم الفلتان الأمني والنعرات ذات الطابع العشائري، مشيرًا إلى أن ما يحدث في الخليل اليوم من محاولات اغتيال وقتل وعربدة تمارسه مجموعات خارجة عن القانون ولها ارتباط مباشر مع الاحتلال، مستغلةً ضعف أداء السلطة بسبب الوضع السياسي والأمني.

ودعا "نزال" عبر "زوايا" النخب والكتاب الفلسطينيين ورجال الإصلاح والمؤسسات المجتمعية والمدنية لعقد مؤتمرات اجتماعية وخلق توعية محلية، لإنهاء حالة الفلتان الأمني والتجاذبات العشائرية.

كما دعا الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتوجيه إنذار نهائي، والضرب بيد من حديد لكافة الخارجين عن القانون، واعتقالهم وزجهم داخل السجون، لحماية هوية المدينة ونسيجها الاجتماعي.

وكان النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي "حسن خريشة" شدد على أن استهداف الخليل عبر الرموز ومجلسها البلدي هي محاولة لصناعة فتنة داخلية وحرف الأنظار عن المقاومة الممتدة في الضفة.

وأشار إلى أن هناك محاولات من الاحتلال وأعوانه لإلهاء سكان أهل الخليل وعدم التحاق هذه المدينة بشقيقاتها في ركب العمل المقاوم.

استنساخ تجربة الداخل

بدوره كشف "أحمد رفيق عوض" الكاتب السياسي ورئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية النقاب عن مخطط إسرائيلي لاستنساخ ما فعله الاحتلال في الداخل الفلسطيني المحتل من انتشار للجريمة وتفكيك للوحدة الاجتماعية الفلسطينية، ونقله إلى مدن الضفة المحتلة، وخاصة إلى مدينة الخليل.

وقال "رفيق عوض" إن "إسرائيل" تنظر إلى فلسطيني الضفة إلى عشائر يمكن ضربها ببعض، والتحكم بها، وابتزازها، لتصفية المقاومة، والتنمية، والمواقف الفلسطينية الموحدة.

وأشار الكاتب السياسي لـ"زوايا" إلى وجود من يتطوع بقصد أو دون قصد لتمرير المخطط الإسرائيلي، واصفًا ما يحدث في الخليل بالخطير، والذي يصب في مصلحة الاحتلال.

ورغم أن الحلول العشائرية ليست الأنجح، رأى "عوض" أن الحل الفصائلي غير كافي، وأن الحل العشائري أكثر تنظيمًا وديمومة، ويمكنه تجاوز الأزمة، وإعادة توجيه البوصلة نحو مقارعة الاحتلال، وذلك يمكن أن يتحقق عبر الأزقة والجلسات العشائرية الحقيقة والجادة.

وأطلق مسلحون، الأحد 24 سبتمبر الماضي، الرصاص على عضو مجلس بلدي الخليل "عبد الكريم فراح"، ما أدى إلى إصابته في قدميه برصاصات عدة، نُقل على أثرها إلى مستشفى الأهلي بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وأدخل لغرفة العمليات الجراحية.

وكان عدد من المسلحين قد أطلقوا النار على أقسام ومبان عدة تابعة لبلدية الخليل، خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى استهداف مركبة نائب رئيس بلدية الخليل أسماء الشرباتي، وإطلاق النار على عيادة زوجها مرتين، بعد تهديدات عديدة طاولت أعضاء البلدية، على خلفية رفضهم توظيف شخص بشكل غير قانوني، عبر الواسطة والمحسوبية.

وكان موقع "زوايا" قد نشر سابقًا تقريرًا تناول فيه أصل الأزمة في الخليل، وكيف وقعت العشائر في فخ الفتنة الداخلية تحت عنوان" الخليل المشتعلة بنيران النزاعات العشائرية..ما أصل الأزمة؟

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo