ونسف حل الدولتين

خبراء إسرائيليون: أوسلو فشل في العثور على "الفلسطيني الغبي"

توقيع اتفاق أوسلو
توقيع اتفاق أوسلو

كشفت صحف عبرية النقاب عن بعض وقائع محضر الجلسة التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية في 30 أغسطس 1993، وصادقت خلالها على اتفاقية "أوسلو" التي وقّعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية في 13 سبتمبر من العام نفسه.

ووفقًا لعدة مصادر إسرائيلية، لم تنظر "إسرائيل" إلى هذه الاتفاقية باعتبارها نقطة انطلاق نحو التخلّي عن الاحتلال في أراضي 1967، ونحو منح الفلسطينيين الحق في الحرية وتقرير المصير والاستقلال، واليوم وبعد 30 عاما كيف ينظر الكتاب والمحللون الإسرائيلية إلى اتفاق "أوسلو"؟، وما البدائل التي يطرحونها؟.

"أوسلو" الرد وليست المشكلة

واعتبر "حاييم لفنسون" المحلل السياسي الإسرائيلي أن "أوسلو" كان أفضل الخيارات والبدائل السيئة، في حين لم تكن بدائل أخرى.

وقال "لفنسون" في مقال لصحيفة "هآرتس" العبرية:" إن اليمين الإسرائيلي تخيل أنه سيأتي يومًا ويعثر فيه على الفلسطيني الغبي الذي سيوافق على حكم ذاتي بدون حقوق وطنية".

وأضاف:" هذا التخيل مكانه فقط في أوراق موعظة الأسبوع، في اليمين يقولون إن الكثير من الاشخاص فقدوا حياتهم بسبب "اوسلو". ومن الغريب أنهم لا يحصون الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب الحروب، والعمليات الفلسطينية التي ازدادت وازدهرت في الضفة "قبل اوسلو".

واتهم المحلل الإسرائيلي اليمين المتطرف بتشويه الحقائق التاريخية، مشيرًا إلى أنه في التسعينيات، وبدون أي صلة بـ "اوسلو"، تعزز "الاسلام المتطرف" في المنطقة، مؤكدًا أن الاتفاق مع الرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات" في ذلك الوقت كان الرد وليس المشكلة.

اقرأ/ي أيضاً: بأقلام فلسطينية وعربية: اتفاق "أوسلو".. ما له وما عليه

وتابع: "للأسف الشديد، لم يصبح عرفات سياسيًا كبيرًا مثل "مناحيم بيغن" الذي نجح في استبدال العمليات ضد البريطانيين بالسلام مع العرب. أيضا نتنياهو لم ينجح في استبدال خطاباته المثيرة بشيء ما عملي وثابت أمام الفلسطينيين".

نسف حل الدولتين

وكتب المؤرخ والباحث الاسرائيلي "إيال زيسر" في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن اتفاق "أوسلو" أبعد عمليًا "حل الدولتين"، وجعله هدفًا غير قابل للتحقق.

وأكد "زيسر" أن اتفاق أوسلو هدف إلى إقامة دولتين "إسرائيل"، وإلى جانبها دولة فلسطينية، ويدل انهيار مسيرة "أوسلو" على أن حلا كهذا لم يعد عمليًا.

وقال إن اتفاق "أوسلو" جاء في اللحظة القاسية لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي كانت فيها ملقاة على الأرض، تعيش عزلة إقليمية ودولية، فقد فقدت المنظمة سيطرتها في المناطق، وكانت الانتفاضة الأولى، التي علقت عليها آمالها، في حالة خبو".

ودعا الباحث الإسرائيلي إلى التركيز على إدارة النزاع، وليس على الجهد للوصول إلى حله، زاعمًا أن مثل هذا الجهد حكمه أن يفشل وهو سيوقف فقط توقعات ستتبدد وتؤدي إلى عنف و"إرهاب"، حسب قوله.

وتساءل المؤرخ الإسرائيلي عن ظروف الوضع الحالي قائلا: “يجدر بنا أن نسأل أنفسنا إذا كان الوضع القائم – الذي على ما يبدو سيتواصل لسنوات طويلة أخرى – يخدمنا، وإذا كان يمكننا أن نتحمل ثمنه".

وأضاف على "إسرائيل" أن تفكر من خارج الصندوق وتبحث عن حل واقعي يضمن أمنها وسيطرتها في "المناطق" الحيوية والعزيزة عليها أيضا.

انهيار حقبة "أوسلو"

من جهته وصف "ميخائيل ميلشتاين" الجنرال السابق والباحث الإسرائيلي في السياسات والشؤون الاستراتيجية اتفاق "أوسلو" بمفترق الطرق الأهم في تاريخ الصراع "الإسرائيلي - الفلسطيني"، حيث اعترفت قيادات الطرفين ببعضهما البعض وصاغا ترتيبًا قائمًا على التقسيم الإقليمي للأرض.

واعتبر "ميلشتاين" أن اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 بأنه أحد أعنف الصراعات في تاريخ الصراع، وشكل انهيارًا لـ"حقبة أوسلو" وقوض الرؤية التي بموجبها استبدل الشعبان لغة الصراع بخطاب سياسي لحل الصراع.

وطرح الجنرال الإسرائيلي مجموعة من البدائل الاستراتيجية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الذكرى الـ30 لاتفاق "أوسلو"، مشيرًا إلى أنه جرى استبدال أيديولوجيات الماضي بالسلام الاقتصادي، الذي أصبح سياسة "إسرائيل" غير الرسمية في السياق الفلسطيني.

وتستند هذه السياسة إلى افتراض إسرائيلي قديم مفاده أنه من خلال الحفاظ على حياة الفلسطينيين أو تحسينها، من الممكن تحقيق الاستقرار الأمني والحفاظ على السيطرة على المناطق دون الحاجة إلى اتخاذ أي قرارات.

اقرأ أيضاً: لأول مرة.. غضب عارم لموظفي غزة على قرار خفض رواتبهم

وكشف "مليشتاين" عن أن لدى "إسرائيل" حاليًّا بدائل استراتيجية، ما يعكس الاختيار بين الخيارات السيئة، وهو مفهوم الدولة الواحدة، مفهوم قديم يتم تحقيقه تدريجيًّا دون تخطيط أو رغبة أو وعي، عبر إضعاف السلطة الفلسطينية.

والثاني هو الضم الإسرائيلي التدريجي للضفة الغربية، أما الثالث هو احتمال ظهور واقع الفصل العنصري، نظرًا لعدم رغبة إسرائيل في إضفاء طابع المواطنة على الفلسطينيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والرابع إعلان رسمي لدولة واحدة جميع سكانها مواطنون متساوون في الحقوق، بعد ضغوط داخلية وخارجية شديدة ستجد إسرائيل نفسها فيها.

الابقاء على الاحتلال

ورأى "ديمتري تشومسكي" المفكر الإسرائيلي أن اتفاق "أوسلو" نجح في الإبقاء على الاحتلال، وأنه لم يعمل في أي يوم على الدفع قدما بحل الدولتين لشعبين.

وأكد خلال مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية أن عملية أوسلو دفعت بكل عائق محتمل لتخريب هذا الحل.

وتساءل "تشومسكي" باستغراب كيف تم التوصل إلى الاستنتاج بأن حل الدولتين غير قابل للتطبيق؟، في حين لم تكن هناك أية محاولة صادقة وجدية للدفع قدما بتطبيق هذا الحل.

وأضاف:" ألا تشعرون بوجود مغالطة منطقية حادة في طريقة التفكير هذه؟ أليس العكس هو الصحيح؟ أليست حقيقة أنه حتى الآن لم يتم الدفع قدما بأي حل فيه ما من شأنه أن يدفعكم لمحاولة وفحص إمكانية تطبيقه فعليا، وعدم التنازل عنه مسبقا؟.

وأشار المفكر الإسرائيلي إلى الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي "اسحاق رابين" آنذاك، فور توقيع اتفاق أوسلو "لإنهاء حرب الاستقلال من خلال تحرير شعب إسرائيل من نير احتلال شعب آخر"، وقال إنها نزلت على أذن صماء.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo