بعد 30 عامًا

بأقلام فلسطينية وعربية: اتفاق "أوسلو".. ما له وما عليه

توقيع اتفاق اوسلو
توقيع اتفاق اوسلو

قبل 30 عاما، وقع المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون على اتفاقيات "أوسلو" التي كانت بمثابة اتفاق سلام مؤقت، لكن السلام الدائم لم يجد طريقه إلى المنطقة، حيث ما زالت القضايا الرئيسة عالقة دون حل، ما دفع البعض للحديث عن البدائل والحلول لإعادة توحيد الطاقات الفلسطينية عبر الاتفاق على استراتيجية وطنية جامعة.

فخ إسرائيلي

وشدد د. "مصطفى البرغوثي" الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية على أن المنطلقات والدوافع التي قادت إلى نهج أوسلو لا زالت مستمرة، مشيراً إلى أن أحد إشكاليات الوضع الفلسطيني أن القوى الممارسة لنهج "أوسلو" تتجنب الدخول في نقاش فكري أو سياسي جدي حول صوابية هذا النهج.

ووصف "البرغوثي" في مقال له اتفاق أوسلو بالفخ الكبير الذي نصب ببراعة من الحركة الصهيونية للقيادة الفلسطينية، لامتصاص نتائج الانتفاضة الأولى، وإحداث شرخ كبير في الساحة.

وقال إن الوفد الفلسطيني وقع على الاتفاق دون اشتراط وقف الاستيطان، كما أنه قبل بعقيدة التنسيق الأمني، بالإضافة لانعدام التكافؤ بين الجانبين، حيث اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل، مقابل مجرد الاعتراف بالمنظمة ممثلاً للفلسطينيين.

وأضاف أن اتفاق أوسلو أحدث شرخا فلسطينيا، وفتح الباب على مصراعيه للتطبيع العربي والدولي مع دولة الاحتلال، في المقابل نسفت الاجراءات الإسرائيلية من استيطان وفصل المناطق الفلسطينية، ما بقي من آفاق لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

ودعا أمين عام المبادرة الوطنية إلى التحلل من اتفاقية أوسلو، ووقف النهج الذي أدى لتلك الخطيئة، واستبداله باستراتيجية وطنية فلسطينية كفاحية مقاومة، تعيد توحيد طاقات الشعب الفلسطيني ومكوناته، كما طالب بالتراجع عن كل التنازلات المجانية التي قدمت للحركة الصهيونية، وتوجيه رسالة واضحة للعالم بأن الفلسطينيين لن يقبلوا ذلَ الاستعباد للاحتلال ونظام التمييز العنصري.

الحل من الداخل

واعتبر "سام منسى" الإعلامي اللبناني والكاتب في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن اتفاق "أوسلو" خلق عنواناً للموضوع الفلسطيني، وإطاراً مؤسسياً لتحقيق الدولة الفلسطينية، رغم أنه مكروه شعبيًا وقياديًا في فلسطين ومُنتهك إسرائيلياً.

وأضاف أن فكرة "حل الدولتين" لم تكن لتوجد لو لم يحقق "أوسلو" إمكانية الاعتراف المتبادل، وأن مفهوم "دولتين لشعبين" بات مسألة إجماع دبلوماسي والإطار المفضل الذي يتعامل عبره المجتمع الدولي مع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

وبحسب ما جاء في مقال للكاتب اللبناني فإن ما تشهده "إسرائيل" مع وصول اليمين المتشدد إلى السلطة والممارسات المتوحشة لحكومة الائتلاف الحاكم، شكلت الغذاء الضروري لتيارات الممانعة والرفض في الداخل الفلسطيني والشتات، كما شكل غياب القيادة السياسية الفلسطينية ذات الرؤية، ركيزة من الركائز المفقودة لمسار السلام.

وأشار إلى أن قيادة السلطة فشلت في وضع أسس صالحة لدولة فلسطينية، وتركت ما أسماه خيار "العنف"، دون إغفال ثقل الاحتلال على كاهلهما، كما أن "اسرائيل" لم تتوقف عن بناء المستوطنات ولم تسمح للسلطة بصلاحيات اتفق عليها في أوسلو، حتى وصل بنيامين نتنياهو إلى الحكم واعتمد سياسة "إدارة الصراع" بدلاً من إنهائه.

وشدد الاعلامي اللبناني على أن الحل ينبغي أن يكون من الداخل الفلسطيني أكثر من الشتات، وأنه لا يمكن للتسوية أن تكون على قياس "أوسلو"، كما لا يمكنها القفز فوق مصالح وحقوق متبقية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

الاتفاق وموازين القوى

ورأى "حمادة فراعنة" الكاتب والباحث السياسي الأردني أن اتفاق أوسلو لم يعكس رغبات الموقعين عليه، وأن من صنع الاتفاق هو موازين القوى، والعوامل الذاتية والموضوعية.

وأوضح "فراعنة" خلال مقال له أن عدد من قادة الاحتلال الذين صنعوا وهندسوا ووقعوا على اتفاق اوسلو، تعرضوا للاغتيال والتهميش فيما بعد، بسبب اتهامهم بالتنازل عن خارطة "إسرائيل".

اقرأ أيضاً: كتُاب لـ "زوايا": هكذا تدير قطر علاقتها مع السلطة الفلسطينية وحماس

في المقابل أدرك الفريق الفلسطيني برئاسة "أبو عمار" حجم التنازلات والتضحيات التي قدمها، ولكنهم راهنوا على تغيير المعطيات، وضرورة الانتقال الى الوطن من المنفى، بعد تعارض المصالح الفلسطينية مع مصالح البلدان المجاورة.

وشدد السياسي الأردني على أن الذين رفضوا أوسلو من حماس والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب قبلوا وشاركوا بمؤسسات أوسلو ومظاهره، مشيراً إلى أن الراحل "ياسر عرفات" اختار طريق مواجهة الاسرائيليين من وسط شعبه داخل فلسطين.

وقائع مهدت للاتفاق

من جهته كشف "حازم صاغية" المثقف والكاتب اللبناني عن حقيقتين كبيرتين سبقتا اتفاق أوسلو، ومهدتا الطريق لتوقيعه، الأولى: رهن انتصار القضية الفلسطينية بالعمل العسكري خارج فلسطين، والثانية: المهمة التأديبية التي تولاّها الرئيس السوريّ الراحل "حافظ الأسد"، في شقّ "حركة فتح" والضربات العسكريّة الموجعة التي وجّهها النظام السوريّ لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة في لبنان.

اقرأ أيضاً: (زومبي) أوسلو

وأضاف "صاغية" في مقال له :"الذين يأخذون على ياسر عرفات ورفاقه أنّهم "خانوا" القضيّة الفلسطينيّة بتوقيعهم على أوسلو، كان يمكنهم أن يأخذوا على الزعيم الفلسطينيّ مآخذ كثيرة جدّاً وقاسية جدّاً إلاّ هذا المأخذ.

وأوضح الكاتب اللبناني كيف انشقت البلدان العربية إلى طرف مسلّح مهيمن، وطرف غير مسلّح يقاوم خضوعه، مسنوداً بعصبيّة أخرى، وبدل من أن يجتمع الطرفان على "تحرير فلسطين"، يفترقان ويصارع كلٌّ منهما الآخر راغباً في تحرير بلده منه.

وتطرق إلى ما حدث في الأردن إبّان 1970 – 1971 ثمّ في لبنان ما بين 1975 و1989 ينمّ بوضوح عن أنّ "التفاف الجماهير" حول الثورة الفلسطينيّة تحوّل نزاعاً بين العصبيّتين الفلسطينيّة والشرق أردنيّة، وبين العصبيّتين الفلسطينيّة والمسيحيّة، ثمّ العصبيّتين الفلسطينيّة والشيعيّة.

وأكد أن هذه الخلفيّة التعيسة رشّحت القضيّة الفلسطينيّة ونظريّة التحرير من الخارج لمصيرٍ ليست القوّة من أوصافه، وهذا ما تولاّه الإسرائيليّون عبر غزوهم لبنان في 1982.

خطة انقاذ وطني

بدوره طالب د. "باسم نعيم" رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية لحركة حماس بأن تخضع المشاريع السياسية الفلسطينية وعلى رأسها اتفاقية "أوسلو" للمراجعة والتقييم لاستخلاص العبر، وتقويم الأخطاء، وتعديل المسار.

وقال عند تقييم اتفاق أوسلو، بعد 30 عاما من توقيعه، نرى أنه حقق لإسرائيل اختراق استراتيجي ومنحها شهادة لشرعية وجودها، في وقت لم تكن تملك فيه أي أوراق أو وثائق تثبت حقها في أي شبر من أرض فلسطين.

كما أسست اتفاقية "أوسلو" بحسب ما يرى إلى الانقسام الفلسطيني المدمر الذي نعيشه اليوم، بعد أن جعلت جزءا من الشعب مواطنين من الدرجة الأولى (وفق المعايير الإسرائيلية).

وأضاف عبر مقال له أن "أوسلو" فتح الباب لكل "الموبقات السياسية" سواء على المستويين العربي والإسلامي، وعلى رأسها التطبيع، كما أنه كباقي الاتفاقات الدولية لم يكن مُلزما، ما دفع الاحتلال إلى قتل "الاتفاقية" وما بُني عليها من أوهام وسراب.

ودعا "نعيم" إلى التنصل من هذه الاتفاقية الكارثية، والعودة إلى الشعب والالتحام به، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الجامعة بحيث تكون ممثلة للجميع من دون استثناء.

وشدد على ضرورة الاتفاق على "خطة انقاذ وطني" واعتماد قيادة وطنية مؤقتة ومسار جامع متوافق عليه، معتمد من جميع أطياف شعبنا في الداخل والخارج، مع تحييد التدخلات الخارجية قدر الإمكان.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo