كتُاب لـ "زوايا": هكذا تدير قطر علاقتها مع السلطة الفلسطينية وحماس

امير قطر يلتقي محمود عباس
امير قطر يلتقي محمود عباس

تدرك دولة قطر أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أفضل مكان لتأكيد أهميتها كلاعب إقليمي، من خلال لعب دور الوسيط، لضمان استقرار العلاقات بين "إسرائيل" والفلسطينيين، خاصة تحقيق الاستقرار والهدوء في قطاع غزة، مع تبني ودعم سياسي للموقف الرسمي الفلسطيني بحل الدولتين، في علاقة قوية تجمع قطر مع السلطة الفلسطينية.

ويرى "محسن أبو رمضان" الكاتب والمحلل السياسي، أن قطر تتمتع بعلاقات جيدة مع طرفي الانقسام، ومع الرئاسة الفلسطينية، ولعبت دورًا اتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية.

كما رأى أن قطر دفعت باتجاه تعزيز حالة الاستقرار في الساحة الفلسطينية عبر إيجاد أفق تفاوضي بين السلطة وحكومة الاحتلال، وضمان حالة الهدوء النسبي في قطاع غزة، من خلال تقديم المساعدات المالية والاقتصادية للفقراء والأسر المتعففة.

وأوضح "أبو رمضان" خلال حديثه لـ"زوايا" أن الدعم المالي التي تقدمه الدوحة له عنوان سياسي، ونابع من رغبة قطرية في ترسيخ حالة من الهدوء في الأراضي الفلسطينية.

وتقدم قطر منحة مالية سنوية لقطاع غزة بقيمة 360 مليون تستخدم لدفع رواتب الموظفين بغزة، وتقديم المساعدات المالية للأسر المتعففة، وتشغيل محطات الكهرباء، للحد من تفاقم الوضع الإنساني والظروف المعيشية الصعبة في القطاع.

كما تُنفذ اللجنة التابعة لوزارة الخارجية القطرية عشرات المشاريع الحيوية والمهمة في القطاع، إضافة للمشاريع الصحية والاسكانية، وإعادة إعمار المنازل التي دمرت خلال الهجمات الإسرائيلية على القطاع.

وقال الكاتب الفلسطيني إن قطر تعاملت بذكاء مع ملف التطبيع فهي لم تعارضه بشكل علني، في المقابل لم تعلن عن علاقات رسمية بينها وبين "إسرائيل"، رغم وجود بعض الفعاليات الفنية والرياضية، وربطت ملف التطبيع بتقدم مسار القضية الفلسطينية ضمن إطار تفاوضي، وهو ما تجاهلته "إسرائيل" بإجراءاتها العدوانية على الأرض.

اقرأ أيضا: نفخ إعلامي في التطبيع العربي يقابله تقصير فلسطيني

وكشف "أبو رمضان" أن حركة حماس بغزة بحاجة للدور القطري، والدعم المالي والاقتصادي الذي تقدمه للسكان من جهة، ولدورها كوسيط في حال احتدام المواجهات مع جيش الاحتلال في القطاع.

وفيما يتعلق بعلاقة قطر بالسلطة الفلسطينية، بين المحلل السياسي أن الأخيرة بحاجة إلى الجهود القطرية في تبريد الصراع الفلسطيني والإسرائيلي، والدعم المالي الذي يساعدها في برنامجها الساسي الرامي إلى وقف الاستيطان، وخلق أفق تفاوضي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ورغم كل ما سبق، يرى الكاتب موقفا آخر بأن الدعم المالي القطري لحركة حماس واحتضان بعض قادتها في الدوحة ساهم في إدامة حالة الانقسام، وزاد من امتعاض المستوى الرسمي الفلسطيني.

وعلى هذا السياق يؤكد "عبد المجيد سويلم" الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أن العلاقات "القطرية – الفلسطينية"، مستمرة على مضض، خاصة من الجانب الرسمي الفلسطيني، على اعتبار أن قطر لعبت دورًا سلبيًا في ملف الانقسام، واحتضنت حركة حماس، ما ساهم في ترسيخ حكمها لقطاع غزة.

وأضاف لـ"زوايا" أن حركة حماس استطاعت من خلال الدعم القطري لها أن تناور بعيدًا عن إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني.

ورأى "سويلم" أن الهدف القطري من التقارب مع حركة حماس هو تدجين الحركة وإبقائها في الدائرة القطرية، وضمان ألا تخرج عن السياق العام المنضبط، مشيرًا إلى أن الدوحة كانت من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقة مع إسرائيل.

وفيما يتعلق بضوابط العلاقات الفلسطينية القطرية الرسمية، أوضح المحلل السياسي أنها نفس الضوابط التي تربط النظام السياسي الفلسطيني بكافة الأنظمة العربية، والقائمة على قناعة القيادة الفلسطينية بعدم خلق توترات في العلاقات مع الدول العربية، مبينًا أن امتعاض بعض قيادات السلطة من سلوك النظام القطري، يكون في الغالب بسبب شعورهم بأن مساهمة الدوحة وعلاقتها بحركة حماس كانت على حساب الكل الوطني الفلسطيني، وأثرت بشكل سلبي على الانقسام الفلسطيني.

مسافة واحدة

وبحسب "وسام عفيفة" الكاتب والصحفي الفلسطيني، فإن العلاقات "الفلسطينية – القطرية" مقسمة إلى مسارين الأول: مرتبط بعلاقة السلطة بقطر، والثاني: بعلاقة الدوحة بقطاع غزة وحركة حماس.

وأعرب "عفيفة" خلال مقابلة مع موقع "زوايا" عن اعتقاده في أن قطر نجحت بشكل حرفي في الجمع بين المسارين، واستطاعت المحافظة على مسافة مهمة في العلاقة بينها وبين كلا الطرفين في "غزة والضفة"، ما أتاح لها أن تلعب أدوارًا هامة في الساحة الفلسطينية.

وأوضح أن القطريين لديهم حرص على أن يحافظوا على دورهم كلاعب أساسي يسعى إلى تثبيت حالة الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، ونزع فتيل الأزمات في قطاع غزة، وكذلك حرصهم على دعم وتمويل السلطة الفلسطينية، ما جعلها تخرج من دائرة الاتهام بانحيازها لحركة حماس.

واعتبر "عفيفة" قطر لاعبا مهما في الإقليم، بعد أن وضعت الملف الفلسطيني كأحد أبرز الملفات الأساسية لسياساتها الخارجية، وأكد أن الدوحة لا تحاول أن تفرض أجندتها على الفلسطينيين، وتلعب دور الوساطة تارة والدعم المالي والإسناد تارة أخرى، ولها حضور في الإقليم والمجتمع الدولي ومجلس الأمن.

وتابع: "لا أعتقد أن هناك مشكلة في العلاقات الفلسطينية - القطرية بمساريها في غزة والضفة، وهي علاقة مفيدة للأطراف الفلسطينية ومساندة، ويمكن استثمارها فلسطينيا بحكم علاقة الدوحة مع الإقليم والعالم".

الخلافات ليست عميقة

من جهته، وصف الدكتور أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية، العلاقات الفلسطينية القطرية الرسمية بالدافئة والجيدة، رغم التقارب القطري مع حركة حماس.

اقرأ أيضا: الغزيون في الضفة الغربية سكان بدون حقوق وهذه القيود عليهم

وأكد لـ"زوايا" أن من مصلحة الطرفين "السلطة الفلسطينية وقطر" أن تستمر هذه العلاقة، لاعتبارات إقليمية، ورأى أن قرب وبعد العلاقة بين الطرفين مرتبط بتحالفات المنطقة والضغوط الأمريكية والإسرائيلية.

وأضاف أن الخلافات بين "قطر والسلطة" ليست عميقة ويمكن تداركها إذا وُجدت، لأن الطرفين محسوبان على محور الاعتدال، ومنطقة النفوذ الأمريكي، حالهما كحال العديد من الدول العربية.

وأشار "عوض" إلى أن السلطة لا ترغب في أن تُحسب على طرف ضد الآخر، وأن تكون ضمن تحالفات لا تستطيع أن تدفع استحقاقاتها، مؤكدًا وجود خط أحمر لا يمكن تجاوزه من قبل الطرفين.

وكان لفلسطين حضورًا لافتًا خلال مونديال كأس العالم 2022 الذي استضافته قطر، وعلى نحو مختلف عن الدورات السابقة، وجد الفلسطينيون دعما كبيرا لهم من الجماهير العربية برفع الأعلام الفلسطينية، ليس فقط في المدرجات والهتاف لفلسطين، بل من خلال التوشح بالعلم الفلسطيني وإقامة الفعاليات الداعمة لفلسطين في مناطق المشجعين أيضا، لدرجة دفعت البعض للقول إن فلسطين هي الحاضر الغائب في اللعبة وإنها الفريق الـ33 المشارك في البطولة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo