ارتفعت في الآونة الأخيرة العمليات الفلسطينية التي استهدفت المستوطنين وجيش الاحتلال في الضفة والقدس المحتلتين، ما ساهم في تصاعد حالة القلق في الأوساط الأمنية الإسرائيلية في ظل غياب القدرة الأمنية على إحباط تلك العمليات لا سيما المسلحة منها.
وأقرت صحيفة "معاريف" العبرية أنه لا يوجد حل سحري لوقف العمليات الفلسطينية، مؤكدًة أن إحباط العمليات من ناحية استخبارية أصبح صعبًا أكثر، بسبب وفرة السلاح والدوافع العالية لتنفيذ العمليات، فكلما كان الانتظام لتنفيذ العملية محليا أكثر، يكون أصعب على الأمن تشخيص المؤشرات الدالة عليها.
وزعمت الصحيفة أن الدوافع المتصاعدة لتنفيذ العمليات، والتحريض من جانب المنظمات الفلسطينية ودعم إيران، إلى جانب الوفرة غير المسبوقة للسلاح، هي عناصر مركزية ترتبط معا فتخلق النتائج القاسية في الميدان.
وأشارت إلى أن أهم نقطة ضعف للجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية، هي الدفاع عن محاور حركة السير، إذ ينفذ جزء كبير جدا من العمليات في تلك المحاور، وتابعت:" حتى الآن تنتشر 20 كتيبة من الجيش الإسرائيلي في الضفة، وهذا معطى يؤثر بشكل مباشر على التدريبات للحرب"، منوهة أن "التقديرات في جهاز الأمن، أن التصعيد سيستمر".
اقرأ أيضاً: خصومات دفعات الشؤون.. غضب شعبي بغزة وفجوة الفقر تتسع
وكشفت "معاريف" أن الكثيرين في جهاز الأمن، يعتقدون بأن استخدام القوة العسكرية الهجومية أو التعزيز الإضافي لن يوفر حلا سحريا، طالما أن العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين تخلو من أي أفق منظور، لا سيما وأن السلطة الفلسطينية آخذة في الضعف.
فشل في توفير الأمن
من جهته رأت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن "إسرائيل" نجحت على مدار عشرات الأعوام في إقامة مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة، وأسكنت فيها أكثر من نصف مليون إسرائيلي، بعد أن سيطرة على المجال الجوي والحدود البرية، وتحكمت بمصادر المياه، وبالمجال الخليوي وبشبكة الكهرباء، لكنها فشلت في توفير الأمن لهؤلاء المستوطنين.
وأكدت "يديعوت" أنه لا يوجد في "إسرائيل" زعيم حقيقي وجدي يقول للمستوطنين الحقيقة وهي "أننا سنواصل توسيع المستوطنات وسنستوطن تلة بعد تلة، لكن حذار أن يخطئ منا أحد: جيراننا الفلسطينيين لن يسلموا بهذا أبداً ولن يهجروا الكفاح أبدًا".
وقالت الصحيفة:" إن حدود ما يسمى بالخط الأخضر لن تكن كافية في منع العمليات، وأن هذا هو الثمن الذي على المستوطنين دفعه للعيش الى جانب ما أسمته "الإرهاب".
وتوقعت "يديعوت" أن يتأذى المزيد من المستوطنين والجنود، مؤكدةً أنه هذا الثمن سيُجبى من المجتمع الإسرائيلي كله، وأن أي حاجز إضافي أو إغلاق في وجه حركة الفلسطينيين لن يمنعهم من المس بالإسرائيليين، وأن يطلقوا النار عليهم في الطرق وفي أي مكان آخر.
الرد خارج الضفة
وفي السياق اتهمت القناة 12 العبرية، بحسب مراسلها العسكري للقناة 12 العبرية، نير دفوري، أن جيش الاحتلال يركز على بعدين: الأول تعزيز القوات التي تسمح بالدفاع عن المحاور ومحيط البلدات بالضفة، والثاني الدفاع في خط التماس لمنع وصول العمليات للداخل المحتل.
وأضاف أن موجة العمليات الفلسطينية، والنشاط الواسع في الضفة يدفعان بالجيش النظامي إلى العمل طوال الوقت، وهو ما يضر بالتدريبات، وأيضاً بالجاهزية للحرب.
وطالب "دفوري" قوات الأمن الإسرائيلية بلجم وتيرة الاحتكاك والمواجهات وأحداث الإرهاب اليهودي في الضفة، مشددا على أن إرهاب المستوطنين يشكل مكوناً إضافياً، لزيادة دافع الانتقام الفلسطيني.
وكشف مراسل القناة ١٢ العبرية أن الجيش أجرى مؤخرًا حوارات مع رؤساء المجالس المحلية والقيادات في الضفة، بهدف التأثير في هؤلاء المخلّين بالنظام وتهدئة الأمور، ولكنها لم تتكلل هذه الخطوة بالنجاح، مرجحًا أن تمتد العمليات من شمال الضفة إلى جنوبها، وهو ما يقلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حسب قوله.
انتفاضة أم موجة تصعيد
من جهتها تساءلت صحيفة "هآرتس" على لسان الكاتب الإسرائيلي "تسيفي برئيل" حول ماهية ما يحدث في الضفة هل هو انتفاضة أم موجة تصعيد؟، وهل هو عمل فردي أم منظم؟.
وقالت الصحيفة إن المحللين العسكريين يقولون إنها ليست انتفاضة، لأن الانتفاضة كانت فقط مرة واحدة وهي الانتفاضة الثانية، وكأنها كانت رواية لانتصار "إسرائيل" الذي هدأت المنطقة بعده.
اقرأ/ي أيضاً: صناعات من عبق التاريخ مهددة بالاندثار من غزة
وأضاف أن المحللين يؤكدون أنه ومنذ ذلك الحين لا توجد انتفاضة، بل توجد فقط "موجات"، ظواهر طبيعية قصيرة وغير مسيطر عليها، تقاس بأجهزة لقياس الزلازل، لكن لا أحد مسؤول عن حدوثها.
وشدد الكاتب الإسرائيلي أنه من المحظور إسرائيليا الحديث عن انتفاضة جديدة لأنها ستكشف الكذبة التي نجحت إسرائيل في تسويقها لقمع طموحات الانتفاضات الفلسطينية، كما ستقضي على الأسطورة التي تقول: "إنه يمكن إدارة الاحتلال لعشرات السنين دون دفع الثمن".
واعتبر الكاتب الانتفاضة حالة وعي لا تقل عن كونها ظاهرة عنف، وأنها ستتواصل طالما تستمر ذرائعها الأساسية في الوجود، مضيفًا أن محاولات اسرائيل البائسة للفصل بين جرائم الحرب التي ترتكبها في "المناطق" وبين نتائجها، هي مجرد أكاذيب.