أولوية المصالح على المبادئ

حماس وسوريا.. حديث الغدر وعودة العلاقات

قيادة حماس في سوريا
قيادة حماس في سوريا

في تناقض مواقف واضح قال القيادي البارز في حركة حماس د. موسى أبو مرزوق أن حركته بصدد فتح مكتب لها في العاصمة السورية دمشق قريبا، فيما أصدر رئيس النظام السوري تصريحات لاذعة بحق قيادة حركة حماس التي وصفها "بالغدر والنفاق".

وخلال زيارته لقطاع غزة قال القيادي الحمساوي أبو مرزوق أن حركته تقترب من فتح مكتب تمثيلي لها في دمشق في حديث مع وسيلة اعلام محلية فلسطينية مقربة من الحركة بعد 12 عام من العداء بين الحركة والنظام.

وجاءت اعلان أبو مرزوق بعد فارق زمني قصير من اتهام الأسد للحركة بالغدر والنفاق، معتبرا أن الحركة ليست لديها مكاتب في سوريا وأنه من المبكر الحديث عن فتح مكاتب للحركة في دمشق لان الأولوية للمعارك داخل سوريا لحكومته.

ويتسأل العديد من المتابعين عن جدوى العلاقة مع نظام ضعيف لا يستطيع الدفاع عن أراضيه المستباحة من قبل الغارات الإسرائيلية التي أدت الى خسائر بشرية ومادية في قدرات الجيش السوري، كما أن الوضع الأمني لا يسمح للحركة بالتحرك الآمن داخل الأراضي السورية.

اقرأ أيضاً: "زوايا" تكشف كواليس زيارة أبو مرزوق لغزة.. هل ينتهي الانقسام؟

فيما يتحدث البعض عن الموقف الأخلاقي للحركة في ضوء هذه القفزات السياسية التي لا تستند الى "مبادئ " تحتاجها حركة تحرر تنتمي للفضاء الشرعي الإسلامي.

ويرى الكاتب ساري عرابي أن الأسد بدى أكثر تحفظا في الحديث عن العلاقة مع حركة حماس مما أوحت به الاجواء السابقة، خاصة في ضوء تأخر حركة حماس افتتاح مكتب لها في دمشق نتيجة عدة اعتبارات منها الأمنية في ظل استباحة إسرائيل للأجواء السورية بشكل شبه دائم.

وأضاف عرابي في حديث خاص مع "زوايا" أن الاسد حينما وصف تصرف حركة حماس الغدر او الخيانة يقصد خروج حركة حماس في سوريا إبان الثورة السورية في البداية ولا يقصد الحديث عن المرحلة الحالية.

وتوقع عرابي وجود أوساط في النظام السوري تتحفظ على عودة العلاقة بين الطرفين بعدما شابها الكثير من الاشكاليات الحادة التي تلقي بظلالها على أذهان الطرفين بما في ذلك بشار الاسد الذي يرى أن الحركة انحازت الى خصوم النظام في ظروف قاسية مرت بها سوريا.

وأشار الى أنه ليس من السهل استعادة العلاقة بعد مرحلة طويلة من القطيعة والحاجة الى محطات أكثر من التفاهم والتلاقي كي يستعيد كلا الطرفين الثقة ببعضهما.

وفي اتجاه آخر اعتبر د. "صبري سمَيرة" أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية سابقاً، ومدير وحدة الدراسات الإسرائيلية السابق بمركز دراسات الشرق الأوسط موقف الرئيس السوري "بشار الأسد" المتعنت تجاه عودة حماس إلى سوريا بأنه يدخل في إطار المماطلة وتصفية الحسابات مع الحركة بسبب موقفها السابق من النظام السوري وانحيازها مبدئيا إلى الشعب السوري في ثورته ضد النظام عام 2011.

وأكد "سمَيرة" في تصريح له أن تلويح الرئيس السوري بأن الوقت مبكر الآن لفعل ذلك، يمكن اعتباره مماطلة ودفع لحركة حماس للقيام بنوع من "الاستجداء" عبر إحراجها بتكرار تصريحاتها التي تصر فيها على العودة.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أن حماس لا تريد أن تكون آخر من يلحق بقطار "تطبيع" الدول العربية مع النظام السوري الذي تتوقع الحركة أنه سيستمر في ظل عدم وجود إرادة إقليمية أو دولية لتغيير النظام السوري، وأن الحركة "مستعدة" لبلع ما تتلقاه من إهانات الرئيس السوري "اللفظية" تحقيقا لمصالح "عملية" استراتيجية.

اقرأ أيضاً: إشارات سعودية.. وترقب فلسطيني ومشاورات مصرية أردنية

ويرى مصدر فلسطيني مطلع أن تصريح أبو مرزوق عن افتتاح مكتب في دمشق من غزة يحمل إشارة طمأنة لتيار في حماس مهتم بإرضاء إيران وحزب الله يقوده يحيى السنوار رئيس الحركة في القطاع، ويعتبر أن الرهان على المعارضة الإسلامية في سوريا انتهى إلى الفشل، كما ان هذا التيار يحبذ الامتيازات المالية والعسكرية التي يوفرها حزب الله ونظام طهران، خاصة في ظل عدم معارضة قطر او تركيا لعودة العلاقة بين الحركة والنظام.

وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ "زوايا" أن انفتاح العالم العربي مجددا على النظام في دمشق بعد قمة جدة يسمح بعودة العلاقة مع العلم أن الحكومة التركية أعلنت مؤخرا أنه ليس لديها مانع من فتح حوار مع دمشق في ضوء الجهود التي تبذلها روسيا في هذا المضمار.

ويقول الكاتب معتز خليل أن الأسد ليس في عجلة من أمره لتقريب حركة حماس منه رغم المصالحة الرسمية معها، مضيفا في مقال تقدير موقف أن التقديرات تشير أن الرئيس بشار الأسد أذل قيادة حماس لسنوات عديدة انتقاما لخيانتهم له، ورفض كل مناشدات المصالحة معهم بعد أن حل إسماعيل هنية محل خالد مشعل.

وفي شهر أكتوبر المنصرم استقبل الأسد أمس وفداً فلسطينياً ضم فصائل عدة، بينها حركة «حماس» التي أعلنت طي صفحة الخلاف مع الحكم السوري، وفي مؤتمر صحافي للفصائل في دمشق، وصف خليل الحية لقاء الأسد مع الوفد الفلسطيني بأنه كان "تاريخي ودافئ"، والاتفاق على طي صفحة الماضي، وفي إشارة إلى القطيعة بين الحركة ودمشق منذ عام 2012.

وجاءت زيارة الحية مسؤول ملف العلاقات العربية والإسلامية في حماس بعد بيان أعلنت فيه الحركة الفلسطينية قرارها استئناف العلاقات بدمشق، وتؤكد كل المؤشرات ان عودة العلاقة جاءت بدفع من إيران، وبوساطة من حزب الله اللبناني.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo