يسعى مشروع القرار الحكومي المسمى "الصهيونية كقيمة مُوجّهة ومُلزمة لعمل الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها"، الذي يطرحه وزير النقب والجليل "يتسحاك فاسيرلوف" لترسيخ الفوقية العرقية لليهود، والإمعان في العنصرية ضد فلسطينيي الداخل المحتل عام 48.
ويمنح مشروع القرار الجديد، مزيداً من الأدوات العملية لتطبيق "قانون القومية" الأخطر، والذي سُن عام 2018، معلناً إسرائيل "دولة لليهود" ووطناً قومياً لهم فقط.
ورأت ورقة تقدير موقف أعدها "مدى الكرمل" المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة" أن هذا الاقتراح عكس الخطوط العريضة للحكومة، وأنّه جاء ترجمة لاتّفاقيّات الائتلاف الحكومي، وتحويل قانون القوميّة من قانون تصريحيّ إلى قانون عمليّ ومؤثّر، وبخاصّة في مجال الاستيطان، ليكون ذلك مدخلًا لتعزيز سياسات تهويد الجليل والنقب، دون اتاحة إمكانيّة للاعتراض القضائيّ.
اقرأ/ي أيضاً: صحيفة روسية: إسرائيل على شفا حرب أهلية
وبحسب الورقة فإن نوايا حكومة "نتنياهو" في تعميق العنصريّة والعدائيّة تجاه المجتمع العربيّ كانت واضحة منذ تشكيلها، فبعد تشكيل الحكومة، أُوكِلت وزارة تهويد الجليل والنقب لحزب "القوة اليهودية" اليميني، الذي أوضح أنّ هدف الوزارة الأساسيّ هو تعزيز الوجود اليهوديّ في الجليل والنقب.
وقالت إن اقتراح القانون يحمل العديدَ من الإسقاطات السلبيّة على المجتمع العربيّ، إذ سيمكّن الحكومة من تنفيذ سياسات عنصريّة، ومن الاستمرار بتفضيل المجتمع اليهوديّ بواسطة قوانين دون إتاحة إمكانيّة لتقديم اعتراض قضائيّ عليها.
كما أن اقتراح القانون يضاف إلى عدّة خطوات وقرارات اتّخذتها الحكومة الحاليّة بغية تهويد الجليل والنقب ومنح أفضليّة في التخطيط للمجتمع اليهوديّ وَفقًا لبنود قانون القوميّة، بعد أن فشلت السياسات الحكوميّة على مدار العقود في توطين أغلبيّة يهوديّة واضحة وثابتة في الجليل.
وكان "عميحاي شيكلي" وزير "الشتات" الإسرائيلي عرض مؤخَّرًا معطَيات تفيد أنّ ثمّة انخفاضًا قد طرأ في عدد الأطفال اليهود في المجلس الاستيطاني في الجليل، خلال العشرين سنة الماضية.
وقال مركز "مدى الكرمل" في ورقته إن هذا الهاجس يفسر اقتراحات القوانين العديدة والسياسات التي قدّمتها الحكومة في الأشهر الأخيرة، والتي تمسّ بحقوق المجتمع العربيّ في جانب التخطيط والأرض والمسكن.
وأوضحت الورقة أن هذه القوانين كافّة هي جزء من أَجِنْدة واسعة مبنيّة على لغة القِيَم "الصهيونيّة" المغسولة، لكن جوهرها هو التفوُّق اليهوديّ بروح قانون القوميّة، وترمي في نهاية المطاف إلى تهويد الحيّز وإقصاء العرب.
اقرأ/ي أيضاً: مختصون: الشرخ الإسرائيلي يزداد.. والجيش لن ينقلب على الحكومة
كما ترى الورقة أن لهذا القانون دلالات عديدة على العمل السياسيّ والبرلمانيّ العربيّ، أبرزها عدم قدرة العمل السياسي العربي البرلماني والجماهيري والحقوقي على منع سياسات عنصرية معادية للمجتمع العربي.
بالإضافة إلى عدم مقدرة الأحزاب والمؤسَّسات الجمعيّة على تجنيد المجتمع العربيّ للنضال ضدّ هذه السياسات، وهو عكس مّا حصل حين سُنَّ قانون القوميّة، مشيرة إلى أن هذه السياسات تبقى خارج حدود الاحتجاج القائم في المجتمع الإسرائيليّ.
وخلُصت ورقة تقدير الموقف إلى أن اقتراح قرار "الصهيونيّة كقيمة موجِّهة لسياسات الحكومة" هو توجيه جميع المسؤولين وأذرع الحكومة لمزيد من التمييز والعنصريّة والإقصاء تجاه المجتمع العربيّ، وتدق ناقوس الإنذار للأحزاب العربيّة والقيادات الجماعيّة، وللجنة المتابعة واللجنة القطْريّة ومؤسَّسات المجتمع المدنيّ للتحرك والتصدي لهذه السياسات العنصرية.