توقع "نظير مجلي" الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية أن تستمر الأزمة الداخلية والمعركة ضد اليمين الحاكم في "إسرائيل" لعدة سنوات، حتى يستطيع المحتجون الانقلاب على ما أسماه الانقلاب اليميني، وأن يأتوا بقيادات وأفكار إسرائيلية جديدة، وأن يحدثوا تغييرات في العقيدة السياسية لحكومة "اسرائيل".
وبين "مجلي" خلال حوار مع "زوايا" أن الذي يقود التظاهرات ضد اليمين الإسرائيلي ليس أحزاب اليسار والوسط فقط، بل أركان الدولة العميقة التي تشمل قيادة الجيش والمخابرات والشرطة، إضافة إلى معاهد الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية، والجهاز الاقتصادي بكافة أنواعه، مشيراً إلى أن كل هؤلاء يصبون في معركة واحدة اليوم لمنع هذا الانقلاب القضائي.
مخطط يميني قديم
وكشف المختص في الشأن الإسرائيلي أن مخطط اليمين المتطرف للسيطرة على الحكم في "إسرائيل"، بدأت منذ قرابة عقدين من الزمن، وبالتحديد منذ بدء خطة الانسحاب أحادي الجانب عن قطاع غزة، والتي شملت إزالة 18 مستوطنة، واخلاء أكثر من 8 آلاف مستوطن.
اقرأ/ي أيضاً: دراسة: مهمة الحرس الوطني الإسرائيلي العمل على محو فلسطينيي الداخل
وأضاف "مجلي" أن اليمين الإسرائيلي المدعوم ماليًا وفكريًا وايديولوجيًا من اليمين الأمريكي، قرر منذ ذلك الوقت أن يعمل بكل قوة لمنع وجود حكومة إسرائيلية تقوم في المستقبل بانسحاب مماثل في الضفة الغربية، ولتحقيق ذلك أقام "جهاز فعال" لزرع نشطاء وقيادات يهودية شابة في مؤسسات الدولة العبرية لتغيير نظام الحكم، وضمان تشكيل حكومة يمينية خالصة، وهو ما تحقق في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وتابع:" مقابل هذا التوجه الذي جاء ليكسر ويحطم أركان ما تبقى من ديموقراطية في "إسرائيل"، ويوجد آليات لسيطرة اليمين على الحكم، شعرت الجهة الأخرى التي تريد "اسرائيل" التقليدية ذات الطابع الديمقراطي الغربي، بالخطر على هذه الدولة".
السيطرة على مناطق السلطة
وأكد الباحث الفلسطيني أن فكرة اليمين قائمة على أساس سياسي لضرب وتصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى خطة كان قد نشرها "بتسليئل سموتريتش" وزير المالية الحالي في حكومة "نتنياهو" عام 2017، تحت مسمى خطة الحسم.
وقال إن الخطة تعتمد على إحداث فوضى في المناطق الفلسطينية، ومن ثم اسقاط السلطة الفلسطينية، وضرب الحركة الوطنية برمتها، ليتسنى لإسرائيل السيطرة على المناطق الفلسطينية، وترحيل الفلسطينيين بدايةً بالطرق السلمية، وبعد ذلك بالقوة إلى الأردن التي تعتبرها الخطة الدولة الفلسطينية القادمة.
وأوضح "مجلي" أن هذه الخطة لا يمكن أن تتحقق إلا بتحطيم قواعد الديموقراطية في "إسرائيل" ووجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة قوية تصمد أمام الضغوط الدولية، ولا تتردد في الدخول في صراع مع الولايات المتحدة.
وفي سياق آخر نوه الباحث إلى أن القضية الفلسطينية غير حاضرة في خطابات قادة الاحتجاجات في "إسرائيل"، الذين يرفضون قيام دولة فلسطينية، ويؤيدون ما هو أقرب إلى الحكم الذاتي، مشددًا على أن شعبنا الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه، غير أن هناك من هو مستعد للدخول في مفاوضات مع "اسرائيل" بشروط أمنية معينة.
ضرب عقيدة الجيش
وتطرق "مجلي" إلى مشاركة كبار الجنرالات في جيش الاحتلال في التظاهرات ضد الانقلاب القضائي، أمثال "دان حالوتس" رئيس أركان الجيش السابق، و"موشيه يعلون" وزير الأمن السابق، و"يوفال ديسكين" الذي كان رئيسًا للشباك، وقال إنهم يشعرون بالقلق أكثر من غيرهم، لاسيما وأن معركة اليمين المتطرف تستهدف الجيش بصورة مباشرة.
وأشار "مجلي" إلى أن جيش الاحتلال يرى أن اليمين الاسرائيلي يأخذ "اسرائيل" إلى متاهات، ومن الممكن أن يفقده الكثير من الحصانات التي يتمتع بها، مضيفاً أن الجيش يقود سياسة حربية لمنع وقع شلل داخل "إسرائيل" من جهة، ومن جهة أخرى يلعب دورًا اقليميًا في مواجهة عدد من القوى السياسية في المنطقة.
اقرأ/ي أيضاً: تقدير موقف: دعم فلسطيني الداخل يتم وفق احتياجات "اسرائيل" الاقتصادية
وأكد أن اليمين الإسرائيلي يدير حملة تحريض ويشن هجومًا عدائيًا لضرب عظام الجيش، تعود جذروه لعام 2010، عندما رفض قادة الجيش بمشاركة قادة الموساد والشاباك شن هجوم عسكري ضد إيران.
ورأى الباحث في الشأن الإسرائيلي أن منظومة الجيش تتدهور بشكل خطير، وصلت إلى درجة توجيه اليمين المتطرف اتهامات لقادة الجيش بالتنازل عن العقيدة القتالية، وغياب الشجاعة والإقدام تجاه العدو، كما حدث في مخيم جنين، وقطاع غزة، ومؤخرًا على الحدود مع لبنان.
وأردف الباحث:" الهجوم الذي يقوده اليمين ضد الجيش، لا نراه عند كاتب معارض، بل في سلسلة مقالات ومواقع وصحف ودراسات منهجية، تنشر كل يوم في عدة مواقع عبرية تخضع مباشرة لسيطرة اليمين الإسرائيلي".
وقال إن هناك ديموقراطية منقوصة في "إسرائيل"، ليس فقط في التعامل مع فلسطيني الداخل، بل في التمييز العنصري ضد اليهود أنفسهم، وهو ما يفسر خروج هذا الكم الكبير والهائل من الإسرائيليين ضد سياسة اليمين الرامية إلى إنهاء الديموقراطية بشكل نهائي داخل دولة الاحتلال.