هل تحوّل حلم الدولتين إلى كابوس؟

راجل مسن يحمل علم فلسطين
راجل مسن يحمل علم فلسطين

إن نجاح أية مفاوضات مبنى فى الأساس على توافق مبدئى حول تفاهمات وتوافقات ونقاط التقاء يمكن أن تكون مرتكزا للراغبين فى التفاوض، وأزمة القضية الفلسطينية على امتداد تاريخها كامنة فى غياب تلك النقاط، لأنها منذ نكبة سنة «1948» قائمة على القوة والبطش وفرض سياسة الأمر الواقع من جانب الإسرائيليين بدعم من الولايات المتحدة والغرب.

ومثل هذه السياسة أعطت للصهاينة ما حرّمته على الفلسطينيين، مثل هذه السياسة جعلت المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين شبه فاشلة بل ومستحيلة، وظلت فكرة حل الدولتين واحدة للفلسطينيين وأخرى للإسرائيليين مجرد أحلام وأوهام لا وجود لها إلا فى تصريحات السياسيين وأهل المسؤولية.

فمسألة حل الدولتين تقضى بأن يكون لكل منهما إرادتها وإدارتها، رؤيتها وسلطتها، قوتها وحريتها، وتقضى كذلك بأن تحظى كل منهما بالدعم والتأييد الدوليين، فهل هذا يحدث؟، وهل تمتلك كل منهما مقومات البقاء والوجود؟.. للأسف الشديد بين الدولتين فارق كبير، هناك دولة موجودة بالفعل وأخرى موجودة بالأمل، إسرائيل تفعل كل شىء وتتحكم فى أى شىء وفلسطين عاجزة عن الحركة، إسرائيل تديرها مؤسسات قوية وأحزاب منتخبة.

اقرأ أيضاً: استطلاع إسرائيلي: تشاؤم كبير حيال مستقبل وديموقراطية دولة الاحتلال

وفلسطين تحكمها سلطة منقسمة وصراعات أيديولوجية وفكرية وسياسية، إسرائيل تخرق القوانين وتنتهك الشرعية الدولية بحماية الأمريكيين والغرب، وفلسطين لا يتحمس لها حتى أبناء جلدتها من العرب والمسلمين، سواء من المطبعين أو المكتفين بالتنديد والشجب والإدانة، إسرائيل تنمو بفعل القوة وفلسطين تتقلص نتيجة الضعف والانقسام.

منذ أسبوعين تقريبا خرج تسريب عن رئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» يؤكد فيه رفضه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والاستعداد لمرحلة ما بعد رحيل محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وإذا بالدنيا تقوم ولا تقعد وتنطلق تصريحات الشجب والإدانة عربيا ودوليا، وكأن نتنياهو فاجأ العالم بما لا يتوقعه العالم، وكأنه كان مؤمنا بقيام دولة فلسطينية ثم كفر بها، بل وانحرف بدفة الصراع من منتهى السلام والمحبة إلى منتهى العداوة والكراهية.

والحقيقة أن ما ورد بتلك التصريحات هو مجرد تحصيل حاصل وتأكيد لمؤكد، فإسرائيل كانت ولا تزال تتخذ كل الخطوات التى من شأنها الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية وطمس هوية الفلسطينيين من أجل القضاء على أى مستقبل لهم.

يقضى مبدأ حل الدولتين بالاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة على حدود سنة «1967»، أى الحدود التى كان عليها الحال قبل نكسة الخامس من يونيو من ذلك العام، وتشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، أما اليوم وفى ظل ما فرضته إسرائيل من انتهاكات لسيادة الفلسطينيين وبناء المستوطنات على أراضيهم، تفتت الأراضى الفلسطينية وتمزقت أواصرها وزُرعَت الجدران العازلة على حدودها.

فعُزِلَت مدينة القدس تماما عن الضفة، وجرى حتى عام «2021» هدم نحو «40%» من مساحة الضفة الغربية لصالح بناء المستوطنات، كما أسهمت شبكة الطرق الالتفافية التى أقيمت بطول «980 كيلو مترا» فى اختراق المناطق الفلسطينية وتقطيع أوصالها، وهو الخطر الأكبر أمام أية مفاوضات حالية أو مستقبلية.

إن نتنياهو- على امتداد حكمه- اتسمت سياسته بمعاداة الفلسطينيين، واتخاذ كل ما يلزم لوأد أحلامهم فى بناء دولة تعيش فى سلام مع دولة إسرائيل

المصدر : المصري اليوم

مواضيع ذات صلة

atyaf logo