السلطة والفصائل في القاهرة.. ماذا يدور في الكواليس؟

صور من لقاءات فتح وحماس بالقاهرة
صور من لقاءات فتح وحماس بالقاهرة

تشهد العاصمة المصرية هذه الأيام سلسلة من الاجتماعات بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي والمسؤولين المصريين تمتد على مدار ثلاثة أيام.

ويترأس رئيس مكتب "حماس" السياسي إسماعيل هنية وفد الحركة، حيث قالت الأخيرة في بيان إن زيارة وفدها إلى القاهرة تمت بناء على دعوة وجهتها مصر لكل من "حماس" و"الجهاد" لبحث عدد من القضايا السياسية والميدانية.

وضم وفد الحركة الذي حل بالقاهرة السبت كلا من صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي، ورئيس حماس خارج فلسطين خالد مشعل، إضافة لعضوي المكتب السياسي خليل الحية وروحي مشتهى. في حين، يرأس وفد "الجهاد" أمينها العام زياد النخالة.

وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن الاجتماعات ستبحث التهدئة وقضايا متعلقة بإعادة الإعمار، وملف المصالحة الفلسطينية.

لكن اللافت، أن يتخلل تواجد الحركتين في القاهرة ذهاب وفد وزاري من حكومة محمد اشتية إلى العاصمة المصرية، ما يثير التساؤلات عن العلاقة بين تواجد الوفد الحكومي ووفدي حركتي حماس والجهاد في المكان نفسه؟

غزة..كقاسم مشترك

مصدر من حكومة اشتية قال لموقع “زوايا” إنه لا علاقة بين الأمرين، مشيرا إلى أن الاجتماعات التي تجري بالنسبة للحكومة ستكون على مستوى وزارات مع المسؤولين المصريين، مشيرا إلى أن اللقاءات منفصلة عن لقاءات الفصائل، وستبحث مواضيع مختلفة في سياق تعزيز التعاون بين الطرفين، بما يشمل قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: هل هجمات "السايبر" وراء خلل "القبة الحديدية" لدى الاحتلال؟

لكن المصدر شدد على أن الحراك المصري بخصوص قطاع غزة لا يتعدى البعد الأمني، بمنظور القاهرة، باعتبار أنه يمثل الحديقة الخلفية لأمن مصر القومي.

وأشار المصدر الحكومي إلى تشكيل مصر والسلطة الفلسطينية للجنتين مشتركتين تبحثان آفاق التعاون وتعزيزه بين الطرفين، موضحا أن نتيجة المباحثات التي يجريها الوفد الحكومي في القاهرة ستوضح مآلات هذه العلاقة، وأي أدوار جديدة للسلطة في غزة.

مؤشران للقاءات القاهرة

من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د.غسان الخطيب أن استضافة القاهرة لوفد حكومي فلسطيني على رأسه محمد اشتية بطريقة استقبال لافتة، بالموازاة مع استضافة حركتي "حماس" والجهاد" يعطي إشارتين اثنتين: الأولى، تطور نوعي في الدور المصري بالملف الفلسطيني، وعلاقة القاهرة بالفلسطينيين.

وثانيا، التأكيد على أنّ السلطة الفلسطينية لها الولاية في الضفة الغربية وقطاع غزة معا، بغض النظر عن تفاصيل ما يتم نقاشه في مباحثات القاهرة.

وقال الخطيب لموقع "زوايا" إنّ هذا التطور يُعدّ فرصة للفلسطينيين لكل من السلطة الفلسطينية والفصائل لا بد من التقاطها واستثمارها.

"مطلوب دور مصري شامل"

وأكد الخطيب أن الدور المصري كان في السابق مقتصرا على ردة الفعل، بحيث يقوم بالتدخل لتحقيق التهدئة عند حدوث توتر أو تصعيد ميداني، مع بعض المشاريع الاقتصادية، وهذا غير كافٍ، بحسب الخطيب، الذي طالب مصر بأن تقوم بدور أكثر شمولية.

وتابع: "اللقاءات الحاصلة في القاهرة توحي أنّ ثمة تغير وتطور بالدور المصري، والأيام القادمة ستؤكد هذا الاستنتاج من عدمه، فلا توجد معلومات وتفصيلات حول ما يتم نقاشه حتى اللحظة".

ماذا تبحث "حماس" و"الجهاد"؟

وبتقريب المجهر من لقاءات حماس والجهاد في القاهرة، والتي بدأت مساء السبت، قال الباحث الصحفي والمختص بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي، نظير مجلي، إن مصر تسعى دائما لتخفيف الصراعات، من منطلق أنها مصلحة وطنية عليا لها وللفلسطينيين.

وأضاف مجلي لموقع "زوايا" أن ما يدور داخل التنظيمات من علاقة حادة، وخاصة بين حركتي "حماس" و"الجهاد" على إثر المواجهة الأخيرة، سيكون من بين أهداف اللقاءات التي تجريها الحركتان في القاهرة.

وأشار مجلي إلى أن العلاقة المتوترة داخل الفصائل تُترجم إلى الانفجار نتيجة التراكمات، وهو ما دفع مصر للتحرك من أجل تنظيم العلاقة والتنسيق بين الحركتين، بما يضبط ميدان غزة ويحول دون الانفجار الذي سيؤذي الفلسطينيين بالدرجة الأولى.

ضمان التهدئة، وتعزيز التنسيق مع القاهرة

من جانبه، قال الخبير بالشؤون الأمنية والسياسية د. عنان وهبة إن الجهد المصري يهدف إلى ضمان الهدوء في غزة والتزام الفصائل الفلسطينية بذلك وعدم التصعيد.

وأشار وهبة في حديث لموقع "زوايا" إن عنوانين بارزين للقاءات القاهرة، الأول ضمان التهدئة، وتعزيز التنسيق بوتيرة أكبر مع القاهرة.

وأشار وهبة إلى وجود تأثيرات لتطورات إقليمية على علاقة "حماس" ب"الجهاد"، وخاصة بفعل التداعيات الإقليمية الأوسع التي تجلب تحديات كبيرة، وفق الرؤية المصرية، ومن أبرز هذه التحديات الصراع الأمني المحتدم بين (إسرائيل) وإيران سرا وعلانية.

التخيير بين "وحدة الساحات" و"المرجعية العربية"

وبحسب وهبة، فإن المصريين سيتحدثون بصراحة مع "حماس" و"الجهاد" عن خيارين: إما وحدة الساحات وتأثيراها بالصراع الإسرائيلي-الإيراني، وبالتالي جلب حرب مدمرة على قطاع غزة، وإما التعويل على المرجعية العربية والهدوء، باعتبار أن الخيار الثاني أضمن للشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: ماذا بقي من السلطة الفلسطينية في قطاع غزة؟

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شن عملية عسكرية ضد "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة بين التاسع والثالث عشر من الشهر الماضي، استشهد خلالها ثلاث وثلاثون فلسطينيا، معظمهم من قادة ونشطاء "سرايا القدس"، قبل أن تنتهي بوقف إطلاق نار عبر وساطة أجرتها مصر وقطر والأمم المتحدة.

مشاريع اقتصادية

ولتعزيز الهدوء في غزة، أكدت مصادر من حركتي "حماس" و"الجهاد" أن اللقاءات ستبحث تنفيذ مشاريع اقتصادية في قطاع غزة، بحيث تضمن انخراط القاهرة بشكل أكبر فيها، بالموازاة مع جعل السلطة الفلسطينية عنوانا لعدد من المشاريع.

لكن وزيرا فلسطينيا أشار لـ "زوايا" إلى أن السلطة رفضت مرارا طرح اسمها كعنوان يهدف إلى إخراج "حماس" من أزماتها، وديمومة حكمها في غزة.

وفي ظل هذا الغموض لا يُعرف ما إذا كانت هذه اللقاءات ستؤدي فعليا إلى نتيجة عملية بخصوص هذه المشاريع، ومدى قبول "الجهاد" على وجه التحديد للطلبات المصرية بالانفصال عن وحدة الساحات الإيرانية، خاصة أن "حماس" أظهرت في المعركة الأخيرة أنها غير منخرطة تماما بما يُعرف ب"وحدة الساحات"، كونها تُقدر الأمور بناء على المصلحة والأولوية.

ويُجمع الخبراء على أن جهد القاهرة الجديد مرتبط بسياق إقليمي ودولي أشمل، بل وبرغبة (إسرائيل) و"حماس" في تهدئة جبهة غزة، من خلال جلب مزيد من التسهيلات الاقتصادية والاجتماعية لسكان القطاع.

بعد القاهرة: "حماس" إلى تركيا..والجهاد إلى بيروت

وبحسب المعطيات، فإن اجتماعات "حماس" والجهاد" في القاهرة ستمتد لثلاثة أيام، وبعدها سيتوجه وفد حماس إلى تركيا، أما وفد "الجهاد" فسيذهب إلى بيروت.

وأفادت مصادر من "الجهاد" لـ"زوايا" أن ذهاب وفدها الكامل بمن فيهم القادمون من غزة وساحات أخرى إلى بيروت، يتعلق بجهدها المرتبط بانتخاباتها الداخلية الأخيرة، وما يتصل بتوزيع التكليفات بين أعضاء المكتب السياسي، علاوة على تزكية ثلاثة أعضاء آخرين لعضوية المكتب السياسي للحركة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo