بتمرير الموازنة..

"نتنياهو" أخمد نارًا وأشعل فتيل قنبلة "تعاظم نفوذ الحريديم"

الحريديم
الحريديم

صادق الكنيست الإسرائيلي في الثالث والعشرين من شهر مايو، على الموازنة العامة لعامي 2023 و2024 وقانون التسويات، وتمكّن الائتلاف الحكومي من إقرار الميزانية وقانون التسويات الذي يحدّد تعامل الحكومة مع بعض القضايا، ومنها الاقتصادية، فيما رأت المعارضة أن القوانين التي صوّت عليها الائتلاف لا تحمل أي بُشرى لمكافحة الغلاء، كما تشجّع على البطالة من خلال المخصصات التي تقدّمها لليهود المتدينين.

وطبقا لتقديرات بعض الساسة والمحللين الإسرائيليين فإن تبني الموازنة الجديدة ستقود المجتمع الإسرائيلي إلى الانقسام الديموغرافي دون شك.

ورأى الكاتب "زفي بارئيل" في مقال له نشرته صحيفة هآرتس العبرية أن تمرير الميزانية سيكون له تداعيات سلبية على تماسك المجتمع الإسرائيلي، كما سيكون لها دور في تعظيم نفوذ الطائفة الحريدية، وخلق متنفس سياسي لبنيامين نتنياهو.

واعتبر "بارئيل" أن تمرير الموازنة الجديدة يعد تطورا لعملية انقلاب أكثر وحشية، تقوم أسسه على تغيير وجه المجتمع الإسرائيلي ببناء ديموغرافية جديدة، تكمن جذورها السامة في الميزانية التي تقدم هدفين كارثيين أكثر خطورة من الإطاحة بالنظام القانوني وهما، مضاعفة عدد المستوطنين، ومحاولة إشباع الشره المرضى لدى المجتمع الحريدي.

وأضاف الكاتب أن المستوطنين سيصبحون بالفعل سلطة سياسية هائلة وأكثر خطورة، حيث تكمن خطورة هذه الميزانية في تحديد الأهداف الأمنية واستخدام الجيش كقوة دفاع خاصة، وتحديد محتوى النظام التعليمي، ومضاعفة بناء المستوطنات في الضفة الغربية على حساب مدن أخرى تحتاج إلى هذا التمويل.

اقرأ أيضا/ي: هل هجمات "السايبر" وراء خلل "القبة الحديدية" لدى الاحتلال؟

وتابع الكاتب: "إذا تحققت خطة وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، لاستيعاب خمسمائة ألف مستوطنة أخرى في الضفة الغربية، فسيكون حوالى 25% من سكان إسرائيل من الحريديم والمستوطنين، في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، فبعد أن سرقوا الخزانة الحكومية، يركضون نحو الثورة الديموغرافية التي ستؤدى إلى مجتمع منهك ومحدود، فاشي وجاهل.

انهيار الاقتصاد الإسرائيلي

وفي السياق أشار "روجغيل ألبير" الكاتب والناقد الإسرائيلي لصحيفة هآرتس إلى الشرخ الإسرائيلي الداخلي، في مقال له حمل عنوان "القنبلة النووية الحريدية في الطريق".

وتطرق المقال إلى توقعات خبير النمو الاقتصادي البروفيسور الإسرائيلي "دان بن دافيد"، بأنه في العام 2065، يكون 49% من مواليد إسرائيل من "الحريديم"، وذلك بناء على نسبة الولادة.

وحذّر الكاتب من أنه "في حال لم يحدث انخفاض ملموس في نسبة الولادة في أوساط الحريديم، وفي حال عدم حدوث ارتفاع ملموس بنسبة التعليم في أوساطهم فإنّ الاقتصاد الإسرائيلي سينهار وستتحول "إسرائيل" إلى دولة ضعيفة.

كما أشار الناقد الإسرائيلي إلى تنبؤات "غلعاد ملاخ" رئيس مشروع الحريديم في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، والذى توقّع حصول الأحزاب الحريدية في سنة 2040 على 23 مقعدا، وفى سنة 2050، على 25 ــ 26 مقعدا، وفى سنة 2060، على 28 مقعدا.

وأضاف أن الميزانية والتشريعات الدينية في الحكومة الحالية تشير بوضوح إلى نية المجتمع الحريدي ــ الذى يتحول بسرعة إلى العامل المسيطر في إسرائيل ــ أن يفعّله بكل هذه القوة السياسية التي يملكها: تسخير العلمانيين في خدمته، وفى الدفاع عنه، وتشجيع الجهل والفقر. وهذه أمور واضحة كالشمس.

ووصف الكاتب في مقاله ما يجري بالقنبلة النووية الحريدية، التي ستدمر "إسرائيل" الليبرالية والمتعلمة والمزدهرة، قائلاً:" إذا كان التعليم والتقليصات في المخصصات الاجتماعية لا يشجعان الحريديم على وقف إنجاب الكثير من الأطفال الذين لا يستطيعون إعالتهم بأنفسهم، فهل معنى ذلك أن المشكلة بحد ذاتها غير قابلة للحل".

وكان "نتنياهو" قد رفض تقديم أي تشريع أحادي مثير للجدل خلال دورة الكنيست في الربيع والصيف، قد يعرقل إقرار الميزانية.

تأجيل الإصلاحات

من جهته رأى "ديفيد ماكوفسكي" مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن أن العناصر اليمينية المتطرفة في كتلة نتنياهو ترى في إقرار الميزانية فرصة لانتهاج استراتيجية حافة الهاوية في مختلف القضايا.

اقرا/ي أيضا: ماذا بقي من السلطة الفلسطينية في قطاع غزة؟

وأوضح أن الخلاف يتمحور في المقام الأول حول التغييرات الكبيرة المقترحة في تمويل المجتمع اليهودي الأرثوذكسي المتطرف، بما في ذلك زيادة المساعدة للمؤسسات التعليمية التي تستثني المواد الأساسية مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية. وأضاف أن الحركة المناهضة للإصلاحات سترى في ذلك سبباً جوهرياً لمعارضتها التغييرات الشاملة التي تحاول الحكومة إجراءها.

وكشف "ماكوفسكي" أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية في إبريل الماضي، رسمت مساراً سياسياً لنتنياهو، حيث أظهرت أن حصة "حزب الليكود" الذي يترأسه رئيس الوزراء ستتراجع من 32 إلى 20 مقعداً في حال إجراء الانتخابات في ذلك الوقت.

وأكد الكاتب أن "نتنياهو" يدرك أن المشكلة القضائية هي بمثابة خط أمان لا يمكنه المساس به، وأن ارتباطه بالشخصيات السياسية المتطرفة مثل بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير العدل "ياريف ليفين"، يضعفه بنظر الشعب، وفي المقابل، من شأن أي صراع عسكري أن يربط رئيس الوزراء بقادة عسكريين أكثر براغماتية ودقة وقد يعزز حظوظه السياسية.

وأوضح أن "نتنياهو" سيحاول عدم إثارة غضب قاعدة الائتلاف الأيديولوجية، وذلك من خلال الإشارة إلى أنه تم تأجيل الإصلاحات فقط - ولم يتمّ إلغاؤها - أو أن الرئيس الاسرائيلي "إسحاق هرتسوغ" قادر على التوسط للتوصل إلى حل وسط مناسب يقبل به اليمين.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo