<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

تعليق مساعدات إنسانية بالقطاع تنذر بأوضاع مأساوية

وقفة احتجاجية في غزة احتجاجا على وقف المساعدات
وقفة احتجاجية في غزة احتجاجا على وقف المساعدات

يدفع الفقراء في قطاع غزة دائماً، ضريبة ما خلفه الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني في آن واحد، الأمر الذي أدى إلى غياب المانحين والدعم للقطاع بنسبة كبيرة، وبالتالي المفاقمة من تدهور الأوضاع الإنسانية لسكانه.

فهذه رسالة نصية قصيرة وصلت لهاتف المواطن "حازم الحبشي" أصابته بصدمة كبيرة، تفيد بتعليق المساعدة الوحيدة التي يتلقاها (القسيمة الشرائية) من برنامج الأغذية العالمي (WFP)، والتي تم وقفها بشكل مفاجئ.

ويستفيد من البرنامج حوالي 230 ألف فرد (39 ألف أسرة) من الأسر المصنفة غير لاجئة في قطاع غزة، وتصرف القسيمة الشرائية عبر وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسة المجتمعات العالمية (CHF)، في حين يستفيد من مساعداته بالضفة الغربية حوالي 150 ألف فرد (25 ألف أسرة).

"الحبشي" من بين آلاف الأسر الفقيرة التي تستفيد من هذه القسيمة الشرائية، فهو يعيل ستة أفراد بعضهم مرضى ولا يستطيع شراء العلاج لهم، وهو يعيش في بيت صغير لا يصلح للسكن، وسيصبح الآن غير قادر على توفير احتياجات أسرته الأساسية من الغذاء.

اقرأ أيضاً: نبيل عمرو: "إسرائيل" عاجزة عن حل معضلة غزة

"الخبر الكارثي" بالنسبة للحبشي كما وصفه، جعل قلبه يعتصر الألم وأصبح في حيرة من أمره كيف سيوفر الغذاء والشراب لأسرته المحتاجة، فيقول: "هذه الكابونة معيشاني سبع سنين، فليس لدي عمل يسد جوعي وجوع أولادي".

في حين أن المواطن "سمير عايش"، من المنطقة الوسطى بالقطاع، رأى في حروف الرسالة القصيرة التي وصلته "صدمة كبيرة"، عاداً أن فحوى الرسالة "ستنعكس سلباً على مجرى حياته". وأضاف "ما يميز هذه المساعدة أنها قسيمة شرائية وإن كانت قيمتها 70 شيكل فقط".

أما المواطنة "منال. س" فلديها أسرة مكونة من خمسة أفراد تعيلهم بنفسها بسبب مرض الزوج وعدم قدرته على العمل، فتقول: "لا نتلقى مساعدات من الأونروا بسبب أننا غير مصنفين لاجئين (..) أكابد الحياة في توفير لقمة العيش لأبنائي من خلال عملي في حرفة لا يتعدى دخلها الـ300 ش في الشهر"، مبينة أن وقف مساعدة الـ (CHF) سوف يضاعف من مكابدتي لهذه الحياة الصعبة.

وأمام أحد مقرات المؤسسات الأممية في غزة، أبدى الذين تم قطع القسائم الشرائية عنهم، غضبهم ورفضهم لهذه الخطوة، التي شملت نحو 200 ألف فرد في الأراضي الفلسطينية، ممن لا يتوفر لهم مصدر دخل آخر، مطالبين بشكل فوري "بتراجع برنامج الغذاء العالمي عن هذا الإجراء الخطير".

نقص في التمويل!

ويعد مشروع القسائم الشرائية هو أحد مشاريع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، يُنفذ في قطاع غزة منذ أكتوبر 2009، وذلك لتلبية احتياجات الأمن الغذائي لسكان القطاع وخلق فرص اقتصادية للمنتج الفلسطيني.

1-58-COPY-832x554.jpeg

ويُمكّن المشروع الأُسر المسجلة لديه من استلام المواد الغذائية بشكل مباشر من المحلات التجارية المشاركة في المشروع والواقعة في محيط أماكن سكناهم، على مستوى محافظات قطاع غزة.

وفي التفاصيل الرسمية، فإن برنامج الأغذية العالمي في الأراضي الفلسطينية، سيعلق المساعدات الغذائية لأكثر من 200 ألف فلسطيني ابتداء من الشهر المقبل بسبب نقص "حاد" في التمويل.

وقال سامر عبد الجابر مدير برنامج الأغذية العالمي القُطري في الأراضي الفلسطينية لـ "رويترز" عبر الهاتف من القدس "في ضوء النقص الحاد في التمويل، فإن برنامج الأغذية العالمي مضطر لاتخاذ خيارات مؤلمة بسبب الموارد المحدودة".

وأضاف "سيُضطر برنامج الأغذية العالمي لبدء تعليق المساعدة لأكثر من 200 ألف شخص، أي 60 بالمئة من الحالات الحالية، اعتبارا من يونيو".

هذا ولم يتسن لـ"زوايا" الحصول على تعقيب رسمي على قرار التعليق من وزارة التنمية الاجتماعية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، حيث تذرع الطرفان بأنهما في طور الاستيضاح أكثر، وأن هناك مساعي لثني برنامج الأغذية العالمي عن إجرائه الأخير بالخصوص، وأنهم يأملون بقرار إيجابي بعيداً عن أي "تشويش إعلامي يمكن أن يفضي إلى نتيجة سلبية".

إحصاءات

ويأتي تعليق برنامج الأغذية العالمي ( (WFPللمساعدات في ظل التقارير الصادرة عن المؤسسات الأممية والدولية، التي تعتبر غزة مكانا غير صالح للعيش، وأن هناك مئات الآلاف يعيشون تحت خط الفقر، وفي ظل استمرار عدم قدرة الحكومة وبعض مؤسسات القطاع الخاص على صرف رواتب موظفيها كاملة.

ويعاني قطاع غزة أوضاعًا معيشية واقتصادية صعبة منذ أكثر من ستة عشر عاماً، حيث تسببت سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي والعدوان المستمر، إضافة للانقسام الفلسطيني إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة بشكلٍ ملحوظ.

فوفق آخر الأرقام المنشورة من قبل البنك الدولي فإن حوالي 60% من سكان قطاع غزة يعانون من الفقر، أي حوالي مليون وأربعمائة ألف فرد.

كما تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2022 بأن نسبة البطالة بلغت 46.6% من القوى العاملة، وتشير بيانات سوق العمل بوزارة العمل بأن هناك 320 ألف عاطل عن العمل مسجلين في قاعدة البيانات في غزة نصفهم من خريجي الجامعات، وبالتالي فإن البيانات والأرقام السابقة تشير إلى وجود حوالي 250 ألف أسرة في قطاع غزة تعاني من الفقر والبطالة.

تعميق الكارثة الإنسانية

هذا الإجراء بتقليص المساعدات الغذائية لغزة، حذرت شبكة المنظمات الأهلية من خطورته، وانعكاسه السلبي على الشرائح الأكثر فقراً في القطاع، حيث أن 66.6% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

واعتبر رئيس الشبكة أمجد الشوا في حديث لـ"زوايا" أن هذا الإجراء سيؤدي إلى "تعميق الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع"، مشيراً إلى "التداعيات الخطيرة لهذا التعليق على عشرات الآلاف من المستفيدين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبشكل خاص في قطاع غزة، بسبب عجز التمويل المخصص للبرنامج".

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة 2065 القنبلة الذرية الحريدية في الطريق

وأوضح أن برنامج الأغذية العالمي قام خلال الفترة الماضية بتقليص أعداد المستفيدين من القسائم الشرائية للمواد الغذائية بالآلاف، وفي حال عدم توفر التمويل سيقوم بقطع مساعداته عن 200 ألف مستفيد، وهم من الفئات الأكثر هشاشة من أطفال ونساء ومسنين وأشخاص ذوي إعاقة، ويعتمدون بشكل أساسي على المساعدات المقدمة من وكالات الإغاثة.

وأشار الشوا إلى التدهور الحاصل على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية جراء استمرار الاعتداءات والحصار الإسرائيلي لستة عشر عاماً ونقص التمويل الدولي للبرامج الأساسية، حيث ارتفعت نسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي إلى نسب غير مسبوقة، مطالباً الجهات المانحة بضرورة الإسراع في دعم برنامج الغذاء العالمي، بما يمكنه من استئناف خدماته المقدمة للمستفيدين ويخفف من معاناتهم.

كما طالب الشوا المجتمع الدولي بالضغط الجاد على سلطات الاحتلال لرفع الحصار بشكل كامل من أجل وقف التدهور الحاصل والتخفيف من تداعياته، منوهاً إلى أن 80% من أبناء القطاع يعتمدون على المساعدات الغذائية، فضلاً عن أن الحصار الإسرائيلي أضر بالواقع المعيشي للسكان وزاد من معاناتهم.

 تداعيات اقتصادية

وإلى جانب الآثار الإنسانية -للوقف المؤقت ربما- لبرنامج الأغذية العالمي في القطاع، فهناك تداعيات اقتصادية تحدث عنها الباحث في الشأن الاقتصادي محمد عبدالهادي نصار، حيث اعتبر أن "اقتصاد غزة المنهك سيخسر حوالي 4 مليون شيكل كانت تُضخ شهرياً من خلال برنامج الأغذية العالمي للأسر الفقيرة (المصنفة غير لاجئة)".

ويرى نصار أن تعليق المساعدات يعني خسارة الأفراد للمساعدات، وكذلك خسارة عشرات نقاط التوزيع (سوبرماركت) للربح الذي كانت تحصل عليه من بيع المواد التي تحتوي عليها القسائم الشرائية لمن علقت مساعداتهم، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية غير المباشرة، وزيادة الضغط على الخدمات التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية والجمعيات الخيرية.

ويشرح نصار في حديث لـ"زوايا" أن عدد سكان غزة يبلغ نحو 2.35 مليون فرد، حوالي 1.6 مليون فرد هم لاجئون مسجلون لدى الأونروا، وحوالي 750 ألف فرد غير لاجئين (مواطنين وفق تسمية أهل غزة)، مبيناً أن حوالي 230 ألف فرد من غير اللاجئين في قطاع غزة يستفيدون من برنامج القسائم الشرائية الممول من برنامج الأغذية العالمي، ويستفيد الفرد مبلغ 35 شيكل شهرياً أي حوالي 10.3 دولار.

البرامج المتاحة

وتطرق الباحث الاقتصادي نصار، إلى معيشة الفقراء في غزة ودخلهم المتاح، فقد أوضح أنه من خلال البيانات المنشورة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وبرنامج الأغذية العالمي يوجد في غزة أربع برامج للمساعدات الدورية اثنين منها مساعدات نقدية، واثنين مساعدات تموينية، وهي التالية:

البرنامج الأول فهو برنامج التحويلات النقدية (شيك الشؤون) يتم تمويله من خلال الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية، حيث يتم توزيع مساعدات دورية لعدد 80 ألف أسرة تقريباً تصرف كل ثلاث شهور، وقد توقفت لمدة 20 شهر خلال الأعوام 2021 و 2022، ثم عادت للصرف بعد عودة الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية في أكتوبر 2022 ومتوسط المبلغ الذي تحصل عليه الأسرة شهرياً 320 شيكل أي حوالي 96 دولار.

البرنامج الثاني هو المنحة القطرية للأسر المتعففة، وهو ممول من دولة قطر ويصرف شهرياً لحوالي 100 ألف أسرة متعففة في قطاع غزة، حيث تحصل الأسرة على مبلغ شهري 310 شيكل أي 93 دولار.

البرنامج الثالث هو برنامج الكوبون الموحد الممول من الأونروا والذي يستفيد منه حوالي 220 ألف أسرة نووية (مليون ومئة ألف فرد لاجئ) بمساعدة غذائية، حيث تصرف المساعدة كل ثلاث شهور، ويبلغ متوسط قيمة المساعدة التموينية التي تحصل عليها الأسرة شهرياً حوالي 125 شيكل.

أما البرنامج الرابع هو برنامج القسائم الشرائية الممول من برنامج الأغذية العالمي والذي تستفيد منه حوالي 39 ألف أسرة (230 ألف فرد غير لاجئ)، حيث تصرف المساعدة شهرياً، وتبلغ متوسط قيمة القسيمة الشرائية التي تحصل عليها الأسرة شهرياً حوالي 140 شيكل للأسرة المكونة من 4 أفراد.

ومن الجدير ذكره، عدم وجود ازدواجية في الحصول على المساعدة النقدية سواء من المنحة القطرية أو برنامج التحويلات النقدية، ويستثنى من ذلك أسر قليلة تعيش ظروفاً اقتصادية خاصة، وكذلك في الحصول على المساعدة التموينية سواء من الأونروا أو برنامج الأغذية العالمي.

ويخلص التقرير إلى أن الأسر الفقيرة في قطاع غزة بالكاد تستطيع توفير احتياجاتها من المأكل والمشرب، وهذا التوقف للمساعدات سيفاقم من معاناتها اليومية، ما لم يحدث تدخل عاجل لإنقاذها.

ويشار إلى أن غالبية هذه الأسر تعيش في وحدات سكنية غير صالحة للسكن، ولا تستطيع هذه الأسر توفير مصروفات التعليم الجامعي أو الرعاية الصحية الكاملة لأفرادها.

وتعتمد هذه الأسر بشكل أساسي على المنح والمساعدات التي تقدمها الحكومة والجمعيات الخيرية وأصحاب المبادرات الفردية، مع عجز كبير في تحقيقها الحد الأدنى من العيش الكريم في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo