الطبقة السياسية الفلسطينية، فشل وفساد وكلاحة سياسية

لقاءات المصالحة بالجزائر
لقاءات المصالحة بالجزائر

في ظل نظام سياسي ضعيف وطبقة سياسية عاجزة أوغلت دولة الكيان الصهيوني في ممارساتها العنصرية والاستيطانية والارهابية بدرجة غير مسبوقة وصلت لحد نفي سموترتش الوزير في حكومة نتنياهو لوجود الشعب الفلسطيني ، كما  انفتحت الأبواب على مصاريعها أمام دول وجماعات أجنبية للتغلغل في الحالة الفلسطينية وتقديم المال والسلاح ومن خلال هذا الدعم أصبح للأطراف الخارجية أتباعا وموالين، والولاء لهذه الجهات: إسرائيل، أمريكا، الأوروبيون، قطر، الامارات، تركيا، جماعة الإخوان المسلمين الخ، يعلو في كثير من الحالات على الولاء للوطن، يحدث كل ذلك على مرأى ومسمع القيادة والطبقة السياسية الحاكمة في الضفة وغزة.

كثيرون في الطبقة السياسية أصبحوا على درجة من الكلاحة السياسية تستفز كل صاحب ضمير حي لأن أضرار ممارساتهم لا تقتصر على الفساد والإفساد بل تتعدى ذلك لتمس بالمصالح الوطنية العليا ولأن وجودهم واستمرارهم في السلطة يشكل إهانة واحتقارا للشعب الفلسطيني العظيم.

فهل توجد كلاحة أكثر من وقاحة قادة الفصائل الذين اجتمعوا عشرات المرات تحت عنوان تحقيق المصالحة وفي كل مرة تنتهي الحوارات بالفشل وبمزيد من الكذب على الشعب وعلى الدول المضيفة؟

هل يوجد ما يثير الغضب أكثر من رؤية السلطة الوطنية في الضفة تسعى للتعايش مع الاحتلال والتنسيق معه حتى وإن كان تعايشا متوترا، وسلطة حركة حماس في غزة توقع اتفاقات هدنة لوقف اعمال المقاومة انطلاقا من غزة كما تنسق مع الاحتلال للحفاظ على الهدنة وضمان تعايش بين الطرفين، بينما السلطتان الفلسطينيتان تعاديان بعضهما البعض وكل منها تشكك بشرعية الأخرى وتخونها وتعمل على تدميرها!!!!!!!!!!!!

وهل توجد كلاحة سياسية أكثر من تسليع المواطنين والحط من كرامتهم وما يتعرضون له من إهانات وهم يصطفون ويتدافعون على الحواجز ومراكز الشؤون المدنية للتسجيل للعمل في إسرائيل وحتى في المستوطنات وتساومهم إسرائيل على وطنيتهم حتى تسمح لهم بالعمل فيها؟!

هل توجد كلاحة سياسية أكثر من مرأى بعض مكونات الطبقة السياسية تتنعم و تترغد وتراكم الثروات في الداخل وفي الخارج بينما أبناء الشعب يعيشون في ظروف معيشية سيئة ويتسابقون للحصول على كوبونة أو مائة دولار وهي حالة نلمسها في غزة أكثر من الضفة، ؟!

اقرأ أيضاً: مخطط إسرائيلي لتصدير الغاز عبر سفينة الغاز الطبيعي المسال

هل توجد كلاحة أكثر وقاحة من حديث القيادات في الفصائل عن انتصارات سياسية وعسكرية فيما الوطن يضيع يوماً بعد يوم والقدس يتم تهويدها على مرأى ومسمع هذه القيادات، طبقة سياسية تتحدث عن انتصارات بينما هي ملتزمة بالمعادلة الإسرائيلية الجديدة (الأمن لإسرائيل مقابل تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين واستمرار الطبقة السياسية في السلطتين)؟!

هل توجد كلاحة سياسية أكبر من كلاحة طبقة سياسية تصف نفسها بالقيادة التاريخية أو قيادة مقاومة بينما مشروع من يرفعون منها راية التسوية السياسية فاشل أو وصل لطريق مسدود، ونهج من يقولون بالمقاومة المسلحة أكثر فشلاً؟!

هل هناك كلاحة ووقاحة سياسية أكثر من طبقة سياسية تتعامل مع الشعب وكأنه جموع جاهلة يمكن تضليلها بالشعارات والخطابات والتصريحات النارية منقطعة الصلة بالواقع، أو بمعارك دونكيشوتية وعنترية تزيد من معاناة الشعب مع كل جولة حرب، طبقة سياسية تستهزئ بالشعب وقدراته وذكائه وتعتقد أنها الأكثر معرفة وعلما وذكاء ويتعامل مع الشعب كجموع مرتزقة يمكن اسكاتهم بالرواتب والمساعدات أو بوعد بوظيفة وكأن السلطة في غزة والضفة شركة أو مزرعة خاصة لهذه الطبقة؟!

هل هناك كلاحة سياسية أكثر من قيام الطبقة السياسية الحاكمة بالطلب من العرب التوافق على موقف واحد لمواجهة الخطر الإسرائيلي والالتزام بمبادرة السلام العربية وبقرارات قمم سابقة لدعم الشعب الفلسطيني بينما السلطتان والأحزاب الفلسطينية نفسها غير موحدة على سياسة أو استراتيجية واحدة بل ومتصارعة مع بعضها البعض وعاجزة عن تنفيذ اتفاقات مصالحة سابقة والمصالحة معطلة والانتخابات مؤجلة؟

هل توجد كلاحة سياسية أسوء من كلاحة قادتنا الذين يدعون العالم للوقوف في وجه الاستيطان وحكومة الأكثر تطرفا وعنصرية في نهجها وتصريحاتها ويدعون الشعب للنفير للتصدي لقطعان المستوطنين ... بينما لم نسمع أو نشاهد يوما وزيرا أو نائبا تشريعيا أو مستشارا رئاسيا أو عضو لجنة تنفيذية أو لجنة مركزية أو أي قيادي من الأحزاب يشارك في التصدي لقطعان المستوطنين ويتصدى لمقتحمي و مدنسي المسجد الأقصى؟!

في ظل هذه الطبقة السياسية سيبقى الشعب محكوماً بالكلاحة والمكلحين، ولأنهم مكلحون فلا تؤثر عليهم لا المظاهرات المنددة بهم ولا المقالات والتغريدات والعرائض المطالِبة برحيلهم ولا يكلفون أنفسهم بالتواصل مع الشعب لشرح مواقفهم وسياساتهم، لأنهم يعلمون أن وجودهم في السلطة وشرعيتهم غير مستمدة من الشعب ورضاه عنهم بل من حاجة الكيان الصهيوني لهم، وكما يقول المثل (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) وهم لا يستحون.

اقرأ أيضاً: كتاب: مصالحة السعودية وإيران فرصة فلسطينية تتطلب اجراء مماثل

اليوم يمكن القول بأن الطريق لاستنهاض المشروع الوطني وانهاء الانقسام واستعادة الكرامة الوطنية للمواطنين تمر من خلال تغيير الطبقة السياسية الحاكمة في الضفة وغزة، أما السعي لتحقيق مصالحة الآن بين الأحزاب فلن يؤدي إلا لشرعنة طبقة سياسية فاشلة وفاسدة ولتقاسم المغانم وإدارة الانقسام بين السلطتين.

المطالبة بالتغيير والإصلاح من خلال العودة للشعب لا يعني تجاهل تاريخ الأحزاب وما قدمته من تضحيات وما سقط فيها من شهداء ولا تجاهل الصادقين والمخلصين ولكن لا خول ولا قوة لهم في صناعة القرار.  القيادات السياسية النافذة المتواجدة اليوم على رأس الأحزاب السياسية غير القيادات المؤسِسة الأولى، وأغلب قيادات اليوم إما وصلوا من العمر عتيا بحيث لم يعودا قادرين على ممارسة العمل السياسي أو تسللوا إلى المواقع القيادية بطرق انتهازية وبانتخابات داخلية تم التلاعب بها أو بتدخلات خارجية

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo