خفايا الاصلاح القضائي..

تسونامي المحاكم الدينية لتطبيق الشريعة اليهودية في "إسرائيل" 

المحاكم الدينية الاسرائيلية
المحاكم الدينية الاسرائيلية

كشف تحقيق نشره مؤخرا موقع "هشومريم الحراس" العبري عما وصفه بأنه انقلاب ليس أقل دراماتيكية تتضمنه اتفاقات الائتلاف الحاكم في إسرائيل، لتجزئة الجهاز القضائي على نحو يمنح المحاكم الدينية اليهودية مكانة المحاكم العادية المدنية.

وأوضح التحقيق الذي نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" أن تلك الاتفاقيات تُقر توسيع صلاحيات المحاكم الدينية اليهودية للنظر والبتّ في "قوانين الأموال" كما تُسمّيها الشريعة اليهودية، وهي قوانين مُوازية للقضايا التي تناقَش في المحاكم المدنية العادية.

وحذّر البروفيسور الإسرائيلي "تسفي تريغر"، المتخصّص في قانونَي الأسرة والعقود، من أن هذا المسار "هو خطوة إضافية في موجة التسونامي المصمَّمة لتعزيز حُكم الشريعة اليهودية، والإكراه الديني". 

وأضاف في مقابلة مع الموقع المذكور أن "قوانين الأموال" لا تُناسب اقتصاد المجتمع الحديث وتعقيداته وقِيَمه، حيث تُحرم الشريعة اليهودية الفوائد البنكية وربْط برامج التوفير أو المدفوعات بجدول غلاء المعيشة أو بعملات أجنبية، بالإضافة إلى أن غالبية القُضاة في المحاكم الدينية اليهودية معفيّون من الالتزام تجاه القوانين المدنية.

كما أكد أن المحاكم الدينية اليهودية لا تَعتبر نفسها مُلزَمَة بمبدأ المساواة أو بأحكام قانون أساس مثل كرامة الإنسان وحريته، حيث يخضع قاضي المحكمة اليهودية لأحكام التوراة.

وتكمن مخاطر التشريعات الجديدة في كوْن الشريعة اليهودية مصمَّمة من طريق إدخال مؤثّرات أفلاطونية على الدولة اليهودية ما يعني وضْع "الحاخام" مكان الشرطيّ .

وتطال هذه المخاطر النساء أوّلاً ثمّ العلمانيين، بحيث لا يحق للنساء وفق المثول أمام المحاكم الدينية اليهودية والإدلاء بشهاداتهنّ في إطار مداولاتها.

ووفقاً للبرفسور "تريغر" سيكون التعامل مع شهادة المرأة على أساس أنها أقلّ قيمة وموثوقيّة من شهادة الرجل، لمجرّد كونه رجلاً، كما أن الشريعة اليهودية تَعتبر أن الإنسان الذي لا يَحفظ حُرمة السبت وقداسته "ليس مؤهَّلاً لتقديم شهادة".

كما يعتمد قضاة المحاكم الدينية اليهودية، والذين هم من المتديّنين الحريديم في غالبيّتهم الساحقة، هو أن ثمّة فوارق في مستويات الموثوقية والصدقيّة بين الرجال الحريديم وغيرهم، فكيف إذا تعلق الأمر بغير اليهود؟.

وتعتبر الشريعة اليهودية غير اليهود بأنهم مخلوقات شيطانية"، إذ ليس بداخلها أيّ شيء جيّد على الإطلاق، فحتى الجنين اليهودي يختلف نوعياً عن الجنين غير اليهودي، كما أن وجود غير اليهودي هو مسألة غير جوهرية في الكون، فكلّ الخلق نشأ من أجل اليهودي فقط.

في المقابل قلّل المحامي الإسرائيلي "رافي رايخس" نائب المستشار القانوني للمحاكم "الحاخامية"، من هوْل "التسونامي" الديني، قائلاً:" أنا واثق تماماً بأن مشاريع القوانين التي ستُطرح في الكنيست ستكون مشابهة لاقتراحات سابقة، وبأنه سيكون هناك اتّفاق واضح على صيغة يتمّ تنسيقها والاتّفاق عليها مسبَقاً مع وزارة القضاء، التي يتولاها "ياريف ليفين"، عرّاب "الانقلاب القضائي". 

واقترح "رايخس" أنه بالإمكان الاستئناف على صلاحيات للمحاكم الدينية اليهودية، وعلى قراراتها أمام المحكمة الدينية اليهودية العليا، ومن ثم إلى المحكمة الإسرائيلية العليا أيضاً، علماً أن الأخيرة ستكون، في حال تنفيذ خطّة "ليفين" خاضعة كلّياً لسيطرة الائتلاف الحاكم، الذي سيحقّ له تعيين قُضاتها والالتفاف عليها.

وتابع "رايخس":" إن الفرق يكمن في أن الإجراءات القضائية عندنا هي أكثر نجاعة وسرعة ممّا هي عليه في المحاكم المدنية، كما أن الرسوم التي يدفعها المتنازعون ستكون لدينا أقلّ ممّا هي عليه لديهم بكثير".

وبحسب موقع "هشومريم" العبري، فإن المحاكم الدينية اليهودية لا تمتلك أيّ صلاحية للنظر في خصومات ونزاعات مدنية ليست ناتجة أو مشتَقّة من قضايا الأحوال الشخصية التي تشمل مجالات قضائية عديدة وواسعة النطاق، أبرزها الزواج، الطلاق، الميراث، الوصاية وغيرها. 

وأشار التحقيق إلى أن المستوى الثاني الذي سيطاله الإكراه الديني، يشمل "الأغيار"، أي فلسطينيّي الـ48، وبقيّة "مُواطني" إسرائيل على اختلاف طوائفهم. 

وفي الإطار قال البروفسور الإسرائيلي "روت هلبرين" لموقع "هشومريم" العبري إن البنود التشريعية المقترَحة في الاتّفاقيات الائتلافية الجديدة لا تتطرّق سوى إلى اليهود ومحاكمهم الدينية، وذلك بحسبها امتياز مدعوم بتمويل حكومي يُمنح لليهود فقط.

وتساءل: "ماذا عن أبناء الطوائف الدينية الأخرى الذين يريدون التقاضي في محاكم دينية ووفقاً لأحكام شرائعهم الدينية؟".

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo