تحذير من الاحتيال

عمال غزة بين فكي القلة وسماسرة التصاريح

معبر بيت حانون
معبر بيت حانون

لا يزال اقبال الغزيين على إصدار تصاريح عمل لدى الاحتلال الإسرائيلي كبيرا جدا، بل يعد شغلهم الشاغل، حتى بات الكثير منهم لا ينتظرون أدوارهم لدى الجهات الحكومية المختصة، بل يحاولون استصدار التصاريح عبر وسطاء مع المشغل الإسرائيلي بمقابل مالي، أو من خلال التواصل المباشر مع "المنسق الإسرائيلي" عبر منصات التواصل الاجتماعي.

فهذا محمود سلامة طرق كل الأبواب للحصول على تصريح عمل، حيث يُصنف دوره بـ"اللون البرتقالي" في قوائمالانتظار لدى وزارة العمل بغزة منذ نحو عام، معبراً عن استيائه من مراجعاته الدائمة ما بين وزارتي العمل والشؤون المدنية بلا فائدة، وفق تعبيره.

يقول سلامة: "إنه استدل مؤخراً على شخصين، ادعيا أنهما يستصدران تصاريح، وتبين لاحقاً أنهما نصابين، وسرعان ما تم اكتشاف أمرهما بأنهما تقاضيا مبالغ مالية من المواطنين دون إعطائهم تصاريح فعلية"، مضيفا "هناك من هم على شاكلة هؤلاء، وهناك سماسرة حقيقيون يتواصلون مع مشغلين في إسرائيل"، حسب زعمه.

في حين أن "عادل. ص" يقر بأنه دفع هو وصديق له مبلغ 500 شيقل لأحد من وصفهم بـ"السماسرة"، بهدف استصدار تصريح عمل في الداخل، حيث أنه موعود بالتصريح قريباً. غير أنه يخشى أن يتم النصب عليه كما حدث مع غيره.  وقال: "ليس هناك مكاتب رسمية، كلهم سماسرة على الجوال ويخافون من ملاحقة حماس لهم".

أما الخمسيني "أبو خليل"، وقد تحفظ على ذكر اسمه لـ"زوايا"، فقال: "بلغنا من العمر ما بلغناه، لا جوزنا ولد ولا بنينا حجر ولا حتى عارفين نعيش زي الناس"، حيث يأمل "أبو خليل" في الحصول على تصريح عمل يعنيه على تلبيه حاجات أسرته وإنقاذها من الفقر.

ويضيف "لو صح لي أتواصل مع المنسق مش بس مع المشغل علشان يطلعلي تصريح، مش حأوفر". وتابع "افتح صفحة المنسق شوف قديش الناس بتترجاه يفحص ويتابع لهم أسماءهم".

وترفض كلاً من وزارة العمل ونقابة العمال في قطاع غزة هذا النوع من التشغيل المباشر للعمال، الأمر الذي يثير استياء العمال، حيث يعتبر هؤلاء العمل في الداخل المحتلفرصة لا تعوض، تعينهم على الخروج من حالة الفقر، نتيجة تعطلهم عن العمل بفعل الحصار الإسرائيليالمفروض على القطاع منذ 17 عاما، الذي وصلت فيه معدلات الفقر إلى 70% والبطالة إلى 50%.

وتُبرر الجهتان المذكورتان سالفاً، الأسباب وراء رفضهالتصاريح "المشغل الإسرائيلي"، بأنه يأتي في إطار حمايةالمواطنين والعمال بالدرجة الأولى، وللحيلولة دون الابتزاز المالي الذي يتعرضون له عبر الوسطاء، حيث يطلب منهممبالغ طائلة تصل في بعض الأحيان إلى 5000 شيكل في فترة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، ليحصلوا علىتصاريح عمل في الداخل المحتل.

هل توقفت التصاريح؟

وتأتي تخوفات العمال في القطاع، في ظل الحديث عن توقف الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار التصاريح وسحبها من مئات العمال بذرائع أمنية، في حين كانت حكومة الاحتلال السابقة قد أبلغت الجهات الفلسطينية المختصة، بأن "كوتة" التصاريح المخصصة لقطاع غزة بلغت 20 ألفاً فقط، منها: 17 ألف احتياجات اقتصادية و3 آلاف تجار، وبعد بلوغ العدد المُحدد، أوقف الاحتلال استقبال أي طلبات جديدة بهذا الخصوص.  

وكان جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، الشهر الماضي، قد قرر سحب (230) من تصاريح من عمال قطاع غزة كإجراء عقابي، بزعم مشاركة أقاربهم في نشاطات ضد الكيان. وادعى بيان لـ"الشاباك"، أن "حركة حماس جندت ناشطين في الضفة الغربية كمساعدين في تنفيذ العمليات وكوسطاء لنقل السلاح والأموال".

غير أن إيهاب الغصين وكيل وزارة العمل في قطاع غزة، نفى أن تكون هناك أي تقليصات في أعداد تصاريح العمل في الداخل المحتل، وأنها مستمرة بشكل طبيعي.

ولفت الغصين في تصريحات صحفية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن التنسيق مستمر مع الشؤون المدنية بشأن تصاريح العمل، وأن الكوتة المحددة لا زالت تقف عند 17 ألف تصريح ومعظمها تحت مسمى احتياجات اقتصادية.

وحول ما يعرف بـ "تصاريح المشغل"، أوضح أنها تصل إلى 950 فقط، داعياً المواطنين إلى عدم الانجرار خلف من يقف وراء هذه التصاريح خاصة وأنهم من "المبتزين".

 إحصاءات رسمية

وبشكل حصري، حصل موقع "زوايا" على إحصائية رسمية من هيئة الشؤون المدنية في قطاع غزة، حول إجمالي التصاريح الحالية للعمال من قطاع غزة في الداخل المحتل، وعددهم: تصاريح الاحتياجات الاقتصادية ( 16227)، وتصاريح التجار( 2260).

وفيما يلي تقرير الموافقات خلال الفترة من تاريخ 1/1/2023 حتى تاريخ 31/1/2023 المصدر: الشؤون المدنية-عزة

الرقم

نوع التصريح

عدد الموافقات

1-

تصاريح تجار

656

2-

احتياجات اقتصادية

7942

3-

احتياجات شخصية

276

4-

جسر- خروج

482

5-

جسر - دخول

440

6-

المرضي

1467

 

وتوقع "مصدر خاص" في الشؤون المدنية بغزة في تصريح مقتضب لـ"زوايا"، زيادة عدد التصاريح لعمال قطاع غزة قبيل شهر رمضان القادم من قبل الجانب الإسرائيلي، نافياً نفياً قاطعاً ما يتناقله المواطنون عن "الرفض" من جانب الشؤون المدنية أو حتى وزارة العمل بغزة لأي تصريح، حيث أن الجهة الوحيدة التي تُرسل الرفض هي السلطات الإسرائيلية. 

 

اقرأ أيضاً: "نتنياهو" يتلقى عدة صفعات خلال زيارته الأخيرة لروما

وكمن سبقها، نفت منال الحتة مدير العلاقات العامة بوزارة العمل بغزة، أن يكون "الرفض" مصدره الجهات المختصة في غزة سواء وزارة العمل أو الشؤون المدنية، مبينة أن قاعدة البيانات لديهم بالخصوص يتم تحديثها على فترات قريبة بشكل دوري.

وأفادت الحتة "زوايا"، وبشكل حصري، أن إجمالي المسجلين للحصول على طلبات عمل في الداخل المحتلوصلت إلى 139,062 طلب، في حين أن المرشحين من وزارة العمل للشؤون المدنية 38,124 طلب، والطلبات سارية المفعول والمرشحة من وزارة العمل وصلت إلى10,472 طلب، أما العمال الموجودين في الداخل بناء علىالترشيح من الوزارة فعددهم 14,793 عامل.

وأشارت الحتة إلى حجم المراجعات اليومية والكثيرة من قبل المواطنين لمقر الوزارة، للاستفسار عن أسمائهم ومواعيد ترشيحاتهم في الكشوفات التي يتم إرسالها لهيئة الشؤون المدنية بغزة، لافتة إلى أنه جرى ترشيح دفعة جديدة من أسماء العمال الأسبوع الماضي وتحويلها للشؤون المدنية، دون أن تذكر العدد الجديد الذي تم ترشيحه.

لا أفق بتصاريح جديدة

من جانبه، عبر محمد أبو جياب، المختص في الشأن الاقتصادي، عن أمله بزيادة عدد التصاريح لصالح عمال قطاع غزة في الفترة القريبة، مشيراً إلى عدم وجود أفق بوعودات جديدة من جانب الاحتلال بخصوص التصاريح، حيث أن الأمر على حاله منذ أشهر، ولا يوجد كوتات جديدة أو تجديد للتصاريح حتى نعتبر حدوث توسع كبيربهذا الشأن.

وبالعكس، أشار أبو جياب إلى أن هناك معلومات عن عمليات سحب للتصاريح من قبل الاحتلال، غير أن هذاالأمر قيد الفحص ولم يتضح حجمه، ذلك بسبب وجود جزءمن العمال يبيتون في الداخل المحتل، الأمر الذي يتعذرمعه إحصاء المسحوبة تصاريحهم حتى الآن.

ويؤكد أبو جياب لـ"زوايا" أن العمال يخرجون من قطاع غزة عبر معبر "إيرز" إلى الداخل المحتل بشكل اعتيادي دون أي معوقات جوهرية، لافتاً إلى أنه وفقاً لاطلاعه ومتابعاته "هناك تنسيق عالٍ بين وزارتي العمل التابعة لغزة والشؤون المدنية التابعة لرام الله فيما يخص تصاريح عمالغزة".

وجدد أبو جياب محاذيره من إبقاء الاحتلال على إصدار تصاريح العمال تحت مسمى "احتياجات اقتصادية"، عاداً هذا الأمر "يضر بحقوق العمال من الناحية القانونية وله انعكاساته السلبية التي تعود على العمال".

 آلية الألوان 

أما الصحفي محمد العايدي مقدم برنامج "نبض البلد" في إذاعة الشعب المحلية بغزة، وهو برنامج يتلقى اتصالات حول هموم الجمهور، فقد أشار إلى حجم الاتصالات والرسائل التي تردهم من المواطنين إلى البرنامج يوميا، سواء على الهواء مباشرة وتحت الهواء، حول موضوع تصاريح العمال، مشيراً إلى أن المواطنين يبدون استياءهمحول كمية الرفض لطلبات المتقدمين لتصاريح العمل في الداخل المحتل.

ويقول العايدي: "الكثير من المواطنين يعبرون من استيائهم من رسائل الرفض التي تصلهم، في حين أن منهم من يقولون إنهم تواصلوا مع (المنسق الإسرائيلي) على صفحته في فيس بوك، حيث يبين لهم الأخير أنهم ليسوا مرفوضين من الجانب الإسرائيلي، ما يجعلهم يرجحون أن سبب الرفض لدى وزارتي العمل بغزة والشؤون المدنية".

لكن العايدي ذكر لـ"زوايا" أنه بالاستطلاع من الوزارتين المذكورتين حول وجود رفض من غزة، فإنهما تنفيان ذلك نفياً قاطعاً، مضيفاً "قلنا للمرفوضين أن من يُثبت بالدليل أن الشؤون المدنية هي من ترفضهم، فإننا على استعدادللتواصل مع المسؤولين وإثارة هذا الأمر لدى الرأي العام(..) الحديث الذي يجري في الشارع وبين الناس حول الرفض غير مثبت بالمطلق".   

كما عبر العايدي عن رفضه تواصل المواطنين -بأي حال من الأحوال-مع المنسق أو أي جهة من طرف الاحتلال بشكل مباشر، ذلك لأن في غزة جهات رسمية من المفترض التواصل والاستيضاح منها، وعلى هذه الجهات أن تضعالمواطنين في صورة الحقائق والمعلومات الكاملة حول التصاريح والرد عليهم بشكل سريع بعيداً عن المماطلةوالتسويف",

ووفق متابعته، فإن العايدي يشير إلى أن "آلية الألوان" مازالت هي الطريقة المتبعة على موقع وزارة العمل بغزة لفحص المُسجلين لديها بهدف الحصول على تصاريح، وتمالانتهاء من ترشيح الأسماء المرموز لها باللون الأخضر،وبدأ ترشيح الأسماء المرموز لها باللون الأصفر.

وإضافة إلى هذه الألوان، هناك اللون البرتقالي الذي يرمز إلى أن الاسم يحتاج بعض الوقت، "متوسط"، في حين أن اللون الأحمر يرمز إلى أن الاسم يحتاج الكثير من الوقت"بعيد"، وكذلك اللون الأزرق يرمز إلى أن الاسم مسجل حديثاً ويحتاج الكثير من الوقت، أما اللون الأسود فيرمز بأن الاسم مرفوض بسبب موانع الترشيح.

وفي ظل تكدس أعداد المتقدمين لتصاريح العمل بالداخل المحتل، يبقى المواطن الغزي الواقف على دور الانتظار يترقب صدور اسمه بين الفينة والأخرى، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة قد يقع ضحية النصب والاحتيال من بعض سماسرة التصاريح، ما يستوجب على الجهات الحكومية المختصة متابعة ذلك حماية للمواطنين، وتيسيرا عليهم في الخروج من حال الفقر التي يعيشونها منذ سنوات. 

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo