قناة عباس- نتنياهو الخلفية: لم تتوقف حتى آخر ساعة

لقاء نتنياهو وعباس
لقاء نتنياهو وعباس

ظهرت العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس ما أسفر عن عدد كبير من الشهداء والجرحى بعد جملة من التطورات ذات البعد السياسي والأمني في الأسبوع الأخيرة، وكأنها شكلت ضربة للجهود الأميركية التي أفضت عن تفاهمات فلسطينية-إسرائيلية لخفض التصعيد، وما سبقها من قناة خلفية سرية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

فما مصير القناة الخلفية؟ وهل قُتلت في مهدها؟ ومال الهدف منها أساسا؟

مصدر فلسطيني رسمي كشف لموقع "زوايا" عن تلقي أمين سر منظمة "التحرير" الفلسطينية حسين الشيخ اتصالات من مسؤول إسرائيلي عند الساعة الثالثة من فجر الخميس، أي بعد ساعات من عملية نابلس، وهو ما أعطى مؤشرا على أن القناة لا زالت حية، أو على الأقل تحرص إسرائيل على استمرارها.

وقال المصدر إنّ القناة فُتحت منذ شهرين بضغط أميركي شديد على نتنياهو بتحقيق هدفين: الأول، السيطرة على الوضع ومنع الانفجار الكبير قبل شهر رمضان، والثاني تعزيز مكان السلطة ومنع انهيارها..مشيراً إلى أنه في ذلك تتحقق مصلحة كل من السلطة وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: الغلاء يستنزف رواتب موظفي غزة بدون تعويض

ووفق المصدر لم يحصل سابقا ولن يكون في الأمد القريب أي اتصال علني او سري بين نتنياهو وعباس، وإنما عبر ممثلين عن الجانب الفلسطيني هما مدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج وأمين سر منظمة التحرير حسين الشيخ، وعن الجانب الإسرائيلي رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي إضافة إلى مدير عام مكتب نتنياهو.

"لم تنتهِ القناة الخلفية..لكن مصداقيتها ضُربت"

بدوره، قال المختص بشأن السياسة الأميركية داود كتاب لـ "زوايا" إن ما لديه من معلومات هو أن حسين الشيخ وتساحي هنغبي على اتصال دائم في المرحلة الأخيرة، وهو ما أفضى إلى الامتناع عن تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان في مجلس الأمن، مقابل تعهدات إسرائيلية بتقليص الاقتحامات لمدن الضفة الغربية والتوقف عن إقرار مشاريع استيطانية جديدة لمدة ثلاثة أشهر.

وأوضح كُتّاب لـ "زوايا" أن السفارة الفلسطينية في الولايات المتحدة لم تؤكد له أو تنفي مسألة التفاهمات، لكنها اكتفت بالقول إن أي بيان رئاسي بموافقة أمريكيا على تحقيق المطالب الفلسطينية هو أفضل من تقديم قرار في مجلس الأمن معروف سلفا أنه سيتم رفضه بالفيتو الأميركي.

لكن مجرزة نابلس شكلت ضربة كبيرة لقناة الاتصال الخلفية وما تلاها من تفاهمات، وفق داود كتاب، وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تبرير فعلتها بأنها جاءت استجابة لمعلومة امنية ساخنة لمنع عملية ضد أهداف إسرائيلية؛ وذلك لأن التفاهمات تضمنت بنداً ينص على تقليل الاقتحامات لكن تل أبيب أصرت على الحصول على استثناء بتنفيذ الاقتحام بحجة منع عملية طارئة.

بند بالتفاهمات يستثني "الاقتحمات لمنع عملية"

لذا، رأى كُتاب أن هذا السبب الذي جعل الإعلام الإسرائيلي يركز في الساعات الأخيرة على تفاصيل متعلقة بمنع عملية وشيكة من مجموعة "عرين الأسود"، في محاولة لتبرير المجزرة لإظهارها وكأنها لا تخالف التفاهمات، وهو ما شكل إرباكا إضافيا للسلطة الفلسطينية، خاصة أن المجزرة كبيرة وطاولت المدنيين بمن فيهم كبار السن، وهو ما عزز الشكوك بالذريعة الإسرائيلية التي تم الترويج إليها.

ويخلص كُتّاب إلى القول إن عملية نابلس ضربت مصداقية القناة السرية، لكنه استبعد أن تكون القناة قد انتهت، وإنما ستتواصل الجهود لتنشيطها وإحيائها، وربما تكون بحاجة إلى ضمانات أكبر من قبل الولايات المتحدة، لأن الضمانات الأخيرة لم تكن مجدية، بحسب كُتاب الذي شبهها بتلك الضمانات التي منحتها واشنطن حينما انسحبت قوات منظمة التحرير من لبنان، حيث تعهدت وقتها بعدم المساس بالمدنيين الفلسطينيين في المخيمات، ليفيق العالم على مجزرة صبرا وشاتيلا.

القنوات السرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي هي دائمة وليست الأولى من نوعها

وأشار المختص بشأن السياسة الأميركية والفلسطينية داود كُتاب إلى أن القنوات السرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي هي دائمة وليست الأولى من نوعها، وقد استذكر القناة السرية بين منظمة "التحرير" وإسرائيل التي مهد لاتفاق أوسلو عام 1993، حيث مثل المنظمة حينها محمود عباس وأحمد قريع، فيما مثّل الطرف الإسرائيلي شمعون بيرز وأوري سافير.

وكشف كُتاب عن دعوة أميركية هي الأولى من نوعها للرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة واشنطن، وفي حال تمت فإنها ستكون سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بأن يزور زعيم فلسطيني الولايات المتحدة قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ ذلك أن نتنياهو لم يتلقَ دعوة مماثلة منذ مجيء الرئيس جو بايدن إلى سدة الرئاسة.

ما الدافع الأساسي من القناة؟

من جهته، أفاد الكاتب الصحفي والنائب العربي في الكنيست الأسبق نظير مجلي لـ "زوايا" أن ثمة دوافع عدة لضغط الولايات المتحدة باتجاه وجود القناة السرية ونضوج التفاهمات الأخيرة، أبرزها أن واشنطن تدرك أن أي انفجار كبير ستدفع ثمنه السلطة الفلسطينية وغسرائيل معا، من منطلق انه "لا أحد يعلم ماهية النتيجة لذلك؛ لأن أي فوضى ستحدث انهيارا للسلطة وتفككا في وضعها في ظل تراجع قوتها وهيبتها في الشارع الفلسطيني".

فقدان السيطرة على أي انفجار محتمل لن يقتصر على السلطة وإسرائيل، وإنما أيضا سيمتد إلى دول عربية

كما تخشى الولايات المتحدة أن فقدان السيطرة على أي انفجار محتمل لن يقتصر على السلطة وإسرائيل، وإنما أيضا سيمتد إلى دول عربية، وهو ما دفع واشنطن لممارسة ضغط كبير على نتنياهو للقبول بفتح قناة سرية والذهاب نحو التفاهمات الأخيرة، على أمل أن تنجح في "تقديم حلول وسط لحماية إسرائيل من نفسها، وتثبيت الوضع الراهن منعا لانهيار السلطة".

السلطة وإسرائيل كلاهما بحاجة إلى القناة

المتابع للملف السياسي الفلسطيني-الإسرائيلي محمد القاسم اتفق في حديثه لـ "زوايا" أن كلا من من السلطة الفلسطينية وإسرائيل بحاجة دائمة للتواصل، خشية من وقع انفجار في لحظة معينة وعدم السيطرة عليه نتيجة فقدان التواصل.

اقرأ أيضا: ائتلاف "أمان": هناك شكوك حول نزاهة التحقيق في الأخطاء الطبية في غزة

وتابع القاسم: "السلطة تعتقد أنها من خلال التواصل تقلل الضرر الذي يطولها نتيجة المستجدات، أو أنها تؤمن باحتمالية تحقيق الحد الأدنى من مطالبها من خلال قنوات الاتصال الخلفية".

ورأى القاسم ان ضعف السلطة يجعلها بحاجة إلى هذا النوع من قنوات الاتصال الخلفية، مشيرا إلى أن عملية نابلس قد تؤدي إلى فتور وتراجع في كثافة التواصل، لكنها لن تؤدي إلى وقف مطلق لها.

التنسيق لم يتوقف بالرغم من إعلان السلطة عن وقفه

وكذلك الحال بالنسبة للتنسيق الأمني، نوه محمد القاسم بأن التنسيق لم يتوقف بالرغم من إعلان السلطة عن وقفه، ولكن قد تتوقف بعض الأمور أو يقتصر التواصل على أشخاص محددين، إلا أنه لم يتوقف بالمطلق ولو في أسوأ الحالات باعتراف الطرفين.

وأوضح القاسم أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا بدرجة أكبر من إسرائيل على السلطة، بموازاة إعطاء واشنطن وعود للسلطة بتحقيق عدة مطالب فلسطينية، لكنه أكد أن الأميركيين غير قادرين على تحقيق ما يعدون، بدليل ما حدث في نابلس بعد ثمان وأربعين ساعة على إعلان التفاهمات سالفة الذكر.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo