توقعت توتر مع أمريكا

دراسات متخصصة ترصد اتجاهات حكومة "نتنياهو" مع الفلسطينيين والعرب وروسيا والصين

نتنياهو والحكومة
نتنياهو والحكومة

يحمل الائتلاف الحكومي الجديد في "إسرائيل" الكثير من التناقضات، وفي ضوء البرامج الانتخابية التي رفعتها الأحزاب اليمينية، وبعد نشر الاتفاقات الائتلافية التي وقّعها "بنيامين نتنياهو" رئيس الحكومة مع شركائه الجدد، تبرز السياسات المتوقعة لهذه الحكومة وتداعياتها داخليًا وخارجيًا.

ورأى "محمد محمود السيد" الباحث في الشؤون الإقليمية أن تنفيذ الاتفاقيات الائتلافية قد يتسبب في تعقيد علاقات "إسرائيل" في الفترة القادمة، لا سيما وأن خطوطها العريضة تنص على تعزيز مكانة القدس كعاصمة يهودية، وزيادة البناء الاستيطاني، وضم المناطق المصنفة "ج" بالضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.

وتوقع الباحث أن تقدم حكومة نتنياهو خلال المرحلة المقبلة على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن البؤر الاستيطانية التي تم إنشاؤها في الضفة قبل فبراير 2011، وكذلك الأحياء غير القانونية داخل المستوطنات القائمة.

وأوضح أن نقل صلاحيات الإدارة المدنية وتنسيق العمليات الحكومية في المناطق المحتلة، إلى "بتسلئيل سموتريتش" سيسرع من ضم المنطقة "ج" بالضفة إلى "اسرائيل".

اقرأ أيضاً: جنرال اسرائيلي: صلاحيات "سموتريتش" الجديدة تعني ضم الضفة

وأشار "السيد" إلى أن هذه السياسات قد تزيد من العمليات الفلسطينية المسلحة في الضفة، وتفرض مهامًا إضافية لجيش الاحتلال الذي سيضطر إلى نشر قوات احتياط كبيرة، لحماية المستوطنات.

كما توقع الباحث المصري أن تتواصل حالة الجمود في عملية التسوية في ظل تقديم متطرفين أمثال "ايتمار بن غفير" و"سموتريتش" ووزراء آخرين، أنفسهم، على أنهم معادون بشكل صريح للدولة الفلسطينية، مما سيلقي بظلاله على العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية.

صدام مع الجيش

أما إسرائيليا فكشف الكاتب عن تغير في قواعد العلاقات المدنية - العسكرية داخل دولة الاحتلال، فبعد أن كانت علاقة الجيش بالحكومة في إسرائيل تقوم دائماً على الإجماع، يبدو أن تركيبة الحكومة الجديدة وسياساتها قد تُغيِّر من هذه المعادلة.

وتابع: وفقاً للتسلل الهرمي لن يخضع الجيش لقرارات مجلس الوزراء ووزير الدفاع، فقط، بل سيتعين على الجيش، بقيادة رئيس الأركان الجديد، هرتسي هاليفي، الامتثال للتعليمات المباشرة لـ"بن غفير وسموتريتش".

وأضاف من المحتمل أن تشهد الفترات القادمة صدامات متكررة بين وزير الدفاع الجديد، يوآف غالانت، وكل من بن غفير وسموتريتش.

رفض الاتفاق النووي

وفيما يخص سياسة "إسرائيل" الخارجية توقع "سعيد عكاشة" الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تتعرض العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية لتوترات حادة في المرحلة المقبلة، حيث يتعين على "نتنياهو" التعامل مع عدد من القضايا الخارجية وترتيبها خلال العام الجاري، وهي "النووي الإيراني"، ومستقبل "اتفاقات التطبيع"، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فضلاً عن العلاقات مع روسيا، والصين.

وأكد أن الموقف الثابت لإسرائيل سيبقى برفض أي محاولة لإحياء الاتفاق النووي، ما لم تُؤخذ مخاوف تل أبيب في الحسبان، بوقف كامل للتخصيب عند مستويات أعلى من تلك المنصوص عليها في الاتفاق، وإلزام إيران بوقف برامجها لإنتاج الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، وتوقف طهران عن دعم حزب الله وحركتا حماس والجهاد الإسلامي، وميليشيا الحوثيين في اليمن.

على صعيد آخر توقع "عكاشة" أن تسعى حكومة نتنياهو إلى توسيع اتفاقات التطبيع، وضم ضم دول إسلامية غير عربية إلى مسار الاتفاقات الإبراهيمية، مثل إندونيسيا وتركيا.

وقال إن تحقيق تطلعات "نتنياهو" لزيادة الدول المطبعة مرهون بعدم تدهور الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية، أو اندلاع عمليات عنف واسعة النطاق خلال العام الحالي.

وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن "نتنياهو" سيبتعد على إيجاد حلول لإنهاء الصراع، وسيكتفي بإدارته فقط حتى تتغير بيئة الصراع نفسها بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية.

وقال إن "نتنياهو" يمتلك خبرات واسعة في هذه الاستراتيجية، وطبقها بالفعل أثناء توليه الحكم في السابق، حيث تفاوض مع السلطة الفلسطينية، برعاية أمريكية في عهد إدارة باراك أوباما، وتفاعل إيجابياً مع "صفقة القرن" في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

المصالح المشتركة مع روسيا

وحول العلاقات مع موسكو توقع "عكاشة" أن تشهد عودة نتنياهو للسلطة مجدداً بداية لخفض التوترات في العلاقات الروسية-الإسرائيلية، حيث تجمعه بالرئيس بوتين علاقة صداقة قوية منذ سنوات طويلة، كما أن نتنياهو مقتنع تماماً بضرورة إقامة علاقة متوازنة مع موسكو.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة..بعد التسخين التدريجي.. تخشى إسرائيل من صراع لم يحدث مثله منذ سنوات

وبين الكاتب أن "نتنياهو" يؤخذ في الاعتبار وجود روسيا كطرف في الاتفاقية النووية مع إيران، كما يدرك أن توتر العلاقات قد ينعكس على التفاهمات التي توصلت إليها تل أبيب مع موسكو في الجبهة السورية منذ عام 2016، والتي تسمح للمقاتلات الإسرائيلية بالعمل في الأجواء السورية ضد حزب الله والحرس الثوري الإيراني من دون أن تتعرض لها الدفاعات الروسية الموجودة على الأراضي السورية.

التقارب مع بكين

وحول تطوير العلاقات الصينية – الإسرائيلية رأى المختص في الشأن الإسرائيلي أن عودة نتنياهو للحكم مرة ثالثة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من تطوير العلاقات المشتركة مع الصين، خاصةً مع وجود تقارير إسرائيلية ترصد تراجعاً ليس فقط في حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بل أيضاً على المستوى السياسي، حيث ظهرت توترات بينهما على خلفية الموقف الصيني من المفاوضات الجارية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران.

كما اعتبرت الصين توقيع الاتفاقات الإبراهيمية بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين، بمنزلة اقتراب غير مباشر من المصالح الاقتصادية والتجارية للصين في منطقة الخليج، بما قد يشكل خطورة على هذه المصالح.

وأشار "عكاشة" إلى أن مهمة نتنياهو لاستعادة المبادرة في تطوير العلاقات مع بكين، ليست بالمهمة السهلة، فالصين لا تريد أن تنافسها إسرائيل في الأسواق الخليجية والعربية.

توتر العلاقة مع واشنطن

وتوقع الكاتب المصري أن تشهد العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في عام 2023 تدهوراً على خلفية الملفات السابقة، حيث تسعى واشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، في حين ترى واشنطن بأن تطوير وتوسيع آفاق اتفاقات التطبيع لا يجب أن يكون على حساب إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

يتعين على نتنياهو مواجهة احتمال أن تطلب واشنطن من إسرائيل المشاركة في تطبيق نظام العقوبات الغربية المفروضة على موسكو

كما أكد الكاتب أن إدارة الرئيس جو بايدن لا زالت متمسكة بـ "حل الدولتين" كأساس لمعالجة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والذي تراهن الولايات المتحدة على إمكانية التوصل إليه لضمان جذب الدول العربية الكبرى لاستراتيجيتها في مواجهة الصعود الصيني.

ومع استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، يتعين على نتنياهو مواجهة احتمال أن تطلب واشنطن من إسرائيل المشاركة في تطبيق نظام العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، مما يضع إسرائيل بين اختبارين صعبين؛ إما إغضاب روسيا أو دفع العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية نحو التوتر.

كما تتحفظ الولايات المتحدة دومًا للحد من آفاق التعاون الصيني - الإسرائيلي كجزء من استراتيجيتها لمواجهة صعود الصين كمنافس قوي اقتصادياً وأمنياً.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo