رسخ واقع الاحتلال

محللون: الرئيس عباس سيترك إرثًا من "الحكم الاستبدادي والتبعية"

محمود-عباس
محمود-عباس

وجه محللون ومختصون في الشأن الفلسطيني انتقادًا حادًا لقيادة السلطة الفلسطينية، وأجمعوا على أن الرئيس "محمود عباس" استدامَ الوضعَ الراهن للاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي، وتجريم المقاومة، وقمع العملية الديمقراطية، والتخلي عن رؤية شاملة لمستقبل فلسطيني متحرر من الاستعمار.

الرئيس "عباس" يفتقر إلى الرؤية من أجل التحرير

واتهم محللو شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة" خلال جلسة نقاشية الرئيس عباس بترسيخ واقع الفلسطينيين تحت الاحتلال، واختزل المشروع الوطني ضمن الضفة الغربية وغزة، ودأب على دفع الاقتصاد الفلسطيني إلى الاعتماد على المانحين، وأنشأ قطاعا أمنيا مُلتزم بالتنسيق مع الاحتلال.

ورأى "طارق بقعوني" رئيس مجلس إدارة الشبكة أن الرئيس "عباس" يفتقر إلى الرؤية من أجل التحرير، ويبرع في استدامة بنية تحتية واسعة للتنسيق الأمني، ومنع جميع أشكال المقاومة، وترسيخ سياسة فرِّق تَسد التي تتبعها إسرائيل في الضفة وغزة.

وأضاف أن الكثير من الفلسطينيين يرون في صياغته رضوخا للفصل العنصري الاستيطاني، وتفريغا لمنظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها وتحويلها إلى منظمة عقيمة.

اقرأ أيضاً: مفاوض فلسطيني سابق: "ألف نعم لوقف التنسيق الأمني...ولكنه لا يكفي"

وأكد أن عدم كفاءة قيادة عباس لا تكمن في تقويض المسعى الفلسطيني نحو التحرير وحسب، بل أيضًا في قيامه بذلك بموازاة ترسيخ الحكم الاستبدادي، وتقويض جميع المعايير الديمقراطية الفلسطينية.

وبين "بعقوني" أن "حسين الشيخ" والتي تشير جميع التوقعات بأنه سيكون خلفا للرئيس عباس سيُعمِّق على الأرجح التبعية الفلسطينية للنظام الإسرائيلي من خلال التوسع في نظام التنسيق الأمني الذي يتمسك به "عباس".

نسف الديمقراطية

من جهتها أكدت "يارا هواري" المحللة الرئيسية في "الشبكة" أن الرئيس عباس رسّخ نظامًا يتمحور حول قيادته ولا يترك سوى مساحةٍ ضئيلة للمساءلة أو الشفافية، كما أقدَمَ على دمج سلطات الحكم الثلاث "التشريعية والتنفيذية والقضائية" بحيث لم يعد ثمة فصل أو ضوابط للسلطة داخل المؤسسات السياسية الفلسطينية.

وأشارت إلى أن الرئيس عباس أصدرَ طوال فترة حكمه دعواتٍ غيرَ صادقةٍ لعقد الانتخابات، كان آخرها في يناير 2021، إلا أن عباس ألغى الانتخابات في أبريل من نفس العام، تحت ذريعة رفض النظام الإسرائيلي السماح للفلسطينيين في القدس الشرقية بالمشاركة فيها، ما شكل ترسيخا للسلطة الحاكمة وتدميرا للديمقراطية.

وكشفت "هواري" النقاب عن تعرض الأصوات الفلسطينية الناقدة إلى التهميش، كما جرى اعتقال الصحفيين والناشطين وتهديدهم دوريًا على خلفية انتقادهم عباس عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

وأكدت أن سلطات الاحتلال دعمت الحكم الاستبدادي للسلطةَ الفلسطينية عبر إجراءاتٍ قمعيةً تمارسها ضد السياسة الفلسطينية والتعبيرات الديمقراطية.

قبضة أمنية

بدوره أكد "علاء الترتير" الباحث السياسي ومستشار السياسات والبرامج لدى الشبكة أن المؤسسة الأمنية للسلطة تمكنت في عهد "عباس" من تعزيز قبضتها الأمنية، ورسخت تنسيقها الأمني مع الاحتلال، بعد أن حصلت على نصيب الأسد من ميزانية السلطة الفلسطينية.

في المقابل تعرضت المقاومة الفلسطينية - المسلحة وغير المسلحة - للاضطهاد الإسرائيلي ولقمع متواصل من أجل إعطاء الأولوية للأمن واستمرار الوضع الراهن.

النخبة الحاكمة تسعى إلى استمرار السلطة من أجل الحفاظ على سلطتها ونفوذها غير الشرعي

ورجح الباحث أن يستمر الاستبداد البُنيوي بعد انتهاء حكم الرئيس عباس، فبحسب رأيه لن تكون القيادة القادمة مهتمة أو قادرة على الحيدِ عن ممارسات السلطة الفلسطينية التي تجذرت على مدى العقود الماضية.

وشدد المستشار السياسي للشبكة على أن النخبة الحاكمة تسعى إلى استمرار السلطة من أجل الحفاظ على سلطتها ونفوذها غير الشرعي، متجاهلة تمامًا الإرادة الشعبية الفلسطينية، وهو ما يرجح استمرار النزعة الاستبدادية بعد عباس بذريعة ضمان الاستقرار ومنع الفوضى.

اقرأ أيضاً: مختصون لـ "زوايا": المجتمع الإسرائيلي يتجه لعصيان مدني وربما اغتيالات

وتابع:" التنسيق الأمني في ظل الاستعمار الاستيطاني، لا يُمكن أن يُفهَم إلا على أنه هيمنة، فالغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني ترفضه كونه يشكل مستوى آخر من حرمانهم حقوقهم الإنسانية والمدنية والسياسية الأساسية".

تبعية وخضوع للاحتلال

أما "طارق الشوّا" استاذ العلوم السياسية فدعا إلى تناول إرث الرئيس عباس من منظور التبعية، مشيرًا إلى أنه ظل مخلصًا "لعملية السلام" التي ترعاها الولايات المتحدة، وكان يأمل أن ينال ثقة القادة الإسرائيليين وداعميهم الأمريكيين عبر المفاوضات والمهادنة.

من سيخلف الرئيس عباس سيستمر في إرثه الكئيب، لا سيما في ظل الافتقار إلى الرؤية اللازمة لمستقبل متحرر

وأوضح أنه رغم محاولاته النادرة للوقوف في وجه الاحتلال وداعميه الأمريكيين، من خلال اللجوء إلى المحاكم الدولية، إلا أنه رضخَ مرارًا وتكرارًا للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، واصفًا إحباطه المتكرر من تعنت واشنطن بأنها "يأس المُحتضَر".

وتوقع "الشوا" أن من سيخلف الرئيس عباس سيستمر في إرثه الكئيب، لا سيما في ظل الافتقار إلى الرؤية اللازمة لمستقبل متحرر، مؤكدًا أنه طالما ظلت القيادة الفلسطينية ملتزمة بالتبعية والخضوع للنظام الإسرائيلي والمانحين، فلن تسعى أبدًا إلى التحرير".

كما توقع أن تنتهز الولايات المتحدة الفرصة لتعزيز العلاقات رمزيًا مع السلطة الفلسطينية لاستدامة الوضع الراهن ومنح الأولوية لمصالح إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo