يرفع التوتر مع روسيا وتركيا

تصدير الغاز لأوروبا تجارة واعدة وخطرة بين القاهرة وتل أبيب

أنابيب الغاز
أنابيب الغاز

وقّعت إسرائيل والاتحاد الأوروبي ومصر في يونيو 2020 على مذكرة تفاهم لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر مصر.

وجاء هذا الاتفاق في سياق أزمة الطاقة في أوروبا بعد الأزمة الأوكرانية، ومحاولة أوروبا البحث عن مصادر بديلة لواردات الطاقة الروسية.

وبحسب ورقة سياسية أعدها أكد "مهند مصطفى" الأكاديمي والباحث السياسي أن الغاز الطبيعي تحول إلى عامل اقتصادي واستراتيجي-سياسي في العلاقات الإقليمية لإسرائيل ولمكانتها الدولية بعد أزمة الطاقة العالمية.

وأضاف أن "إسرائيل" باتت تدرك أهمية الغاز الطبيعي وأصبحت تعتبره مورداً استراتيجياً من الدرجة الأولى، وتستثمر فيه موارد كبيرة لحمايته والدفاع عنه.

وكشف الكاتب أن الاتفاق الثلاثي سيساهم في إحداث تغيرات وتحولات جيو-سياسية وربما استراتيجية فيما يتعلق بعلاقات "إسرائيل" مع دول كبرى، سواء على مستوى توتر العلاقة مع روسيا، أو على مستوى تعزيز العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.

وعلى صعيد الإقليم بين الباحث أن الاتفاق سيعزز العلاقات مع مصر، وسيؤدي لمزيد من التوتر في العلاقة مع لبنان، بسبب عدم تسوية النزاع الحدودي في ظل اتفاق لتصدير الغاز يشمل غاز حقل "كاريش"، كما أن غياب أفق للتعاون مع تركيا في مجال الطاقة قد يرتد سلباً على التقارب بين البلدين الذي حدث في الفترة الأخيرة.

وكانت إسرائيل والاتحاد الأوروبي ومصر وقّعت في 15 يونيو في القاهرة، على مذكرة تفاهم لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال نقله إلى مصر ومنها إلى أوروبا عبر ناقلات بحرية بعد تسييله في مصر.

وسيدفع الاتفاق إلى تسريع بناء خط الغاز الجديد إلى مصر، والذي تصل تكلفته إلى نحو 200 مليون دولار، وقد يشارك الاتحاد الأوروبي في تمويل جزء من عملية بنائه لحاجته إلى الطاقة، وتسريع وصول الغاز له بكميات أكبر.

وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن احتمال بناء منشآت لتسييل الغاز في إسرائيل هو ضئيل، بسبب التكاليف المالية الباهظة لذلك، وبسبب معارضة واسعة لذلك من طرف الجمهور الإسرائيلي، والمنظمات البيئية في إسرائيل.

وبحسب الكاتب "مصطفى" فمن المحتمل أن يساهم الاتفاق في تعميق توتر العلاقة بين روسيا وإسرائيل، كونه يحمل مَعانٍ سياسية تتمثل بمساعدة أوروبا على تقليل تبعيتها للغاز الروسي.

كما سيساهم هذا الاتفاق في إبطاء التقارب الإسرائيلي-التركي، بعد أن كانت الطاقة أحد الأسباب المركزية لتقارب تركيا مع إسرائيل، بحيث تكون تركيا قناة المرور للغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، بما يؤهلها لأن تكون اللاعب المركزي في سوق الطاقة في شرق المتوسط.

اقرأ أيضاً: الاقتطاعاتُ الإسرائيلية.. كيف ستؤثرُ على الفلسطينيين وما سبل المواجهة؟

وأوضح الكاتب أن الاتفاق الإسرائيلي-الأوروبي-المصري سيشكل تهميشاً للدور التركي في هذا القطاع في هذه المرحلة، وتعزيزاً للدور المصري.

تكثيف التنقيب

وفي السياق تشير التقديرات إلى أن حكومة الاحتلال الجديدة ستكثف البحث عن طرق لزيادة الاستخراج من حقول الغاز الطبيعي الحالية، والبحث عن احتياطيات جديدة وزيادة الطاقة التصديرية.

ويعتقد خبراء أنه ما تزال هناك احتياطيات غاز غير مُستكشفة في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، وأشارت عدّة شركات إسرائيلية ودولية مؤخرًا إلى اهتمامها بالتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة شواطئ إسرائيل، بعد إعلان وزارة الطاقة في 13 ديسمبر 2022 مناقصة رابعة للحصول على تصاريح للبحث عن الغاز في المياه الإسرائيلية.

ويشكل الطلب المتزايد في إسرائيل على الطاقة حافزًا آخر للحكومة الجديدة لزيادة الاستكشاف، حيث من المتوقع أن يرتفع سعر الكهرباء في إسرائيل بأكثر من 8% خلال الربع الأول من العام الجديد، لأن خُمس إنتاجها من الكهرباء ما يزال من الفحم الذي ارتفع سعره بشكل كبير.

ووفقًا لخطط الحكومة الاسرائيلية، فإنه في غضون 5 سنوات، ستُستَبدَل محطات الغاز الطبيعي بمحطات الفحم، وستتحول الصناعة الإسرائيلية -أيضًا- إلى الغاز؛ ما يزيد من معدلات الطلب.

ومؤخرًا تحدثت وزيرة الطاقة القبرصية "ناتاشا بيليدس" عن بناء خط أنابيب محتمل من حقل كاريش الإسرائيلي المملوك لشركة إنرجيان إلى الجزيرة الواقعة في الشرق الأوسط.

وقالت بيليدس، إن خط الأنابيب من كاريش سيمتدّ إلى محطة تسييل ستُنشَأ في قبرص، ومن هناك إلى أوروبا.

تحرك عملي للقاهرة

من جهته توقع "طارق فهمي" الكاتب والأكاديمي المصري والمستشار المشارك في المفاوضات العربية الإسرائيلية أن تشهد العلاقات المصرية – الإسرائيلية المزيد من التعاون، لا سيما مع التسليم الإسرائيلي بأن القاهرة باتت مركزًا للطاقة.

وأوضح أن تطور العلاقات في مقاربتها الاقتصادية يؤكد تفاعل المصالح العليا للبلدين في إطار شراكة الغاز ومن خلال منتدى غاز المتوسط واستمرار اتفاقية "الكويز"، وفي ظل مسعى كل طرف لتأكيد حضوره السياسي والاقتصادي اللافت.

اقرأ أيضاً: مزودو الإنترنت بغزة.. تلاعب بالأسعار والسرعات

وأشار "فهمي" إلى تحرك عملي للقاهرة وطرحها مزايدة عالمية للبحث والتنقيب، في ظل تحركات دول الجوار الإقليمي، وعلى رأسها تركيا، التي تتحرك في مناطق التماس، بما يمثل أهمية للأمن القومي المصري.

وأضاف أن متطلبات القاهرة معلومة ومعروفة تجاه تركيا ثنائياً وإقليمياً، وهو ما يفسر رد الفعل التركي الهادئ تجاه خطوة رسم الحدود البحرية مع ليبيا، ودعوة تركيا الطرفين لإجراء مفاوضات ثنائية حول الموضوع.

وسبق الإعلان المصري عن طرح مزايدات جديدة إقدام القاهرة في فبراير 2021 على مزايدة عالمية للتنقيب عن الغاز والبترول في 24 منطقة بخليج السويس وشرق وغرب المتوسط والصحراء الغربية، كما نفذت القاهرة 27 مشروعاً لتنمية الغاز باستثمارات تقدر بنحو 21 مليار دولار، وبدأت فعلياً خطة تستثمر حتى منتصف 2025 لحفر 45 بئراً للبحث عن الغاز، ويجري كل هذا في ظل منظومة مهمة ومستمرة تراقبها كل الأطراف وعلى رأسها إسرائيل.

وفي الإطار تخطط شركة "كابريكورن إنرجي" البريطانية العاملة في مصر، للاندماج مع شركة "نيوميد" الإسرائيلية في صفقة شاملة للأسهم، بعد دفع أرباح خاصة بقيمة 620 مليون دولار.

وتستهدف صفقة الاندماج بين "كابريكورن" و"نيوميد" التركيز على حقول الغاز في مصر وإسرائيل، بما في ذلك حصة نيوميد في حقل "ليفاثيان" الإسرائيلي في وقت تبحث فيه أوروبا عن إمدادات طاقة غير روسية.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo