<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

الشعوب العربية كشاهد زور 

مظاهرات للعرب
مظاهرات للعرب

ما جرى من أحداث منذ اندلاع فوضى ما يسمى الربيع العربي 2011 والمستمرة حتى اليوم في سوريا وليبيا واليمن وما جرى قبلها وبعدها من (ثورات) وانقلابات وتظاهرات باسم الشعب ولأجله يتطلب وضع مفهوم الشعب ودوره في الحياة السياسية محل نقاش، وهل بالفعل أن الشعب سيد نفسه ومصدر السلطة ولا إرادة تعلو على إرادته أم أنه مجرد أداة توظفها النخب للوصول إلى السلطة؟ أيضا إعادة النظر في كل الأنظمة والحركات السياسية التي تزعم بأنها تمثل الشعب وتنطق باسمه.

في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية تتقلص نسبيا الفجوة ما بين الشعب والنخب السياسية لأن هذه الأخيرة منتَخبة من الشعب، ومع ذلك لم يتم الحسم الكامل في مفهوم الشعب وحدود دوره في الحياة السياسية فهناك من يشكك بصحة مقولة أن الديمقراطية تعني حكم الشعب، أما في دول الجنوب وخصوصا في العالم العربي فالفجوة واسعة ما بين الشعب والطبقة السياسية بل هناك حالة اغتراب ما بين الشعب والدولة ورجالها بشكل عام.

فإذا كان نقاد الديمقراطية شككوا بإمكانية أن يحكم الشعب نفسه بنفسه حتى في الأنظمة الديمقراطية، فإن السؤال والشك يثار اليوم حول صحة القول بأن (الشعب) هو الذي قام بالثورة فيما يسمى الربيع العربي وحول قدرته على قيادتها وتوجيه مسارها؟

لا نقلل من قيمة الشعب أو نهينه إن قلنا إن الشعوب العربية مجرد جموع أو أداة يتم توظيفها والتلاعب بها لتحقيق مصالح قلة أو نخبة، وأن كل ما يقال عن إرادة الشعب أو ادعاء جهة ما أنها تمثل الشعب، هو مجرد نفاق وكذب على الشعب، سواء كان القائلون بذلك من صفوف المعارضة أو كانوا على سدة الحكم، وسواء رفعوا شعارات دينية أو ثورية أو ديمقراطية. 

اقرأ أيضاً: مزودو الإنترنت بغزة.. تلاعب بالأسعار والسرعات

مع عدم تجاهل صدق نوايا بعض القوى السياسية عندما تقول بأنها تعمل من أجل مصلحة الشعب إلا أنها لا تمثل كل الشعب ولا حتى اغلبيته، الشعب الذي تنطق باسمه هو حالة افتراضية أو صيغة سياسية يتم توظيفها لخدمة نخب وأصحاب مصالح قد تلتقي أو لا تلتقي مصالحهم مع مصالح الشعب، أو تقصد به مؤيدوها وانصارها.

وعليه عندما يُقال ثورات شعبية أو تحركات شعبية فعلينا التدقيق من هو (الشعب) الذي تحرك؟ وهل تحرك من تلقاء ذاته أم هناك قوى قامت بتحريكه؟

عندما خرج (الشعب) إلى الشوارع في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والسودان، قيل إنها ثورات شعبية، وان الشعب يريد إسقاط النظام. ولكن هل الشعب هو الذي طلب التدخل الخارجي الأطلسي والأمريكي والتركي والروسي الخ؟ هل الشعب الليبي يريد الفتنة وتقسيم ليبيا والحرب الأهلية وهو ما نتج عما سموه ثورة الشعب الليبي؟ هل الشعب السوري يريد الحرب الأهلية وتقسيم سوريا وتدمير مقدرات الدولة وهو ما يجري اليوم؟ وأي مصلحة للشعب اليمني فيما يحدث فيه من خراب ودمار؟

وإذا كان الشعب المصري الحقيقي هو الذي خرج يوم 25 يناير2011 ثم انتخب محمد مرسي رئيسا، فماذا نطلق على الثلاثين مليون الذين خرجوا في مظاهرات 30 يونيو2013 ضد الإخوان المسلمين ولإسقاط حكومة مرسي؟ وإذا كان الشعب أسقط زين العابدين في تونس وانتخب حزب النهضة الإسلامي، فهل الذين خرجوا في شوارع تونس لأسقاط حزب النهضة يمكن وصفهم بالشعب أيضا أم إنهم من خارج الشعب؟ ونفس الأمر ينطبق على التحركات الشعبية في السودان. 

بصفة عامة ما هو المقياس الذي يمكن أن نقيس به الشعب وما يريده الشعب؟

فهل الذين حلوا بعد (ثورة الشعب) محل الحكام القدامى، يمثلون الشعب بالفعل وبالتالي ما على الشعب إلا أن يعود للبيت ويسلم أمره للحكام الجدد الذين سيدتهم (الثورة الشعبية) عليه؟ وحتى بعد إجراء الانتخابات، فهل أعضاء المؤسسة التشريعية يمثلون الشعب ويعبرون عن إرادته بالفعل؟ الخ. وهل الشعب اليوم في ليبيا واليمن وسوريا صاحب سيادة ويتحكم في مقاليد الأمور وبالحياة السياسية أم أن الأطراف الخارجية هي صاحبة القرار؟

اقرأ أيضا: انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين هل تتجاوز أزمة الثقة والانقسام؟

بصفة عامة ما هو المقياس الذي يمكن أن نقيس به الشعب وما يريده الشعب؟ هل هي الملايين التي تذهب لصناديق الانتخابات أم مئات الآلاف أو الملايين الذين يخرجون إلى الشوارع ويسقطون حكومات منتخبة؟ أم أن الشعب حالة افتراضية تتحدث عنها الأحزاب والدساتير؟ 

نعم خرجت جموع شعبية قهرها الفقر والبطالة وإهانة الكرامة إلى الشارع بداية فوضى الربيع العربي، ورفعت شعارات ومطالب عادلة، ولكن بعد ذلك استلمت نخب وجماعات مصالح مقاليد الأمور ودخلت في مواجهات مع (الشعب)، وتوقف دور الشارع أو الشعب على أن يكون مقررا في مجريات الثورة، حيث تحولت الجموع الشعبية لمجرد ورقة تهدد بها النخب الجديدة منافسيها.

الذين تحاوروا وتفاوضوا مع الأمريكيين وحلف الأطلسي والأمم المتحدة ليس الشعب بل جماعة مصالح لها أجندة خاصة، والذين دخلوا بمساومات مع مؤسسة الجيش والنظام السابق في مصر وتونس واليمن ليس الشعب بل نخب وجماعات مصالح لها أجندة خاصة.

كما أشرنا ليس مرامنا التقليل من أهمية الشعب ولا دوره ولا عدالة مطالبة، ولكن المرام تحرير العقول من خطاب مضلل توظفه الأحزاب يريد مروجوه من نخب وقوى سياسية تبرير كل تصرفاتهم من أجل الوصول للسلطة وتبرير علاقاتهم وتحالفاتهم الخارجية بأنها من أجل الشعب وبتفويض منه.

أنظمة حكم عربية سمحت بإقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها مبررة ذلك بأنه لصالح الشعب ولحماية أمنه القومي دون أن يكون للشعب رأي في ذلك، وأخرى طبعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني وزعمت أنها بذلك تعمل من أجل مصلحة الشعب دون أن تأخذ رأي الشعب بذلك، وأخرى دخلت في حروب وتحالفات عسكرية دون استشارة الشعب.... 

يبدو أن غالبية الشعب انسحبت من الميدان محبطة لتترك الساحة للقوى والنخب المتصارعة على السلطة من أجل السلطة بحد ذاتها وليس من أجل الشعب.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo