مزودو الإنترنت بغزة.. تلاعب بالأسعار والسرعات

شبكات الانترنت بغزة
شبكات الانترنت بغزة

في ظل التحول الرقمي الذي تنتهجه المؤسسات الحكومية في فلسطين ووسط حاجة جميع أفراد المجتمع لخدمة الانترنت لمواكبة هذا التطور، تداول نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي أنباء مفادها أن مزودي الخدمة في غزة قرروا رفع سعر الاشتراكات على المواطنين، الأمر الذي أثار استياء المستفيدين خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "زوايا" من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإن شركات الانترنت في غزة تحاول رفع أسعار الخدمات التي تزودها لأصحاب الشبكات محدودة الانتشار، والتي عادة ما تكون موجودة في الأحياء الشعبية، ونتيجة ذلك هناك خلافات دائرة بين الطرفين.

وفي الواقع، تعد خدمة الانترنت في فلسطين تنافسية، بمعنى أن الباب مفتوح لجميع الشركات العاملة في المجال حتى تقدم عروض خدماتها دون الالتزام بسعر محدد مضبوط من الجهات الحكومية ذات الاختصاص.

وتتنافى محاولة مزودي خدمة الانترنت في رفع أسعار الاشتراكات، مع القرارات المتكررة التي اتخذتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن خفض أسعار الانترنت في عموم فلسطين، وكان آخرها عام 2021.

حول رفع أسعار الانترنت، يقول مدير دائرة الترخيص في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات زياد الشيخ الديب في حديث لـ"زوايا": "إنه من غير المسموح لمزودي الخدمة التلاعب بالأسعار أو بجودة الانترنت، على اعتبار أن الأمر تنافسي والفرصة متاحة أمام الجميع لتقديم عروض تلبي احتياجات السكان وليس التنغيص عليهم، وبناء على ذلك لم يطرأ أي تغيير على أسعار الاشتراكات".

تفاصيل إشكالية رفع أسعار الانترنت

توجد في قطاع غزة ثمان شركات رئيسية مزودة لخدمة الإنترنت اللاسلكي، والتي تحصل على الخدمة من شركة الاتصالات الفلسطينية أو من شركات إسرائيلية تعمل في المجال، وتقوم هذه الشركات بتزويد الانترنت لأصحاب الشبكات محدودة الانتشار، والذين بدورهم يعملون على توزيعه داخل الأحياء الشعبية، ويبيعونه على شكل بطاقات مؤقتة للمواطنين.

اقرأ أيضا: انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين هل تتجاوز أزمة الثقة والانقسام؟

يقول أكرم مطر صاحب شبكة انترنت محدودة الانتشار في غرب مدينة غزة إنه يشتري من الشركات المزودة 100 ميجا بايت في الشهر، ويعمل على توزيعها للراغبين في الاشتراك معه بأسعار وسرعات تتناسب إمكانياتهم المادية، وعن طريق نظام البطاقات التي يكون لها وقت محدد.

قرار مزود خدمة الانترنت رفع السعر قد يلحق الضرر بالشبكات الصغيرة والمواطنين

ويضيف مطر لـ"زاويا": "نشتري ميجا الانترنت الواحدة من الشركات بقيمة 12 شيكل، لكن هذا الشهر وجه لنا مزود الخدمة إشعار حول نيته رفع السعر إلى 17 شيكلا، وهذا يعني أننا يتوجب علينا تحمل 5 شيكل خسارة أو تحميلها للمشتركين الذين عادة ما يكونون محدودي الدخل".

ويوضح مطر، الذي اعترض على زيادة أسعار الإنترنت، أنه تقدم بشكوى لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لافتاً إلى أن هذا التغيير جعل أرباح الشبكات غير مجدية ومن الممكن أن تلحق بهم خسائر.

من جانبه، يؤكد الشيخ ديب، المسؤول في وزارة الاتصالات، بأن قرار مزود خدمة الانترنت رفع السعر قد يلحق الضرر بالشبكات الصغيرة والمواطنين، وقد يتسبب في خسارة مالية.

ويوضح أن وزارته عقدت اجتماعا بين الطرفين، وخلصت إلى بلورة رؤية لوضع حل نهائي للخلاف يتضمن الحفاظ على أسعار مناسبة وتقديم الخدمة بجودة أعلى، لكنه يشير إلى أنه لن يسمح ببيع خدمات الإنترنت بأسعار أقل من التكلفة للحفاظ على استقرار السوق.

وخلال السنوات الخمس الماضية، انتشرت في شوارع غزة الشبكات اللاسلكية، وباتت تشكل فرصة عمل لأصحابها، وأيضاً ملجأ لمحدودي الدخل بغزة، في ظل ارتفاع أسعار اشتراك الخدمة عبر الشركات الرسمية.

من ناحيتها، تعزو مديرة الموارد في شركة فيوجن لخدمات الانترنت مرام الحلبي السبب في ارتفاع أسعار الإنترنت إلى محاولتهم تطوير البنية التحتية للخدمات المقدمة، والتحول إلى نظام الفايبر وهذا يحتاج إلى تكاليف عالية، وفق حديثها لـ"زوايا".

في عام 2022م، منحت وزارة الاتصالات عددا من الشركات الموافقة على تقديم خدمات الإنترنت المنزلي من خلال كوابل ألياف الضوئية، كما أكد الشيخ ديب لـ"زوايا".

استهلاك الانترنت في غزة

79% من سكان قطاع غزة لديهم خدمة الإنترنت

ورغم صدور قانون لتنظيم قطاع الإنترنت في فلسطين عام 2021، إلا أنه لم يطبق، ولم يتم تشكيل هيئة لتنظيم قطاع الاتصالات في غزة والضفة الغربية، وهذا ما جعل الأمر عرضة للتلاعب بالأسعار وجودة الخدمة.

وتحتل فلسطين المركز 69 عالمياً في سرعة الانترنت الثابت، التي تبلغ في متوسطها 50 ميجا بايت في الثانية، وفقاً للمنصة العالمية Ookla، ويعد هذا مؤشرا جيدا، لكن عند مقارنته بالأسعار ينعكس الأمر.

ففي غزة سلسلة من السرعات والأسعار، إذ يبلغ سعر اشتراك الانترنت على سرعة 8 ميجا حوالي 60 شيكل، فيما سرعة 16 ميجا تبلغ 81 شيكل، بينما 50 ميجا تصل إلى 90 شيكل، و100 ميجا التي توفرها الاتصالات الفلسطينية تصل لسعر 100 شيكل.

وبحسب بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن 79% من سكان قطاع غزة لديهم خدمة الإنترنت، منهم نحو 405 آلاف يتمتعون بسرعة يطلق عليها "فائقة"، وينفقون ما متوسطه 20 دينارا أردنيا في الشهر على الاشتراكات.

وتفيد معلومات المركز بأن أغلب مشتركي الإنترنت يعتمدون على الاتصال اللاسلكي، فيما الجزء الآخر على شبكة الألياف النحاسية المنتشرة في جميع محافظات غزة، وعدد قليل جداً لديه اشتراك فايبر.

التلاعب بالسرعات بديل رفع الأسعار

بعد تدخل وزارة الاتصالات لمنع الشركات من رفع الأسعار، لاحظ السكان في غزة أن جودة الانترنت انخفضت، وإزاء ذلك أفاد المواطن رامي عياش أنه أثناء تصفح الفيديوهات والمواقع الإخبارية لاحظ ضعفا في نقل البيانات، ما دفعه إلى إجراء اختبار للسرعة.

وذكر خلال حديثه لـ"زوايا": "أنا مشترك في سرعة 8 ميجا، وأدفع مقابلها 60 شيكلا، لكن بعد إجراء اختبار للسرعة تبين لي أنها لم تصل إلى منزلي كما هو متفق عليه مع الشركة، وتراوحت بين 5 إلى 6 ميجا فقط، وفي أوقات الذروة تقل إلى 2 ميجا، وبالكاد أتصفح".

يعتقد عياش أن "الشركات تتلاعب في سرعات الإنترنت الواصلة للمشتركين، وكذلك تراوغ في الألفاظ خلال العروض، إذ تدعي أنها سرعة كاملة وبدون سياسة تحديد كمية التحميل، لكن ذلك ليس حقيقيا إذ يخصص له نحو 15 جيجا في اليوم الواحد".

ويعلق مدير دائرة التراخيص بوزارة الاتصالات الشيخ ديب على ذلك، قائلا: "في حال عدم التزام الشركات بالسرعة المحددة يجب التوجه إلى الوزارة، فهناك وحدة خاصة لمتابعة هذا الأمر، أما بالنسبة للأسعار نقوم بشكل دوري بعمل دراسات حولها ونقارنها مع دول الجوار".

ويوضح أن "سبب الشكاوى من ارتفاع الأسعار تعود إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في غزة، والتي تقاس بنصيب الفرد من الناتج المحلي القومي، ما جعل تكلفة الخدمات تشكل عبئا إضافيا على المواطن".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo