في كلمة له خلال افتتاح أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل نحو عام إلى تكثيف المقاومة الشعبية السلمية كإحدى الوسائل الفلسطينية المشروعة لإنهاء الاحتلال وللدفاع عن الأرض والوجود والهوية الفلسطينية، خاصة بعد استنفاذ قيادة السلطة كل الخيارات والتجاوب إلى أقصى حد مع الجهود الدولية الرامية إلى ايجاد حل عادل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

ومع مرور الوقت لم يترجم هذا الخطاب الرسمي إلى واقع ملموس على الأرض، وظل نموذج المقاومة الشعبية يطبق بشكل منفرد، وحقق انجازات جزئية في بعض مناطق الضفة الغربية والقدس، كقريتي "نعلين" و"بيتا" في رام الله ونابلس و"الخان الأحمر" في القدس.

السلطة لا تريد وأبو مازن لا يريد، لا يوجد لديهم إرادة حقيقة وخطة للتنفيذ

الإرادة السياسية

وفي هذا الإطار أكد "عماد أبو رحمة" الباحث السياسي ومدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات الاستراتيجية في غزة غياب الإرادة السياسية لدى السلطة الفلسطينية والرئيس عباس لتبني المقاومة السلمية أو أي شكل من أشكال المقاومة في الضفة الفلسطينية، قائلاً:" ليس هناك إرادة لاشتباك مسلح أو اشتباك في إطار المقاومة الشعبية، السلطة لا تريد وأبو مازن لا يريد، لا يوجد لديهم إرادة حقيقة وخطة للتنفيذ".
 

القوى الفلسطينية الأخرى تطرح موضوع المقاومة الشعبية، بدون أن تطرح برنامجًا عمليًا لتطبقه ميدانيًا على الأرض.

وأضاف مدير مركز "مسارات" أن ما يجري في الضفة اليوم من مقاومة يقتصر على مجموعات تمارس العمل المقاوم المسلح بشكل عشوائي، وليس لها ارتباطات تنظيمية.

غياب الوحدة الفلسطينية والعمل الجماعي أثر بشكل كبير على توسع المقاومة الشعبية وتحقيق أهدافها في صد الاستيطان والاحتلال

غياب الوحدة

بدوره شدد "عبد الله أبو رحمة" مدير عام دائرة العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الاستيطان على أن غياب الوحدة الفلسطينية والعمل الجماعي أثر بشكل كبير على توسع المقاومة الشعبية وتحقيق أهدافها في صد الاستيطان والاحتلال.

وأكد خلال حديثه لـ"زوايا" أنه بدون مشاركة الكل فلسطيني، ستبقى المقاومة الشعبية نموذج فردي وانجازاتها محدودة، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي من المقاومة الشعبية هو التخلص من الاحتلال، وأن ذلك لن يتحقق إلا بالوحدة والاستمرارية.

اقرأ أيضاً: يوجد ما نخاف منه: الثورات الثلاث التي خططت لها الحكومة الجديدة

وقال إن الانتفاضة الأولى عام 87 شكلت نموذجا للعمل الجماعي الناجح في تسليط الضوء على الاحتلال الإسرائيلي، عندما شارك فيها جميع الفئات الفلسطينية من كبار وصغار ونساء ورجال ونقابات وعمال وموظفين، وهو ما تفتقده المقاومة الشعبية اليوم.

وطالب "أبو رحمة" بضرورة تنوع تكتيكات ووسائل المقاومة الشعبية وأن تتخذ عدة أشكال عبر المسيرات، والاحتكاك عبر نقاط التماس، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية لرفع كلفة الاحتلال وتكبيده الخسائر.

جمهور واسع من الفلسطينيين يرون بأن المقاومة المسلحة هي النموذج الأكثر قدرة في مواجهة الاحتلال

المقاومة المسلحة

من جهته أرجع الكاتب والمحلل السياسي "جهاد حرب" السبب وراء عدم تعميم نموذج المقاومة الشعبية إلى عدم ثقة المواطنين الفلسطينيين بجدوى هذا الأسلوب في مقاومة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وقال لـ"زوايا": إنه وفقا لاستطلاعات الرأي فإن جمهور واسع من الفلسطينيين يرون بأن المقاومة المسلحة هي النموذج الأكثر قدرة في مواجهة الاحتلال".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة توقف دعم إيران للفصائل الفلسطينية.. وما تداعياته؟

وأوضح أن الخطاب الفلسطيني الرسمي الذي ينادي بالمقاومة الشعبية ظل معزولاً عن الموقف الشعبي فيما يتعلق بمقاومة الاحتلال.

يذكر أن القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية أكدت خلال اجتماع دوري لها أواخر العام المنصرم، على ضرورة توسيع رقعة المقاومة الشعبية، واستكمال لجان الحراسة للدفاع عن القرى والمدن الفلسطينية، مشددًة على أن تصعيد الاحتلال والمستوطنين للجرائم والحرب المفتوحة ضد الفلسطينيين، ومحاولات فرض الوقائع على الأرض، لن تكسر إرادة الصمود والتحدي لديهم.