الاحتلال يجني ثمار تدهور الإسكان الفلسطيني بالقدس والضفة

الاسكان في القدس
الاسكان في القدس

يمر قطاع الإسكان في الأراضي الفلسطينية بحالة خاصة من التدهور، نتيجة للبنية الـمدمرة التي خلفها الاحتلال، والتضييق على الـمخططات الهيكلية وتوسعة حدود البلديات وهدم وإغلاق الـمنازل، ومحدودية رخص البناء، الأمر الذي حد من إمكانيات النهوض بهذا القطاع بشكل يناسب النمو الطبيعي في عدد السكان.

وخلال تقرير موسع حاولت مؤسسة "زوايا" فتح هذا الملف مع المختصين وأصحاب القرار لمعرفة مواطن الخلل، ومناقشة التحديات والعقبات التي تواجه هذا القطاع، خاصة في مدينة القدس، والمناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية، والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية وتشهد اكتظاظًا سكانيًا.

معيقات إسرائيلية

وفي الإطار قال "أحمد القاضي" نقيب المقاولين الفلسطينيين في الضفة إن اتحاد المقاولين يحاول قدر الإمكان تذليل العقبات، التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على ملف الاسكان في القدس ومناطق "ج".

وأكد خلال حديثه لـ"زوايا" أن شركات المقاولات العاملة في القدس، بحاجة إلى محفزات وتسهيلات من الجهات الحكومية عبر الاعفاءات الضريبة، وتوفير أراضٍ بأسعار رمزية، حتى يتسنى لها عمل مشاريع بتكلفة رخيصة يستفيد منها المواطن المقدسي.

ودعا "القاضي" إلى تجهيز بنية تحتية وعمل مشاريع نوعية، لتعزيز الوجود السكاني في الضفة والقدس، كجزء من سياسة وخطة حكومية عامة، لتعزيز فرص قيام الدولة الفلسطينية.

وتطرق نقيب المقاولين إلى مجموعة من المعيقات التي يفرضها الاحتلال، بهدف طرد وتهجير الفلسطينيين من هذه المناطق، حيث يرفض إعطاء الفلسطينيين تراخيص البناء، وعدم منح تصاريح للأيدي العاملة، ويعطل المشاريع الاسكانية والتنمية المستدامة، التي تدفع لتمكين صمود وبقاء المواطنين في تلك المناطق.

اقرأ أيضاً: تكدس القضايا أمام محاكم غزة يزعزع ثقة المواطنين بالقضاء

وحث "القاضي" الحكومة الفلسطينية والجهات الشريكة والممولة على الاهتمام بمناطق القدس ودعم المشاريع فيها، وتقديم مجموعة من التسهيلات والمحفزات لترسيخ الوجود الفلسطيني فيها.

دور البنوك الفلسطينية

وحول إمكانية مساهمة البنوك الفلسطينية في دعم مشاريع قطاع الإسكان لمحدودي الدخل في القدس والضفة، رأى "نصر عبد الكريم" الخبير في الشأن الاقتصادي أنه من الصعب تحقيق ذلك، لا سيما وأن البنوك تعتبر تجارية وربحية بالدرجة الأولى.

وأوضح خلال حديثه لـ"زوايا" أنه بدون أن يتوفر للبنوك أموال بفوائد وشروط ميسرة لا تستطيع أن تقرض وتمول هذه المشاريع، مشيرًا إلى أنه لا يوجد ضمن النظام البنكي الفلسطيني المصرفي "بنوك عقارية متخصصة" تمولها الدولة أو جهات أخرى بشروط ميسرة.

وتابع: "الفوائد التي تفرضها البنوك ولفترة طويلة فيها مخاطر وأعلى من الفوائد العادية الأخرى، وهي مرتبطة بالتقلبات التي تجري حول العالم".

ونبه الخبير الاقتصادي إلى أنه بإمكان الحكومة الفلسطينية التخفيف على المواطنين، عبر توفير تمويل ميسر، ومنح الجمعيات الاسكانية المرخصة أراضٍ حكومية للاستفادة منها، بالإضافة إلى تجهيز البنية التحتية للمناطق المهمشة لحمايتها من الاستيطان وتزويدها بالكهرباء والماء، لمساعدة المواطنين على السكن فيها.

وانتقد "عبد الكريم" دور وزارة الإسكان واتهمها بالقصور في تنفيذ المشاريع الإسكانية، وطالب بإلغائها أو دمجها تحت مسمى وزارة "البنية التحتية"، التي تشمل خدمات الطاقة والاتصالات والمواصلات.

خفض تكلفة السكن

وكان "صلاح هنية" رئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة قد طالب خلال مقال له الحكومة الفلسطينية بمتابعة قرارات الحكومات المتعاقبة بالتوجه صوب مدينة القدس والمناطق المصنفة قسراً "ج".

وأكد أن الفلسطينيين بحاجة إلى مراجعة سريعة في سياسات قطاع الإسكان، ومراجعة أدوات هذه السياسات، وتحديد الشركاء، وتقليل بيروقراطية الإجراءات، التي تطيل أمد النهوض بقطاع الإسكان.

ودعا الجمعيات التعاونية الإسكانية إلى خفض تكلفة السكن لمحدودي الدخل، وأن يكون قطاع التطوير العقاري أكثر قرباً من الناس لتوفير الحق لهم في السكن.

وشدد "هنية" على ضرورة إعادة النظر في التعاطي مع الأراضي الحكومية والأراضي الوقفية، لتكون رافعة لقطاع الإسكان منخفض التكاليف، وألا تتحول إلى إسكان للمقتدرين، مشيراً إلى أن هذا يتطلب مصادر تمويل، ومؤسسات إقراض متخصصة بالإسكان، ومرونة من قبل البنوك.

نموذج الخان الأحمر

وفي ذات السياق، أكد "خليل التفكجي" المختص في شؤون الاستيطان ومدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية في القدس، أن الإدارة المدنية الإسرائيلية لن تسمح بإقامة أي مشاريع إسكانية فلسطينية في القدس ومناطق "ج" بالضفة، كونها تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: ضجة حول "الشقق المصرية" بغزة.. ما أسبابها؟

وشدد خلال حديث لـ"زوايا" على أن الفلسطينيين بحاجة إلى استراتيجية تقوم بالاعتراف بالتجمعات البدوية وإعطائها أسماء، كما حدث في قضية الخان الأحمر بالقدس، مشيرًا إلى وجود نحو أكثر من 400 ألف فلسطيني من مناطق "ج" مصفنين كتجمعات بدوية.

وبين أن عملية البناء في القدس تحتاج إلى ميزانية ضخمة ومعركة سياسية، واستراتيجية واضحة تعتبر القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، لمواجهة إجراءات السلطات الإسرائيلية، التي قد تقدم على تدمير هذه الأبنية.

ونوه "التفكجي" إلى أن الجانب الإسرائيلي يطبق منذ فترة صفقة القرن على مناطق "ج" في الضفة، مؤكدًا أن الذي يستطيع فرض الأمر الواقع هناك هو الذي سينتصر في نهاية المطاف.

واتهم المختص في شؤون الاستيطان السلطة الفلسطينية بإهمال مناطق القدس، كاشفاً النقاب عن وجود حالة تراخي لتوطين الفلسطينيين في مناطق "ج"، التي تشكل 60% من مساحة الضفة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo