ضجة حول "الشقق المصرية" بغزة.. ما أسبابها؟

الشقق المصرية بغزة
الشقق المصرية بغزة

بفارغ الصبر كان المواطنون في قطاع غزة ينتظرون الإعلان عن التسجيل للاستفادة من مشاريع الإسكان المصرية، وذلك على غرار المشاريع الإسكانية الممنوحة مثل (القطرية، الكويتية، السعودية، والإماراتية وغيرها)، التي تم تنفيذها في القطاع في السنوات الماضية.

وفور انتشار تصريح لوزارة الأشغال العامة والإسكان على لسان وكيلها ناجي سرحان يتضمن الحديث عن الشقق المصرية، ضجت وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي سخطاً على السعر المُعلن للبيع والبالغ 50 ألف دولار أمريكي للشقة الواحدة بمساحة 140 متراً، وهو الأمر الذي نفته لاحقاً الوزارة نفياً قاطعاً.

وكانت مصر قد خصصت منحة 500 مليون دولار لإعمار غزة، عقب العدوان الإسرائيلي على  القطاع في مايو 2021، وبدأت بإنشاء 3 مدن سكنية تضم 2500 وحدة سكنية، إضافة إلى كورنيش شارع البحر شمال قطاع غزة بطول 4 كيلومترات على مرحلتين.

جدل وغضب واسع

ومن جملة من عبروا عن غضبهم المواطن "يسري العثامنة" فكتب بلغة عامية قائلاً "خمسين ألف دولار ثمن الشقة المصرية إلي أصلاً جاية تبرعات تخيلو..! واليوم بتطلع الحكومة الموقرة وبتحكي إنه الشقق هتنباع بيع طبعاً بدفعة أولى والباقي على دفعات شهرية على مدار 15 أو 16 سنة".

وأضاف "والله وانتو إيش أفرقتو عن أي مشروع استثماري موجود فالبلد، طيب ما في شقق اليوم بتيجي بتدفع مبلغ والباقي بيكون بالتقسيط .. بس هادي الشقق جاية تبرعات والمصريين مش مقدمينهم عشان حضرتكو تيجو اتبوعوها، أنا بحكي من حقنا وحق إلي مثلنا نطالب بحقنا وحق كل واحد إنه يطلع يتكلم بالموضوع".

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM.jpeg

 

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM (1).jpeg

 

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM (2).jpeg

 

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM (3).jpeg

 

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM (5).jpeg

 

WhatsApp Image 2022-12-23 at 8.11.08 PM (4).jpeg

لا جديد يذكر لدى الأشغال

وعلى ضوء هذا الجدل الكبير، فقد صرح وكيل وزارة الأشغال ناجي سرحان في حديث مقتضب لـ"زوايا" أن وزارته لم تتطرق إلى سعر الشقق المصرية، ولم تعلن أصلاً موعداً محدداً لفتح باب التسجيل على الرابط الإلكتروني الحكومي، مرجعاً سبب انتشار الإشاعات بالخصوص إلى "تعطش المواطنين في القطاع وحاجتهم الكبيرة للسكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة".

اقرأ أيضاً: وسط مؤشرات كارثية.. الكثافة السكانية تنفجر في غزة

واكتفى سرحان بالقول "لا جديد يذكر أو معلومات إضافية عما نشرته الوزارة في الإعلام حول الشقق المصرية بشكل خاص والمشاريع المصرية بشكل عام في القطاع"، داعياً المواطنين إلى "التروي والصبر إلى حين الإعلان بشكل رسمي عن التسجيل، وذلك قبيل انتهاء العمل في المدن المصرية الثلاثة".

وكان وكيل وزارة الأشغال، قد صرح سابقاً أن مشاريع الإسكان المصرية الثلاثة تسير بشكل متفاوت، وتوقع انتهاء العمل فيها بشكل كامل منتصف العام القادم، كما أن مجموع العمارات السكنية للمشاريع المصرية 117 عمارة، بإجمالي 2500 وحدة سكنية .

وقال سرحان، إن الوحدات موزعة على ثلاثة أماكن وهي: "دار1" في مدينة الزهراء تشمل 73 عمارة سكنية، و"دار2" في منطقة الكرامة تشمل 22 عمارة، و"دار3" قرب المدرسة الأمريكية تشمل 22 عمارة، موضحا أنه تم وضع آلية للاستفادة من الوحدات السكينة المصرية، وهي بنفس آلية مدينة "حمد"، والأولوية في الإسكان لمن ليس لهم سكن وللمستأجرين بنظام الدفعة المقدمة والأقساط شهرية.

وأضاف: "بعد الانتهاء من بناء الوحدات السكينة، سيتم الإعلان عن رابط، من خلاله يتم التسجيل للاستفادة من هذه المشاريع وفق معايير محددة، وبعدها يتم اختيار الأسماء بنظام القرعة لمن تنطبق عليها الشروط"، مؤكداً أنهم ينتظرون "الاتفاق مع المصريين حول الآلية التي تم وضعها للاستفادة من الوحدات السكنية باعتبارهم شركاء في مشروع الإسكان".

ودون أي تعقيب أو تصريح ينفي أو يؤكد، تلتزم اللجنة المصرية لإعادة الاعمار والعاملة في قطاع غزة بالصمت، وتكتفي بنشر الصور والفيديوهات على صفحتها حول ما توصلت إليه المشاريع التي تتفذها في القطاع ضمن المنحة.

استحقاق وشفافية التوزيع

من ناحيته، فقد ذكر الكاتب والمحلل في الشأن الاقتصادي سمير أبو مدللة، أن هناك أزمة سكن حقيقية في القطاع، بسبب أن المجتمع الغزي والفلسطيني بشكل عام "مجتمع فتي"، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 38% من الفلسطينيين هم من الفئة العمرية (0-14) عاما.

وأشار أبو مدللة في حديث لـ"زوايا" إلى التقديرات بأن القطاع يحتاج إلى ما يقارب 120 ألف وحدة سكنية، وهذه الاحتياج تراكم خلال السنوات الماضية، في ضوء محدودية موارد الدخل للمواطن بسبب الحصار المستمر منذ 15 عاما والعدوان الإسرائيلي المتكرر، وتراجع العمل في القطاع الخاص، مما ولد بطالة مرتفعة خاصة في صفوف الشباب تصل إلى 65% .

وحول الجدل الكبير الذي صاحب الإعلان الحكومي عن قرب التسجيل للشقق المصرية، فقد ذكر أبو مدللة أنه لم يتم الافصاح عن سعر الشقق المصرية وآلية توزيعها بشكل رسمي حتى الآن، لكنه شدد على ضرورة أن توزع لمستحقيها بعيداً عن الواسطة والمحسوبية.

ولفت إلى أنه ليس محدداً –حتى الآن- هل ستوزع هذه الشقق بالمجان أم ستُباع بالتقسيط على فترات بعيدة أم أنها ستتوفر للمواطن بأسعار التكلفة أو أقل، معتبرا أن هذه منحة من الحكومة المصرية، ويُمكن وضع آلية تسديد تصب في صالح بناء المزيد من الشقق مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: "التكييش" يدهم المجتمع الغزي.. هل التدخل الحكومي كاف؟

ومن وجهة نظر أبو مدللة، يفترض أن يستفيد من الشقق المصرية فئات محددة في المجتمع من المتضررين وأسر الشهداء والأسرى والعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة والأسر الفقيرة المسجلة لدى الشؤون الاجتماعية وأصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة من الموظفين.

وحول المحاذير المصاحبة لتسليم الشقق المصرية، فقد اعتبر أبو مدللة أنه يمكن تجاوز الأخطاء السابقة، بتولي القائمين على المشروع بأنفسهم توزيع هذه الشقق السكنية بالتعاون مع الحكومة وتحديداً وزارة الشؤون الاجتماعية وبعض مؤسسات القطاع الخاص، داعياً إلى تشكيل لجنة تتسم بالشفافية وتضع معايير وشروط محددة للاستفادة يتم تطبيقها على المستحقين.

ويرى أبو مدللة، أن الالتزام والنجاح في التوزيع العادل للشقق المصرية يعطي مثالاً يحتذى به لمصر ودول وجهات أخرى، لبناء المزيد من الوحدات السكنية، ومساعدة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo