دراسة بحثية: قوات أمن السلطة حزبية وتخضع لنظام أبوي قائم على الولاء

أمن السلطة الفلسطينية
أمن السلطة الفلسطينية

تعتمد قوات أمن السلطة الفلسطينية، بوضعها الراهن، كمؤسسةٌ حزبية على الارتقاء في صفوفها اعتمادًا أساسيًا على عاملي الولاء والقرابة، حيث تنامت النزعة الأبوية المميِّزة لهيكل الحوكمة التنظيمي داخل تلك القوات لتطال تفاعلها الأوسع مع المجتمع الفلسطيني بسبب قدرتها على الوصول إلى المساعدات المالية والأسلحة.

وخلال مبادرة بحثية أعدها فريق ومحررو شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة" حول السيناريوهات السياسية المستقبلية للفلسطينيين في الضفة المحتلة وقطاع غزة، كشفت فيه أن الوضع الراهن لقطاع الحوكمة والأمن يشهد انخراطا لقوات أمن السلطة وإسرائيل في تنسيق أمني، على مستوى الرتب الدنيا، بعد أن كان التنسيق، محصورًا في أربعة أو خمسة من كبار ضباطها.

وأكدت "الشبكة" أن إسرائيل ومن خلال هذه العملية تهدف إلى استحداث المزيد من الأقليات الفلسطينية المتحكمة، الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد أعداد أصحاب المصلحة المحليين في النظام الحالي ممن لهم مصلحةٌ أيضًا في استدامة الوضع الراهن، وهو ما يرغب فيه أيضا المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية من خلال الدفاع عن أهداف إسرائيل السياسية والعسكرية بينما تدَّعي التزامها بإيجاد تسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وبين البحث أنه ثمت محاولات يبذلها قادةٌ أمنيون عاملون وسابقون في قوات أمن السلطة الفلسطينية للاستفادة من اتفاقات التطبيع مع الدول العربية، بإظهار أنفسهم كوسطاء فاعلين بين الدول المُطبِّعة وإسرائيل.

كما أوضح أن النظامين القضائيين القائمين في الضفة المحتلة وقطاع غزة حزبيان لدرجة كبيرة، ولا يزال الرئيس عباس يحكم بالمراسيم الرئاسية منذ 15 عامًا، كما احتكر السيطرة على قطاع العدالة.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة المقاتلون يحبون بن غفير

وأضافت أنه في حين يعكف الفلسطينيون على توسيع نطاق المقاومة الشعبية ضد العنف العسكري والاستيطاني الإسرائيلي خارج إطار المؤسسات الحاكمة، فإن السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية مستمرة في الاستسلام للنظام الإسرائيلي من أجل استدامة الوضع الراهن.

سيناريو انهيار السلطة

ورغم استبعاد احتمال تفكك السلطة الفلسطينية وانهيارها توقعت المبادرة البحثية عددَا من التطورات التي يمكن حدوثها في حال انهارت السلطة، ومن بينها أن يحرص المجتمع الدولي على إعادة تشكيل قوات أمن السلطة كوحدة شرطة داخلية كما نصت المفاوضات السابقة، وأن تعيد إسرائيل فرض سيطرتها على الأرض، وهو ما سيؤدي إلى تفكك المجتمع المدني الفلسطيني جزئيًا كما حصل إبان الانتفاضة الثانية، وحَدَا الفلتان الأمني الذي عصفَ بالمجتمع الفلسطيني، وفشل الانتفاضة الثانية في تحقيق أهدافها السياسية، بالمجلس التشريعي والقيادات الأخرى إلى المطالبة بإعادة فرض النظام.

كما توقعت الدراسة أن ينتكس قطاعُ العدالة ويعودَ إلى نموذج المحاكم العشائرية والدينية واللجان المحلية في غياب المؤسسات الرسمية.

منظمة التحرير

واستبعدت الدراسة أن يتمخض إحياءُ منظمة التحرير الفلسطينية عن تغييرٍ في القيادة، وتوقعت أن تظل قوات أمن السلطة الفلسطينية حزبية وأن يستمر التنسيق الأمني، لأن القيادة الحالية تستند إلى شبكة معقدة يدعمها قطاع الأمن.

وأضافت أنه في حال أعيد إحياء منظمة التحرير، فإن الاختلافات الرئيسية في الممارسة القضائية ستكون على الأرجح سطحية، ولن تطال الولاية القضائية نفسها.

قمع المقاومة

أما في حال تصاعد المواجهات الشعبية فتوقعت المبادرة البحثية أن تستمر قوات أمن السلطة في قمع المقاومة الفلسطينية، كما حدث في الانتفاضة الثانية عام 2000، والمواجهة الثانية في انتفاضة الوحدة في مايو عام 2021.

ورغم أن العديد من العناصر من مختلف الرتب في قوات الأمن قامت بدور فاعل في المقاومة المسلحة في الانتفاضة الثانية للدفاع عن نفسها وحماية أبناء شعبها، إلا أن علاقة قوات أمن السلطة تبدلت بالمدنيين الفلسطينيين وأصبحت عدائيةً في الغالب في 14 مايو 2021، حيث شنَّت قوات أمن السلطة حملة اعتقالات جماعية استهدفت المشاركين في احتجاجات الضفة الغربية، بمن فيهم الناشطون المترشحون للانتخابات التشريعية.

اقرأ أيضاً: صحف عبرية: "بن غفير" سيملك جيشًا خاصًا و"نتنياهو" خطر على الأمن القومي

وأوضحت الدراسة أن المجتمع الدولي يحرص على أن تظلَّ قوات أمن السلطة الفلسطينية ملتزمة بالوضع الراهن، وأن تتمحور الحوكمة الأمنية في فلسطين حول مكافحة الإرهاب، وهو مصطلح يشمل أي معترض على النظام القائم.

غياب الرئيس

ورجحت الدراسة في حال غياب الرئيس عباس أن يكون خلفائه في المنصب الأوفر حظًا من قيادة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها ممن خرجوا من رحم قطاع الأمن المدعوم دوليًا، وأن تبقى القوة متركزةً في أيدي قلةٍ قليلة تُعيد إنتاج الوضع الراهن.

أما السيناريو الآخر المحتمل بحسب الدراسة فهو تنظيم انتخابات فلسطينية، ويرجح أن تنبثق منه ثلاثة نتائج محتملة: إعادة إنتاج الوضع الراهن برداء جديد من الشرعية، واتساع الهوة بين الفصائل السياسية وداخلها، وانتصار انتخابي لحركة اجتماعية تقلب الوضع الراهن إمّا إيجابًا وإمّا سلبًا.

أما التداعيات على قطاع العدالة في حال تنظيم الانتخابات، فتندرج تحت شقَّين، تغيير في منصب الرئيس سوف يقتضي مراجعةَ المراسيم، وإجراء تغييرات في صفوف الموظفين القانونيين، وثانيًا، سوف يتعين على المجلس التشريعي المنتخب حديثًا أن يراجعَ المراسيم الرئاسية السابقة كلها، وهذا قد يؤدي إلى حالة من الشلل، ما لم تعمل الأحزاب المختلفة معًا.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo