قدمت عدة سيناريوهات

مبادرة بحثية: السلطة ستنهار بفعل التحرّك الشعبي واستمرار الانقسام

السلطة الفلسطينية
السلطة الفلسطينية

قدمت مبادرة بحثية عدة سيناريوهات ونظرة سياسية عامة عن الأوضاع الفلسطينية في حال استمر الوضع الراهن، أو إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحدوث انتفاضة شعبية عارمة.

وبينت المبادرة التي أعدها فريق ومحررو شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة" أن السنوات الأخيرة شهدت قفزة في النشاط الاستيطاني في الضفة بما فيها القدس، ونجاحا إسرائيليا في بناء جسور للتواصل مع الدول الخليجية.

في المقابل فشلت السلطة الفلسطينية دبلوماسيًا في بناء شبكة علاقات على المستوى الدولي تمكنّها من إحراز تقدّم في محاولات الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، بل وصلت إلى حد خسارة الدول الصديقة والحليفة.

وقالت المبادرة إن السلطة الفلسطينية لم تتوقّف عن سياسات خلق الفلسطيني الجديد، وشهد المجتمع الفلسطيني سنوات من الترويض من خلال قطع الرواتب، والقمع الأمر الذي حال دون ميلاد حراك شعبي واسع على أرضية القضايا الوطنية.

كما أن غياب الرؤية الفلسطينية البديلة أقصى ما فعلته قيادة السلطة هو التلويح بحل السلطة ووقف التنسيق الأمني، دون أن يتحوّل هذا الطرح إلى فعل.

تفكيك وانهيار السلطة

وطرحت المبادرة سيناريو تفكك أو انهيار السلطة وقالت إنه خيار ممكن فلسطينيًا وإسرائيليا ولبعض القوى الدولية، حيث لوحت القيادة الفلسطينية مرارا بحل السلطة كوسيلة ضغط على الاحتلال وإقرارا منها بدورها الوظيفي الذي يخدمه أمنيًا، غافلةً أن اليد العليا للاحتلال في حل السلطة من عدمه.

وكشفت المبادرة أن تفكيك السلطة كخيار مشترك هو التصوّر الأقرب للواقع، مع وجود بعض العقبات والتساؤلات عن البديل الذي سيحول دون تحول المنطقة إلى بيئة عنف لا متناهية، حيث تأخذ إسرائيل بعين الاعتبار أن تفكيك السلطة يعني فكّ قيود حركات المقاومة، وإشعال ثورة جديدة، فيما ستصبح المطالبات بإعادة بناء منظمة التحرير على أسس جديدة أكثر قبولاً.

وتوقعت الدراسة أن تنهار السلطة بفعل التحرّك الشعبي، وما يساعد في ذلك استمرار الانقسام الفلسطيني، وتفشي الفساد في المجتمع الفلسطيني، وانتهاك القانون والحريات والحقوق، والأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة.

اقرأ أيضاً: خبير مصري: حكومة "نتنياهو" المتطرفة ستتجاهل دور مصر التاريخي

ونوهت إلى أن غياب أي رؤية إصلاحية للسلطة الفلسطينية، وغياب استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاستيطان، تعزّز احتمالية انهيار السلطة خلال السنوات القليلة القادمة، فيما سيحول تدخل الاحتلال، ودخول الفصائل في الحراك الشعبي والتدخل الإقليمي عوامل قد تحول دون حدوث هذا السيناريو.

كما أكدت الدراسة أن تحول السلطة لبلدية كبرى تدير شؤون المواطنين دون أي دور وطني، ومرتبطة بالاحتلال بما يضمن استمرار التنسيق الأمني، هو التصور الأوفر حظّاً في الحدوث نتاجاً لكونه تصوّر يحافظ على وجود سلطة كأداة ضبط للمجتمع الفلسطيني.

إصلاح المنظمة

وفيما يتعلق بسيناريو إصلاح منظمة التحرير بينت الدراسة البحثية أن الحركات والمنظمات الفلسطينية بما فيها حركة فتح لم ترفض مطلب الإصلاح، إلا أن مصطلح "الإصلاح" قابلة للتأويل وفقاً للرؤى الفصائلية، وهذا ممّا يمكن اعتباره من عقبات حدوث هذا السيناريو في المدى القريب.

وأوضحت أن حركة فتح لا ترى إصلاح المنظمة أكثر من عملية تشكيل جديدة للمجلس الوطني وإحياء بعض مؤسسات المنظمة دون أن تتراجع عن الاتفاقيات التي وقعتها مع الاحتلال، فيما ترى حركة حماس في المقابل أنّ إصلاح المنظمة أقرب إلى إعادة البناء، بما يشمل برنامجها السياسي ومؤسساتها.

كما تعتبر الظروف المتباينة التي يعشيها الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده من العقبات التي تقف أمام تحقّق هذا السيناريو، ولا يوجد فيما بينها سلطة قد تسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة للمجلس الوطني، والتي يمكن تجاوزها بحسب المبادرة التي تطرحها "الشبكة"، من خلال اختيار ممثلين للجاليات الفلسطينية في أماكن تواجدهم.

الدعم المالي والأمني سيوقف الانتفاضة

في سياق آخر استبعدت الدراسة قيام الفلسطينيين بانتفاضة في وقت قريب، إذا ما استمر التدفق المالي والدعم الأمني للسلطة الفلسطينية، وبقاء حالة الانقسام، والقبضة الأمنية الإسرائيلية التي تفرضها في الضفة والداخل المحتل.

ونوهت إلى أن فكرة تحوّل سيناريو الانتفاضة إلى واقع يبقى ضعيفاً إذا لم تتراجع السلطة الفلسطينية عن سلوكها الأمنيّ والاقتصادي، وهو أمر ممكن الحدوث إذا ما كسر الشارع الفلسطيني حاجز الخوف، وبدأوا حراكاً جماهيرياً ضاغطاً على السلطة.

وقالت إن الواقع الحالي في الضفة، يقلّل من فرص تحوّل أيّ هبّة جماهيرية إلى انتفاضة عامّة ومستمرّة، حيث ترتكز السلطة على قاعدة حركة فتح الجماهيرية وتقيّد القاعدة الجماهيرية لبقية الفصائل الفلسطينية.

وكشفت الدراسة عن وجود مؤشرات لمشاركة فلسطيني الداخل المحتل في أي انتفاضة فلسطينية جديدة في المستقبل، عبر المسيرات والاحتجاجات والالتحام المباشر مع سلطات الاحتلال في المناطق المختلطة.

اقرأ أيضاً: صحف عبرية: "بن غفير" سيملك جيشًا خاصًا و"نتنياهو" خطر على الأمن القومي

وشددت "الشبكة" في دراستها على أنّ الانتفاضة يجب أن تكون عامة وينخرط فيها كافة الفلسطينيين، مشيرةً إلى أن استمرار الاستيطان والاعتقالات والاغتيالات وتقييد الحريات، كلها دوافع تساهم في حدوث هذا السيناريو في وقت قريب.

كما بينت أن الالتفاف الجماهيري حول المقاومة ولفض تصرفات السلطة، ودور الفضاء الرقميّ في تشكيل حالة من الدعم والإسناد، بعيدا عن الضغوط الإسرائيلي، عوامل ساهمت وستساهم في حدوث الانتفاضة الشعبية.

احتمالات متعددة لغياب الرئيس

وفي سيناريو أخير بحثت الدراسة في شكل المرحلة ما بعد غياب الرئيس عباس أو تشكيل مجلس تشريعي جديد، وتوقعت ألا يكون له تأثير كبير على الواقع الحالي، كون المشروع الاستيطاني أوسع من الضفة وغزة.

وقالت إن سيناريوهات محتملة لغياب الرئيس قبل إجراء الانتخابات التشريعية، فإما أن تزيد الاحتقان الداخلي بين مراكز القوى في حركة فتح لاحتكار السلطة، أو أن تتولى الحكومة إدارة السلطة بشكل كامل إلى حين إجراء انتخابات، أو أن يحدث توافق بين أجنحة فتح على قائم بأعمال الرئيس.

واستبعدت الدراسة أن يتولى رئيس المجلس التشريعي المنحل مهام رئيس السلطة، كونه خيارًا مرفوضًا من حركة فتح.

وفي حال استطاعت حركة فتح لملمة أزماتها الداخلية، رجحت الدراسة البحثية أن تصبح حركة حماس أكثر تركيزاً على الدخول إلى منظمة التحرير، وأن تستخدم قوتها في غزة لإسناد برنامجها السياسي، ولن يكون بمقدور أي حكومة تغيير حقيقة أن فتح تحكم الضفة وحماس تحكم غزة.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo