المطر ليس له علاقة بغرق غزة .. ابحثوا عن الفساد والإهمال

غرق شوارع قطاع غزة
غرق شوارع قطاع غزة

كل عام في بداية فصل الشتاء تغرق الكثير من شوارع وأحياء قطاع غزة جراء الأمطار، الغريب في الأمر أن الغرق هذا يطال نفس الأماكن من شوارع ومفترقات وأحياء في كل عام، حتى يكاد المراقب للصور التي تخرج من تلك الأماكن الاعتقاد بأن هذا احتفال سنوي وليس حدث مكرر منذ ما يزيد عن عشر أعوام.

WhatsApp Image 2022-11-08 at 5.30.21 AM.jpeg

جميعنا يعلم أن القطاع يخضع لعملية حصار وحروب متكررة أدت إلى تلف كبير في البنية التحتية سواء لمجاري الصرف الصحي أو لمياه الشرب غيرها من الأمور التي تخص عمل البلديات، لكن هل الحصار هو المسؤول عن غرق مفترق طريق لمدة عشر أعوام دون أي محاولات جادة لإعادة تخطيط المصارف فيه؟! هل الحصار مسؤول عن غرق شارع جديد تم تعبيده قبل عدة أشهر فقط؟!

لا يخفى على أحد أن هناك إهمال واضح سببه ضمان عدم مسائلة من قبل المسؤولين عن هذا الأمر في البلديات أو في الشركات التي تم التعاقد معها، وذلك بسبب غياب العملية الديمقراطية في انتخاب الهيئات المحلية، وتشابك العمل البلدي مع العمل الحكومي والفصائلي في القطاع مما أدخل القطاع العام والبلديات خاصة في دوامة وتجاذب لا يخدم المواطن بأي درجة من الدرجات بل يعمل على هدر الموارد وعدم استغلالها في المكان الصحيح.

إن كانت البلديات تشكوا من العجز، فلماذا لا تطرح موازنتها للجمهور، وأين هي المسؤولية الحكومية في متابعة عمل هذه الهيئات واسنادها بالدعم المطلوب، علمًا أن هناك آليات كثيرة يمكن للحكومة ولحركة حماس بغزة أن تفعلها بخصوص تقوية أسطول البلديات والدفاع المدني من الآلات والمعدات من خلال المفاوض القطري المعتمد في إدخال النقود والسولار وفتح المعابر، فمن الممكن أن تطلب الحكومة إدخال ما يلزم من المعدات سواء من "إسرائيل" أو من معبر رفح، وأظن أن لديها الطرق اللازمة لكي تضغط في هذا الجانب.

أمر الغرق المتكرر لشوارع قديمة وأخرى تم شقها من جديد وعمل ترميم لها يدعونا بجدية إلى طرح تساؤلات عديدة أبرزها هل يوجد فعلًا جهات هندسية في البلديات تعمل على التخطيط ومتابعة المشاريع والشوارع على مدار السنة، أما أنها مجرد مسميات لا تجتهد في عملها، بل لا تقوم بما هو عادي من أجل عدم تكرار مأساة مل منها الجمهور سيما أن البلديات تعلن باستمرار ما تسمية جهوزيتها الكاملة لموسم المطر في فصل الشتاء، هذا الأمر يحتاج إلى وقفة حقيقة ومسائلة من أجل عدم تكرار هذا الأمر.

r'hu y.m.jpg

موضوع آخر له علاقة مباشرة باللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة وهي الجهة المشرفة على شق وتعبيد شارع صلاح الدين الرئيسي في قطاع غزة الذي يصل شماله بجنوبه، هذا الشارع من أحدث الشوارع في قطاع غزة وقد تم إنشائه بمواصفات عالية وميزانية كافية بعيدًا عن حجة الحصار وضعف الموازنة وكل الأمور التي قد تؤخذ ي عين الاعتبار كمبرر لفشل ما قد يحصل، رغم ذلك يحدث غرق لكثير من مفترقاته في أول هطول للمطر كل عام، علمًا أن كمية هطول المطر لا تختلف سنويًا في قطاع غزة، بل تبقى تراوح مكانها في متوسط (20.8مم) لجميع مناطق قطاع غزة في بداية الموسم حسب وزارة الزراعة الفلسطينية، هذا الغرق يطرح شبهات بالفساد قد حصلت من بداية المشروع وتقديم تصاميم البنية التحتية التي من المفترض أنها وضعت بعد دراسة جغرافية للمنطقة تراعي فيها المساحة وكمية هطول المطر وكيفية التصريف الفوري، عوضًا على ظروف الطوارئ، ولكن هذا لم يحدث بل جرى العكس، وهذا يجعلنا نطرح التساؤل الكبير عن الفساد الذي حدث في ترسية العطاء والمتابعة وفحص ما قبل الاستلام وغيره من الأمور الفنية، علمًا أن هذا الشارع منذ الانتهاء منه عام 2019 لم تحدث له عمليات صيانة تعمل على تأمين الحياة المرورية فأغلب إشارات المرور قد تلفت ولم يتم تغييرها، عوضًا على ممرات المشاة وغيرها من التفاصيل الفنية التي تحتاج إلى عملية صيانة دائمة، وعليه يجب أن تشكل لجنة خاصة فورية تعمل على المسائلة والتغريم وإعادة الإصلاح وإلا سوف نبقى ندور في نفس الحلقة ولكن هذه المرة لن تكون مفرغة بل مليئة بالمياه الضحلة التي حتمًا سوف نغرق فيها جميعًا.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo