<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

النّفورُ المدرسي.. أسبابٌ عديدةٌ وتداعياتٌ تعليميةٌ خطيرة

طلبة المدارس في غزة
طلبة المدارس في غزة

تُعدُّ ظاهرةُ النفور المدرسي عائقًا كبيرًا في طريقِ الرحلة التعليمية لدى الطلبة في مراحلهم العمرية كافة، ومن شأنِها أن تلقي بظلالها الخطيرةِ على العملية التعليمية وتهدد مستقبل الطلبة الأمرُ الذي قد يدفعهم لمغادرة المدرسة نهائيًا.

ويقولُ الطالبُ في الصفِ الثاني الإعدادي "محمد صافي" أنه مستاءٌ جدًا من طريقةِ التعليم التقليدية التي تجعل الطلبة في مللٍ شديدٍ وروتين قاتل، مع غيابِ الأنشطة التي تحفز الطلبة على المكوث في المدرسةِ وحبها.

ويضيفُ لـ "زوايا" أن المدرسة تكادُ تخلو من بعض حصص الرياضة، وفي بعض الأحيان يضطر بعض المعلمين لاستبدال حصة الرياضة بحصة رياضيات أو لغة عربية، الأمر الذي يجعل الطلبة في ضيقٍ من أمرهم.

أما الطالبة ولاء عبد الحميد وهي طالبة في الصف الثاني فيقول والدها إنها مضطرة لحمل حقيبتها الممتلئة بالكتبِ المدرسيةِ وهي تشكل عبئًا على الطلبة ولا سيما الأطفال منهم.

ويتابع خلال حديثه لـ "زوايا" "نحن كأولياء أمور طلبة نعاني جدًا خلال تدريسنا أبنائنا بسبب تكدس الواجبات والامتحانات والمواد التعليمية" متسائلًا هل بالإمكان أن يستوعب الطلبة كل هذه المواد الدراسية؟

أسبابٌ عديدةٌ تدفعُ إلى تعزيز هذه الظاهرة الخطيرة، وفي هذا التقرير تستضيف "زوايا" المختص بالشأن التربوي والتعليمي مخلص سمارة وأستاذ الصحة النفسية المشارك جميل الطهراوي، للوقوف على أسباب وتداعيات هذه المشكلة والحلول المقترحة.

تكدسٌ طلابي وروتينٌ مملٌ

وقال أستاذ الصحة النفسية المشارك جميل الطهراوي إن العبء الأكبر في مستوى حب وكره الطلبة للمدرسة يقع على الإدارة التعليمية والمدرسة، داعيًا إدارة المدرسة والأهالي على حدٍ سواءٍ، لاتخاذ إجراءات عملية لتعزيز حب الطلبة للمدرسة واعتبارها مرحلة مصيرية في حياتهم.

اقرأ أيضاً: صمت السنوار.. ما الذي دفع قائد حماس بغزة للغياب؟

ويرجعُ خلال حديثـه لــ "زوايا" أسباب كره الطلبة للمدرسة إلى العديد من العوامل، وبشأن أولها التكدس الطلابي داخل الفصل الذي لا يمنح الطالب الاهتمام الكافي من المعلمِ ويضفي عبئًا كبيرًا على المعلم في تعامله مع الطلبةِ.

وحول اليوم الدراسي قال "الطهراوي" إن اليوم الدراسي روتيني وممل ويفتقر إلى نشاطات إبداعية تعزز حب الطلبة للمدرسة، مثل النشاطات الرياضية والتحفيزية التي تجعل المدرسة بالنسبة إليه مكانًا للمتعةِ.

الواجبات والامتحانات

وطالب "الطهراوي" بضرورة تخفيف الواجبات مبينًا أن الطبة يقضون وقتًا طويلًا في المدرسة ومن ثم أيضًا في حل الواجبات وهي طريقة مملة، ما يسبب للخوف لدى الطلبة من عدم إنجازها وتعرضهم للعقابِ.

وبشأن وسائل القياس والتقويم وهي الامتحانات التي تعتبر جزءًا أساسيًا من عملية التعليم دعا لإعادة تقييم "وسائل التقييم" في المدرسة ولا سيما لدى الطلبة ضعيفي التحصيل الذي قد يلقون تهميشًا بناء على درجاتهمِ فيكرهون المدرسة أكثر فأكثر.

التحفيزُ والإبداعُ

ونصح "الطهراوي" بضرورة توفر الأنشطة المختلفة مثل الرياضة والفنون والرسم واستخدام وسائل مبهجة للطلبة وأكثر إبداعية، كي لا يشعر الطالبة بالملل وكراهية المدرسة، إضافةً إلى ضرورة استخدام الخرائط والرسوم التعليمية التفاعلية بدلًا من التركيز على الإلقاء ويقتصر دور الطالب على الاستماع فقط.

وبشأن الأهالي طالبهم بضرورة تحفيز أبنائهم ومراجعة أسباب كرههم للمدرسة، ومراقبة سلوكهم تجاه المدرسة ومعالجتها بأسرع وقتٍ ممكنٍ.

الثقافةُ تجاه المدرسة

وقال المختص والمدرب بالشأن التربوي والتعليمي مخلص سمارة أن أسباب كره الطلبة للمدارس يُعزى لعدةِ أسبابٍ، أولها في الوقتِ الحالي هو تغير طبيعة ثقافة المجتمع الفلسطيني نتيجة إقحام التكنولوجيا إلى الحياة العملية، فيما كان في السابقِ كانت المدرسة هي التي تملأ فراغ الطلبة.

ويؤثر الواقع الاقتصادي في بعض الأحيانِ ويفرض نفسه بقوة، ويؤثر على رغبة الطلبة بالالتزام بالمداسة، ما يدفعهم للبحث عن العمل لأنه يعتبر أولوية كي يلبي احتياجات أسرته ولا سيما إن كانت أسرته فقيرة للغاية، وهذا ما شهدناه من خلال عمالة الأطفال المنتشرة في فلسطين. بحسب "سمارة" خلال حديثــه لـ "زوايا".

ويرى "سمارة" أن الحافزية والدافعية لدى الطلبة قد انخفضت بسبب تكدس المناهج وأسلوب التعليم والاختبارات، والطالب ينظرُ إلى كل ذلك وإلى المدرسة على أنّها عبء وليس متعة.

كما أنّ موضوع "كره الطلبة للمدارس" يعودُ أيضًا لنظرة الأسرة والعائلة إلى المدرسة بأنها مكان للإيواء وليس مكانًا للتعلم والتربية فتغيب المتابعة الحقيقية، وهذا يؤثر سلبًا على الحافزية لدى أبنائهم الطلبة، يقول "سمارة".

وتسبب البطالة المرتفعة والأمل الضعيف في التوظيف بعد التخرج بحسب سمارة إلى عزوف الطلبة عن المدرسة وكرههم لها مبينًا أن هذا التفكير سطحي وهو موجود لدى بعض العائلات.

واقعٌ تعليمي يؤدي لنفورٍ مدرسيٍ

وخلصت ورقة بحثية بعنوان "واقع التعليم في المدارس الفلسطينية بعد نشوء السلطة الفلسطينية" بأن هناك إجماع تربوي على تدني ملحوظ في مستوى التعليم، بسبب تدني مستوى التحصيل نظرًا لغياب فلسفة واضحة للتعليم وضعف قدرات المعلمين وتقليدية المنهاج وتركيزه على التلقين والعرفة وتردي الوضع السياسي ولكن العامل الرئيسي هو تخبط السياسات في رأس الهرم التربوي وغياب الرؤية الفلسطينية، وكل الأسباب السابقة تصبُ في أسباب النفور المدرسي.

اقرأ أيضاً: الغموض يكتنف إدارة ملف "غاز غزة" واستخراجه لا زال معطلاً

كما رأت الورقة التي أعدتها الباحثة "سائدة عفونة" بمركز التعليم الإلكتروني بجامعة النجاح الوطنية بنابلس، أن وضع المعلم الاقتصادي بحاجة للتحسين لأن المعلم هو أساس عملية التطوير وهو الذي يؤثر على الارتقاء الطلبة وتحسين دافعيتهم للتعليم والمدرسة وقدراتهم التعليمية.

كما أوصت بضرورة تقويم المنهاج الفلسطيني على أسس دولية وعليمة، وإعداد بيئة صالحة للتعليم والتعلم من خلال تحديد احتياجات الطلبة والمعلمين ودراسة واقعهم وتفعيل دور الشركاء في العملية التعليمية، وإجراء تقويم خارجي للمنهاج الفلسطيني من قبل جهة مستقلة محايدة.

خطة متكاملة

وأوصت دراسة أعدها الدكتور مروان المصري في عام 2019، بضرورة وضع خطة متكاملة لتفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس لإشغال أوقات فراغ الطلبة وتفريغ طاقاتهم وعقد لقاءات وندوات تثقيفية لأولياء الأمور حول خطورة مشكلة التسرب وسبل احتوائها ومواجهتها.

كما أوصت الدراسة التي حملت عنوان "دور الإدارة المدرسية في مواجهة التسرب في المدارس الحكومية بمحافظة خانيونس) بضرورة فرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات التي يشجعون الطلبة على ترك المدرسة وتشغيلهم في سن التعليم الإلزامي. 

وبين واقعٍ تعليميٍ صعبٍ بحاجةٍ لتقويم وتطويرٍ مستمرٍ وبينَ واقعٍ حياتي صعبٍ، هكذا يعيشُ الطلبةُ الفلسطينيون ويمارسون حياتهم التعليمية، وسط دعواتٍ وتوصياتٍ متواصلةٍ لتدارك معضلة التعليم التي تؤدي حتمًا إلى النفور المدرسي وتعاظمه مع استمرار تراكم الأسباب المؤديـة إليه.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo