<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

"العصا والجزرة".. الفلسطينيون بمواجهة العقاب الإسرائيلي الجماعي

انتهاكات الاحتلال بالضفة
انتهاكات الاحتلال بالضفة

مع تصاعد وتيرة الأحداث في مناطق الضفة الغربية والقدس، وبشكل خاص في مدينتي جنين ونابلس وما رافقها من ظهور تشكيلات فلسطينية مسلحة جديدة فيها، تتبنى تنفيذ عمليات مقاومة عسكرية شبه يومية ضد أهداف إسرائيلية، اتخذت السلطات الإسرائيلية من سياسة "العصا والجزرة" نهجاً في محاولة لتركيع سكان هذه المناطق من الفلسطينيين.

ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، أن كل عائلة أو بلدة يخرج منها منفذ عملية أو تظهر فيها مظاهر للمقاومة الفلسطينية يفرض عقابا جماعيا عليها، فيما تستمر الحياة على طبيعتها في بقية المناطق المحيطة بها.

سلواد، جنين، مخيم شعفاط، نابلس، هي نماذج لبعض البلدات والمدن والمخيمات الفلسطينية التي وجدت نفسها تحت عصا العقوبات الجماعية هذا العام، بسبب خروج منفذي العمليات من داخلها.

يضطر أهالي سلواد شرقي رام الله مثلاً لحمل نعش الميت والسير به فوق سواتر ترابية مرتفعة، في كل مرة يغلق الاحتلال مداخل البلدة، كون مقبرة البلدة الرئيسية تقع خلف هذا الساتر. أما مدينة جنين فتخسر يومياً نحو 4 مليون شيقل بسبب الإغلاق الإسرائيلي لحاجز الجلمة، وهو المنفذ الوحيد للمتسوقين من أهالي 48، بحسب غرفتها التجارية. في حين حرم نحو 8 آلاف طالب من الدراسة لعدة أيام، نتيجة اقتحامات مخيم شعفاط شرقي القدس وتوتر الأحداث يومياً فيه بحثاً عن الشهيد عدي التميمي.

العقاب الجماعي الأبرز لهذا العام هو فرض حصار خانق على نحو ربع مليون نسمة يعيشون في مدينة نابلس ومحيطها لأكثر من أسبوعين في مشهد يذكر بسنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، ظهرت مجموعة "عرين الأسود" المسلحة علنًا في عرضٍ عسكريّ بالبلدة القديمة في نابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: معبرا الفلسطينيين للعالم.. بوابات المعاناة وتقييد الحركة

المجموعة أعلنت في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تنفيذها 5 عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين، وذلك ردا على اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

ومنذ ذلك الوقت، يقول نصر أبو جيش منسق لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة نابلس إن الاحتلال يواصل فرض عقوبات جماعية على محافظة نابلس، فهي تعيش في ظرف سيء جداً جراء هذه العقوبات.

وأوضح أبو جيش في حوار مع موقع "زوايا" إن المدخل الغربي للمدينة مغلق بساتر ترابي ومكعبات اسمنتية كبيرة، والمنطقة الغربية الجنوبية مغلقة بحاجز، والمنطقة الشرقية مغلقة إغلاقا تاما، أما المنطقة الجنوبية عند بلدات حوارة وعورتا أحياناً يفتح المدخل وأحياناً يغلق.

الحصار على مدينة نابلس أثر سلباً على الاقتصاد والتعليم والصحة، نتيجة إغلاق مداخل المدينة، بحسب أبو جيش.

وعلى إثر هذا الحصار هناك من ينتظر على الحواجز لأكثر من 6 ساعات من مرضى غسيل الكلى والسرطان وحالات الولادة، وغيرها من الحالات المرضية.

يشير أبو جيش "أنا موجود الآن في منطقة الدوار وسط نابلس وهي فارغة، قل الإقبال على نابلس، وهي لطالما اعتمدت على الرجل الغريبة".

الخبير في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي قال لموقع "زوايا" إن الاحتلال يمارس سياسة العقوبات الجماعية، وهي عدة أشكال منها: الإغلاقات، وفرض الحصار، وسحب تصاريح العمل من أقارب منفذي العمليات والعائلة الممتدة التي ينتمي إليها منفذي. ومن العقوبات الجماعية أيضا، الخصومات من عائدات المقاصة، وهي عقوبة تشمل كل الفلسطينيين حيث أن الرواتب منقوصة كل شهر منذ نحو سنة.

كذلك بين عصام العاروري، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أن هناك أنماطا أخرى من العقوبات الجماعية، عدا عن تلك التي ذكرها البرغوثي، مثل منع إصدار تصاريح حركة للعديد من السكان في مناطق محددة كما يجري في شمال الضفة هذه الأيام.

وتابع العاروري في حوار مع موقع "زوايا"، إن جرائم هدم منازل عائلة كاملة بذريعة قيام أحد أبناء العائلة بفعل ما، والتي تتم بدون أن يخضع المنفذ للمحاكمة في العديد من الحالات، هي عقوبات جماعية.

وأضاف، أن اغتيال هؤلاء الشبان هي عقوبة مضاعفة على عائلاتهم، وعقوبة جماعية أخرى هي باحتجاز جثامين الشهداء، الذي يعتبر عقوبة لعائلات الشهداء وأحبائهم وللمجتمع الفلسطيني بشكل عام، وهذه كلها مظاهر تدل على أن هذه السلطة المحتلة لا تعير أي وزن للقانون الدولي.

خلدون البرغوثي قال إن "هناك خلافا داخليا مستمر في "إسرائيل" حول جدوى العقوبات الجماعية، خاصة أن جهاز الشاباك وشعبة الاستخبارات في الجيش عادة ما تكون تقييماتهم الأمنية وتوصياتهم موضوعية ومهنية ولا تتأثر بقرار سياسي".

وأوضح أن "القرار السياسي يتأثر بالناخب الإسرائيلي، وإسرائيل في الفترة الأخيرة تشهد جولة وراء جولة من الانتخابات، ويتوجهون الآن لجولة خامسة وقد تكون هناك جولة سادسة، إذا نتائج الاستطلاعات بقيت كما هي".

ونوه البرغوثي إلى أن الشاباك عادة لا يوصي بسياسة الحصار والعقاب الجماعي، لأنه يعطي نتائج عكسية، حيث أن الفلسطيني في البداية يتضايق من الحصار ومن وقوع عملية ما، ولكن الاستمرار في العقوبة يمكن أن يحول الفلسطيني تجاه الاحتلال، والفلسطيني قد يقول في البداية "لو لم تقع العملية"، وفي النهاية يتحول لداعم العملية، لأن الاحتلال يعاقب الجميع ويثبت أنه احتلال.

لكن المستوى السياسي وفق البرغوثي، لا يقلق كثيراً كما المستوى الأمني، حيث أن المستوى الأمني في مرحلة ما يقول ارفعوا الحصار وافتحوا الحواجز، لكن المستوى السياسي كي يرضي الناخب يذهب للعقوبات حتى يقنع الناخب أنه يقوم بشيء، بالتالي كعقوبة هي عقوبة وهي سياسة "العصا والجزرة" بمعنى أن القرية التي يخرج منها منفذ عملية تعاقب وتعاقب أسرته ومحيطه، وتترك المناطق التي لا تحدث بها عمليات.

ولكن هل أثبتت هذه السياسة جدواها؟ يرد البرغوثي أن هذه سياسة متبعة، وحسب دراسات علمية، فإن أثر العقوبة على الفلسطيني يكون مدته من أسبوعين إلى شهر، وبعدها يتحول موقفه إلى مضاد إلى الاحتلال وليس ضد المقاومة، بمعنى أن الإجراءات الإسرائيلية قد تكون مؤثرة لفترة وقد تنعكس ضدها.

اقرأ أيضاً: جيش الاحتلال يقر بعجزه عن وقف هجمات "عرين الأسود"

وشدد البرغوثي أن الخطاب الجوهري يجب أن يذهب إلى أصل المشكلة وهو وجود الاحتلال وباقي الإجراءات العقابية هي جزئية، بالتالي هناك مشكلة كبيرة اسمها احتلال هي أيضاً نوع من العقوبات على الفلسطيني، بمعنى أنت كفلسطيني يجب أن تبقى تحت الاحتلال، والإجراءات هي تفاصيل والإشكالية الكبرى هي وجود الاحتلال، وزوال الاحتلال كفيل بإنهاء كافة أشكال العقوبات.

ورداً على نفس السؤال إن كانت نابلس ستركع نتيجة عقابها؟ رد أبو جيش بأن نابلس "لن تركع وسوف نكسر الحصار"، موضحا أنهم يقومون بعدة فعاليات لمواجهة سياسة العقاب الجماعي، من بينها مسيرة سيارات تجاه حاجز حوارة، ومسيرة شعبية على كل الحواجز.

ويتفق العاروري مع أبو جيش والبرغوثي، أنه ثبت ووفق توصيات المستويات الأمنية في دولة الاحتلال بأن العقوبات الجماعية ليست رادعة، وهذا ما ثبت بشكل ملموس في محطات سابقة، حتى أن سلطات الاحتلال في وقت ما توقفت عن بعض أشكال العقوبات، قبل أن تستأنفها في وقت لاحق.

وأضاف أنه من الناحية الردعية، كما تدعي سلطات الاحتلال، فإن العقوبات الجماعية تؤدي إلى توسيع دائرة المواجهة، حيث أن الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم خاضعين للعقاب دون أن يفعلوا شيء يدفعهم ذلك للمشاركة والانخراط في النضال الوطني، لمواجهة العقوبات الجماعية التي تمسهم وتمس مصادر رزقهم ومعيشتهم، وبالتالي هي نوع من الانتقام ليس أكثر.

وحول الوضع القانوني لسياسة العقاب الجماعي وفق القانون الدولي، أوضح عصام العاروري، وهو أيضاً مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن القانون الدولي المطبق على الأراضي الفلسطينية بشكل رئيسي هو القانون الدولي الإنساني، والذي يعالج القوانين تحت الحرب، وتقع تحته وضمنه اتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف ومنها اتفاقية حماية المدنيين.

وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات تمنع بصورة مطلقة العقوبات الجماعية وتمنع أي إجراءات غير متناسبة مع الأفعال التي تتم بموجبها، وبالتالي هي مخالفة لهذه القوانين بصورة صريحة، ولكن للأسف دولة الاحتلال لا تعير أي اهتمام للقانون الدولي، وإنما تتصرف بعربدة ولا تقتصر على حالة الحصار الذي يشمل تعطيل العديد من مناحي الحياة.

وعند سؤاله هل يمكن محاكمة "إسرائيل" على هذه السياسة أمام المحاكم الدولية؟ رد العاروري: "نعم يمكن محاكمة الاحتلال على سياسة العقوبات الجماعية أمام المحاكم الدولية، وهذا ما أشارت إليه التقارير الأخيرة التي صدرت عن لجنة التحقيق الخاصة بالوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بعد عدوان أيار 2021، وأبرزتها المقررة الخاصة لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

لكن العاروري استدرك بالقول "يجب أن نكون واقعيين، وأن لا نعلق كثيرا من الآمال على القضاء الدولي والرأي العام الدولي، على الأقل على المستوى القريب بسبب ازدواجية المعايير المعمول بها، وبسبب ما تتمتع بها دولة الاحتلال من حماية بشكل خاص من الإدارة الأمريكية التي تمنع إصدار قرارات في الأمم المتحدة ضد دولة الاحتلال".

وختم بالقول: "أمامنا طريق طويل وليس أمام شعبنا سوى التحمل والصمود وإبداء المزيد من الصلابة".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo