دراسة: رغم الأنظمة القمعية.. المعارضة العربية للتطبيع لا زالت قوية

التطبيع العربي
التطبيع العربي

لا تعكس اتفاقات التطبيع المبرمة بين دولة الاحتلال وعدد من الدول العربية، مشاعر الشعوب العربية التي تؤكد في كل مناسبة معارضتها للمشروع الصهيوني منذ بدايته في فلسطين.

وتتماشى قدرة الدولة العربية على التطبيع جهارًا نهارًا مع النظام الإسرائيلي مع قوة واستقرار نظامها المستبد الذي يخضع له شعبها، كما تؤكد "يارا هواري" المحللة الرئيسية في شبكة السياسيات الفلسطينية "الشبكة" في دراسة لها.

وأعربت "هواري" عن مخاوفها من مساعي التطبيع الأخيرة، قائلةً:" إن توافق الأنظمة الأوتوقراطية الإقليمية على التحالف القائم على صفقات الأسلحة، وتبادل تكنولوجيا المراقبة، والتنسيق الأمني، هو واقع يؤذِن بمستقبل مخيف لشعوب المنطقة".

وأضافت أن معارضة اتفاقات التطبيع هذه لا تتعلق وحسب بالنضال من أجل التحرير الفلسطيني، بل تتعلق أيضًا بالنضال من أجل مستقبل أفضل وأكثر حرية لشعوب المنطقة، مطالبةً بأن يكون النضال من أجل التحرير الفلسطيني موازيًا للنضال من أجل تحرير كل الشعوب العربية من أنظمة الحكم الاستبدادية.

وقالت "هواري" إن التضامن العربي مع الفلسطينيين كان واضحًا إبان حرب عام 1948، حيث انضم آلاف المتطوعين من جميع أنحاء المنطقة إلى جيش التحرير العربي للدفاع عن فلسطين، كما خرجت مظاهرات في مختلف المنطقة العربية بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، وصوتت جامعة الدول العربية حينها لتعليق عضوية مصر ومعاقبتها.

اقرأ أيضاً: وثائق إسرائيلية: الجيش سمم آبارًا فلسطينية بمواد بيولوجية إبان النكبة

وأكدت المحللة السياسية أن المعارضة العربية للتطبيع لا زالت قوية حتى يومنا هذا، حيث كشفت دراسة استقصائية أجراها المركز العربي للأبحاث والسياسات بين عامي 2019-2020 أن الشعوب العربية، في جميع أنحاء المنطقة، لا تزال تعارض التطبيع الدبلوماسي مع إسرائيل، إلا أن الدراسة لم تشمل الإمارات والبحرين اللتان وقعتا اتفاق تطبيع مع إسرائيل مؤخرا، وتفرض عقوبات مشددة على مواطنيها وتحذرهم من معارضة سياسة التطبيع الحكومية.

وأشارت الكاتبة إلى المئات من حالات الرفض الفردية للتطبيع، حيث يرفض الرياضيون والمثقفون من جميع أنحاء المنطقة المشاركةَ في الفعاليات التي تضم مشاركين إسرائيليين أو تتم بتمويل إسرائيلي.

وكشفت "هواري" أن تطبيع الأنظمة العربية مع المشروع الصهيوني والنظام الإسرائيلي ليس بجديد، حتى إن اتفاقات أبراهام لعام 2020 لم تفاجئ الفلسطينيين كثيرًا، وآذنت تلك الاتفاقات بنوعٍ جديد من التطبيع السافر، المتباهي به في العلن، والذي يُرسِّخ التنسيق الدبلوماسي والعسكري والأمني مع النظام الإسرائيلي.

وقالت المحللة السياسية في دراستها إن الخطاب السطحي المتمثل في بناء السلام المنبثق من اتفاقات أوسلو الموقعة سنة 1993 طغى في البداية على جهود مناهضة التطبيع، إلا أن المجتمع المدني الفلسطيني جدَّد في 2007 إجماعَه على مناهضة التطبيع من خلال حركة المقاطعة.

وأكدت الدراسة أنه وعلى الرغم من الطلب المتكرر من المجتمع المدني الفلسطيني لرفض التطبيع، اتجهت بعض الأنظمة العربية إلى تطبيع علاقاتها مع النظام الإسرائيلي بخطى حثيثة، وتجسَّد ذلك في إبرام اتفاقات أبراهام سنة 2020، والتي بدلاً من أن تُحلَّ السلام والاستقرار في المنطقة كما يزعم مؤيدوها، والفت بين حكوماتٍ استبدادية لتوقيع صفقات أسلحة وزيادة تبادل المعلومات الاستخبارية.

اقرأ أيضاً: دراسة: رغم الأنظمة القمعية.. المعارضة العربية للتطبيع لا زالت قوية

وشددت الكاتبة أنّ تطبيع الأنظمة العربية للمشروع الصهيوني ومعارضة هذا التطبيع ليسا ظاهرةً جديدة، حيث ظلَّ التطبيع سمةً من سمات الجغرافيا السياسية الإقليمية طوال قرنٍ من الزمان.

وتطرقت "هواري" في دراستها إلى تاريخ التطبيع الذي بدأ سرا بعد النكبة الفلسطينية عام 1984، حيث دخل القادة العرب في مفاوضات سرية مع النظام الإسرائيلي، وكان أبرزهم النظام المغربي، تلا ذلك توقيع مصر معاهدة سلام مع النظام الإسرائيلي سنة 1979 بعد ثلاثة عقود من العداء، وتطبيع الأردن العلاقات مع إسرائيل بتوقيع معاهدة وادي عربة سنة 1994 التي أنهت رسميًا حالة الحرب بين البلدين.

وبالرغم من أن التطبيع الرسمي بين النظام الإسرائيلي والأنظمة العربية الأخرى استغرقَ وقتًا أطول، إلا أن العلاقات السرية والتعاون في مجال الأمن والاستخبارات استشريا بعد اتفاقات أوسلو.

وبينت أن المخاوف من احتمال حدوث اضطرابات داخلية كانت عاملاً حافزًا لذلك التعاون، ولا سيما بعد اندلاع الانتفاضات في شمال إفريقيا والعالم العربي سنة 2011، كما أدى الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما" سنة 2015 مع إيران إلى توثيق الروابط بين إسرائيل والإمارات.

وفي أيلول/سبتمبر 2020، أصبحت الإمارات والبحرين ثالث ورابع دولتين عربيتين تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية مع النظام الإسرائيلي من خلال اتفاقات أبراهام التي رعتها إدارة ترامب، وأشادت بها الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية باعتبارها معاهدات سلام تاريخية، رغم أن البلدين لم يكونا قط في حالة حرب مع النظام الإسرائيلي.

وأشارت الكاتبة إلى صفقة الأسلحة التي أبرمتها الإمارات مع الولايات المتحدة بقيمة 23.37 مليار دولار، بُعيد توقيع اتفاقات التطبيع، وقال وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو حينها بأنه أجاز الصفقة انسجامًا مع روح اتفاقات أبراهام.

وفي حين أن المملكة العربية السعودية لم تكن رسميًا طرفًا في اتفاقات أبراهام، إلا أنها دعمت هذا التحول في السياسة. بل إن الاتفاقات ما كانت لِتُبرم لو عارضتها السعودية، التي شهدت علاقتها بالنظام الإسرائيلي بعض التطورات المهمة في 2022.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo