حرب جرثومية

وثائق إسرائيلية: الجيش سمم آبارًا فلسطينية بمواد بيولوجية إبان النكبة

ابار فلسطينية بالقدس
ابار فلسطينية بالقدس

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن وجود وثائق تكشف رسميًا تنفيذ عملية كان هدفها تسميم آبار المياه الفلسطينية في عكا وغزة عام 1948، مؤكدة أن عملية التسميم السرية كانت تهدف إلى تسميم مياه الشرب أيضا.

ولفتت الصحيفة إلى أنه كانت تقارير غير موثقة تشير لمثل هذه العملية، لكن خلال بحث أجري مؤخرًا تم الحصول على وثائق رسمية في أرشيف الجيش الإسرائيلي تشير إلى حقيقة تنفيذ العملية التي كانت تهدف لتسميم تلك الآبار.

ووفقًا للصحيفة، فإنه تم استهداف حقن جراثيم في مياه الشرب لكي تؤدي للإصابة بمرض التيفوس أو ما يعرف بالديزنطاريا، مشيرةً إلى أن العملية بدأت في أبريل/ نيسان 1948، وكان التركيز بشكل أكبر على استهداف الآبار التي تزود قرى فلسطينية مهجورة لمنع عودة السكان إليها.

وتكشف الوثائق أن العمليات شارك فيها شخصيات إسرائيلية كبيرة، منهم "دافيد بن غوريون"، و"يغئال يدين" و"موشيه ديان" و"افرايم كتسير"، وبدأت في المحور بين القدس وتل أبيب واتسعت بعد ذلك إلى عكا في الشمال وإلى غزة في الجنوب، واشتملت على مناطق اخرى مثل "أريحا" و"بئر السبع" و "عيلبون" في الجليل و"بدو" و"بيت سوريا" و"بيت محسير" قرب "القدس"، كما أنها لاحقًا شملت أهداف بالخارج مثل "القاهرة" و"بيروت" لكن بقيت على الورق دون تنفيذ، وكانت ستستخدم في العملية مادة بيولوجية فيما يبدو أنها مسحوق أو سائل.

ويزعم البحث، أن القصد من العملية التشويش على الجيوش العربية، ولكنها لم تغير من وجه الحرب، وتسببت العملية بإصابة العشرات من الفلسطينيين والعرب بالمرض خاصة في عكا.

وأوضحت "هآرتس" في تقرير أعده "عوفر أديرت"، أن "بن غوريون"، كتب في 1 أبريل 1948، في "مذكراته عن تطوير العلم وأهمية استخدامه في المعركة، بعد شهر ونصف كتب عن "مواد بيولوجية" اشتريت بمبلغ 2000 دولار، والآن فقط، تبينت العلاقة بين هذين الأمرين؛ المقاطع من المذكرات، هي آثار لتدخل بن غوريون في عملية سرية لتسميم آبار المياه في قرى عربية في حرب 1948".

وكشفت الوثائق التي عثر عليها في أرشيف جيش الاحتلال أن هذه العملية بدأت قبل شهر ونصف من إعلان بن غوريون "قيام دولة إسرائيل".

وذكر المقال أن دولة الاحتلال لم تعترف علانية قط باستخدام الأسلحة البيولوجية، على الرغم من مرور 74 عاما على الحادثة، والأدلة الواضحة التي تثبت إقدامها على ذلك.

وزعم البحث، أن الرقابة الإسرائيلية لم تكن تعرف الاسم السري للعملية، وقال موريس: "ابتكاراتنا كثيرة"، وأضاف زميله كيدار: "لقد قمنا بحل لغز تطور العملية ومراحلها، واكتشفنا من الذي أعطى التفويض ونظم وقاد العملية، وكيف تم تنفيذها على الأرض في المناطق المختلفة، لكن الصورة التي لدينا مكتملة أكثر، وهي تعتمد ضمن أمور أخرى، على توثيق للجيش الإسرائيلي".

وفي برقية لـ"يدين"، كتب ديان تحت الاسم السري "ماغي": "لقد بدأت عملية "أرسل لأخيك" على الأرض، وهناك حاجة ملحة لتحديد ضابط خاص لشؤون عملية "أرسل لأخيك"، علما بأن الموضوع هام جدا ويجب الحفاظ عليه بسرية كبيرة".

وفي برقية أخرى أضاف: "أبقِ في الآبار مادة من نوع "أرسل لأخيك"، وفي برقية أخرى كان هناك سؤال: "هل توجد مصادقة على استخدام المادة "ب" (القصد مادة بيولوجية) في المناطق؟".

وتكشف "شهادة مهمة" لعضو في الكيبوتس، رجل الآثار "شماريا غوتمان"، قائد المستعربين في "البلماخ" وضابط كبير في مخابرات الجيش الإسرائيلي، وحذر فيها من أن "عملية تسميم الآبار ستضر أيضا باليهود".

وذكرت الصحيفة أن "غوتمان"، أكد أنه قال هذا الكلام "في الوقت الحقيقي للجنرال "يوحنان ريتنار"، الذي عينه بن غوريون لقيادة العملية".

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة "عرين الأسود" - دعوة للاستيقاظ للتحديات المقبلة

وأضاف "غوتمان" في شهادته: "بعد رفضه منحي كتابا خطيا (ريتنار)، سألته، ما هي المادة؟؛ هل هي سائل أو مسحوق أو شيء آخر"، مضيفا: "لقد كانت عملية استثنائية من ناحية أخلاقية".

وكشف "غوتمان"، أن "ريتنار أبلغه بإرسال شخصين للحدود مع مصر لتنفيذ العملية في الآبار، هما؛ "دافيد مزراحي" و"عزرا حورين"، وانطلقا في 22 مايو 1948 لتنفيذ هذه المهمة في غزة، ولكن تم إلقاء القبض عليهما وحوكما في محكمة عسكرية في مصر بتهمة نية تسميم الآبار والمس بالجيش المصري، وتم إعدامهما".

وهناك شهادة أخرى لتنفيذ العملية في الخارج (القاهرة)، حيث أكد السفير السابق "اشر بن نيان" الذي كان يقيم في باريس بحكم وظيفته الاستخبارية العملية، أنه التقى معه رجل المخابرات "بنيامين غبلي"، وزوده بـ"كبسولة لتسميم آبار المياه في القاهرة، لكن الخطة ألغيت".

وقال: "بقيت الكبسولة معي، وقمت برميها في مياه المجاري"، بحسب ما نقلته الصحيفة التي نبهت إلى أن وثيقة في أرشيف الجيش الإسرائيلي صادرة في أيلول/سبتمبر 1948، كتب فيها يدين: "رجاء، اتصل في أقرب وقت خصوص تنفيذ "أرسل لأخيك" في الخارج.

وأكدت "هآرتس"، أن عملية التسميم فعلا تسببت بإصابة بعض الفلسطينيين لا سيما في عكا، موضحا أنها أثارت انتقادات لاذعة داخل الجيش، لأنها مخالفة لميثاق جنيف من 1925 الذي يمنع استخدام "الحرب الجرثومية"، وفق زعمهم.

وذكرت الصحيفة العبرية، أنه "رغم الكشف عن الوثائق التي تدلل على العملية والمشاركين فيها، إلا أن أمر تنفيذ العملية لم يتم كشفه حتى الآن، والمعلومات عن شراء أو إنتاج السلاح البيولوجي، كما أن بعض الوثائق في أرشيف الحرب ما زالت سرية، والتقدير هو أنه لن يتم في القريب كشف تفاصيل رسمية أخرى عنها".

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo