"الأعياد اليهودية".. فرصة "جماعات الهيكل" لتغيير الأمر الواقع في المسجد الأقصى

انتشار المستوطنين في المسجد الأقصي بالاعياد اليهودية
انتشار المستوطنين في المسجد الأقصي بالاعياد اليهودية

في فترة الأعياد اليهودية في خريف العام 2022، تتوجه الجماعات الاستيطانية المتطرفة بالتماس إلى القضاء الإسرائيلي تطالب السماح لها بنفخ البوق وإدخال أدوات الصلاة اليهودية و"قرابين العرش" إلى المسجد الأقصى خلال اقتحاماتهم له في فترة الأعياد.

وتبدأ الأعياد اليهودية "الخريفية"، بداية بعيد رأس السنة العبري بتاريخ 26/27 أيلول، مرورًا بيوم الغفران" الذي يصادف 5 تشرين أول/أكتوبر، ثم انتهاءً بعيد "العُرش" اليهودي الذي يبدأ بتاريخ 9 تشرين أول/ أكتوبر وينتهي بتاريخ 16 أكتوبر.

وبالفعل، سمحت محكمة إسرائيلية في آخر القرارات القضائية، للجماعات الاستيطانية بنفخ البوق المعروف باسم "الشوفار" في مقبرة باب الرحمة، شرق المسجد الأقصى، وذلك رداً على التماس قدمه عضو الكنيست السابق من حزب "الليكود" اليميني، والناشط في اقتحامات المسجد الأقصى، الحاخام يهودا غليك.

يقول المحامي المقدسي مدحت ديبة، إنه لا صلاحية للمحاكم الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونم و900 متر، وذلك لسبب بسيطة أنها تتبع للإدارة والوصاية الأردنية الهاشمية، ووفق الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وينص البند التاسع من اتفاقية السلام بينهما صراحة على أن أي خلاف فيما يتعلق بالمسجد الأقصى أو الوصاية الأردنية يتم البت فيها من خلال مجلس وزاري يتم تشكيله بين الأردن وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: عودة حماس إلى سوريا.. صدام المبادئ والمصالح

وأضاف ديبة في حوار مع موقع "زوايا"، أن هناك رأي قانوني فقهي تم صياغته من قبلهم بعد فتح باب الرحمة، تقدموا به إلى الأردن مضمونه التثبت بالموقف الرافض في التعاطي مع القضاء الإسرائيلي، حيث كان هناك محاولات إسرائيلية رسمية لجر الأردن إلى القضاء، ووصلت رسائل دبلوماسية إلى الأردن في حينه تعرض عليها التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية وكسب القضية لصالح الأردن، وفي ذلك خدعة من أجل جر الأردن إلى مربع القضاء الإسرائيلي.

وأكد ديبة، أن الأردن في حال كسب قضية ما منها مثلاً قضية باب الرحمة كما عرض عليه في حينه، سوف يخسر حتماً كامل المسجد الأقصى في جولات قضائية أخرى.

وتابع ديبة، أن ما صدر من منح صلاحيات للمستوطنين بأداء الصلاة الصامتة أو السجود الملحمي، وأخيراً السماح بالنفخ بالبوق في منطقة مقبرة باب الرحمة، التي يدعون أنها جزء مقدس لهم ومن بقايا الهيكل المزعوم، هذا أمر غير مقبول ويجب على الأردن التحرك لأن فيه تعدي على السيادة الأردنية، التي للأسف لم تحرك ساكن.

وأكد ديبة، أن فريق المحامين في القدس يرفضون التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية في هذه المجالات، حتى عندما يتم إبعاد شيوخ عن المسجد الأقصى يرفضون التوجه للقضاء للطعن في قرارات الإبعاد الغير صحيحة، حتى لا يكسب القضاء الإسرائيلي شرعية.

ونوه ديبة، أن الإصرار الإسرائيلي والدافع لهم من وراء إدخال المسجد الأقصى إلى أروقة القضاء، لأنه بالنسبة إليه امتلاك السيادة على المسجد الأقصى يملك السيادة على فلسطين بأكملها، لذلك يريدون إخضاعه للأنظمة والقوانين والقاضي الإسرائيلي، حتى يسيطرون عليه من خلال القوانين والأنظمة.

بدوره، يقول الباحث المقدسي رضوان عمرو، إن الجماعات الاستيطانية تستغل الأعياد اليهودية للعب على الوتر الديني لدى اليهود، وهي مناسبات يحتشد فيها اليهود أساساً لأداء طقوس مرتبطة بـ "الهيكل"، وهي فرصة بالنسبة لهم لتذكير اليهود بأن "الهيكل" غائب وغير موجود ويجب العمل على إعادة بناءه، لذلك هذا موسم تلعب عليه "جماعات الهيكل" على الوتر الديني ولتحقيق أهداف عبر المحاكم.

وأكد عمرو في حوار مع موقع "زوايا"، أن الأعياد والمناسبات لدى اليهود كثيرة ولا تكاد تنقطع عن المسجد الأقصى، وهي موزعة بين أعياد دينية وأعياد قومية ومناسبات اجتماعية وحتى أن مناسبات شخصية، وبالتالي لا يكاد يمر يوم عن المسجد الأقصى إلا وفيه عيد من أحد هذه التصنيفات، بهدف أن يبقى هناك مناسبات لحشد المستوطنين على اقتحام الأقصى، وهذا أمر خطير للغاية.

وكانت جماعات استيطانية متطرفة قد دعت إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى بمناسبة عيد رأس السنة العبرية الذي يصادف يوم الإثنين.

رضوان عمرو يراقب المشهد من بعيد بسبب صدور قرار بإبعاده عن المسجد الأقصى، ويقول "بالفعل بدأت الاقتحامات، ويتدفق مئات المستوطنين بحراسة القوات الخاصة، وشرطة الاحتلال أغلقت محيط المسجد الأقصى، ومنعت صلاة الفجر للشبان دون سن الأربعين، وتستخدم القوة المفرطة في داخل المسجد الأقصى ضد المصلين".

وتعليقاً على توجه الجماعات الاستيطانية إلى القضاء، أفاد عمرو أنها تحاول شرعنة طقوسها الدينية في داخل المسجد الأقصى بغطاء سياسي وقانوني، ومحاكم الاحتلال تسعى لتمرير مثل هذه القرارات لصالح "جماعات الهيكل"، وهناك اختراق من قبل هذه الجماعات للسلك القضائي والأمني والسياسي، وهناك قضاة متعاونين بشكل صريح وعلني ضمن منظومة القضاء التي كانت تديرها المتطرفة وزيرة القضاء السابقة إيليت شاكيد.

وأضاف عمرو، أن خطورة إدخال القضاء أن أي خطوة يتخذها المستوطنين في المسجد الأقصى ومحيطه تصبح ملزمة في الحماية من قبل شرطة الاحتلال، لذا شرعنة هذه الخطوات بشكل قانوني يذهب بالمسجد الأقصى إلى مربع خطير للغاية وهو مربع الاستيلاء اليهودي الكامل على المسجد الأقصى.

من جانبه يقول محافظ القدس عدنان غيث، إن ما يجري في المسجد الأقصى ليس بعيد عن ما يجري من ممارسات وانتهاكات في كامل مدينة القدس وهي سياسات ممنهجة.

وتابع غيث في حوار خاص مع موقع "زوايا"، أن المسجد الأقصى مستهدف منذ احتلال القدس عام 67 وحتى اليوم، وفي كل مرة الاحتلال يصعد في انتهاكاته وفي إجراءاته ضد المسجد الأقصى، وهو مستهدف على الدوام، وهو في مرحلة من مراحل الانقضاض عليه.

وبالتالي يؤكد غيث أن كل إجراءات الاحتلال والمستوطنين هي إجراءات ليس لها أي أثر قانوني.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة أصدقاء مالوني الإسرائيليين

وتابع، أن هناك منظمات استيطانية تخطط ويحرض قادتها علناً ضد المسجد الأقصى، وحكومة الاحتلال ترعى هذه الانتهاكات، فهي من ناحية ترعى حفريات الأنفاق تحت الأرض، وهناك مشاريع تهويدية في السماء تتمثل بالتلفريك، وعلى الأرض اقتحامات يومية واستباحة للمسجد الأقصى، والقضاء الإسرائيلي منحاز لهذا التطرف، واخرها عندما سمح بنفخ البوق والسجود الملحمي.

ونوه غيث إلى أن الاحتلال ثبت موضوع الاقتحام الزماني للمسجد الأقصى، حيث أن هناك ساعات محددة يومياً للاقتحامات بالمقابل هناك عشرات أوامر الإبعاد للمقدسيين بذريعة أنهم يشكلون خطر، وكل هذا لتفريغ المسجد الأقصى.

وشدد غيث أن لهذه الممارسات تداعية وخيمة والاحتلال يعي ذلك، حيث أن الشعب الفلسطيني مرتبط بالمسجد الأقصى ارتباط رباني، ويدافع عنه نيابة عن الأمة الإسلامية، والاحتلال وحده من يتحمل مسؤولية هذه التداعيات الخطيرة، لأن الشعب الفلسطيني أثبت أن جدير في حماية هذا المكان، ولطالما صدر نماذج مشرفة في كيفية الدفاع عن المسجد الأقصى.

وتابع غيث، أنه لا يمكن الارتكاز على المجتمع الدولي لأنه غير منصف، وبالتالي الرهان هو على أبناء الشعب الفلسطيني وعلى تحصين جبهتنا الداخلية ووحدة حالنا في مواجهة كل أشكال الغطرسة الإسرائيلية.

كذلك يؤكد رضوان عمرو أن التعويل اليوم هو على الشعوب الحية في حماية المسجد الأقصى، وعلى المؤسسات العاملة لأجل القدس، وعلى الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وليس على السلك العربي الرسمي.

واتهم عمرو بأن هناك تراجع خطير في الدور الأردني المشرفة على المسجد الأقصى، حيث أن قرار الأردن اليوم مرهون باتفاقيات استراتيجية مع إسرائيل مرتبطة بالأمن والغذاء والماء والطاقة والغاز، وهذا يؤثر على قراره في المسجد الأقصى بشكل واضح، وعلى أداء الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo