حارسة القانون في خطر

تقرير لـ"أمان: استقلالية وقرارات المحكمة الدستورية.. محل شك

المحكمة الدستورية العليا
المحكمة الدستورية العليا

رافق تشكيل المحكمة الدسـتورية العليا في فلسطين عام 2016 جــدل ٌواسـع حـول توقيـت تشـكيلها وقانونيتـه، ومـا تبع ذلــك مــن التشكيك في بيئة الاستقلالية والنزاهة والحيادية في عمـل المحكمة، ومدى تأثرهـا بضغوط بعض أطراف الحكم، خاصة بعد إصدارها لعدد من الأحكام التي أثرت في العلاقة بين السلطات وأفقـدت حالة التوازن بينها، ما أثر بشكل مباشر على نزاهـة الحكم.

وتعتبر المحكمة الدستورية إحـدى أدوات العملية الديموقراطية، باعتبارهـا ضمانـة حقيقية لحماية الدسـتور وسـيادة القانون وضمان الفصل بـين السلطات، لتكرّس مبـدأ هرمية التشـريعات وعلو الدستور على غيـره مـن التشريعات.

وخلال تقرير أعده الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جاء تحت عنوان: "النزاهة والحيادية والاستقلالية في أعمال المحكمة الدستورية العليا وقراراتها"، أظهر ضعف استقلالية المحكمة الدستورية، من خلال التحكم بعملية تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، والذي يكون بقرار في التعيين الأول من رئيس السلطة، ولاحقاً بقرار من رئيس الدولة بناءً على تنسيب الجمعية العامة للمحكمة، ما يتيح المجال للسلطة التنفيذية في التدخل، خاصة أن سلطة البت النهائي في التعيين تكون بيد الرئيس.

وقام الائتلاف بمسح مجموعة من قرارات المحكمة ذات الأهمية كعينة، وتحليل مدى فاعلية واستقلالية المحكمة وقضاتها، مؤكدًا على أهمية المحكمة الدستورية باعتبارها ضمانة حقيقية لحماية الدستور وسيادة القانون، خاصة في ظل غياب المجلس التشريعي، لاسيما وأن دورها جوهري في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة الصادرة، في ظل إصدار تشريعات عادية دوماً من خلال السلطة الاستثنائية للرئيس عن طريق "القرار بقانون"، إضافة الى إصدار الأنظمة من قبل الحكومة.

وأكد التقرير أن التعديل على قانون المحكمة الدستورية الذي نص على إمكانية عزل القضاة، فتح الباب على مصراعيه في التأثير على استقلالية قضاة المحكمة الدستورية، وبالتالي التأثير على قراراتهم وأحكامهم، بالإضافة الى أن التحكم الكامل بعملية التعيين والعزل عكس تجاوزاً لمبدأ الفصل بين السلطات.

وأوصى تقرير "أمان" بضرورة تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا، لاسيما فيما يخص آلية تعيين رئيس وأعضاء المحكمة، بما يشمل مشاركة السلطات الثلاثة، حفاظاً على حيادية واستقلالية المحكمة وقضاتها، ووضع معايير ترتبط بالكفاءة والجدارة وتضمن جهوزية واستعداد وخبرة القاضي للنظر في الدعاوى الدستورية وعدم الاكتفاء بتحديد شروط وفئات التعيين.

اقرأ أيضاً: "لا لأسرلة التعليم".. المقدسيون يدافعون عن عقول أبنائهم

كما دعا إلى ضرورة تبني نظام مالي وإداري خاص يعتمد وفق الأصول، ومسـاءلة السـلطة القضائيـة عـن مـدى احترامهـا له، بما يحقــق التكامــل بــن مفهــوم الاستقلالية والرقابــة، مع إعادة تنظيم المحكمة الدستورية العليا بصورة تبعدها عن التبعية للسلطة التنفيذية، ويجعل منها شخصية اعتبارية مستقلة.

وطالبت "أمان" بوضع مدونة سلوك لقضاة المحكمة الدستورية العليا، ونشرها وفقاً للأصول، إضافة الى تبني نظام رقابة داخلية على عمل المحكمة الدستورية العليا، يضمن السير في الإجراءات وفقاً للقانون، ويكفل للأطراف إمكانية التقدم بشكوى ضد أحد القضاة، إذا ما ثبت بالأدلة تعرضه لضغط خارجي أثناء النظر في الدعوى.

وأكد التقرير على أهمية تعزيـز الشـفافية في عمـل المحكمة الدستورية العليا، من حيث التزام المحكمة بنشـر تقريرها السنوي في وقت محدد لذلك، مـع إيـراد معلومـات إضافيـة عـن عمـل المحكمة، مما يضمن معه المواطن الحصول على المعلومات الكافية بعمل المحكمة، والشعور بالثقة بوجود قضاء دستوري مستقل ونزيه.

وناقش التقرير فعالية حيادية قرارات المحكمة الدستورية وتأثيرها على النزاهة السياسية، إذ أثارت بعض قرارات المحكمة جدلاً قانونياً واسعاً، لاسيما القرارين التفسيريين بخصوص ولاية المجلس التشريعي.

وكشف تقرير "أمان" أن هناك بعض القرارات التي غيرت مسار عمل المحكمة الدستورية العليا، كمناقشتهم قرار حل المجلس التشريعي، وكيف تعاملت المحكمة مع مبدأ المشروعية الذي تراجعت عنه بنفس الطريقة، الأمر الذي عكس استخدام المحكمة في قضايا فئوية ضيقة لإحكام السلطة التنفيذية قبضتها على مؤسسات الدولة بغية اختطافها، ما أثار التساؤلات فيما يخص حيادية المحكمة، واستقلاليتها، وتأثرها بالظروف المحيطة بكل قرار وبشكل خاص تأثيرات السلطة التنفيذية.

كما تم الإشارة الى أن السلطة السياسية عمدت الى ضمان عدم الوقوف في وجه قراراتها أو منعها عن طريق التحكم بالتعيينات والعزل والإقالة، وممارسة السلطة التنفيذية النفوذ لتفسير بعض القضايا لخدمة السلطة السياسية، مع عدم وجود إرادة وإضعاف مجال الرقابة على فاعلية المحكمة.

وأوصت "أمان" بضرورة تعديل قانون المحكمة الدستورية، لا سيما ما يخص النص على معايير الانتقاء من بين الأشخاص الذين تتوفر فيههم المؤهلات وآليات تعيين رئيس وأعضاء المحكمة، بما يشمل مشاركة السلطات واستقلالية المحكمة وقضاتها.

ودعت إلى تنبي نظامًا ماليًا وإداريًا خاصًا بالأنظمة من قبل ديوان الرقابة والإدارة إلى جانب المساءلة المجتمعية بما يحقق التكامل بين مفهوم الاستقلالية والرقابة، بالإضافة إلى السماح لديوان الرقابة المالية والإدارية والجهات المختصة بالرقابة على الإجراءات ومتابعة الدعاوى دون التدخل بصلب العمل القضائي.

كما حثت "أمان" على إيجاد نظام للتدريب والتعليم المستمر لعمل قضاة المحكمة الدستورية العليا والمحامين والمترافعين أمامها، بما يشمل الإجراءات الواجب مراعاتها في الطعون المرفوعة للمحكمة والتعامل مع النصوص القانونية ذات الصلة.

وطالبت بالعمل على إيجاد أكثر من هيئة واحدة داخل المحكمة الدستورية، بما يعزز نزاهة الأحكام، ويقلل من التجاوزات التي قد تحدث في ظل وجود هيئة واحدة.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo