مختصون لـ"زوايا": إصلاح النظام السياسي الفلسطيني مرهون بالوحدة والثورة ضد الاحتلال

اجتماع منظمة التحرير الفلسطينية
اجتماع منظمة التحرير الفلسطينية

تعتبر قضية إصلاح النظام السياسي الفلسطيني محط اهتمام المفكرين والباحثين والمختصين، للوقوف على الإشكاليات التي أعاقت وتعيق عملية الإصلاح، وكذلك

الأهداف والآليات التي يجب اتباعها لضمان حدوث عملية إصلاح ناجحة، لإنتاج سياسة فلسطينية عامة يمكن أن تحقق أهداف الشعب الفلسطيني، في الخلاص من الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي السياق رأى د. "هشام عوكل" أستاذ الإدارة والأزمات والعلاقات الدولية لـ"زوايا" أن عملية إصلاح النظام السياسي تأتي من داخل البيت الفلسطيني وليس من خارجه، مشيرًا إلى أن النظام السياسي ترعرع في فترة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وله امتدار تاريخي وشريان أساسي في إرث منظمة التحرير الفلسطينية التي مثلت الفلسطينيين في المحافل الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى دورها النضالي.

وأضاف أن الجميع يدرك ضرورة إعادة الهيكلية الفلسطينية لتضم كافة أطياف الشعب الفلسطيني، متسائلًا: "هل إصلاح النظام السياسي الفلسطيني يعني إلغاء منظمة التحرير أو إعادة تكوينها من جديد؟، وهل يمكن أن يكون هناك حالة وئام وفق ما تطرحه حماس والحركات الإسلامية، وبين برنامج منظمة التحرير الفلسطينية؟".

وأشار "عوكل" إلى دور العامل الخارجي في تحريك عملية الإصلاح داخل الكيان الفلسطيني، وكيف تؤثر ما بين مرحلتي الانقسام والوئام الفلسطيني، وصولاً إلى مشروع وطني فلسطيني جامع لكل الفلسطينيين.

إقصاء الحلم الفلسطيني

وبين أستاذ العلاقات الدولية" لـ"زوايا" أن عملية إقصاء منظمة التحرير بدأت بعد نجاح حركة حماس وفوزها في الانتخابات التشريعية، مستغلة بذلك حالة الفساد التي عانت منها السلطة الفلسطينية وحركة فتح.

وشدد على أن نجاح حركة حماس في الانتخابات، لا يعني بالتأكيد نجاح العملية الديمقراطية، وهو ما يفسر حالة الانقسام التي يعيشها شعبنا الفلسطيني منذ 16 عاماً، حيث لم تستطع حركة حماس ولا منظمة التحرير ملء الفراغ الكبير الذي أحدثه الانقسام، والذي أصبح علاجه صعب سواء بتدخل داخلي أو خارجي، وبعد أن تم إقصاء الحلم الفلسطيني في إنشاء دولة على حدود عام 1967.

اقرأ أيضاً: واشنطن تضغط على تل أبيب لوقف تعاملها مع الصين

وتابع: "إن اصلاح النظام السياسي الفلسطيني لا مفر منه، ولا يستطيع أحد أن يقصى أحد، ولا يمكن أن يبقى الوطن منقسما، وأن يبقى المشهد رهنا للأجندات الخارجية".

وقال عوكل إن "الحالة الفلسطينية تعاني داخليًا بفعل الانقسام والاحتلال، وخارجيا بفعل كمية الأطراف الدولية المشاركة في الوضع الفلسطيني"، مؤكدًا على أن هذه الأجواء لا تبشر بانتخابات قريبة في ظل حكم حركة حماس في غزة، وغياب البوصلة الفلسطينية بين تجاذبات خارجية دولية وإقليمية وعربية.

ونبه "عوكل" إلى أن الانقسام الفلسطيني استمر رغم العدوان الإسرائيلي والقتل والقصف وشلال الدم، ولم تستطع الفصائل الفلسطينية تحقيق الوحدة خلف نظام سياسي فلسطيني رغم كل هذه الظروف، وأقصى ما حققته هو تجميد الانقسام.

وأضاف أن عدم قدرة الفلسطينيين على تحقيق الوحدة كشف ظهرهم للاحتلال الذي تهرب من التزاماته، داعيا إلى التوافق الوطني ولأنن تكون الوحدة الفلسطينية العنوان الجامع لكل الفلسطينيين.

صراع ورثة أوسلو

من جهته رأى الكاتب والباحث السياسي "صالح عوض" خلال حديثه لـ"زوايا" أنه من أجل تكوين نظام سياسي لا بد أن يكون هناك استقلال وتحرر من الاحتلال، مشيرا إلى أن الحديث عن نظام سياسي عبارة عن تمنيات وتحويل الوضع الفلسطيني المؤقت إلى دائم.

وأضاف "ما يوجد لدينا كفلسطينيين عبارة عن بعض التصرفات التي توهمنا أننا نتبع نظاما سياسيا معينا، وفي اعتقادي أنه ليس لدينا نظاما سياسيا في فلسطين ولا حكما ذاتيا، بل نعيش تحت الاحتلال ونظام صهيوني عنصري".

وحول الخيارات المتاحة في ظل عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية، اعتبر "عوض" الانتخابات جزءا من تقديم الوهم وتكريسا لمرحلة "أوسلو" المؤقتة، والتي قال إنها يفترض أن تنتهي، لأننا لسنا دولة أو كيانا مستقلاً ونعيش في منطقة يسيطر عليها الاحتلال بشكل مباشر في الضفة وغزة "برًا وبحرًا وجوًا"، وفق تعبيره.

وتوقع الباحث السياسي أن تشهد الساحة الفلسطينية صراعا بعد وفاة رئيس السلطة الحالي "محمود عباس"، بين من أسماهم "ورثة أوسلو" ومع القوى الأخرى الموجودة في غزة، موضحًا أن الجميع يتسابق على جيفة ليس لها أي قيمة، وأن أي وضع سياسي تحت الاحتلال سيكون جزءا من العملية الاحتلالية، إلا إذا أخذ الشعب الفلسطيني موقعا مضادا بمقاومة وثورة مستمرة مع الاحتلال، وهو ما اعتبره "صعب المنال في المرحلة الحالية".

وراهن "عوض" على أن الشعب الفلسطيني سيفرض نفسه على المنطقة والعالم بثورته ومقاومته المستمرة ضد الاحتلال، رغم غياب الداعمين والممولين وما يواجه اليوم من عقبات محلية وإقليمه ودولية.

غياب الرئيس

بدوره قال د. مخيمر أبو سعدة، المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني لـ"زوايا" إن غياب الرئيس الفلسطيني سيضع السلطة الفلسطينية في مأزق قانوني، لأن القانون الأساسي ينص أنه في حال غياب الرئيس يتم تكليف رئيس المجلس التشريعي كرئيس مؤقت لـمدة 60 يوما إلى حين إجراء الانتخابات، وفي الحالة الفلسطينية وفي ظل غياب المجلس التشريعي هناك مأزق قانوني.

وأوضح "أبو سعدة" أن حركة فتح والسلطة حاولت إيجاد حلٍ لهذه المعضلة، بتكليف صلاحيات المجلس التشريعي إلى المجلس المركزي للمنظمة، كونه هو من أنشأ السلطة الفلسطينية.

وتابع: "هناك مشكلة قانونية تعتقد حركة فتح أنها وجدت لها حلاً من خلال تكليف المركزي بصلاحيات المجلس التشريعي وهو ما ترفضه حركة حماس، وثانيًا بتعيين "حسين الشيخ" أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فيصبح ضمنًا رئيسا للجنة التنفيذية في حال غياب الرئيس عباس".

اقرأ أيضاً: "إسرائيل" تواجه صراعات داخلية عميقة قد لا تنجو منها

وشدد أستاذ العلوم السياسية أن عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية يعني استمرار المأزق والمشكلة في النظام السياسي الفلسطيني، متوقعًا عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية في الفترة القادمة، إذا ما استمر ربطها بموافقة إسرائيل على إجرائها في القدس الشرقية، مبينًا أن دولة الاحتلال لن تسمح بإجراء الانتخابات، إلا إذا مورس عليها ضغوطًا أمريكية وأوروبية وهو غير متوفر في الفترة الحالية، حسب قوله.

وحول قدرة الشعب الفلسطيني على إجراء التغيير، رأى الأكاديمي الفلسطيني أن شعبنا غير مقتنع بالبدائل، وأن التظاهرات والاحتجاجات التي شهدها كل من قطاع غزة والضفة الغربية لن تؤدي إلى تغيير حقيقي في الحياة السياسية، لأن بديل حركة فتح هو حماس والعكس صحيح.

وقال: "إن السلطتين في غزة والضفة هي سلطات قمعية ونحن رأينا كيف تعاملت حركة حماس مع حراك "بدنا نعيش" في غزة، وكيف تعاملت السلطة برام الله مع المتظاهرين والمحتجين على مقتل الناشط السياسي نزار بنات"، معتبرًا وجود سلطات قمعية يعتبر أحد أسباب غياب التحرك الجماهيري الكبير في غزة والضفة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo