شديدة الخطورة

"إسرائيل" تواجه صراعات داخلية عميقة قد لا تنجو منها

بينيت ولابيد
بينيت ولابيد

تتوالى التحذيرات الإسرائيلية من الخلافات والصراعات الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي كونها الأشد خطرًا من التهديدات الخارجية، حيث زاد الحديث في إسرائيل خلال العقد الأخير عن أنها تواجه صراعات داخلية عميقة تهدّد وجودها.

وفي هذا السياق استعرض المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" نبوءات النهاية الإسرائيلية بسبب صراعات داخلية، في تقرير حمل عنوان "قصة الماضي الذي في المستقبل.. خراب إسرائيل سيأتي من الداخل"، مذكرًا بخطاب رئيس إسرائيل السابق "رؤوفين ريفلين" المعروف بـ "خطاب الأسباط" في مؤتمر هرتسليا عام 2015، والذي شدد فيه على أن خلافات الإسرائيليين الداخلية أشد خطراً من التهديدات الخارجية ومن قنبلة إيران.

وتؤكد الباحثة الدكتورة "هنيدّة غانم" مديرة مركز "مدار"، أن إسرائيل تواجه صراعات داخلية عميقة تهدّد وجودها، تتعلق بالاستقطاب الداخلي الشديد على خلفية الصراع الديني- العلماني و"الشرقي- الغربي"، إضافة إلى الصراع الأيديولوجي بين معسكري اليمين الجديد الشعبوي، الذي يقوده بنيامين نتنياهو، ومعسكر وسط- يسار علماني يغلب عليه طابع أشكنازي، وينضوي تحت مظلته بالأساس أبناء الطبقات العليا والوسطى من سلالات "المؤسسين" الذين يرفعون راية "المؤسساتية" ويحلمون بإعادة إسرائيل "إلى مجدها".

اقرأ أيضاً: كتاب لـ"زوايا": القضية الفلسطينية بحاجة لمسار تحرري جديد والصراع الداخلي غيبها

ورأت الباحثة الفلسطينية أن الأزمة الانتخابية المستعصية الملازمة لإسرائيل سنوات، وتمخضت عن إجراء أربع جولات انتخابية، وجولة خامسة ستجري بعد أقل من شهرين، كشفت عن أن التصدعات بين شرقيين وأشكناز وعلمانيين ومتدينين تحولت إلى جزء لا يتجزأ من الكينونة المجتمعية الإسرائيلية، وأنها تعيد إنتاج نفسها بأشكال جديدة، مرة تحت عنوان الصراع بين الشعبوية والمؤسساتية، ومرة على أساس الصراع على الحيز العام والحريات الشخصية.

وبينت "غانم" أن الصراعات الداخلية كانت حاضرة في النتاج الأدبي والثقافي الإسرائيلي، ولكنها لم تكن تشكل مصدر خوف حقيقي على مستقبل إسرائيل، وباتت اليوم تأخذ طابعاً مهماً لما تكشفه عن قلق حقيقي ينتاب شريحة واسعة من المثقفين من أن إسرائيل لا يمكنها أن تنجو من تبعاته، وأن وجودها ككل أصبح مهدداً.

ونوهت إلى عدد من الأعمال اللافتة التي صدرت في إسرائيل ومنها رواية "الثالث" التي صدرت بالعبرية في 2015، وفيلم "أسطورة خراب" الذي أطلق في 2021، وقصة "الهيكل الثالث"، التي من خلالها يمكن الإدلاء بموقف تجاه الحاضر، سواء أكان الموقف التحذير من خراب نهائي أم تصوراً للخروج من الأزمة قبل الانزلاق النهائي.

وقالت مديرة مركز "مدار" إن الكثيرين يعتقدون أن الوقت أصبح متأخراً، وأن إسرائيل دخلت إلى طريق النهايات الأكيد، وأن الأمل من تغيير داخلي ينهي الظلم الذي تمارسه الدول لم يعد ممكناً، مذكرة بأقوال رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك

بأن الكراهية المجانية والتحريض، التعصب والانقسام هي العدو الأخطر التي تسببت بتدمير عالم اليهود السابق بحسب الحكايات الموروثة.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة إنه لغز لا يريد أحد اكتشافه: كم عدد العرب بالفعل بين الأردن والبحر؟

وأشارت إلى ما كتبه الباحث الإسرائيلي "يائير شيلغ" الذي أكد أن إسرائيل تنزع نحو حرب باردة يمكن أن تتطور إلى حرب أهلية حقيقية على خلفية التوتر الشديد بين العلمانيين والمتدينين، مضيفاً أن هذا الصراع يتخذ شكل مواجهة خطابية عنيفة وانعدام أي استعداد بين الطرفين للتوصل إلى حل وسط بينهما.

كما أشارت "غانم" إلى ما يعتقده الكاتب الإسرائيلي "آري شفيط"، ويعبر عنه في كتابه "بيت ثالث": من أن إسرائيل دولة عظمى عسكرياً وتكنولوجياً وحديثة وثابتة اقتصادياً، إلا أن قوتها هذه مُهدّدة ليس بسبب مخاطر خارجية، بل بسبب التمرّدات الداخلية، وبسبب عدم بروز نموذج جامع جديد قادر على تأليف الجماعات المختلفة والمتنازعة، منوهًا بأن هذه التمرّدات التي فكّكت الدولانية القديمة وأُسس هيمنتها، لم تُفكّك إسرائيل كدولة بل فككت هويتها الداخلية الجمعية الواحدة، وهي تُهدّد بتحويلها من دولة إلى قبائل متصارعة.

وتساءلت الباحثة هنيدّة غانم في تقريرها: هل من الممكن التوصل إلى توافق داخلي يهودي لا يهدد بحرب إقليمية إذا كان بناء الهيكل الثالث في قلب المشروع الديني الصهيوني؟ وكيف يمكن تجاوز موضوع بناء الهيكل الثالث والتوصل في الوقت نفسه إلى سلام مع الفلسطينيين؟ وعن ذلك تقول: "ربما يمكن ذلك، لكن هذا ليس مؤكداً".

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo