دراسة: "إسرائيل" لا تملك خياراً عسكرياً والتعايش مع "إيران نووية" أقرب الخيارات

إيران واسرائيل
إيران واسرائيل

مع اقتراب الولايات المتحدة الأمريكية من إبرام اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، تقف "إسرائيل" أمام خيارات صعبة، لا سيما بعد وصف مسؤولون إسرائيليون الاتفاق بأنه "كارثي"، كما قال رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي "دافيد برنياع" الذي حذر من أن الاتفاق النووي الوشيك مع إيران سيكون بمثابة كارثة استراتيجية، لأنه سيسهل على طهران في المدى الطويل محاولة الحصول على أسلحة نووية.

وبحسب دراسة للمؤرخ والباحث الفلسطيني "ماهر الشريف" فإن "إسرائيل" تواجه مشكلة كبيرة بشأن طبيعة الخيار الذي يتوجب عليها اعتماده في حال توصل القوى الدولية الست إلى إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران.

ووفقاً للمحللين الأجانب والإسرائيليين ليس أمام إسرائيل سوى خيارين لا ثالث لهما: إما اللجوء إلى الخيار العسكري في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، أو التعايش مع خيار إيران نووية أو على عتبة النووي مع السعي للحصول على ضمانات أميركية، من جهة ثانية.

ويشير بعض المسؤولين الأمنيين والسياسيين الإسرائيليين، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى أن إسرائيل مستعدة، عندما تدعو الضرورة إلى ذلك، لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية لتدميرها، وأنها تبذل مساعيها للتسلح بالأسلحة التي تمكّنها من القيام بذلك.

وفي هذا السياق، أعلن عضو الكنيست عن حزب الليكود "يوآف غالانت" قبل أيام، أنه "من أجل كبح الإيرانيين يجب شن عملية عسكرية، أو على الأقل توجيه تهديد حقيقي بعملية عسكرية".

ويؤكد "الشريف" الباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية ببيروت أن أنصار هذا الخيار يستندون إلى ما يُعرف بـ "عقيدة بيغن"، التي ارتبطت باسم رئيس الوزراء الأسبق "مناحم بيغن" الذي أكد في نهاية سبعينيات القرن العشرين، في سياق التعليق على تطوّر البرنامج النووي العراقي، أن إسرائيل "لن تتحمل أبداً ظهور قوة نووية إلى جانبها من شأنها أن تهدد وجودها.

وفي هذا السياق تطرق الباحث الفلسطيني إلى دراسة مطوّلة نشرها الباحث الإسرائيلي "سامي كوهين" أشار فيها إلى أنه عندما نلجأ إلى هذا الخيار العسكري يجب التوقف عند ثلاثة عناصر رئيسية هي: تصوّر التهديد الإيراني، وطبيعة قدرات سلاح الجو الإسرائيلي، وموقف الولايات المتحدة الأميركية من هذا الملف.

في المقابل رأى محلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة "هآرتس" يوسي ميلمان، أن إسرائيل لا تملك، في الواقع، خياراً عسكرياً ضد إيران، وأن قياداتها الأمنية والسياسية "تكذب" على الجمهور منذ ثلاثين عاماً، و"تبث الأوهام وتضلل"، معتبراً "أنه لو كانت لإسرائيل إمكانية كهذه، كانت ستظهر عندما كان المشروع النووي الإيراني في مراحل التحضير".

ويؤكد المحلل نفسه أنه "على عكس العمليات التي استهدفت المفاعل النووي العراقي والسوري، لا يوجد لدى إسرائيل إمكانية حقيقية لإحباط البرنامج النووي الإيراني بعملية عسكرية"، وخصوصاً بعد أن "استخلصت إيران العبر، وقامت بنشر مواقعها النووية في أراضي الدولة.

وحول الخيار الثاني يوضح الباحث "الشريف" أن عددا من المحللين الإسرائيليين يفضلون التعايش مع خيار إيران نووية أو على عتبة النووي مع السعي للحصول على ضمانات أميركية.

وكان "تشاك فرايليخ"، نائب رئيس مجلس الأمن الإسرائيلي سابقاً، قد علّق على وصف رئيس الموساد للاتفاق الجاري بأنه "كارثي" بتأكيده أن "الكارثي" حقيقة كان انسحاب الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" عام 2018، من الاتفاق النووي بتشجيع من رئيس الحكومة السابق "بنيامين نتنياهو"، مشيرًا إلى أن طهران كانت على مسافة نحو السنة من الحصول على مواد انشطارية مطلوبة لصنع قنبلة واحدة"، بينما هي اليوم بحاجة إلى بضعة أيام للحصول على مواد انشطارية تكفي لإنتاج أول قنبلتين.

وأكد "فرايليخ" أنه لا جدوى من تكرار الشعار المثير للشفقة بأن إسرائيل ليست ملزمة بالاتفاق، وستدافع عن مصالحها بنفسها، فمن الواضح أن ليس لديها خيار عسكري مستقل، لذا، ليس من المستغرب مواصلة عمليات إحباط محدودة من أجل تأجيل النهاية".

وردّ "فرايليخ" على المخاوف التي يبديها المسؤولون الإسرائيليون بقوله: "يخيفوننا من أن الاتفاق سيحرر أموالاً كبيرة لمصلحة الإرهاب - لكنهم لا يذكرون أن إيران لم توظف مثل هذه الأموال قبل العقوبات، وأن سكانها، البالغ عددهم 85 مليوناً، يتوقون إلى استثمار هذه الأموال في مجالات عديدة.

وفي ختام دراسته وصف الباحث والمؤرخ الفلسطيني حالة التخبط الإسرائيلي بالقول:" إن خياراتهم محدودة في مواجهة المشروع النووي الإيراني، فيصعّدون لهجتهم التحذيرية من مخاطر الاتفاق مع إيران، ويتقاطرون الواحد تلو الآخر على واشنطن، لعلهم ينجحون في إقناع الإدارة الأميركية بإدخال تعديلات معيّنة تحسّن شروط اتفاق لم يعد في إمكانهم الحؤول دون إبرامه عندما تقرر حليفتهم الكبرى ذلك".

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo