ثلاثة توجهات متضاربة

كتاب إسرائيليون: المحاولات لوقف الاتفاق النووي "ميؤوس منها"

الاتفاق النووي
الاتفاق النووي

تسعى دولة الاحتلال بقوة إلى منع التوقيع على الاتفاق النووي المتبلور بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل الأنباء عن اتفاق حول قضية "الحرس الثوري" الإيراني، في وقت أكد فيه كتاب ومحللون إسرائيليون أن أي محاولة للتأثير ومنع الاتفاق النووي "ميؤوس منها"، وعليه يجب أن تكون "إسرائيل" مستعدة بأسرع وقت ممكن لإمكانية القيام بالعمل بطرق عسكرية لدرء ما صوفوه بالخطر عن "إسرائيل".

وقال "عاموس جلعاد" الرئيس السابق للشعبة السياسية الأمنية في جيش الاحتلال إن التهديد الإيراني هو تهديد استراتيجي كبير على "إسرائيل"، ويجب أن يكون مفهوماً أن هذه ليست مجرد رؤية مستقبلية، لكن الإيرانيين يبذلون جهوداً جبارة ليصبحوا مالكين لقدرات خطيرة للغاية، فالحقيقة أن إيران على حافة النووي.

ووصف "جلعاد" الاتفاقية بالسيئة، التي تأتي في وضع تكون فيه كل الخيارات سيئة، قائلاً:" إن الولايات المتحدة ستقرر الدخول في الاتفاق معنا أو بدوننا، ولدينا القدرة على التأثير في الأمر، وإذا هاجمناهم كلامياً فلن نكسب شيئاً، يجب أن نفهم أنه لا يمكننا مهاجمة إيران دون التنسيق مع الولايات المتحدة لأسباب مختلفة، لذلك من الممكن إجراء حوار حاد وواضح مع الولايات المتحدة ولكن ليس علناً​​، وعلينا تقوية الروابط مع الدول الغربية والعلاقات الناشئة مع الدول العربية، فهذا مضاعف للقوة، لكن يجب ألا نقع في وهم أنه سيكون هنا ناتو إقليمي".

اقرأ أيضاً: معهد إسرائيلي يطالب بدعم مصر في مواجهة تركيا

وأضاف "جلعاد" إذا حصلت إيران على قنبلة نووية، فإنها ستطلق العنان لإرهابها في الشرق الأوسط بأكمله، وقد تنحدر المنطقة بأكملها إلى سباق نووي، ميزتنا أو تفوقنا هو أن هناك صورة عنا بأننا نمتلك قدرات استراتيجية، ولكن في شرق أوسط نووي قد يُنظر إلينا من منظور مختلف تماماً.

ودعا "جلعاد" إلى تطوير القدرات العسكرية المتقدمة وبناء قوة عسكرية تعتمد على المساعدات الأمريكية، واستغلال العلاقات مع الدول العربية.

إيران تطالب بضمانات

من جهتها ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال أعده كل من "أرئيل كهانا" و"تامير موراغ"، أن "المفاوضات التي تجري في الأشهر الأخيرة بين الأمريكيين والإيرانيين، ليست على تشديد الاتفاق الأصلي السيئ من جانب إسرائيل، وإنما على تليينه في صالح طهران".

وبحسب المقال، "بقيت مسألة الضمانات التي طلبتها إيران بأن لا تهجر الولايات المتحدة مرة أخرى الاتفاق مفتوحة وأغلب الظن أن المفاوضات بشأنها ستستمر، أما بشأن الحرس الثوري، فيلوح في الأفق اتفاق حول الأمر".

وأضاف الكاتبان: "في كل ما يتعلق بالحرس الثوري، يتبين أن واشنطن قبلت الاقتراح بأن يبقى التنظيم رسميا في قائمة الإرهاب، لكن ذراعه الاقتصادي جمعية "خاتم الأنبياء" تستثنى عمليا من العقوبات، والمعنى؛ أن شركات دولية سيكون بوسعها عقد الصفقات مع الحرس الثوري".

وأفادا أن "إيران طالبت بضمانات مالية بمبالغ طائلة من الأمريكيين والأوروبيين لضمان ألا يتضرروا اقتصاديا من عودة العقوبات ولردع الولايات المتحدة من انسحاب جديد من الاتفاق، علما بأن واشنطن حتى الآن ترفض بشدة هذا الطلب، وتوجد على ما يبدو أيضا مشاكل قانونية لا تسمح بتسوية من هذا النوع".

ثلاثة أراء متضاربة

بدوره أشار "يوآف ليمور" محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة "اسرائيل اليوم" إلى ثلاثة توجهات متضاربة داخل إسرائيل بشأن كيفية التعاطي مع الاتفاق النووي.

وأوضح أن التوجه الأول يتمثل في موقف رئيس جهاز الاستخبارات "الموساد" دافيد برنيع، الذي وصف الاتفاق بأنه كارثة استراتيجية لإسرائيل، وذلك بموازاة الحرب الإعلامية التي شنتها إسرائيل خلال اليومين الماضيين ضد الاتفاق، وبلغت ذروتها في تصريحات رئيس حكومة الاحتلال "يائير لبيد".

وبحسب ليمور، فإن كلا من رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الجنرال "أهرون حيلفا"، ورئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العقيد "عميت ساعر"، يمثلان الموقف الثاني ويعتقدان أن الاتفاق حتى في صيغته الحالية السيئة أفضل من حالة عدم وجوده.

أما الموقف الثالث فيقوده "لبيد"، الذي يرى أن تل أبيب لا تعارض الاتفاق في حد ذاته، وإنما تطالب بإدخال تحسينات عليه.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية؟

وعاد ليمور لتصريحات لبيد قائلا إنه خلافا للانطباع الذي خلفته وسط الأسبوع، فإن إسرائيل لا تعارض أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران في حال قبول طهران بمزيد من الشروط الأميركية. وعلى حد تعبير ليمور: "فإن إسرائيل يمكن أن ترحب بالاتفاق في حال أُدخلت تعديلات عليه".

وبحسب ليمور، فإن هذه هي المواقف الرئيسية الثلاثة التي تسود محافل القرار في إسرائيل، وذلك مع بدء إدراك الحكومة الحالية أن فرص تأثيرها على القرار الأميركي وعلى بنود الاتفاق ضئيلة.

وفيما يقول "برنيع" إنه "لا يمكن الاعتماد على إيران ولا الثقة بالتزامها بأي اتفاق، وأن رفع العقوبات سيمنحها قدرات وموارد تستغلها في زرع الإرهاب وتعزيز قوة وكلائها، وتحسين ورفد مشروعها النووي والأبحاث المرتبطة به وبدفع مشروع الصواريخ قدما"، يرى "حيلفا وساعر" أن الاتفاق سيفرض على إيران قيودا، وسيلزمها بإخراج كافة اليورانيوم المخصب من أراضيها، ويبعدها فعليا عن مسار الوصول إلى قنبلة نووية".

ويؤكد "حيلفا وساعر"، أنه في حال قررت إيران خرق بنود الاتفاق فإن ذلك سيستغرق وقتا طويلاً قد يدوم عدة أشهر، وهو وقت كاف للرد على هذه الانتهاكات عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا، كما يعتقدا أنه سيكون بمقدور إيران في حال عدم وجود اتفاق نووي الاتجاه مباشرة إلى مسار تصنيع السلاح النووي ومباغتة إسرائيل والعالم وفرض واقع جديد.

خطأ استراتيجي

بدوره كشف الكاتب الإسرائيلي "ألون بينكاس" عن أخطاء استراتيجية كبيرة ارتكبتها دولة الاحتلال لمواجهة الاتفاق مع إيران أولها: المواجهة العلنية مع الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، حول الاتفاق النووي الأصلي في 2015، والثاني هو دفع الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، إلى الانسحاب من الاتفاق في 2018، مشيراً إلى أن هذه الأخطاء كانت ترتكز إلى افتراض كاذب بأن هناك إمكانية لاتفاق أفضل مع إيران حول الموضوع النووي.

وأوضح أن هذه الافتراضات الأساسية المضللة مع غياب سياسة إسرائيلية منظمة أدت بإسرائيل إلى الوضع الذي توجد فيه الآن وحيدة.

وعبر "بينكاس" عن استياءه من غياب سياسة حقيقية واضحة لدى إسرائيل إزاء موضوع إيران، قائلاً:" إسرائيل ضد حصول إيران على الذرة، ولكن أيضا ضد اتفاق سيمنع حصول إيران على الذرة، فقد أيدت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق ولكن في الحقيقة هي ضد الاتفاق الجديد". من غير الواضح ما الذي تريده إسرائيل.

وأضاف "الكاتب الإسرائيلي" أن إسرائيل فضلت الخطابات في الكونغرس والتهديدات الفارغة، ورفض كل اتفاق نووي، متسائلاً: "الولايات المتحدة يمكنها التعايش مع ايران كدولة نووية، لأن أولويتها هي الصين والحرب المتواصلة في أوكرانيا، لكن هل يمكن لإسرائيل العيش مع إيران النووية؟.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo