حرب غزّة 2022.. رسائل ساخنة متبادلة بين إسرائيل وإيران

زياد النخالة يلتقي الرئيس الايراني
زياد النخالة يلتقي الرئيس الايراني

في الخامسِ عشر من آب/ أغسطس لعامِ 2022 بادرت إسرائيل بالحرب على غزة مستهدفةً حركة الجهاد الإسلامي في غزة وقيادتها ومواقعها العسكرية، مطلقةً على العملية "الفجر الصادق" في حين ردّت الجهاد الإسلامي بإطلاق ألف صاروخٍ على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأطلقت على عمليتها "وحدة الساحات".

خلفت العملية العسكرية أكثر من 48 شهيدًا فلسطينيًا بينهم 16 طفلًا و4 سيداتٍ وإصابة أكثر من 360 فلسطينيًا بحسب وزارة الصحة بغزة.

وفي هذا التقرير، تستضيف "زوايا" محللين سياسيين، حول مدى التأثير الإيراني في قرار الحربِ، وتأثيرها على علاقاتها مع إسرائيل التي تشهد حالةً من الصراع المستديم، وحول عدم مشاركة حماس في المعركة وتأثيرها على العلاقة بينها وبين إيران.

"الجهاد" الأكثر قُربًا لإيران

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أنّ حركةَ الجهادِ الإسلامي هي الذراع الفلسطيني الأكثر قربًا من إيران، وأن الأولى لا تقدم على عملٍ عسكريٍ إلا باستشارة وتنسيق مع الأخيرة.

وبشأن الحربِ الأخيرة لفت "الشوبكي" في حديثه لـ "زوايا" أن الاحتلال الإسرائيلي هو من بادر بالحربِ على غزة، معتقدًا أن حتى طريقة المواجهة كان بالتنسيق مع إيران.

وعن الدور الإيراني، ما زالت إيران تستعرضُ قوتها في المنطقةِ عبر تطويعِ حركات المقاومة لتشكيل الضغط، بما يخدم مصالحها الإقليمية، تزامنًا مع إدارة ملفّها النووي. "يبين الشوبكي".

اقرأ أيضاً: الصحف العبرية: انتصارنا تكتيكي والقوة العسكرية لم تنجح في حل مشكلة غزة

تواجد النخالة في إيران خلال الضربة الاستباقية الإسرائيلية، استبعد أن يكون هناك ارتباطًا بينَ الحدثين، ظانًا أن الفصائل الفلسطينية ليست معنية بخوض حربٍ أو مواجهة ولا سيما أن الحرب الأخيرة المدمرة على قطاع غزة في مايو 2021 ليست بعيدةٍ وقد دفعت غزة إزاءها ثمنًا باهظًا من شهداءٍ وجرحى وتدميرٍ للبيوت الفلسطينية.

الصراع الإيراني الإسرائيلي

وحول مكتسبات إيران من هذه المعركة ولا سيما بشأن العلاقات المتوترة بينها وبين إسرائيل، قال "الشوبكي" "ليست مكتسبات عظيمة ولكن رسالة واضحة منها بقدرتها على التأثير في المشهد الفلسطيني، ولكن لم تؤدي هذه الحرب علامة فارقة في الصراع بين إسرائيل وإيران"

ويصف "الشوبكي" الصراع الإسرائيلي الإيراني بحرب طويلة الأمد، وفي حين تستخدم إيران أذرعها للتأثير على إسرائيل، تقوم إسرائيل بالمقابل بدك جبهات محور المقاومة في سوريا ولبنان وفلسطين.

ولا يحتاجُ الاحتلال الإسرائيلي لمبررٍ للاعتداء على الشعل الفلسطيني، وقبيل الحرب الأخيرة على غزة نفذ الاحتلال هجماتٍ واسعةً على مخيم جنين بالضفة، وعقب المواجهةِ أيضًا شنّ هجمات على مدن الضفة ولا سيما نابلس التي ارتقى خلالها العملية ثلاثة شهداءٍ، وأن تلويح الجهاد الإسلامي بالرد على اعتقال القيادي فيها "بسام السعدي" لم يكن مبررًا بالعدوان. "يقول الشوبكي.

وحولَ عدم مشاركة حماس في المعركة الأخيرة ومدى تأثيرها عليها، قال إن حماس كانت أمام خيارين أحلاهما مر، إما المشاركة ودفع الثمن الباهظ أو الوقوف موقف المتفرج والتضحية بجزءٍ من شعبيتها وهذا ما تم، الأمر الذي استغلته إسرائيل إعلاميًا لإحداث الشرخ بين حركتي حماس والجهاد الذي قال بأنه يخوض المعركة ضدّها لوحدها.

تنافس إيراني إسرائيلي

واعتبر المحلل السياسي نشأت الأقطش أن العلاقة بين إيران وإسرائيل علاقة تنافسية على قيادة المنطقة ولا زالت إلى يومنا هذا، وأن إسرائيل هي مندوبة للاستعمار في المنطقة.

واعتقد "الأقطش" خلال حديثه لـ "زوايا" أن المعركة الأخيرة عززت التنافس بين إسرائيل وإيران على قيادة المنطقة وتبادل الرسائل الساخنة فيما بينهما.

وحول الحرب الأخيرة "وحدة الساحات" قال "الأقطش" " صحيح أن إسرائيل نجحت في فرض الحرب ببدئها التصعيد وادّعت أنها حرب طويلة، إلا أنها بعد يومٍ من الحرب قالت القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن استوفيت الشروط والأهداف ويجب إيقاف الحرب والمواجهة مع الجهادِ الإسلامي".

وبيّن أن إسرائيل فشلت في تحقيق الرّدع بل كان الرّدع متبادلًا حيث أطلقت الجهاد الإسلامي أكثر من 1000 قذيفة تجاه إسرائيل.

اقرأ أيضاً: بعد العدوان.. هذه مأساة انتظار إعمار البيوت المدمرة بغزة

واعتبر أن وجود النخالة في إيران تزامنًا مع الحرب الأخيرة شيء طبيعي، كونه إيران الحليفة الأولى والاستراتيجي لحركة الجهاد الإسلامي، لكن وجوده أيضًا عزز قدرة إيران على فرض معادلةٍ والتأثير في المنقطة عبر أحد أذرعها في فلسطين وهي الجهاد الإسلامي.

الجهاد ليست بديلة عن حماس

وحول موقف حماس من الحرب الأخيرة وعلاقتها بإيران، أوضح "الأقطش" أن عدم مشاركة حماس سبب لها الإحراج، إلا أن الدعم الإيراني لحماس لم يتوقف سوى في بعض مواقفها من الأزمة السورية واليمنية.

وبيّن أن حماس ما زالت حليفًا استراتيجيًا لإيران، مستبعدًا أن تكون حركة الجهاد الإسلامي بديلًا عن حماس.

وأكد أنّ عدم مشاركة حماس في المعركة الأخيرة سارع بتوقيف العدوان، وأن إسرائيل كانت تخشي دخولها في المعركة على غرار معركة مايو 2021 "سيف القدس"، إلا أنّه أشارَ لتلميحاتٍ لخلافات بين حماس والجهاد إبان المعركة الأخيرة.

تنسيق عالٍ بين حركة الجهاد وإيران

ويتفق المحلل السياسي محسن أبو رمضان مع ما ذهب إليه "الشوبكي" بأن حركة الجهاد الإسلامي هي الأكثر قُربًا من محور المقاومة الذي تتزعمه إيران، وأراد الاحتلال توجيه ضربةٍ لامتداداتِ إيران في المنطقة وخاصة في الأراضي الفلسطينية، لتوجيه رسالةِ قوة وتهديد لها.

وتعتبرُ إيران الحليف الاستراتيجي الأول لحركة الجهادِ الإسلامي في المنطقة، ووجود "النخالة" في إيران أثناء العُدوان الأخير على غزة، دليل على قوةِ التحالفِ والدعم الإيراني لحركة الجهاد، بحسب "رمضان".

وبشأنِ خطابِ النخّالة قبيل العدوان أثناء تواجده في إيران بيّن "أبو رمضان" بأنّ خطاب النخالة أعطى الانطباعَ بأنه يستند في امتداداته وقراراته على الظهير الاستراتيجي في إشارة إلى إيران.

عدم مشاركة حماس أربك العلاقة

وعن عدم مشاركة حركة "حماس" في الحربِ الأخيرة قال "رمضان" "هذه ليست المرة الأولى التي لا تشارك فيها حماس، ربما لحساباتٍ وتكتيكاتٍ معينة وربما لأن الحربَ الأخيرة على غزة لم يمض عليها سوى 15 شهرًا".

واعتقد أن عدم مشاركة حماس في المواجهة الأخيرة بغزة، أربك العلاقة بين حماس من جانب والجهاد الإسلامي ومحور المقاومة بزعامة إيران من جانب آخر، لكنّه أكد أن الشرخَ الذي حدث بإمكان معالجته عبر الحوار.

ودعَا لبرنامج كفاحيٍ مشترك يؤسس لقرارٍ وطني موحد تضم المقاومة المسلحة والشعبية وتكون الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني.

وأراد الاحتلال الإسرائيلي من خلال توجيه ضربةٍ للجهادِ إضافة لاستهدافه الأراضي السورية ومن خلال محاولته الاستيلاء على حقول الغاز في البحر المتوسط القريبة من لبنان، توجيه رسائل ساخنة لكل الأطراف ولا سيما إيران بقدرتها وقوتها.

قص العشب.. سياسة إسرائيلية

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي ناجي شراب بأن دور إيران في الحربِ واضحًا وجليًا، وهذا ما دفع إسرائيل لسياسة "قص العشب" و"تقليم الأظافر" حيث سعت لضرب حركة الجهاد الإسلامي تزامنًا مع تنامي قدرتها العسكرية وإرسال رسالة مباشرة لإيران بأنها قادرة على ضرب وكلائها في المنطقة.

وقال "شراب" في حدثه لـ "زوايا" بأنه لا يريد أن يقلل من البعد الفلسطيني المقاوم في الحرب، إلا أن الحرب الأخيرة على غزة بلا شك "حرب بالوكالة" ولا سيما في ظل أجواء المفاوضات المشحونة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني، مؤكدًا أن إيران أرادت إرسال رسالة لأمريكا وإسرائيل بأنها تملك أوراق نفوذ وقوةٍ في المنطقة وفي أهم ساحة صراع وهي الساحة الفلسطينية.

وأشار إلى أنّ إيران تستخدم أدواتها ونفوذها المختلف في المنطقة من حزبِ الله وحماس والجهاد الإسلامي، وأن حركة الجهاد الإسلامي لن تكون بديلًا عن حماس.

صراعٌ إيراني إسرائيلي مستديم في المنطقة، فإسرائيل ما زالت تستنزف أذرع إيران في المنقطة، وفي المقابل ما زالت إيران تدعم أذرعها ماليًا وعسكريًا لخوضِ مواجهاتٍ مع إسرائيل، في رسائل متبادلةٍ من نارٍ بين الطرفين، وعلى الرغم من عدم مشاركة حماس في المعركة الأخيرة رفقة الجهاد الإسلامي التي خاضت الحرب وحدها، إلا أن إيران لن تتخلى عن حماس باعتبارها قوة أساسية في المشهد الفلسطيني ولن تخسر إحدى أوراقها في المنقطة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo