الإعلام الفلسطيني تجاه الجريمة.. قصور واضح ومعالجة غائبة

تغطية إعلامية لأحداث في غزة
تغطية إعلامية لأحداث في غزة

تشهدُ الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين الفينةِ والأخرى جرائمَ عديدةً تهز الشارع الفلسطيني، وتشي بحالةٍ من الفلتانِ الأمني في ظل انتشار ظاهرة السّلاحِ بين العائلاتِ والأفرادِ الفلسطينيين.

وحسب حديث سابقٍ في يونيو 2022 للناطق باسم الشرطة الفلسطينية في قطاع أيمن البطنيجي لـ"زوايا" أنه منذ بداية العام الحالي 2022 حتى منتصف يوليو الجاري، فإن الإحصائية المتوفرة لجرائم القتل في قطاع غزة، بلغت 10 جرائم بما فيها الجريمة الأخيرة التي أودت بحياة مواطن وابنته في جباليا شمال القطاع، مبيناً أنه مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2021 بلغت جرائم القتل 14 جريمة.

أما بشأن الضفة الغربية وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن 45 جريمة وقعت في العام 2021 في حين لم تصدر إحصائية عن جهةٍ رسمية بعدد جرائم القتل في الضفة في عام 2022، التي شهدت العديد من الجرائم.

وفي هذا التقرير تستضيفُ "زوايا" خبراءً حول دور الإعلام الفلسطيني في مكافحة الجريمة في المجتمع الفلسطيني، وأوجه الإيجابيات والقصور والتوصيات اللازمة اتباعها ليكون الإعلام أكثر فاعلية في مكافحةِ الجريمةِ.

دور الإعلام وتأثيره

من جانبه، قال أستاذ الإعلام الدكتور طلعت عيسى إنّ "الإعلام الفلسطيني مهمّ جدًا في نقل المعلوماتِ المتعلقة بالجريمة إلى شريحةٍ واسعةٍ من الجماهير، وله تأثيرٌ قوي للغاية في إيصال المعلومات وكيفية تناولها ومعالجتها".

اقرأ أيضا: بعد الخيبة من بايدن..هل من مسار فلسطيني جديد؟

ويعاني الشعب الفلسطيني من موضوع الجريمة الذي تسبب بمشكلاتٍ اجتماعيةٍ عديدة، في ظل وجود سلاح الفلتان الأمني المنتشر في يد العديد من العائلات والأفراد، والذي يشكل ظاهرةً خطيرةً ويؤدي للفوضى، على الرغم من أن الشعب الفلسطيني يقع تحت الاحتلال، وأن الأصل أن يوجه هذا السلاح إليه. بحسب حديث "عيسى" لـ "زوايا".

التوعية الإعلامية

وبشأن التوعية الإعلامية، أكد "عيسى" على ضرورة أن يتحدث الإعلام بشكلٍ رادعٍ حول مرتكبي الجرائم، وأن يتناول قضايا الجرائم بشكل منهجي، فمن الممكن أن يستضيف أصحاب القرار رفقة المختصين في موضوعات الجريمة لتناول معالجتها ومحاصرتها وتطويقها في المجتمعِ الفلسطيني.

وحول السلبيات والإيجابيات في تناول الإعلام الفلسطيني لقضايا الجرائم، بين أن الإعلام الفلسطيني ليس مقصرًا تمامًا في هذا المجال، إلا أنه رأى أن السلبياتِ أكثر في معالجة القضية الخطيرة، والتي أثرت سلبًا على المجتمع الفلسطيني وترابطـه.

وطغت القضايا السياسية المتعلقة بالاحتلال والانقسام والتجاذبات السياسية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، ما أثرًا سلبًا على تناول القضايا الاجتماعية ومعالجتها وفقًا لمنهجيةٍ واضحةٍ مستمرةٍ تحد منها، وليس بالطريقة السائدة وهي المعالجة الموسمية، كما يقول "عيسى"

منصات التواصل والجريمة

وأوصى "عيسى" بضرورة التركيز على منصات التواصل الاجتماعي، والتي لها قاعدة جماهيرية في كل بيتٍ فلسطينيٍ، حيث يقع على عاتقها توعية مرتاديها بأخطر الجرائم والانحراف ومسؤولية التصدي لها، وتزويدهم بالمعلومات والحقائق والمعلومات التي من شأنها أن تحارب الجريمة.

وألقى على عاتق المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي مسؤولية توعية النشطاء بعواقب الجريمة وسبل مكافحتها وسلبياتها، والابتعاد عن الثقافة الهابطة والمعززة لقضايا الجريمة.

كما أوصى بخطةٍ تكامليةٍ مشتركةٍ بين الإعلام بوسائله وأشكاله كافة رفقة الجهات المختصة تعمل على عدة محاورٍ من أجل معالجة الجريمة في إطارها الصحيح، وأن تشكل رادعًا وعقابًا لكل من يفكر بارتكاب الجريمة.

الإعلام الفلسطيني يُعاني

من ناحيته، قال الخبير في مجال التنمية البشرية محمد بشارات، أن الإعلام الفلسطيني ما زال يعاني في كثير من التحديات حول موضوع الجريمة، ولا سيما في ظل انتشار الإشاعات وغياب المعلومة من مصدرها الرسمي.

ودعا خلال حديثه لـ "زوايا" إلى ضخ برامج توعوية تعزز السلم الأهلي وبث العلاقات الإيجابية بين أوصالِ الشعب الفلسطيني وتقوية روابطه الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: "الطنطورة".. وثائقي إسرائيلي يعرض شهادات مروعة لذبح الفلسطينيين خلال النكبة

وبشأن الحصول على المعلومات حول الجريمة، قال "بشارات" إن الإعلاميين الفلسطينيين يحتاجون لاستقاء المعلومات من الجهاتِ المختصة، والتي تتحفظ على كثيرٍ من المعلوماتِ، الأمر الذي يفتح المجال بشكلٍ واسعٍ لبث الإشاعات حول الجريمة، ما يمكن أن يؤجج الجريمة ويعززها عبر إحداث البلبلة بين أفراد المجتمع الفلسطيني.

تنسيق شامل للحد من الجريمة

ويحتاجُ الإعلام الفلسطيني للإسهام الفعال في الحد من الجريمة لنوعٍ من التنسيق الشامل بين المؤسسات المختصة والمؤسسات الإعلامية بكافة أشكالها سواءً كانت مقروءًا أو مسموعًا أو مرئيًا، بشكل مهني للمعالجة المعمقة للجريمة ونبذ النشر السلبي حولها وتحري الشفافية. وفق حديث "بشارات".

ورأى أن غياب دور الإعلام الفلسطيني عن مكافحة الجريمة يؤدي إلى تدهور كبير في حالة الجرائم في المجتمع الفلسطيني ويفتح باب الشائعات، مبينًا أنه يقع على الإعلام تقديم صورةً حقيقية وتوعوية كاملة وممنهجة سواءً كانت توعية اجتماعية أو دينية لضمان عدم الانحدار في قضايا الجرائم.

إعلام ضعيف ومحكوم

وقال أستاذ الإعلام نشأت الأقطش إن الإعلام الفلسطيني ضعيف للغاية في تناول موضوعات الجريمة، وأنه محكوم بعدة عوامل اجتماعية وسياسية وبضعف الإعلام الفلسطيني بشكلٍ عامٍ.

وعن العوامل التي تحكم الإعلام الفلسطيني في تناوله لقضايا الجريمة، اعتبر خلال حديثـه لـ "زوايا" أن النظام الاجتماعي يمنع الإعلام من تغطية قضايا الجرائم بشكلٍ مطلق وبتفاصيل كاملة، في حين أنه محكومة لأنظمة سياسية غير ديمقراطية في الضفة وغزة، مبينا أن هناك قصورًا واضحًا في تناول قضايا الجريمة.

وبين أن الإعلام الفلسطيني المحكوم للأنظمة السياسية منغمس في تغطية البيانات الرسمية للفصائل، دون معالجة منهجيةٍ واضحة للقضايا الاجتماعية ومنها قضايا الجريمة.

وتنقسم الآراء حول تغطية الجريمة بين مؤيدٍ لنقل التفاصيل كاملة وهو ما أيده الدكتور "الأقطش" والرأي الآخر الذي لا يريد نقل الوقائع كاملة.

خطاب إعلامي بعيدًا عن المناكفات

وأوصت دراسةٌ بعنوان "جرائم القتل إحصائيات وتداعيات" والتي أعدها الباحث منصور أبو كريم في عام 2018 بضرورة صياغةِ خطابٍ إعلامي بعيدًا عن السجالات والمناكفات السياسية والدعايات المروعة بما يحفظ المجتمع ويعمل على لجم الجريمة والحد من انتشارها.

كما أوصت بضرورة إشراك الكل الفلسطيني في غزة من فصائل ومؤسسات وشخصيات عامة ووجهاء وأعيان ومخاتير وكتاب ومثقفين من أجل وضع خطةٍ شاملةٍ تواجه هذا التغول والإمعان في الجريمة.

وفي ظل انغماس الإعلام الفلسطيني في القضايا السياسية وحالة الاحتلال والانقسام وضعفـه في معالجةِ قضايا الجرائم، وغياب المنهجية الواضحة والمعالجة الفعالة في مكافحة الجرائم، فإن المجتمع الفلسطيني بحاجةٍ لإعلام قوي ذي تأثير واسعٍ يعالجُ القضايا المجتمعية، ومنها الجريمة، بشكلٍ مهني ومتعمقٍ يحدٌّ منها عبر تعاون الكل الفلسطيني.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo