حصري

"زوايا" يكشف تفاصيل المنطقة الصناعية على حدود غزة

معبر بيت حانون "ايرز"
معبر بيت حانون "ايرز"

بخلاف كل المعلومات و"التسريبات" المتضاربة بما فيها الصادرة عن الجهات الإسرائيلية، حول المنطقة الصناعية التي سيقيمها الاحتلال الإسرائيلي داخل الحدود المحتلة المتاخمة لقطاع غزة، فإن موقع "زوايا" يكشف معلومات "حصرية" تتعلق بالموقع الحقيقي للمنطقة وزمان تنفيذها وتفاصيل إنشائها.

فكل ما ورد من أنباء حول "المنطقة الصناعية" صدر أغلبه عن "الجانب الإسرائيلي"، فوفقاً لحديث نقله مراسل قناة "مكان" الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية بأن "الحكومة الإسرائيلية صادقت في وقت سابق على قرار بإنشاء منطقة صناعية".

والحديث كان يدور أن هذه المنطقة الصناعية ستخرج إلى حيز التنفيذ، حيث سيتم إنشاؤها شرقي معبر "كارني" (المنطار سابقاً) في محيط القرى الزراعية الاستيطانية القريبة من غزة، وستستوعب حوالي 10 آلاف عامل فلسطيني، حسب قناة "مكان".

بينما الجهة الفلسطينية الأولى التي تحدثت عن هذه المنطقة، هو مصدر مسؤول في هيئة الشئون المدنية، وذلك بناءً على محضر اجتماع فلسطيني (إسرائيلي) عُقد في حاجز بيت حانون "إيرز" بتاريخ 20-6-2022، حول الإجراءات المتعلقة بإصدار تصاريح عمال وتجار غزة.

وبين المصدر أن الاجتماع تم بمشاركة إياد نصر ونبيل النحال عن هيئة الشئون المدنية، وسمير الشريف عضو اللجنة المشتركة لوزارة العمل، وأسامة كحيل النقيب السابق لاتحاد المقاولين في غزة، وعن الاحتلال شارك ثمانية من ضباط الارتباط برئاسة "موشيه تترو" مسؤول التنسيق والارتباط في معابر غزة، موضحا أن العمل جارٍ على تجهيز منطقة صناعية تستوعب عشرة آلاف عامل في غلاف غزة.

كشف "حصري"

ما ورد في الصحافة الإسرائيلية وفي المحضر المذكور، أحالنا للحديث مع "مصدر خاص" مطلع على الاجتماع سالف الذكر من الطرف الفلسطيني، والذي طلب في حديث حصري لـ"زوايا" عدم ذكر اسمه، نظراً للطلب الإسرائيلي بعدم الكشف عن تفاصيل تتعلق بالمنطقة الصناعية لوسائل الإعلام.

وكشف المصدر أن المنطقة الصناعية ستُقام إلى الشمال من معبر "إيرز" المسمى فلسطينياً "معبر بيت حانون"، وذلك بخلاف كل ما أشيع في الصحافة الإسرائيلية وتناقلته وسائل إعلام فلسطينية وعربية وغيرها بأنها ستُقام في معبر "كارني" شرق مدينة غزة.

وأكد المصدر أن المنطقة الصناعية، ستقام على مساحة (10 آلاف دونم)، بحيث تستوعب (10 آلاف عامل)، يمكنهم العبور إليها من خلال معبر خاص بعد المرور من معبر "إيرز" الذي يربط شمال القطاع بـالاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن حكومة الاحتلال صادقت "بشكل مبدأي" على إنشاء مصانع على مساحة 64 دونم، ومن المقرر الانتهاء من الإنشاء خلال ستة أشهر أو عام على أبعد تقدير.

اقرأ أيضاً: هل يشهد اقتصاد غزة انتعاشاً بزيادة العمال لدى الاحتلال؟

وأشار المصدر إلى أن المنطقة الصناعية الجديدة ستكون على غرار مدينة "عطروت" الصناعية المقامة حالياً شمال القدس المحتلة، وعلى غرار المنطقة الصناعية التي أقيمت سابقاً بالقرب من معبر "كارني" شرق مدينة غزة، وسيكون الاستثمار في المنطقة الصناعية بإيرز قابل للشراكة الإسرائيلية والفلسطينية، عاداً أن هذا الارتباط أشبه ما يكون "بارتباط سياسي واقتصادي في آن واحد يفرضه الواقع الحالي"ـ على حد تعبيره.

وذكر المصدر، أن لهذه المنطقة الصناعية انعكاسات إيجابية على سكان قطاع غزة، حيث سيتم توظيف نحو 10 آلاف عامل فيها، وسيعملون في مهن تصديرية للخارج، وسيتمتعون بكامل حقوقهم العمالية بما فيها الحد الأدنى للأجور الذي لا يقل عن 7500 شيكل، فضلاً عن أن بناء هذه المدينة الصناعية سيكون بأيدي عمال من القطاع.

كما كشف المصدر، أنه سيتم إنشاء خط "سكة حديد" يربط المنطقة الصناعية بالميناء المسمى "أشدود" لنقل البضائع التصديرية المصنعة من المدينة المذكورة إلى الميناء ومنها إلى الخارج، وعبر عن اعتقاده بأن توسيع وتطوير المدينة الصناعية مرتبط بشكل كبير بنجاحها على الصعيد الاقتصادي من ناحية وعلى صعيد الهدوء الأمني بين غزة والاحتلال من ناحية أخرى، متوقعاً أن تكون هذه المنطقة "آمنة"، وأن لا يتم استهدافها من الطرفين في أي تصعيد مقبل، حسب زعم المصدر.

 أهداف سياسية

وليس لدى المختصين والمحللين في الشأن الاقتصادي، أدنى شك بأن المنطقة الصناعية الجديدة تأتي لـ "أهداف سياسية أكثر منها اقتصادية"، حيث طرح موقع "زوايا" أسئلته بالخصوص عليهم، لبيان الأسباب الحقيقية وراء تفعيل المنطقة الصناعية، هل هي اقتصادية أم سياسية؟ وما دوافع الاحتلال لإقامتها في الوقت الراهن في "إيرز" دون النظر إلى تفعيلها في "كارني"؟، وما الانعكاسات الإيجابية أو السلبية لهذه المنطقة على الاقتصاد الغزي؟.

ومن جملة من استطلع رأيهم موقع "زوايا" محمد نصار الكاتب والمحلل في الشأن الاقتصادي، والذي أشار إلى أن الحديث عن المنطقة الصناعية ليس جديداً، ففي تموز من العام 2019 كشف مصدر أمني رفيع أن الاحتلال الإسرائيلي يدرس بناء منطقة صناعية خاضعة للرقابة في منطقة "كارني" شرق مدينة غزة.

وأوضح نصار بأن –المنطقة الصناعية- من الممكن أن توفر فرص عمل لأكثر من 1000 عامل في قطاع غزة، لافتاً إلى أنه سبق لدولة قطر أن أبدت استعدادها لتمويل المشروع الذي من شأنه أن يخلق فرص عمل كبيرة، بالإضافة إلى أنه سيحسن الوضع المعيشي في قطاع غزة.

كما جرى الحديث في نوفمبر من العام 2021 عن إعادة إحياء المنطقة الصناعية التي كانت موجود في محيط معبر "إيرز"، والتي أغلقت في العام 2005 قبيل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، حسب نصار.

وحول دوافع الاحتلال الإسرائيلي وراء إقامة المنطقة الصناعية في الوقت الراهن في "إيرز" دون النظر إلى تفعيلها في "كارني"، فقد عبر نصار من وجهة نظره، بأن ذلك يعود لدواعي وأسباب أمنية إسرائيلية، إضافة إلى أسباب بيئية حيث تعتبر منطقة شرق كارني بعيدة نسبياً عن التجمعات السكانية في المستوطنات الإسرائيلية.

وليس لدى نصار شك، بأن الهدف المتوقع من إنشاء المنطقة الصناعية "سياسي" يتعلق باستمرار الهدوء في المناطق الحدودية وخاصة مستوطنات الغلاف، إضافة لوجود "هدف أمني" يتعلق بالحد من حرية المقاومة في قطاع غزة.

ويرى أن لهذه الخطوة نتائج إيجابية قصيرة المدى، ففي حال تم تشغيل المنطقة الصناعية فهذا يعني أن 10 آلاف عاطل عن العمل من قطاع غزة سيعملون في هذه المنطقة، مضيفاً "إذا افترضنا أن متوسط الأجر الذي سيحصل عليه العامل حوالي 225 شيكل يومياً، فهذا يعني أن حوالي 2.25 مليون شيكل ستدخل قطاع غزة، أي قرابة 54 مليون شيكل شهرياً".

ولكن –حسب نصار- فإن إنشاء مثل هذه المنطقة الصناعية "سوف يعزز تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، كما سيكون لهذه المنطقة، في حال تم إنشاؤها، آثار سلبية على المصانع المحلية والمنتجات المحلية في قطاع غزة على المدى البعيد، وستخضع هذه المنطقة الصناعية للمزاج السياسي والوضع الأمني لدولة الاحتلال التي لا تحترم أي عهود أو مواثيق".

ويرى نصار أنه هذه المبادرات الاقتصادية تبقي حلولاً مؤقتة طالما لم تأت في سياق خطة وطنية تنموية واضحة تساهم في المدى المتوسط في تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة داخل الأراضي الفلسطينية، وتمكن الفلسطيني من تصدير منتجاته إلى العالم الخارجي من خلال معابر أردنية ومصرية، بعيداً عن الإجراءات التي تفرضها دولة الاحتلال، على حد تعبيره.

إحصاءات

ويواجه اقتصاد قطاع غزة حالة انهيار، جراء تعرض آلاف المنشآت الاقتصادية والخدمية والإنتاجية للتعطل والتدمير والضرر خلال الهجمات الإسرائيلية وسنوات الحصار التي تزيد عن 15 عاماً، بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف).

وقال المرصد في يناير/كانون الثاني الماضي 2022، إن إجمالي الخسائر التي لحقت بالقطاع الاقتصادي، جراء تدمير المنشآت الصناعية في مناطق مختلفة بقطاع غزة، بلغ 400 مليون دولار.

كما تسبب تدمير المنشآت الصناعية، بحرمان مئات العمال الفلسطينيين من فرص العمل، في ظل ارتفاع نسبة البطالة والفقر بغزة.

وأظهرت أحدث بيانات صادرة عن البنك الدولي للعام 2021 بأن نسبة الفقر في قطاع غزة وصلت إلى 59%، أي أكثر من 1.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر.

كما يعاني القطاع من نقص كبير في الوظائف وفرص العمل، حيث أظهرت نفس البيانات السابقة بأن معدل البطالة وصل إلى 45% بين أفراد القوى العاملة، وقد وصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى 62%، وبين النساء 79%.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo