ماذا تناقش اللقاءات الأردنية-الفلسطينية المكثفة عشية زيارة بايدن؟

لقاء الرئيس عباس مع الملك عبد الله
لقاء الرئيس عباس مع الملك عبد الله

تصاعدت الزيارات المتبادلة للمسؤولين الفلسطينيين والأردنيين بين رام الله وعمّان في الفترة الأخيرة، وكان أحدثها ذهاب الرئيس محمود عباس إلى العاصمة الأردنية للقاء ملك الأردن عبد الله الثاني، وذلك عشية مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة منتصف الشهر المقبل.

فماذا يتم بحثه بهذه اللقاءات الأردنية-الفلسطينية في هذا التوقيت؟

يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د.أحمد مجدلاني لموقع "زوايا" إن القدس هي الموضوع المشترك بين السلطة الفلسطينية والجانب الأردني؛ نظرا لحساسيته بالنسبة للسلطة والمملكة معًا؛ بسبب اتصال الموضوع بمحاولات "إسرائيل" تغيير طابع المدينة وتهويدها، وكذلك مخطط الاحتلال الإسرائيلي لتغيير "الستاتيكو" بالمسجد الأقصى، ومساس ذلك بالولاية الهاشمية.

وأوضح مجدلاني أنه في ظل عدم وجود آمال بإحداث اختراق سياسي خلال زيارة بايدن وعدم وجود أي مبادرة سياسية لواشنطن، فإن الجهد الأردني-الفلسطيني المشترك الآن هو ألا يؤدي التحالف العربي-الإسرائيلي الذي تعمل أمريكا على صياغته في المنطقة إلى سقوط القضية الفلسطينية وطمسها، نتيجة تغير الأولويات العربية.

ترتيب المطالب الفلسطينية-الأردنية من بايدن على أساس الأولوية

كما أكد مسؤول بالسلطة الفلسطينية لموقع "زوايا" أن الأردن له مصلحة استراتيجية بحل القضية الفلسطينية؛ لأن عدم حلها العادل يعرض المملكة لمخاطر جراء ذلك، مع مراعاة انخراط المملكة في الحلف العربي-الإسرائيلي ضمن النظام الإقليمي الجديد، وبروز الحلف ببعده الأمني والعسكري.

وأوضح المسؤول أنّ اللقاءات الأردنية-الفلسطينية ترتكز على مقترحات لترتيب المطالب الفلسطينية الأكثر أولوية والتي سيتم استعراضها خلال زيارة بايدن للمنطقة، وتتكون من ثلاثة أمور: الأول، موضوع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والإستيطان، والمسار السياسي. وتستند هذه الرؤية لترتيب المطالب الفلسطينية-الأردنية ضمن مبدأ الأولوية على قناعة مفادها أنه لا بد من التركيز عليها، في ظل عدم وجود آمال بقدرة الولايات المتحدة على طرح مبادرة سياسية لإطلاق مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية في المرحلة القريبة، خاصة في ظل الوضع "الهش" للحكومة الإسرائيلية قبيل انتخابات الكنيست المبكرة الخامسة في غضون ثلاث سنوات.

تنسيق المطلب الفلسطيني-الأردني من بايدن..لضبط التصعيد الإسرائيلي

بدروه قال الباحث السياسي الأردني د.منذر حوارات لـ "زوايا" إن الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدث عن دعمه لحل الدولتين منذ مجيئه الى السلطة، لكن لم يقدم أي تحرك حقيقي من شأنه أن يؤدي إلى نتائج لصالح حقوق الفلسطينيين على الأرض، بل على العكس، استطاعت إسرائيل تحييد مطالبهم وأن تذهب الى اتفاقيات تطبيعية منع المنطقة العربية، حيث قفزت من خلالها فوق المطالب الفلسطينية.

وبين "حوارات" أن المباحثات الأردنية-الفلسطينية، الآن، عشية زيارة بايدن، تنصب على تنسيق الجهود، في محاولة لدفع بايدن لتبني خطة سياسية واضحة المعالم في الموضوع الفلسطيني، لتحقيق ما وعد به بايدن على الأقل، مبينا أن الغاية الأردنية-الفلسطينية هي ترسيخ القناعة لدى بايدن، بأنه إذا لم تحل القضية الفلسطينية بشكل عادل فإن المنطقة لن تدخل في حالة هدوء، بل ستبقى اسيرة للصراعات المتجددة.

وشدد الباحث حوارات على أن الهدف الرئيسي هو في نقاشات السلطة الفلسطينية والجانب الأردني هو القدس، في ظل مساعٍ إسرائيلية لفرض هيمنتها ويدها العليا في الأماكن المقدسة. وأشار إلى أن الفلسطينيين والأردنيين سيسعون خلال زيارة بايدن إلى طلب الضغط باتجاه تخفيف التصعيد الإسرائيلي بالمسجد الاقصى والأماكن المقدسة، لتلافي وقوع الإنفجار.

ونوه حوارات بأن بايدن يريد تهدئة الفلسطينيين لتعزيز الحلف العربي الإسرائيلي، معربا عن أسفه بأن جميع الحلول المطروحة على الساحة الفلسطينية جلها اقتصادية، فلم يعد أحد يتحدث عن مفاهيم الاتفاقيات الدولية مثل السيادة والدولة، بل أن أمريكا والأطراف العربية تريد تهدئة الفلسطينيين كي لا يعكرون صفو الإتفاقيات المنوي توقيعها. وهم يحاولون تخفيف احتقان الفلسطينيين عبر حلول اقتصادية ترقيعية، لكن حوارات وصفها ب"حلول واهمة"؛ لأن الفلسطينيين يريدون تحقيق مطالبهم السياسية العادلة.

المباحثات مرتبطة بطلب لملك الأردن من بايدن خلال اجتماع السعودية الدولي

الواقع، أن المباحثات الأردنية-الفلسطينية متعلقة أيضا بما سيشدد عليه الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حينما يشاركان في القمة الدولية التي ستعقد في السعودية بحضور بايدن، كما يؤكد النائب الأردني السابق سمير عويس لموقع "زوايا".

وبين عويس أن الطلب الأردني والمصري يتعلق بحل القضية الفلسطينية، خاصة أن الجميع يريد فهم ما يريده الأمريكيون من وراء صياغة الحلف العربي-الإسرائيلي. وأكد أن هناك مقايضة عربية مع الطرف الأمريكي بالربط بين الحلف العربي-الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية، في ظل محاولات أمريكية لإدماج إسرائيل في المنطقة. وستشدد دول عربية على أن حل القضية الفلسطينية هي السبيل لإنجاح أي تحالف عربي-إسرائيلي.

وأوضح عويس أن الغاية الامريكية من تشكيل الحلف العربي-الإسرائيلي هي لمواجهة موضوع إيران في حال لم يتم حل ملفها النووي، ومرورا بالإستفادة من القدرات النفطية لدول الخليج لمواجهة تداعيات حرب أوكرانيا، خاصة في ظل محاولات التقارب بين موسكو ودول خليجية.

استراتيجية أمريكية لحل القضية الفلسطينية بطريقة عكسية؟

في المقابل، كشف مصدر بالسفارة الأمريكية لموقع "زوايا" أن الإدارة الأمريكية الحالية تتبنى استراتيجية مختلفة "غير معلنة" في الموضوع الفلسطيني، وهو البدء بطريقة عكسية ومغايرة عن السابق، وبما يستفيد من المتغيرات المتسارعة في المنطقة، ويضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. ويعني هذا أن واشنطن تعتقد أن البدء بحل الملف الإقليمي عبر حلف عربي-إسرائيلي يضمن إدماج تل أبيب في المنطقة، سيؤسس لحل القضية الفلسطينية لاحقا، لكن الحل المرتقب للقضية الفلسطينية لن يكون بالشكل الذي يتمناه الفلسطينيون، وفق قوله، بل سيكون "حلا عادلا ليس تماما كما يطمح إليه الفلسطينيون، إلا أنه أفضل الحلول المتاحة".

غير أن المصدر الأمريكي رفض الحديث عن طبيعة التصور الأمريكي لهذا الحل.

تولي لابيد رئاسة الحكومة قد يجلب خطوات سياسية "شكلية"مع الفلسطينيين

في غضون ذلك، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن تولي يائير لابيد رئاسة الحكومة الإسرائيلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة، خلفا لبينيت، قد يجلب بعد الخطوات السياسية "الرمزية" والشكلية مع الفلسطينيين، موضحة أنه سيعود الحديث عن تحريك أي عملية سلمية، وربما مكالمة بين لابيد ورئيس السلطة محمود عباس، أو لقاء معه في أفضل الحالات. ومرة أُخرى سيعود الحديث عن حل دولتين، حسب "هآرتس"، وهكذا سيكسب لابيد عالماً لم يكن بإمكانه تحمل رافض السلام نتنياهو. وتابعت الصحيفة العبرية: "والآن، فإن هذا العالم الذي لم يعد هو أيضاً يهتم بمصير الفلسطينيين، يمكنه أن ينام بهدوء مع لبيد".

وحسب "هآرتس"، فإن إن لابيد إسرائيلي تماماً؛ لأنه "لا يرى الفلسطينيين على الإطلاق. قد يكونون في نظره مجرد أعداء مثلما هم في نظر اليمين". ومع ذلك، قدر الصحيفة أنه سيحرص على مناقشة مصيرهم، ويمكن التخمين بأنه لن يكون له أي لقاء سياسي من دون طرح مسألة الاحتلال حتى لو كضريبة كلامية، لكن "هآرتس" قالت إنه ليس لديه أي فكرة عما يريد أن يكون هنا في الأعوام الـ20 المقبلة، وماذا سيكون بشأن الفلسطينيين، وما الذي يستحقونه باستثناء ألاّ يكون منزعجاً منهم؟

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo