هل اقتربت ساعة الصفر لإعلان تطبيع العلاقة بين حماس ودمشق؟

لقاء سابق بين إسماعيل هنية وبشار الأسد
لقاء سابق بين إسماعيل هنية وبشار الأسد

تفيد المعطيات السياسية المتوفرة لموقع "زوايا" أن حواراً، أغلبه غير مباشر، قد انطلق بين حركة "حماس" والنظام السوري قبل نحو أربع سنوات، لإستعادة العلاقة الطبيعية بينهما..

بعد عشرة سنوات من القطيعة على إثر موقف الحركة الداعم للثورة السورية التي انطلقت عام ٢٠١١، إلا أن النظام السوري كان يُبدي تحفظه إزاء عودة العلاقة.

حرب غزة الأخيرة أحدثت تحولاً في الحوار لإستعادة العلاقة

لكن الحوار، الجاري بواسطة إيران وحزب الله، قد أحدث اختراقاً جدياً، وتحول إلى وجاهي بين شخصيات من حماس (مقربة من إيران) وأخرى محسوبة على دمشق، في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة قبل أكثر من عام، إذ صدرت العديد من مظاهر الغزل السياسي المتبادل بين حماس ودمشق، وكان آخره إدانة القيادي في حماس خليل الحية لقصف إسرائيل لمطار دمشق، وذلك في حديث له لقناة الأقصى قبل ما يزيد عن أسبوع، مُشيدا بما وصفه "موقف دمشق الداعم" لمقاومة الشعب الفلسطيني.

واعتبر مصدر إعلامي من حركة "حماس"، في حديث لموقع "زوايا"، أن ما قاله الحية يعد مؤشرا على تطور العلاقة بين حماس ودمشق، ليضاف إلى إشارات أخرى تدل على حدوث متغيرات على هذا النحو. واستذكر المصدر ما نسب إلى الرئيس السوري بشار الأسد، خلال اجتماعه لفصائل فلسطينية مقربة منه في سوريا، بينها الجبهة الشعبية-القيادة العامة، حيث أثنى على مقاومة الشعب الفلسطيني للإحتلال الاسرائيلي، خاصا بالذكر كتائب "القسام"-الذراع العسكرية لحركة حماس، وهو ما عكس تطوراً لافتاً على صعيد ليونة الحكومة السورية تجاه حماس.

اقرأ أيضاً: زيارة بايدن "الموعودة": السعودية أهم من رام الله وتل ابيب؟

وأكد المصدر الحمساوي أن الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين حماس وسوريا، ليست جديدة، وإنما هي مستمرة منذ سنوات، وقد لعب كل من حزب الله وإيران دورا مهما لتقريب وجهات النظر. لكن معركة "سيف القدس" قبل أكثر من عام وما تلاها من وقائع، ومرورا بكشف كتائب "القسام" عن غرفة عمليات مشتركة مع الحرس الثوري الإيراني، كلها عوامل جعلت دمشق لتكون حاضرة بأي شكل من الأشكال، وقد أنزلت النظام السوري عن الشجرة، حتى استجاب مع الوساطات الرامية إلى عودة العلاقة مع سوريا، في سياق استراتيجية إيران لتعزيز جبهة محور المقاومة.

ملف تطبيع العلاقة مع دمشق..على جدول زيارة هنية لبيروت؟

وألمح المصدر إلى أن ملف العلاقات بين حماس والنظام السوري يحضر بقوة، إلى جانب ملفات أخرى، يتم بحثها في زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية إلى بيروت، رفقة نائبه صالح العاروري والقيادي خليل الحية، وذلك في لقاءاته مع مسؤولي حزب الله والجهات ذات العلاقة. وتساءل حول ما إذا كانت زيارة هنية ستسفر عن إخراج خبر عودة العلاقة مع دمشق، من دائرة "المصادر المجهولة" و"اللغة المشفرة" إلى العلن والتوضيح الأكبر. ثم استدرك، مجيبًا: "الأيام المقبلة ستجيبنا على ذلك".

اللافت أن الأخبار التي يتم تناقلها عن تقدم في عودة علاقة حماس مع دمشق، قد لاقى اهتماما من وسائل الإعلام المقربة من الحكومة السورية، وكذلك من الإعلام المحسوب على حزب الله وإيران.

عناق ممثل حماس ومسؤول سوري في اجتماع بيروت

من جانبه، كشف رئيس مركز الدراسات العربية-الإيرانية في لندن د.علي نوري زادة، في حديث خاص لموقع "زوايا"، عن حدوث الإختراق الفعلي تمهيدا لعودة العلاقة بين حماس ودمشق، قد حدث حينما جرى اجتماع مؤخرًا في بيروت، حيث حضره مبعوث إيراني خاص من استخبارات الحرس الثوري (قادما من دمشق)، إضافة إلى ممثل أمني عن حماس وآخر عن الجهاد الإسلامي، بحضور حزب الله وشخصية تمثل النظام السوري.

نقاش خلافة عباس؟

ورفض زادة الحديث عن أسماء الموجودين، لأسباب قال إنها متعلقة بمسألة الحفاظ على مصدره، لكنه أكد أن الإجتماع بدأ بعناق بين ممثل حماس والمسؤول السوري، موضحًا أن ملف إعادة العلاقة بين دمشق وحماس تم نقاشه إلى جانب ملف التنسيق بين "محور المقاومة"، إضافة إلى ملف خلافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأدوات التأثير فيه.

واعتبر زادة أن العناق المذكور بين ممثل حماس والمسؤول السوري، مثل اختراقا جديا باتجاه استئناف العلاقة، متوقعا ان وفدا من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" سيزور العاصمة السورية دمشق في السادس من الشهر المقبل لنقاش ملف العلاقة وملفات أخرى، وسط تأكيد من الخبير الإيراني لموقع "زوايا" بأن النظام السوري قد سحب تحفظاته إزاء تطبيع العلاقة مع "حماس"، ورحب بالوساطة الإيرانية. وتابع زادة: "علينا انتظار نتائج الاجتماع المرتقب للحكم على مآلات تطور العلاقة بين حماس وسوريا".

ولكن هل من أمور أخرى قد مثلت عوامل مساعدة للدفع باتجاه استعادة العلاقة بين حماس ودمشق، بالإضافة إلى حرب غزة الأخيرة؟

يقول المعارض الإيراني زادة لـ "زوايا" أن الهدف من عودة العلاقة هو تعزيز حلف إيران بالمنطقة، خاصة أن هناك دولا بالمنطقة تقترب وتجتمع وتقرر خطوات مهمة جدا، وإيران تشعر بعزلة شديدة، فتحاول تعزيز حلفها وتأثيرها بالمشهد الفلسطيني ومواقع أخرى، فضلا عن توجهها لدول آسيا الوسطى لتعزيز العلاقات معها.

ورأى زادة أن المرشد الإيراني علي خامنئي يريد من كل القوى المرتبطة بإيران في إطار الحلف الواحد، أن تقف إلى جانب إيران في حال تعرضها لأي هجوم إسرائيلي "قوي"، إضافة إلى إبقاء التأثير الإيراني في الساحة العربية.

اقرأ أيضاً: السياسات الإيرانية تجاه المقاومة الفلسطينية.. الدعمُ مقابل تعزيز أوراقها في المنطقة

وأضاف زادة ان حماس تقترب أكثر من إيران، مشيرا إلى استلام الحركة مساعدات مالية من إيران، رغم ظروف الأخيرة المالية الصعبة.

الجبهات المشتركة تقتضي تطوير علاقة حماس بدمشق

من جانبه، ربط المحلل السياسي اللبناني المقيم في سوريا د.حميدي العبد الله بين أي تطور لعلاقة حماس بالنظام السوري، وبين تطور التعاون بين فصائل غزة والحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فيما يتعلق بالجبهات المشتركة، استعدادا لأي مواجهة عسكرية قوية بين إيران وإسرائيل.

وكانت مصادر من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" قد تحدث عن تنسيق يجري ما بين غرفة العمليات التابعة لفصائل غزة، والحرس الثوري الايراني وحزب الله، للتعاون استعدادا لأي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل على الجبهات المختلفة.

وقال العبدالله لموقع "زوايا" إن الجديد ليس بالتنسيق المشترك بين فصائل غزة وإيران، إذ أنه معتاد على مدار سنوات، لكن الجديد الذي طرأ هو الإتفاق على دخول الجبهات الأخرى إلى جانب غزة في حال، فقط، تطورت المعركة القادمة للصالح الإسرائيلي، مع إقراره بأن العلاقة بين حماس والمحور الإيراني قائمة على المصلحة المتبادلة، أكثر من كونها عضوية.

ونوه العبدالله بأن الجبهات المشتركة لن تشترك في حرب إلى جانب غزة، إلا إذا كانت هذه الحرب حاسمة لصالح إسرائيل، فعندها ستتدخل الجبهات الأخرى، وكذلك الحال بالنسبة لمشاركة غزة مع الجبهة الشمالية.

ولعلّ ثمة عامل إضافي يدفع حماس إلى تعزيز علاقتها بالحلف الإيراني، وسوريا، هو اعتقادها بأن هذه العلاقة تمثل عاملا مهما لتعزيز مكانتها كمعادلة فلسطينية يجب أخذها بعين الإعتبار داخليا وإقليميا، وذلك ارتباطا برغبتها بأن يكون لها دور لافت في صياغة المشهد السياسي الفلسطيني في مرحلة ما بعد عباس، حسب ما يفيده مراقبون لموقع "زوايا".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo