معاناة سائقي غزة.. بين ارتفاع أسعار الوقود وإجراءات حكومية ضعيفة

محطات الوقود بغزة
محطات الوقود بغزة

تمرُ شريحةٌ السائقين في قطاع غزة بأوضاعٍ صعبةٍ للغايةِ، في ظل ارتفاع أسعارِ الوقود، الأمر الذي ضاعف من أزماتِهم وقلّص أرباحهم اليومية خلال عملهم على سيارات وباصات الأجرة.

وبلغت أسعار الوقود في سبتمبر2021 (6.14 شيكل للتر البنزين95/ مقابل 5.39 للتر السولار) وتصاعدت لتبلغ في شهر شباط 2022 (6.33 شيكل للتر البنزين95 مقابل 5.65 شيكل للتر السولار) فيما بلغت في شهر حزيران الحالي 2022 (6.99 شيكل للتر البنزين الـ95 مقابل 5.99 للتر السولار).

ويشتري المواطنُ الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية، ومنها قطاع غزة، لتر البنزين بـ2.061 دولار أمريكي وهو سعر أعلى من المعدل العالمي الذي بلغ حتى تاريخ 12 حزيران/ يونيو الجاري 1.44 دولار.

وبحسب موقع الاقتصادي نقلًا عن موقع "جلوبال بترول برايس" فإن هناك أكثر من 142 دولة تبيع الوقود بسعر أقل من فلسطين، وعلى الرغم من أن جميع الدول تشتري النفط بالأسعار ذاتها، فإن الدعم الحكومي والضرائب المفروضة تحددان الأسعار.

سخط السائقين

حالةٌ من الامتعاض والسّخط عمّت فئة السائقين في قطاع عقب الارتفاع في أسعار الوقود، فعبّر السائق صائب كمال 58 عامًا عن غضبه قائلًا "السيارات أصبحت عبئًا على أصحابِها بعد ارتفاع الوقودِ، بالكاد نستطيع أن نجلبَ قوتَ يومنَا".

"لولا أنّ السيارة مصدر رزقنا الوحيد في ظل الأوضاع الصعبة التي يصعب علينا إيجاد عمل، لتركنا السيارة" يقول "كمال" الذين بيّن أن يوميّة السائق في غزة انخفضت بسبب هذا الغلاء.

من جانبه انتقد السائق محمد العمري 46 عامًا تواجد السيارات الملاكي والتي تعمل على الخط متسائلًا " لا يعقل أن ندفع نحن أصحاب العمومي ضعف ما يدفعه أصحاب الملاكي ويشاركونا لقمة عيشنا" مبينًا أن ارتفاع أسعار الوقود أثر بشكل أكبر على فئة العمومي.

" لقد أصبح الخط متكدسًا بالكثير من السيارات والتي تعمل بشكل غير قانوني، ما أثر على عملنا نحن أصحاب المهنة الأصليين، وقلل فرصة أن يستقل السيارة أكبر عدد من الركاب.. " يقول "العمري.

وفي هذا التقرير تستضيف "زوايا" المتحدث باسم النقل والمواصلات ونقيب السائقين ونقيب مكاتب التكسي ومختصًا اقتصاديًا، للوقوف على أسعار الوقود وتداعياتها والإجراءات الحكومية تجاه السائقين ومدى رضاهم عنها.

ضائقة كبيرة للسائقين

وقال نقيب السائقين في غزة رزق خلف أن السائقين يعيشون في ضائقةٍ مالية صعبة، معتبرًا أن إجراء توحيد وزارة النقل والموصلات لرسوم سيارات "الديزل والبنزين" غير كافيةٍ.

اقرأ أيضاً: هل يشهد اقتصاد غزة انتعاشاً بزيادة العمال لدى الاحتلال؟

وبشأن إجراءات وزارة النقل والمواصلات التي خفضت رسوم الترخيص، شكر "خلف" الوزارة على إجراءاتها بتخفيض رسوم العمومي لـ 50%.

وطالبت نقابة السائقين عبر نقيبها، خلال حديثه لـ "زوايا"، وزارة النقل والمواصلات بالإعفاء الكاملِ للرسوم الخاصة بالعمومي والأجرة، والتي تُفرض سنويًا بخلاف الترخيص، وتقدر هذه الرسوم بحسب قوة المحركة وموديل المركبة، ليشعر السائقون العموميون بتحسن في دخلهم ويخفف عن كاهلهم.

وحول تسعيرة المواصلات التي أُشيعَ أن وزارة المواصلات قد خفّضتها، والذي نفاه المتحدث باسم الوزارة أنيس عرفات خلال حديثه لـ "زوايا"، ناشد "خلف" بضرورة تعديلها فقط للطرق الطويلة ضاربًا مثالًا أن تسعيرة "2 شيكل" من آخر الجلاء للشجاعية غير عادلة، كون الطريق طويلة للغاية.

نقابة السائقين

وأنشئت "نقابة السائقين" قبل أشهر من باب تنظيم عمل شريحة السائقين والدفاع عن حقوقهم وانضمامهم لجسم نقابي يمثلهم، وطالب "خلف" أكثر من 15 ألف سائق في قطاع غزة للانتساب للنقابة، متسائلا "كيف سندافع عن سائقٍ ونمثله دون الانتساب للنقابة؟".

ولفتَ "خلف" إلى أن النقابة ستكون ممثلةً للسائقين في جميع المحافظات، وستجمعهم لقاءاتٍ مستمرة، حتى يتم الوقوف على مشكلاتهم ومقترحاتهم، مبينًا أن رسوم الاشتراك السنوي لكل سائق هي 10 شواكل.

وحول جهود النقابة، أشار خلف إلى أن النقابة نجحت من خلال لقاءاتها مع وزارة النقل والمواصلات بتخفيض رسوم ترخيص الديزل والبنزين، وضغطوا من أجل ضبط الحالة المرورية بين الملاكي والعمومي.

مطالبةٌ بتخفيض دائمٍ

من جانبه، وافق نقيب مكاتب التكسي في غزة "أنور الغلاييني" ما ذهب إليه "خلف" حول أهمية إجراءات التخفيض في رسوم الترخيص، في الوقت ذاته رأى أن الضرائب التي تفرضها وزارة النقل والمواصلات والمالية على المكاتب "باهظة ولا يمكن أن تتحملها مكاتب التاكسي"، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وأكد معاناة مكاتب التكسي في غزة خلال حديثه لـ "زوايا" قائلًا: "للأسف نعاني وتوجهنا لوزارة المالية وتحدثنا مع المسؤولين عن الضرائب بشأن مزيدٍ من الإعفاء ولكن لا حياة لمن تنادي".

وحول ترخيص مكاتب التكسي طالب باستمرارية التخفيض بنسبة 50%، حيث كانت في الماضي 1000 شيكل وأصبحت بعد التخفيض 500 شيكل.

وبشأن رفع رسوم التسعيرة شدّد على أن الوضع الاقتصادي للمواطنين في غزة لا يمسح برفعها، وفي المقابل تستطيع وزارة النقل والمواصلات تخفيق الضريبة ورسوم الترخيص أكثر، وباستمرارية وليست لفترة محدودة، وذلك بإمكانه الإبقاء على التسعيرة كما هي ودعم قطاع السائقين.

وزارة النقل والمواصلات

ونفى الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات بغزة أنيس عرفات وجود ارتفاعٍ في تسعيرةِ المواصلات، عازيًا الأمر للأوضاع الاقتصادية التي يعيشها المواطن الفلسطيني في القطاع، مبينًا أن الوزارة قدّمت الكثير من التسهيلات للسائقين عوضًا عن رفع التسعيرة.

وحول "ازدواجية العمل" للسائقين، أوضح خلال حديثـه لــ "زوايا" أن الوزارة لا تعكف حاليًا على قرار منع ازدواجية العمل للسائقين، بسبب الظروف الصعبة، مبينًا أن في السابق كانت قرارات بمنع الازدواجية، ولكن في الوقت الحالي لا يوجد، وربما يعاد تفعيلها في المستقبل.

وبشأن تسهيلات الوزارة للسائقين، قال "عرفات": "الوزارة قدّمت جملةً من التسهيلات للسائقين والتي كان آخرها جملة التخفيضات لجميع الفئات وأبرزها العمومي بنسبة 50%"، منوهًا أن الحملة تنتهي في الثلاثين من يونيو داعيًا السائقين لاغتنام الفرصة.

اقرأ أيضاً: أسطوانة الغاز بغزة تخلق أزمة فوق الأزمة

وبشأن التمايز بين مركبات العمومي والملاكي في الترخيص، حيث يشكل ذلك عبئًا إضافيًا على العمومي، أوضح "عرفات" أن الوزارة سوف ترخص 3000 مركبة ملاكي لـعمومي، داعيًا الملاكي الذي ينوون العمل على الخط بتصويب وضعهم القانوني، لكي يعملوا بكل أريحية ودون ملاحقة، والمهلة مفتوحة حتى الثلاثين من يونيو الحالي.

وستتعرض كل مركبةٍ ملاكي لم تحوّل إلى عمومي وتعمل على الخط بعد انقضاء المهلة، إلى ملاحقة شرطة المرور والتعرض لمخالفات، قائلًا "لا يُعقل أن تعمل سيارتان ملاكي على الخط، وكل سيارة لها ترخيص مختلف عن الآخر"، لافتًا أن هذه الخطوة تتيح لأصحاب المهنة الأصليين العمل بأريحية أكبر.

دعم الوقود

ودعا المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب الجهات الحكومية في غزة بدعم وقود المواصلات سواء للباصات أو الأجرة، حيث يكون الدعم خاصًا لهذه الفئة.

وترتكز الإجراءاتُ الحكومية على تخفيض الترخيص، لافتًا "أبو جياب" أن هذه الإجراءات لا تحقق الهدف المطلوب في ظل غلاء أسعار الوقود، متوقعًا أن تشهد أسعار الوقود ارتفاعًا في الأسابيع القادمة، "بحسب حديثــه لـ "زوايا".

وبيّن أن خطوة الوزارة في توحيد رسوم الديزل والبنزين للسيارات التي تعمل على الخط من شأنه أن يساوي بين الفئتين في الفرص.

وبشأن ازدواجية العمل على الخط لبعض السائقين، قال أبو جياب: "القانون الفلسطيني يمنع الموظفين العموميين من العمل في مهنةٍ أخرى، ومنها قطاع النقل والمواصلات، وعلى الحكومة أن تمنع ذلك".

كما طالب بحماية أصحاب المهنة الأصليين، والذين ليس لهم دخل سوى العمل على الخط، مشيرًا إلى أن دعم الوقود للسيارات العمومي فقط، من شأنه أن يخفف مزاحمتهم على الخط من السيارات الأخرى.

وفي ظل الارتفاع في أسعار الوقود والتسهيلات الحكومية في غزة تجاه السائقين من خفض لرسوم الترخيص، ووعود بحلِ معضلة سائقي الملاكي الذين يزاحمون سائقي الأجرة، إلا أن ذلك لم يعد كافيًا لإنهاء معاناة السائقين الذي يطالبون بمزيدٍ من التسهيلات في ظل أوضاعٍ اقتصاديةٍ سيئةٍ سواءً على المواطنين أو السائقين.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo