زيارة بايدن "الموعودة": السعودية أهم من رام الله وتل ابيب؟

لقاء يحمع الرئيس الامريكي بايدن والرئيس عباس
لقاء يحمع الرئيس الامريكي بايدن والرئيس عباس

جاء تأكيد البيت الأبيض لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، بدءًا من الثالث عشر من الشهر المقبل ولمدة أربعة أيام، ليُطرح السؤال الأهم..

هل من فائدة للفلسطينيين، سياسيًا أو اقتصاديًا..كنتيجة للزيارة الموعودة؟

اجتماعات فلسطينية -أمريكية- إسرائيلية لإحداث اختراق يُمهد لزيارة بايدن

مصدر رسمي فلسطيني كشف لموقع "زوايا" عن اجتماعات تجريها لجان فلسطينية-أمريكية، وأيضًا أمريكية-إسرائيلية، لبحث إمكانية إحداث اختراق في ثلاثة ملفات رئيسية، قبل التاريخ المقرر لزيارة بايدن إلى رام الله وتل أبيب.

وبيّن أن هذه الملفات تتعلق بإمكانية العودة للطاولة السياسية، علاوة على استئناف إسرائيل لملف لم شمل الفلسطينيين والذي جمدته بعد موجة العمليات الفلسطينية الأخيرة ضد أهداف إسرائيلية، إضافة إلى ملف إطلاق سراح الأسرى المرضى.

وتعتقد السلطة الفلسطينية أنّ هذه الملفات، إذا ما نضجت، مهمة لتعزيز مكانة السلطة التي تشهد زعزعة للثقة بها من قبل الشارع الفلسطيني. وقد دلل على ذلك، قول المصدر لـ "زوايا" إن إطلاق مفاوضات سياسية، حتى لو لم تكن جادة، هو بحد ذاته مفيد؛ لأن الجمود السياسي القائم لا يخدم أحدًا من الأطراف.

وبالنسبة لما تأمله السلطة من زيارة بايدن، أكد المصدر أن الإدارة الأمريكية مُكبلة في اتخاذ أي إجراء عملي لتنفيذ وعودها نحو الفلسطينيين؛ ذلك أن رفع منظمة "التحرير" من قائمة الإرهاب مربوط بالكونغرس المُقيد بالصهيونية، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية. لكن بايدن، حسب المصدر، سيحاول أن يعوض الفلسطينيين، خلال زيارته المرتقبة، بدعم المستشفيات الفلسطينية، وبحث آليات التفافية للدعم المالي المباشر لمؤسسات فلسطينية.

القاسم: لن تسفر زيارة بايدن عن إطلاق مسار سياسي

من جهته، أكد المختص بشأن السياسية الأمريكية محمد القاسم أن الأمريكيين يحاولون تهدئة غضب رئيس السلطة محمود عباس، الذي عبّر عن احتجاجه من عدم قيام الإدارة الأمريكية بأي خطوة للوفاء بوعودها، ما أضر بمكانة السلطة واستقرارها، وهدد وجودها.

لكن القاسم استبعد، خلال حديثه لموقع "زوايا"، أن تسفر زيارة بايدن عن إطلاق المسار السياسي أو كسر الجمود القائم، مبينًا أن السلطة الفلسطينية تتطلع لوفاء بايدن بوعودها أكثر من إطلاق المفاوضات، وخاصة إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، واي خطوات تعيد الإعتبار للسلطة، مرورًا بإعادة التمويل المباشر للسلطة.

وأوضح القاسم أنه لا توجد أي أوراق لدى الرئيس الأمريكي للضغط على الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بنيت، وذلك لعدم استقرار هذه الحكومة، وأيضًا لعدم وجود إسرائيلي قادر على قيادة هذه المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: السياسات الإيرانية تجاه المقاومة الفلسطينية.. الدعمُ مقابل تعزيز أوراقها في المنطقة

وقدر القاسم أن لقاء الرئيس الأمريكي بالرئيس محمود عباس في بيت لحم سيكون لوقت سريع، ثم سيزور كنيسة بيت لحم، ومستشفى المطلع بالقدس الشرقية، تعبيرا عن دعمه لمشافي القدس الفلسطينية بالقدس.

السعودية هي الهدف الأول للزيارة..لسببين؟

بيدَ أن الهدف الرئيس لزيارة بايدن إلى المنطقة، حسب القاسم، ليس الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، وإنما السعودية هي التي تأتي على سلم أولويات البيت الأبيض في هذه الجولة. وسينطلق بايدن بعد إتمام زيارته لرام الله وتل أبيب، بطائرته مباشرة من مطار بن غوريون إلى مدينة جدة السعودية يوم الخامس عشر من الشهر المقبل.

وأوضح القاسم أن ثمة سببين يجعلان السعودية هي الأهم في زيارته الموعودة: الأول، من أجل الطلب من المملكة بأن تزيد إنتاجها من الطاقة، وذلك لتمكين بايدن من التحكم في أسعار النفط التي تشهد غلاء فاحشًا، على أمل انخفاضه، وذلك في ظل مواجهة بايدن ظروفا صعبة بالولايات المتحدة التي تعيش تضخما وغلاء بأسعار مشتقات الطاقة لأول مرة منذ عقود؛ بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية.

ويريد بايدن من الخليج العربي وخاصة السعودية أن تعوض الفراغ في إنتاج الطاقة الذي تركته روسيا، بسبب العقوبات عليها نتيجة الحرب على أوكرانيا.

بينما، يتعلق السبب الثاني لجعل السعودية هي الأهم في زيارة بايدن، بدعمه لاتفاقيات التطبيع العربي-الإسرائيلي، وخلق علاقات مباشرة بين الرياض وتل أبيب، خاصة وأن بايدن تحدث قبل أيام عن أمن إسرائيل والسعودية، وسيسعى بايدن أن يطمئن السعودية بأنها لا زالت حليفا مهمًا للولايات المتحدة، وأنها لن تسمح المساس بأمنها من إيران أو غيرها. ويتعلق هذا السبب بمساع واشنطن لترتيبات بالمنطقة، عبر خلق حلف عربي-إسرائيلي-تركي لضمان أمن المنطقة، في ظل الانسحاب الأمريكي من الإقليم، حيث سيكون دور الولايات المتحدة إشرافيًا على الحلف المذكور.

وأوضح القاسم أن بايدن ينوي تنظيم لقاء اقليمي افتراضي تشارك فيه الهند والإمارات، لتعزيز حلف خليجي-هندي، بالرغم من قلق أمريكا من علاقة الهند الوثيقة بروسيا، إذ أن الهند هي ثاني أكبر مستورد للطاقة الروسية بعد الصين.

الرنتاوي: إدارة بايدن لن تطلق المسار السياسي خلال ولايتها

وذهب الكاتب الصحافي الأردني عريب الرنتاوي إلى نفس رأي القاسم، حينما اعتبر، في حديثه لموقع "زوايا"، أن آخر التصريحات للناطق باسم الخارجية الأمريكية قبل أكثر من أسبوع، قد استبعدت أي إمكانية لإطلاق المفاوضات في الأمد المنظور، وأن الجهد الأمريكي هو تمهيد الطريق للمسار السياسي، حتى تحين الفرصة المناسبة.

ورأى الرنتاوي أن ما قاله الناطق الأمريكي ليس مفاجئا؛ لأنه معروف للجميع، مشيرًا إلى أن جل اهتمام إدارة بايدن هو تهدئة الوضع الميداني بالضفة، إضافة إلى بعض اجراءات بناء الثقة بين السلطة والاحتلال، وتكريس التهدئة بين حماس وإسرائيل في غزة..أما أي تفكير خارج هذا الإطار، فليس مُدرجًا على جدول أعمال واشنطن، لا الآن، ولا بعد عام أو عامين، حسب الرنتاوي.

اقرأ أيضاً: إشاعات الضفة وإرباكاتها.. مؤشرٌ على اقتراب نهاية حقبة عباس؟

لذا، يعتقد الرنتاوي أنه لن تكون أي مبادرة أمريكية سياسية بعد زيارة بايدن، ولا عقب الإنتخابات النصفية بالولايات المتحدة؛ ذلك أن الوضع سيكون أكثر تعقيدا، كون أن كل التقديرات تشير لعودة الجمهوريين وبالذات التيار "الترامبي" المحافظ. وتابع الرنتاوي: "كان واضحًا كيف يسعى معظم المرشحين لانتخابات الكونغرس وحكام الولايات للحصول على دعم وتأييد ترامب، من خلال دعوته لحضور مهرجاناتهم الانتخابية، وكأن ترامب تحول إلى راعٍ رسمي لمرشحي الحزب الجمهوري بمختلف المواقع المنتخبة".

وبهذا المعنى، رأى عريب الرنتاوي أن ما لم تفعله الإدارة الامريكية الحالية في أول عامين على ولايتها، لم تتمكن من فعله في العامين المتبقيين، خاصة وأن هذه الإدارة مسكونة بهاجس روسيا وأوكرانيا والصراع على النظام العالمي الجديد وتوسيع الناتو على حدود الاتحاد الروسي من جهة، وربما محاولة إنشاء ناتو جديد، ولكن هذه المرة لمواجهة الصين، وهو الدافع وراء كثافة حضور أمريكيا وتحالفاتها التي تستهدف الصين، وفق الرنتاوي.

"الحركة الوطنية الفلسطينية مطالبة باقتناص متغيرات إقليمية قادمة"!

ونصح الكاتب الأردني عريب الرنتاوي ببناء استراتيجية فلسطينية جديدة تنهض بناء على "الإعتمادية على الذات"، وعدم انتظار أي جهود دولية، ولا متغيرات إسرائيلية أو إقليمية وحتى عالمية. وشدد على أن الإشكالية الفلسطينية في السنوات الماضية هو عدم استثمار أي مكاسب، بسبب الإنقسام، واللعبة الصفرية بين طرفي الإنقسام، داعيًا إلى اعتماد معادلة جديدة "رابح-رابح"، بمعنى أي مكسب لطرف فلسطيني هو مكسب أيضًا لمنافسه الفلسطيني الآخر.

"المنطقة العربية بعد كورونا وأوكرانيا مُحمّلة بمتغيرات وانفجارات"!

ونوه الرنتاوي بأن المنطقة العربية بعد كورونا وما بعد أوكرانيا محملة بكل احتمالات التغيير والإنفجارات الداخلية، معربا عن تنبؤه ب"أننا أمام موجة جديدة من موجات الربيع العربي..وهنا، تتوفر فرصة للحركة الوطنية الفلسطينية لإعادة ربط القضية الفلسطينية ببعدها الشعبي العربي، وإن الفرصة متاحة، ولكن بحاجة لمن يقتنصها"، يقول الرنتاوي.

ورأى الرنتاوي أن المنطقة بإنتظار "ديناميات جديدة، على ضوء الانسحاب الأمريكي والفراغ النسبي في المنطقة، وعدم قدرة أي من القوى الغربية على ملئ هذا الفراغ النسبي، وهو ما يعني أن القوى الإقليمية المتمثلة بإسرائيل وتركيا وإيران هي التي ستحاول ملئ الفراغ، وليس أي قوة دولية أخرى.. في حين، أن الغائب عن المشهد حتى الآن هو اللاعب العربي، لكن بدأنا نشهد نوعا من اليقظة وتحولات في سياسات وعلاقات وخطابات الزعماء العرب مع القوى الدولية الفاعلة".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo